لجريدة عمان:
2024-09-13@01:08:58 GMT

أساتذة حرب الإرهاب

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

ثمّة استعارة تعجبني كثيرا «زوجة زعيم العصابة»، وهو يُشير إلى انتقاد زوجة رجل العصابة لأفعال زوجها الإجرامية على نحو يُظهر تفوقها الأخلاقي، فيما تتمتع هي بمزايا الثراء، والبذخ، والحماية التي لا يُمكن أن تتوفر إلا نتيجة لأعماله.

هذه الاستعارة تصوير مثالي للنفاق، وازدواجية المعايير، وهي تصف ببراعة علاقة أوروبا بإسرائيل، وليست أوروبا فحسب حقيقة، بل أيضا دول مثل تركيا التي تُحافظ على شعبيتها بشتيمة إسرائيل بين حين وآخر، أو تنكيس أعلامها في المناسبات الحزينة بينما يُمررون من تحت ذلك كل ما من شأنه أن يضمن لإسرائيل البقاء، والازدهار، والتمدد.

إسرائيل المتفوقة في صناعة الأسلحة، وتقنية المعلومات، وتقنيات المياه، تتخذ من فلسطين مختبرا لها، ومن الفلسطينيين عيّنة اختبار. يرصد لنا كتاب «مختبر فلسطين: كيف تُصدر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم» لأنتوني لونشتاين، وكيف صارت دولة الاحتلال رائدة في إنتاج الأسلحة العسكرية، وفي تطوير أدوات التجسس، واستراتيجيات القمع، والتدريب عليها، وكيف جعلت من «الاحتلال» سلعة قابلة للتصدير؛ فهي لا تكتفي بدعم الديكتاتوريات والإبادات حول العالم عبر الأدوات التكنولوجية، بل واستغلت كمّ المعارف التي جنتها من تجارب الاحتلال والفصل العنصري، وصارت تُصدّر هذه الخبرات لكل مُضطهِدٍ يطلبها. ولا يفوتنا أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل؛ فأوروبا التي تنتقد إسرائيل إذا ما أفرطت في العنف، تُرحّب بتوفر من يقوم بالأعمال القذرة نيابة عنها.

لعل واحدة من اللحظات المفصلية التي قادتنا إلى هنا هي تلك اللحظة التي أعطت إسرائيل الجرأة لأن تفعل ما تشاء، فكانت ليلة الحادي عشر من سبتمبر اللحظة المناسبة لأن يُصدّر الاحتلال نفسه باعتباره المقاتل المخضرم الخبير في حروب الإرهاب، فمن استراتيجيات نزع الإنسانية، إلى سردية الحضارة في مواجهة البربرية، ومن تقنيات التعرف على الوجوه، إلى القنص الدقيق الأسهل من «طلب بيتزا من مطعم باستخدام هاتف محمول».

المعارف والخبرات في مجال الاضطهاد والإبادة كانت رهن إشارة ديكتاتوريات وديمقراطيات العالم على حد سواء، وإن كانت الدولة توجه أسلحتها ضد شعوبها، أو ضد المهاجرين (المكسيكيين بالنسبة لأمريكا، والقادمين من الشرق الأوسط بالنسبة لأوروبا) وما تمنعكم أخلاقكم من ارتكابه، سلّموه إلى الآلات والبرامج، ولوموها متى ما اعترض الناس عليها، فالخطأ التقني هو عذر مثالي، يرفع الحرج والمسؤولية وتأنيب الضمير إذا ما حلّ مرة، لا سمح الله.

أما العذر الآخر فهو إلقاء اللوم على الشركة المسؤولة، فخصخصة قطاع الأمن والقطاع العسكري في إسرائيل جزء أساسي من ممارساتها وعقليتها. فوق أن إسرائيل بشكل عام غير مضطرة لدفع أثمان سياسية بسبب ممارساتها، فإنها وفي المرات القليلة التي تُهدّد فيها بالمحاسبة، تلقي بالمسؤولية على الشركة الخاصة بسبب إساءة التطبيق.

ثمة فائدة أخرى للخصخصة، فما كان يتم التعامل معه بين الدول باعتباره تعاونا أمنيا، أصبح مع الخصخصة فارغا من معانيه السياسية، ولا يعدو كونه تعاونا بين شركتين حدث أن يكون مقر إحداهما إسرائيل، والأخرى في أمريكا.

ثمة بين يدي الاحتلال عيّنة بحث بلا صوت أو حقوق، وفوق هذا، لديها ثروة لا تُقدّر بثمن، وهي قواعد البيانات الممتهنة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة. إذ تُمثّل هذه القواعد مصدرا حيويا لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف على الوجوه -على سبيل المثال- في مجال المراقبة الجماعية، وقطاع الذكاء الاصطناعي المعتمد على تعلم الآلة، يعتمد بشكل كبير على مفهوم «التدريب» باستخدام البيانات، واختبار مدى صحة توقعات النظام، والتصحيح، للقيام بتوقعات أكثر دقة. غرض يبدو للشعب المحتل وبياناته وخصوصيته المسلوبة مثاليا له، بل ووسم إجادة كفيل بالتسويق والدعاية لمنتجات التسليح والقمع.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الصور الأولى للسفينة التي كانت متجهة إلى مصر وقصفتها روسيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أن صاروخا روسيا أصاب سفينة في البحر الأسود كانت في طريقها إلى مصر. 

وأكد زيلينسكي أن السفينة كانت تحمل حبوبا، ونشر صورا لها بعدما تعرضت للهجوم على قناته في تطبيق "تلغرام".

وأضاف الرئيس الأوكراني: "السفينة تعرضت للقصف بعد مغادرة المياه الأوكرانية"، مشيرا إلى أن الحادث لم يسفر عن خسائر بشرية.

وكتب على "تلغرام": "أوكرانيا واحدة من الجهات المانحة العالمية الرئيسية للأمن الغذائي. يعتمد الاستقرار الداخلي والحياة في عشرات البلدان في أنحاء مختلفة من العالم على التشغيل الطبيعي والسلس لممر صادراتنا الغذائية".

وأضاف: "إمداداتنا الغذائية إلى بلدان في إفريقيا والشرق الأوسط أمر بالغ الأهمية. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لحماية موانئنا وبحرنا الأسود وإمدادات الغذاء إلى السوق العالمية".

كما قال زيلينسكي: "نحن في انتظار رد فعل العالم. لا ينبغي أبدا أن يكون القمح والأمن الغذائي هدفا للصواريخ".

وفي السياق ذاته، أكدت وكالة "رويترز" نقلا عن مصدر خاص، أن سفينة لنقل الحبوب تعرضت للقصف في البحر الأسود ليل الأربعاء.

ووقع الحادث، وفق "رويترز"، في المياه الرومانية قرب مصب نهر الدانوب، لكن لم يتسن التأكد من أن هذه السفينة هي التي تحدث عنها زيلينسكي.

 

مقالات مشابهة

  • الصور الأولى للسفينة التي كانت متجهة إلى مصر وقصفتها روسيا
  • صهاينة أميركا.. ماذا تعرف عن الشخصيات الخفية التي أنشأت إسرائيل؟
  • تعرّف على مواصفات مروحية الاحتلال التي تحطمت في رفح (إنفوغراف)
  • مستشار الرئيس الفلسطيني يحذر من تحريض منظمات الاستيطان الإسرائيلية
  • هوكشتاين سيصل إلى المنطقة.. ما هي الرسالة التي يحملها إلى إسرائيل؟
  • مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها
  • الكشف عن الأسباب التي دفعت الحوثيين للإيقاع بالممثلة سمية العاضي وجرها لقتل زوجة العاقل وجنينها بصنعاء
  • ما طبيعة القنابل التي استخدمتها إسرائيل في قصفها منطقة المواصي؟
  • “حكومة غزة” عن مجزرة المواصي: إسرائيل تضلل العالم عبر ترويج أكاذيب وروايات ملفقة عن المجزرة ..
  • الخيانة التي سيجني العالم عواقبها