العراق والضغوط الأمريكية: التشريع الداخلي في مواجهة التدخل الخارجي
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
21 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: أثارت تصريحات السفيرة الأمريكية في العراق حول التدخل في مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية جدلاً واسعاً، حيث وُصفت من قِبَل بعض الأطراف العراقية بأنها تمثل انتهاكاً للسيادة وتدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث يعكف البرلمان العراقي على مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية وفق الشريعة الإسلامية والمذهب الجعفري، وهو ما أثار مخاوف لدى بعض الأطراف الدولية بشأن حقوق المرأة والأطفال، حيث اعتبرتها حركة “إشراقة كانون” انتهاكًا للسيادة العراقية.
كما شددت الحركة على أهمية الحوار بين مكونات الشعب العراقي ورفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية، داعية الحكومة ووزارة الخارجية إلى الحفاظ على سيادة البلد واحترام السياقات الدبلوماسية.
وأعربت السفيرة الامريكية لدى العراق، إلينا رومانوسكي، عن قلقها من “التعديلات المقترحة” على قانون الأحوال الشخصية العراقي.
وقالت رومانوسكي في تغريدة بمنصة (إكس):”إننا نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي والتي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل”.
وأضافت “نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل”.
في السياق ذاته، عبّر الأكاديمي حيدر ناظم عن رأيه بأن ارتفاع نسب الطلاق في العراق مرتبط بالابتعاد عن القيم الإسلامية والعشائرية، مشيرًا إلى ضرورة تعديل القانون بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية. من جهته، أكد القيادي في تيار الحكمة فهد الجبوري أن هذا الأمر شأن عراقي بحت ويجب احترام ثقافة ومعتقدات العراق.
المحلل السياسي عماد المسافر أشار إلى أن السفيرة الأمريكية تدخلت بسبب فشل أدوات السفارة في عرقلة تعديل قانون الأحوال الشخصية وفق الفقه الجعفري. بينما دعا النائب يوسف الكلابي إلى طرد السفيرة الأمريكية، معتبرًا أن انزعاجها دليل على صوابية التعديل المقترح.
وفي تعليق آخر، أكد المحلل السياسي جمعة العطواني أن تعديل قانون الأحوال الشخصية يحظى بشرف الدفاع عن القيم العراقية في مواجهة المثلية الأمريكية، مما يضيف قيمة كبيرة لهذا التعديل في نظره.
هذا الجدل يعكس الصراع المستمر بين التوجهات الداخلية في العراق نحو تعزيز الهوية الدينية والثقافية من جهة، وضغوط المجتمع الدولي الذي ينادي بضرورة الحفاظ على معايير حقوق الإنسان العالمية من جهة أخرى.
وتحليل التصريحات وردود الفعل العراقية يظهر بوضوح أن قضية تعديل القانون تتجاوز النقاشات القانونية البحتة، لتمس قضايا الهوية والسيادة والصراع الثقافي بين التأثيرات الغربية والمحافظة على القيم المحلية.
هذه التصريحات أطلقت سلسلة من الردود من قِبَل شخصيات سياسية وأكاديمية عراقية، التي شددت على ضرورة احترام الخصوصية الثقافية والدينية للعراق ورفض أي تدخل خارجي، مما يُبرز الانقسام العميق في رؤية العراق لدوره ومكانته في العالم. في المقابل، يعكس التدخل الأمريكي قلقاً من تأثير هذه التعديلات على حقوق النساء والأقليات، مما يطرح تساؤلات حول مدى توازن العراق بين التزاماته الدولية واحتياجاته الداخلية.
ومن المحتمل أن تتأثر العلاقات بين العراق والولايات المتحدة بسبب هذه التصريحات وما تبعها من ردود فعل قوية من بعض الأطراف العراقية.
التصريحات التي اعتبرها العديد من العراقيين تدخلاً في الشؤون الداخلية قد تؤدي إلى توتر في العلاقات الثنائية، خاصة إذا تصاعدت الدعوات داخل العراق لاتخاذ إجراءات ضد السفيرة الأمريكية، مثل إعلانها “شخصًا غير مرغوب فيه” أو مطالبة الحكومة العراقية بطردها.
من جهة أخرى، العراق والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة، خاصة في مجالات الأمن والاقتصاد، مما قد يدفع كلا البلدين إلى محاولة احتواء التوترات وعدم السماح لها بالتأثير بشكل كبير على العلاقات الأوسع. ولكن إذا لم تتم معالجة هذه الأزمة بحكمة ودبلوماسية، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد العلاقات على المدى القصير وربما التأثير على التعاون بين البلدين في ملفات أخرى.
و يعتمد مدى تأثر العلاقات على كيفية تعامل الحكومتين مع الأزمة، و إذا اتخذت الحكومة العراقية موقفًا قويًا ضد التصريحات واستجابت لضغوط الرأي العام، فقد نشهد تدهورًا في العلاقات. أما إذا تم تهدئة الأمور من خلال الحوار الدبلوماسي، فقد يتم تجاوز هذه الأزمة دون تأثير كبير على العلاقات بين البلدين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: تعدیل قانون الأحوال الشخصیة السفیرة الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
الفصائل العراقية تؤكد الجهوزية لأي تصعيد إسرائيلي مرتقب ضدها - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكدت حركة انصار الله الاوفياء، احدى الفصائل المسلحة العراقية، اليوم الأربعاء (20 تشرين الثاني 2024)، جاهزية الفصائل لاي تصعيد إسرائيلي مرتقب ضدها خلال المرحلة المقبلة.
وقال القيادي في الحركة علي الفتلاوي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "فصائل المقاومة العراقية جاهزة من حيث العدة والعدد لاي طارئ ولاي تصعيد إسرائيلي مرتقب ضدها او ضد قياداتها وهناك إجراءات كثيرة اتخذت من اجل ذلك لمواجهة أي طارئ".
وأضاف، أن "التهديد الإسرائيلي لن يثني فصائل المقاومة العراقية عن مواصلة عملياتها ضد الكيان الصهيوني، فنحن ثابتون على مبدأ وحدة الساحات، الذي عزز موقف محور المقاومة وجعله صامدًا وثابتًا لغاية الان، ولن نهتم لاي تهديد إسرائيلي وجاهزون ومستعدون للرد على أي عدوان ضدنا او ضد العراق".
وكثفت الفصائل العراقية المنضوية ضمن "المقاومة الإسلامية في العراق"، خلال الفترة الماضية عملياتها العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بواسطة الطيران المسير والصواريخ، ما أدى الى مقتل عدد من الجنود وإصابة العشرات، وبحسب مسؤولين إسرائيليين فان هذه العمليات لن تبقى دون رد.
وردّ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم أمس الثلاثاء (19 تشرين الثاني 2024)، على تقديم إسرائيل رسالةً إلى مجلس الأمن الدولي لوضع إجراءات فورية للهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة، بالقول إن ذلك يمثل "ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق"، وفيما أكد رفض "هذه التهديدات والدخول في الحرب"، شدد على أن "قرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية".
وقال السوداني في إطار ترؤسه الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، إن "الرسالة التي أرسلها الكيان الصهيوني الى مجلس الأمن الدولي، تمثل ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق، وتحقيقاً لمساعي الكيان المستمرة نحو توسعة الحرب في المنطقة".
وشدد على أن "العراق يرفض هذه التهديدات، وأن قرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية، وغير مسموح لأي طرف بأن يصادر هذا الحق"، لافتاً إلى "رفض العراق الدخول في الحرب، مع الثبات على الموقف المبدئي بإنهائها، والسعي لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني.