لجريدة عمان:
2025-01-26@09:49:23 GMT

أساتذة حرب الإرهاب

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

ثمّة استعارة تعجبني كثيرا «زوجة زعيم العصابة»، وهو يُشير إلى انتقاد زوجة رجل العصابة لأفعال زوجها الإجرامية على نحو يُظهر تفوقها الأخلاقي، فيما تتمتع هي بمزايا الثراء، والبذخ، والحماية التي لا يُمكن أن تتوفر إلا نتيجة لأعماله.

هذه الاستعارة تصوير مثالي للنفاق، وازدواجية المعايير، وهي تصف ببراعة علاقة أوروبا بإسرائيل، وليست أوروبا فحسب حقيقة، بل أيضا دول مثل تركيا التي تُحافظ على شعبيتها بشتيمة إسرائيل بين حين وآخر، أو تنكيس أعلامها في المناسبات الحزينة بينما يُمررون من تحت ذلك كل ما من شأنه أن يضمن لإسرائيل البقاء، والازدهار، والتمدد.

إسرائيل المتفوقة في صناعة الأسلحة، وتقنية المعلومات، وتقنيات المياه، تتخذ من فلسطين مختبرا لها، ومن الفلسطينيين عيّنة اختبار. يرصد لنا كتاب «مختبر فلسطين: كيف تُصدر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم» لأنتوني لونشتاين، وكيف صارت دولة الاحتلال رائدة في إنتاج الأسلحة العسكرية، وفي تطوير أدوات التجسس، واستراتيجيات القمع، والتدريب عليها، وكيف جعلت من «الاحتلال» سلعة قابلة للتصدير؛ فهي لا تكتفي بدعم الديكتاتوريات والإبادات حول العالم عبر الأدوات التكنولوجية، بل واستغلت كمّ المعارف التي جنتها من تجارب الاحتلال والفصل العنصري، وصارت تُصدّر هذه الخبرات لكل مُضطهِدٍ يطلبها. ولا يفوتنا أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل؛ فأوروبا التي تنتقد إسرائيل إذا ما أفرطت في العنف، تُرحّب بتوفر من يقوم بالأعمال القذرة نيابة عنها.

لعل واحدة من اللحظات المفصلية التي قادتنا إلى هنا هي تلك اللحظة التي أعطت إسرائيل الجرأة لأن تفعل ما تشاء، فكانت ليلة الحادي عشر من سبتمبر اللحظة المناسبة لأن يُصدّر الاحتلال نفسه باعتباره المقاتل المخضرم الخبير في حروب الإرهاب، فمن استراتيجيات نزع الإنسانية، إلى سردية الحضارة في مواجهة البربرية، ومن تقنيات التعرف على الوجوه، إلى القنص الدقيق الأسهل من «طلب بيتزا من مطعم باستخدام هاتف محمول».

المعارف والخبرات في مجال الاضطهاد والإبادة كانت رهن إشارة ديكتاتوريات وديمقراطيات العالم على حد سواء، وإن كانت الدولة توجه أسلحتها ضد شعوبها، أو ضد المهاجرين (المكسيكيين بالنسبة لأمريكا، والقادمين من الشرق الأوسط بالنسبة لأوروبا) وما تمنعكم أخلاقكم من ارتكابه، سلّموه إلى الآلات والبرامج، ولوموها متى ما اعترض الناس عليها، فالخطأ التقني هو عذر مثالي، يرفع الحرج والمسؤولية وتأنيب الضمير إذا ما حلّ مرة، لا سمح الله.

أما العذر الآخر فهو إلقاء اللوم على الشركة المسؤولة، فخصخصة قطاع الأمن والقطاع العسكري في إسرائيل جزء أساسي من ممارساتها وعقليتها. فوق أن إسرائيل بشكل عام غير مضطرة لدفع أثمان سياسية بسبب ممارساتها، فإنها وفي المرات القليلة التي تُهدّد فيها بالمحاسبة، تلقي بالمسؤولية على الشركة الخاصة بسبب إساءة التطبيق.

ثمة فائدة أخرى للخصخصة، فما كان يتم التعامل معه بين الدول باعتباره تعاونا أمنيا، أصبح مع الخصخصة فارغا من معانيه السياسية، ولا يعدو كونه تعاونا بين شركتين حدث أن يكون مقر إحداهما إسرائيل، والأخرى في أمريكا.

ثمة بين يدي الاحتلال عيّنة بحث بلا صوت أو حقوق، وفوق هذا، لديها ثروة لا تُقدّر بثمن، وهي قواعد البيانات الممتهنة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة. إذ تُمثّل هذه القواعد مصدرا حيويا لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف على الوجوه -على سبيل المثال- في مجال المراقبة الجماعية، وقطاع الذكاء الاصطناعي المعتمد على تعلم الآلة، يعتمد بشكل كبير على مفهوم «التدريب» باستخدام البيانات، واختبار مدى صحة توقعات النظام، والتصحيح، للقيام بتوقعات أكثر دقة. غرض يبدو للشعب المحتل وبياناته وخصوصيته المسلوبة مثاليا له، بل ووسم إجادة كفيل بالتسويق والدعاية لمنتجات التسليح والقمع.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ماغرو زار المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان: من دون الأبحاث يستحيل أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم

زار سفير فرنسا هيرفي ماغرو المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.

وأشارت السفارة الفرنسية في بيان، إلى أن "الحوار مع الأمينة العامة للمجلس تمارا الزين ومديري مراكز الأبحاث شكل مناسبة للقيام بجولة أفق حول التعاون الثنائي الكثيف والمثمر بين فرنسا والمجلس. كما زار السفير المركز الوطني للمخاطر الطبيعية والإنذار المبكر والهيئة اللبنانية للطاقة الذرية".

ولفتت إلى أن "فرنسا تدعم عمل المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان من خلال العديد من مشاريع التعاون، لا سيما في مجال إدارة الأزمات"، وقالت: "في أعقاب الزلزال الذي حدث في 6 شباط 2023 في تركيا وسوريا، وشعر به سكان لبنان بقوة، تم تعزيز التعاون الثنائي في مجال رصد الزلازل على نحو ملحوظ".

وأوضحت السفارة أن "فرنسا قدمت دعما ماديا بقيمة 379000 يورو من خلال مركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية، وأتاح هذا المبلغ تركيب وحدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، مما مكن منصة الإنذار المبكر التابعة للمجلس الوطني للبحوث العلمية من العمل على مدار الساعة خلال الأزمات، مع تحقيق وفر كبير في الوقت نفسه. واستعمل هذا المبلغ كذلك لنشر 10 محطات جديدة لرصد الزلازل في مناطق مختلفة من البلاد"، وقالت: "بالتالي، يستطيع المركز الوطني للجيوفيزياء أن يحسن بشكل ملحوظ استخدام وتحليل البيانات التي يتم جمعها حول مخاطر الزلازل".

واعتبرت أن "هذا المشروع الذي تدعمه فرنسا ويعنى بسلامة الشعب اللبناني يسلط الضوء على دور المجلس الوطني للبحوث العلمية في مجال الخدمة العامة"، مشيرة إلى أن "هذا المشروع الطموح يواكب توقيع اتفاقية بين المجلسين الوطنيين للبحوث العلمية في فرنسا ولبنان بهدف تعزيز التعاون اللبناني - الفرنسي في مجال علوم الزلازل، وهذا ما نوه به السفير ماغرو والدكتورة تمارا الزين".

ولفتت إلى أن "الشراكة بين فرنسا والمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان تتجلى من خلال الالتزام التقني والتبادلات العلمية مع المجلس الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، إضافة إلى دعم سفارة فرنسا لتنقل الباحثين التابعين للمجلس الوطني للبحوث العلمية ومنح جامعية لشهادة الدكتوراه يستفيد منها طلاب مسجلون وفق نظام الإشراف المشترك أو الإدارة المشتركة مع جامعة في فرنسا" مشيرة إلى "المشاريع المختلفة التي تقوم بها وكالة التنمية الفرنسية والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى".

وأشارت إلى أن "فرنسا عازمة على مواصلة دعمها للأبحاث الجامعية والعلمية في لبنان من خلال مشاريع عدة للمساعدة على تنقل الباحثين، وبرامج المنح، وبرنامج "هوبير كوريان" – "سيدر"، ومواكبة العديد من مشاريع الشراكة الجامعية".

وتحدث ماغرو فقال: "إن هذا المركز، الذي تم تأسيسه عام 1962، هو رمز قيم وميزة كبيرة ودعامة ضرورية لهذه المرحلة المفصلية في تاريخ البلاد".

وأشار إلى أن "للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان أهميّة فائقة بالنسبة إلى استقلال لبنان الغد وسيادته، من خلال تجسيد القوى الحية في البلاد"، وقال: "من دون الأبحاث، يستحيل أن نفهم أو أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم. ويستحيل أيضا أن نتخيل الحلول اللازمة للمستقبل وأن ننير القرارات التي يتخذها المسؤولون من خلال توفير البيانات الموضوعية والموثوقة من أجل إعادة إعمار البلاد".

مقالات مشابهة

  • أمريكا آفة وأم الإرهاب وتصنيفها لليمن الكبير بالإرهاب خطأ فادح نتائجه وتداعياته خطيرة لها وعليها.. 
  • فيما هي الداعم والممول الأول له في العالم:أمريكا تتلاعب بالإرهاب ليواكب مصالحها ومصالح الكيان الإسرائيلي
  • بالصورة.. شاهد الإرهاب الحقيقي الذي ينهش العالم
  • حزب الله: إسرائيل تُطبق سياسة "الأرض المحروقة" في القرى الحدودية
  • مصدر في الجهاد الإسلامي يوضح مصير الرهينة التي تصر إسرائيل على إطلاق سراحها
  • أمريكا آفة وأم الإرهاب وتصنيفها لليمن الكبير بالإرهاب خطأ فادح نتائجه وتداعياته خطير لها وعليها..
  • لبنان ينتظر اتصالات دولية للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي دخلها 
  • إعلام عبري: حالة انتظار عصيبة في إسرائيل لقوائم الأسرى التي ستعلنها “حماس”
  • قلب الكون..كيف غيّرت قناة بنما التي يرغب دونالد ترامب بالإستيلاء عليها العالم؟
  • ماغرو زار المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان: من دون الأبحاث يستحيل أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم