التضليل الإعلامي.. تهديد لسمعة الدول والأفراد
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
قبل أن يبدأ جمهور العالم معرفة الذكاء الاصطناعي التوليدي كان خطر التضليل الإعلامي قد أصبح أحد الأخطار التي تثير المخاوف في العالم أجمع، وتجاوز التأثير السلبي لذلك الصحف وصناع الأخبار إلى تهديد استقرار الدول والمس بسمعتها. ومع معرفة العالم بثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي تضاعف الخطر مئات المرات، وأصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي نشر كم هائل من المحتوى المضلل وإغراق شبكة المعلومات به في وقت قصير جدا، بل والمتحكم بتفضيلات الأخبار والمعلومات سواء خلال عمليات البحث أو في أفضلية الظهور العشوائي أمام متصفحي شبكة المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي.
المشهد بهذا المعنى الذي نستطيع تصور جزء بسيط منه حتى الآن شديد الخطورة ليس فقط على بناء السمعة المؤسسية وسمعة الدول والحكومات والأفراد، ولكن يتجاوز الخطر المتوقع ذلك إلى ما يمكن أن يتعلق بمسألة الحياة والموت حينما يقترب الأمر من نشر معلومات صحية وطبية قد تتسبب في كوارث حقيقية، إضافة إلى استهداف الوعي المجتمعي في المنطقة أو الدولة بالأخبار والمعلومات المضللة.
والأمر بهذا المعنى أيضا يمكن أن يؤثر في العلاقات بين الدول حينما تُتداول أخبار ومعلومات وصور ومقاطع فيديو مفبركة، من شأنها أن تثير الأفراد والجماعات، إذ يتحول تأثير الأخبار الكاذبة من السياق المحلي إلى ضرب العلاقات بين الدول ونشوب صراعات مسلحة.. ويمكن بسهولة أن نستعيد صراعات دولية تفاقمت بسبب هذا النوع من الأخبار ، أو أزمات دولية تصاعدت بسبب تصريحات منزوعة من سياقها الحقيقي.
إن الأخبار المضللة التي قد يتداولها الناس، أحيانا، نظرا لميول دينية أو سياسية أو اجتماعية أو لما فيها من خطاب شعبوي يدغدغ مشاعر الناس يمكن أن تكون سببا لخطابات الكراهية داخل المجتمع الواحد أو خطابات العنصرية والمذهبية.
وفي ظروف أكثر قسوة في مجتمعات أقل وعيا، أدت المعلومات المضللة إلى العنف، وإلى استهداف الأفراد والتحرك نحو ذلك بناء على معلومات لا أساس لها من الصحة.
والذي يمكن أن يشعر ببعض الاطمئنان أن الناس باتت واعية بخطر هذه الأخبار، لكن هذا الوعي وحده لا يكفي، فالوعي مهما كان عاليا في مكان ما لا يمكن أن يكون متساويا عند الجميع، لذلك فإن الوعي يحتاج أن يتحول إلى جدار صد صلد لوقف الأخبار والمعلومات المضللة وعدم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ما يحدث اليوم، أن الناس تعيد نشر وتحويل أخبار تؤمن أنها غير صحيحة ثم إنها لا تحاول التدقيق في أخبار أخرى تشكك في حقيقتها؛ الأمر الذي يجعلها تصل إلى أفراد لا يملكون الوعي والقدرة نفسها على تمحيص الأخبار والمعلومات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو دينية أو حتى اجتماعية تمس سمعة الأفراد ومكانتهم في مجتمعاتهم.
ويتطلب أمر معالجة خطر التضليل الإعلامي نهجًا متعدد الأوجه يبدأ بمحو ما يمكن أن نسميها الأمية الإعلامية عبر فهم الجمهور للمهارات البسيطة التي تجعلهم قادرين على إجراء تقييم نقدي لمصادر الأخبار. ولا بد لوسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث أن تتحمل بحكم القانون جانبا أساسيا من هذه المسؤولية، فيمكن عبر الذكاء الاصطناعي الخوارزميات اكتشاف المحتوى المشبوه والإبلاغ عنه وتنبيه المستخدمين له. كما أن على جميع المنصات الإخبارية أو منصات التواصل الاجتماعي أن تكون واعية ومنفتحة على آليات عمل الخوارزميات الخاصة بها وكل ذلك من أجل تنبيه المستخدمين على المعلومات المضللة.
وهذا الأمر يحمل قادة العالم ومؤسساته مسؤولية وضع معايير ومبادئ توجيهية لوسائل الإعلام لمواجهة الحملات التي تأتي من خارج الحدود.
وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد أن من أهم الوسائل الناجعة والمجربة لمحاربة التضليل الإعلامي ومحاولات زعزعة الاستقرار تتمثل في دعم الصحافة النوعية وتقويتها لأنها تستطيع أن تقوم ببناء التوازن مع جعل هذه الوسائل الإعلامية تلتزم بمعايير صارمة وموضوعية في تدقيق الأخبار وتأكيدها.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبقى نقلل من مخاطر هذا النوع من التضليل، والتهديد الذي يشكله على الدول والأفراد والمجتمعات المحلية والدولية، والحلول ممكنة لكن تأخرها قد يزيدها تعقيدا في ظل الثورة الجديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاصطناعی التولیدی التواصل الاجتماعی الذکاء الاصطناعی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«الاتصالات» تطلق المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي قريبا
التقى اليوم، الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بالدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لمتابعة عدد من الملفات، واستعرض الأخير، الجهود المبذولة للتوسع في برامج بناء القدرات الرقمية لكل فئات المجتمع في مختلف المراحل العمرية وفي جميع أنحاء الجمهورية، ووفقًا لعدة مستويات بدءًا من نشر الوعي بالمهارات الرقمية الأساسية وحتى التخصصات التكنولوجية عالية القيمة، وذلك بهدف إعداد كوادر في مختلف تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحديثة، وتمكين الشباب من المنافسة في سوق العمل.
وتناول «طلعت» الجهود المبذولة لتعزيز مكانة مصر كمقصد رائد في تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود، وتعظيم المزايا التنافسية التي تحظى بها مصر في هذه الصناعة، ومن أبرزها الموقع الجغرافي المتميز، ووفرة المهارات التي تقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود بجودة عالية، موضحًا أنه يجري توفير مجموعة متنوعة من المبادرات التدريبية التي تستهدف توفير كفاءات رقمية في مختلف المحافظات، لافتاً إلى أن تلك المبادرات التدريبية مؤهلة لتصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات لمختلف دول العالم على النحو الذي يسهم في مضاعفة الصادرات الرقمية، وتوفير فرص عمل للشباب.
تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعيوأشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى أبرز التطورات المتعلقة بتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتواكب مع التطورات العالمية، وتطويع هذه التكنولوجيات لخدمة كل قطاعات الدولة والاقتصاد، وذلك في ضوء العمل على إطلاق المرحلة الثانية للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي قريبًا.
مشروعات تطوير البنية التحتية الرقميةواستعرض مستجدات العمل في مشروعات تطوير البنية التحتية الرقمية في أنحاء الجمهورية لرفع كفاءة الإنترنت، التي تشمل مشروعات لإحلال كابلات الألياف الضوئية بديلاً عن الكابلات النحاسية، بالإضافة إلى مد كابلات الألياف الضوئية في قرى المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».