صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-12@23:56:45 GMT

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

دارفور بين مد العطاوة وجزر الزغاوة

خالد فضل

الدعم السريع لم تهبط شياطينه من السماء، مثلما لم تهبط من قبل شياطين الحركات السياسية المسلحة من بين طيّات السحاب، لكن الحقيقة الثابتة والموثقة في إرشيف ووقائع ويوميات حروب السودان الأهلية الممتدة طولاً وعرضاً منذ الاستقلال وحتى الآن؛ أنّ ثمّ مركز مهيمن ومسيطر على السلطة والثروة والفضاء الدعائي العام بأدواته الإعلامية (الدعائية) في حقيقتها؛ ذلك أن الإعلام هو تمليك المعلومات للناس بينما الدعاية هي الترويج  لشئ ما حقيقي أو غير حقيقي، هناك من يروج دعائياً للعلاج عن طريق (الكي) بالنار فتتراص الحافلات في كل محطات المواصلات ويتبارى الكموسنجية في الصياح (الكريمت تش) مئات الآلاف من الرجال والنساء استجابوا للدعاية وليس في جوهرها ذرة واحدة من (إعلام) أي إخبار بالحقيقة!

عندما انطلقت شرارة الكفاح السياسي المسلح في دارفور مطلع القرن الحالي، كان على سدة الحكم تنظيم الجبهة الإسلامية القومية بمسماه المؤتمر الوطني، كانوا يملكون السودان بكل مؤسساته ومرافقه ومظان ثرواته وموارده فيما يسمى بعملية التمكين.

وبالطبع كانت الآلة الإعلامية تعمل بموجب موجهات الدعاية المرسومة بعناية وحرفية ومهارة عالية، شأن كل دعاية ناجحة، من صور ونماذج تلك الدعايات أن هذه الحركات تنتمي لقبيلة الزغاوة، وهي قبيلة في حقيقة وجودها تمتلك امتدادات طبيعية بين دولتي السودان وتشاد، شأنها شأن عشرات القبائل والمجموعات السكانية المتداخلة عبر الحدود السياسية بين معظم دول العالم وليس السودان هنا فريد عصره، الأكراد  يتداخلون عبر حدود العراق وتركيا وسوريا وإيران، حتى بين سويسرا وألمانيا هناك من يتداخلون ولغتهم الألمانية وهم يحملون جنسية سويسرا، بني عامر بين إريتريا والسودان في الشرق. العبابدة شمال السودان وصعيد مصر.. إلخ. ولكن في حالة ذلك الصراع  السياسي المسلح فإن كل الحقائق يجب أن تسقط لتحل محلها الدعاية المرسومة وهي أن الزغاوة يطمحون لتأسيس دولة أو امبراطورية الزغاوة الكبرى ودارفور من ضمن تلك الأطماع، لذلك فإن حرب الخرطوم وسلطتها الإسلامية هي حرب مقدسة ضد الخونة العملاء المرتزقة الأجانب الذين يؤسسون لدولتهم المزعومة، فالمعركة ضدهم هي معركة (كرامة) وطنية لدحر عملاء الاستخبارات وأذيال الدول الغربية الاستعمارية وإسرائيل!! كما أنّ عناصر وأفراد هذه الحركات كلهم من المهلوسين الذين يتعاطون الخمر والمخدرات ويغتصبون الحرائر ويقتلون الأبرياء، وعندما يقع في الأسر قائد سلاح الجو في مطار الفاشر اللواء البشرى، ويتم احتجازه بوساطة هولاء المخمورين، يطلق سراحه لاحقاً بمبادرة أهلية ويعود للخرطوم، وتجري معه جريدة الصخافة حواراً من جزئين، تم نشر الجزء الأول منه وفيه أوضح ظروف احتجازه، وكيف أن قادة الحركات من الشباب الواعي ولهم قضية عادلة وهم على درجة عالية من الالتزام الأخلاقي، يشترون طعامهم من الأسواق، تدخل جهاز الأمن بعقليته الدعائية المركزية ومنع نشر الجزء الثاني من الحوار، فالعقلية المتحكمة لا تريد الحقائق التي تبطل مفعول دعايتها الخبيثة. وأذكر هنا أنّ وفداً تم ابتعاثه للالتقاء بالمتمردين ضمن مقررات مؤتمر الفاشر التداولي لأهل دارفور وكان بإشراف الفريق إبراهيم سليمان حاكم الولاية آنذاك، كان الوفد بقيادة البروفيسور أبو القاسم سيف النصر؛ أشاع جهاز الأمن دعاية مفادها أن الوفد تم احتجازه من جانب المتمردين المرتزقة الخونة الغادرين؛ ولكن أسقط بين يدي الدعاية عندما عاد أفراد الوفد للخرطوم سالمين غانمين لقاء مثمراً مع أولئك الشباب، جاءوا للخرطوم وتمت دعوة عدد محدود من الإعلاميين لتنويرهم بنتائج ذلك اللقاء حتى يتمكن الرأي العام من معرفة الحقائق حول الموضوع، في آخر لحظة وعند وصولي وبعض الزملاء الصحفيين لمقر الدعوة في دار اتحاد مزارعي السودان قبالة قيادة المنطقة العسكرية المركزية في وسط الخرطوم فوجئ الجميع بأوامر من جهاز الأمن بإلغاء الفعالية وإغلاق الأبواب بالأقفال الحديدية، الحقيقة دوماً هي عدو للدعاية!! كما أن ّ حواضنهم الإجتماعية ذاتها يجب أن تنال العقاب والجزاء والإبادة والتطهير العرقي حتى لا ينجح مخططهم الآثم في تمزيق وحدة البلاد وشعبها العظيم الهمام الذي يقف خلف قواته المسلحة الباسلة والقوات الأخرى التي تقاتل معها في خندق واحد ذوداً عن الأرض والعرض!!! أما القوات التي تقف في الخندق الواحد ضد أطماع ومخططات (دولة الزغاوة) فهم فرسان بني هلبة، وكواسر الرزيقات ونسور المسيرية… إلخ وزعماء ووجهاء هذه المجموعات يحجون إلى الخرطوم أو يحج إليهم من الخرطوم موفدون باسم الوطنية والإسلام، لتدجيج شبابهم وفتيانهم بالسلاح ودفع المعلوم للوجهاء والأمراء! ومن هنا نشأت المليشيات، لم تهبط من السماء لكنها أسست في الأرض، أرض دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وحالياً تنشأ المليشيات في جبال البحر الأحمر وكسلا وسهول القضارف ونهر النيل والشمالية والمناقل من مناطق الجزيرة، وبعض أنحاء بحر أبيض، ولكن (ود أحمد) يتمرد في نهر النيل وينشر عنه (مطلوب للعدالة) وود أحمد نصفه عاقل ونصفه مجنون، فهو ينشد الخدمات والمطالب التنموية لمنطقته، وهذا حق، لكنه يقود تياراً عنصرياً جهوياً بغيضاً ضد أبناء غرب السودان في مناطق التعدين وهذا عين الباطل. كما أن المركزية ليست جهة ولكنها أسلوب في التفكير يعلي من شأن ومصالح الأنا على حساب شأن ومصالح الآخرين، لهذا نجد بعض أبناء الهامش يتمركزون أكثر من (الأتراك) المركزيين أنفسهم، يتخلون عن مطالب العدالة والمساواة والمواطنة بدون تمييز لمصلحة الدعاية المركزية التي اصطلوا بنارها في سنوات زعمهم الكفاح المسلح، ونماذج (المتوركين) عديدة، يعرفها القاصي والداني ويعرفون أنفسهم. يرددون كالببغاوات نفس المقاطع البائسة عن (دولة العطاوة) نفس الوتيرة التي بدأ بها القرن الجديد ربعه الأول يختتم بها الربع نفسه فقط بتغيير اللفظ من (زغاوة ) لـ(عطاوة)، ألا ينظر رجل رشيد أو امرأة رشيدة من بين هؤلاء فيصرخ مثل صرخة الطفل في وجه الفرعون!!.

الوسومالخرطوم الدولة المركزية الزغاوة السودان العطاوة الكفاح المسلح الهامش جهاز الأمن والمخابرات خالد فضل دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخرطوم الدولة المركزية الزغاوة السودان العطاوة الكفاح المسلح الهامش جهاز الأمن والمخابرات خالد فضل دارفور جهاز الأمن

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن يجدد عقوباته على السودان

اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع، الأربعاء، مشروع قرار يمدد نظام العقوبات على السودان، بما في ذلك العقوبات المستهدفة مثل تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، حتى 12 سبتمبر 2025.

ويعد القرار تجديدا فنيا للتدابير التي تم تجديدها سابقًا بموجب القرار 2676 في مارس 2023.

وفي حديثه بعد التصويت، أكد الممثل الأميركي، روبرت أ. وود، على أهمية تجديد العقوبات. وقال إن "تجديد تدابير العقوبات من شأنه أن يقيد حركة الأسلحة إلى دارفور ويعاقب الأفراد والكيانات المساهمة في الأنشطة المزعزعة للاستقرار في السودان أو المتواطئة فيها".

وقال ممثل السودان، الحارث إدريس الحارث محمد: "هناك أدلة دامغة على أن هذه الحرب التي نمر بها نتيجة لدعم الإمارات للميليشيات التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور".

وفي إشارة إلى تصريحات الممثل السوداني، قال ممثل الإمارات، محمد أبو شهاب، إن الاتهامات "لا أساس لها من الصحة"، مضيفًا أن "ادعاءاته كاذبة تمامًا وهي محاولة ساخرة لصرف الانتباه عن إخفاقات القوات المسلحة السودانية".

وتابع أبو شهاب أيضًا أن الأطراف المتحاربة في السودان تتحمل المسؤولية الوحيدة عن الكارثة المستمرة.

وفي ٢٧ أغسطس، ذكرت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي أنها تدرس فرض عقوبات على اثنين من قيادات قوات الدعم السريع السودانية لتهديدهما السلام والأمن والاستقرار في البلاد عبر وسائل تتضمن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفي حال أجيزت العقوبات، ستكون هذه أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة بسبب الحرب الحالية في السودان التي اندلعت في منتصف أبريل  من العام الماضي بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل تحول مزمع للحكم المدني.

وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة اقترحت رسميا فرض حظر دولي على السفر وتجميد الأصول على رئيس عمليات قوات الدعم السريع اللواء الركن عثمان محمد حامد محمد وقائد قوات الدعم السريع، قطاع ولاية غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة بارك الله.

وتقر لجنة العقوبات على السودان التي تتألف من 15 عضوا في مجلس الأمن قرارتها بالإجماع. وإن لم يبد أي من الأعضاء اعتراضا على الاقتراح، فسيتم إقرار فرض العقوبات على الرجلين. وبوسع الأعضاء أيضا طلب مزيد من الوقت لدراسة الاقتراح، أو وقفه، أو ببساطة عرقلته.

وأدت الحرب في السودان إلى موجات من العنف العرقي ألقي باللوم فيها إلى حد كبير على قوات الدعم السريع. وتنفي تلك القوات إلحاق الأذى بالمدنيين وتنسب هذا النشاط إلى جهات مارقة.

وتقول الولايات المتحدة إن الأطراف المتحاربة ارتكبت جرائم حرب، وإن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت أيضا جرائم ضد الإنسانية وتورطت في تطهير عرقي.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وإن المجاعة تلوح في الأفق، كما نزح نحو 10 ملايين شخص. وانتقل أكثر من 2.2 مليون شخص من هؤلاء إلى بلدان أخرى.

وأنشأ مجلس الأمن نظام العقوبات الذي يستهدف السودان عام 2005 في محاولة للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور. وتضم قائمة العقوبات ثلاثة أشخاص أضيفوا عام 2006. كما فرض المجلس حظرا على الأسلحة على دارفور في عام 2004.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قالت الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في دارفور نتيجة مساعدة ميليشيات الجنجويد التي تشكلت منها قوات الدعم السريع لاحقا للجيش في سحق تمرد قادته جماعات غير عربية في الأساس. 

وتلاحق المحكمة الجنائية الدولية زعماء سودانيين سابقين لاتهامهم بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • مندوب السودان لدى الأمم المتحدة يحدد أهم شيء في قرار حظر الأسلحة
  • جنوب دارفور : فوضى وانفلات
  • اليونسكو قلقة من نهب متاحف ومواقع أثرية في السودان
  • المبعوث الأمريكي للسودان: نقدر ما تفعله مصر والرئيس السيسي لحل الأزمة في الخرطوم
  • الجيش والدعم السريع يتبادلان القصف وقرار أممي ضد السودان
  • مجلس الأمن يجدد عقوباته على السودان
  • لعام آخر .. مجلس الأمن الدولي يمدد العقوبات المفروضة على السودان
  • بدأتْ .. ولا بد أن تكتمل !
  • تطور صناعه الافلام وسقوط الاقنعه في حرب الخرطوم
  • الأمم المتحدة: 124 ألف شخص مهددون بالمجاعة في السودان