التسويق السياحي لخريف ظفار.. هل نصل للمليون زائر؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
علم التسويق من علوم الإدارة، تتعدد مفاهيمه التي منها: أنه يُعنى بالطرق المثلى لعرض السلع والخدمات؛ بقصد إقناع المستهلك النهائي بأن تلك السلعة أو الخدمة المقدمة بها قيمة مضافة تعادل أو تفوق ما يدفعه أو ينفقه من أموال. كما أن التسويق تتعدد أنواعه، حيث يكون بطرق مختلفة منها: المقروء والمسموع والمكتوب، وإن كان التسويق الإلكتروني هو الأكثر تأثيرًا في الوقت الحالي، لأنه عابر للقارات ويصل سريعًا لأعداد كبيرة في أقل وقت ممكن.
إلا أن تأثير التسويق، وقياس فاعليته تحدده أعداد السياح أو الزائرين الذين يُستخدمون عادة من قبل المنظمات والمجلات الدولية التي توصي بالوجهات السياحية بدول العالم المختلفة. كما أن التسويق هو العنصر الأهم في تحقيق الأهداف الشخصية، وأهداف المؤسسات والشركات، وقد يساهم في فوز المرشحين في الانتخابات البرلمانية والتشريعية، وإن لم يكن المرشح الفائز ذو مصداقية ونزاهة، لكن لديه برنامجا للتسويق الانتخابي.
في هذا المقال نهدف إلى تسليط الضوء على موسم خريف ظفار لعام (2024)، وهل يستطيع التسويق السياحي بوسائله المختلفة المساهمة في كسر حاجز المليون زائر.
بناءً على إحصاءات زوار خريف ظفار لعام (2023) فقد بلغ عددهم ما يزيد من (962) ألفا. حيث كانت النسبة الأكبر وهي (69.2%) للزوار من العمانيين، ونسبة (19.8%) من دول الخليج، ونسبة الدول العربية والآسيوية بلغت (10.2%)، فيما بقيت نسبة أقل من (1%) من الزوار من الدول الأوربية والدول الأخرى.
هذه البيانات تُعطي مؤشرًا على أن القادمين لمحافظة ظفار في موسم الخريف أغلبهم من البلدان العربية والإسلامية، فهم يتطلعون أكثر للسياحة العائلية. هذا الإقبال المتميز جعل بعض المنظمات المهتمة بالسياحة تصنف محافظة ظفار كإحدى أفضل الوجهات السياحية العائلية لعام (2024). تلك الأرقام تعطي أيضًا مؤشرًا للقائمين على قطاع السياحة بالمحافظة أن يعملوا على تلبية تطلعاتهم، وأن تكون غالبية الفعاليات والأنشطة والمغامرات تتوافق مع الذوق العربي والإسلامي؛ لأن الهدف من التسويق هو الاستدامة وتوجيه البوصلة نحو رفع مستوى الرضا لدى النسبة العالية من الزوار.
لقد أصبح التسويق السياحي بين الدول في تنافسية كبيرة؛ حيث إن كل دولة تريد أن تبرز للسائح أو الزائر مقوماتها السياحية سواءً كانت الطبيعية منها، التي تدخل فيها الجغرافيا والتضاريس والمناخ المعتدل في درجات الحرارة في فصل الصيف، أو السياحة الغير طبيعية التي يتدخل فيها الإنسان محاولا التفرد بمقومات سياحية، بحيث تكون مجتمعة في مكان واحد، ويدخل في ذلك المنتجعات السياحية المتكاملة. والنوعين من السياحة، يكتب لهما النجاح في حال وجود تسويق سياحي احترافي يحصل فيه السائح على ما يريده ويسعى إليه. كما أن ما يميز القطاع السياحي أنه يؤثر ويتأثر بجميع القطاعات التي تخدم السياحة، ومن ذلك طرق النقل المتعددة، والعقارات بأنواعها المختلفة، والاتصالات، والمطاعم، والمتنزهات، وأيضا المعالم التاريخية والثقافية، كما أنه مصدر للضرائب تستفيد منه الدولة في تنويع إيراداتها المالية.
موسم خريف ظفار هو ظاهرة مناخية نظرًا لما تمثله من تضاريس غير معتادة في الأشهر من يونيو حتى سبتمبر من كل عام، حتى أن البعض أطلق على ظفار لؤلؤة الخليج، أو أوروبا الخليج نظرا للطقس المعتدل في درجات الحرارة، وأيضا للمزارات الثقافية والدينية التي تتميز بها المحافظة. هذه الميزات السياحية هي أداة جذب سياحي للعمانيين، وأيضا من دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى.
زيادة أعداد الزوار لموسم خريف ظفار هو نتاج عمل دؤوب من قبل الحكومة في التجديد والتطوير لمقومات السياحية، ذلك الاهتمام في التسويق السياحي للمحافظة، وصل مرحلة مشاركة أعلى مسؤولي الهرم التنظيمي بالمحافظة في الترويج لموسم الخريف، ويعتبر هذا دليلاً على أن النجاح تقوده الأفكار المتجددة والقيادة المؤسسية.
بيد أن برامج التسويق والترويج السياحي لموسم خريف ظفار المعدة من قبل «مشاهير التواصل الاجتماعي» لها وعليها؛ حيث إن البعض منهم أحدث ربكة غير مقبولة عند الحديث عن بداية موسم الخريف، كما أن أولئك المشاهير وصل الحد بهم للتصادم فيما بينهم في طرق التسويق السياحي عن موسم الخريف بأسلوب غير جيد شاهده الجميع. وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة لكي لا تتم الإساءة للجهود المبذولة في التسويق السياحي الجيد لهذا الموسم.
كما يجب أن تكون هناك معايير صارمة تعمل على متابعة ما ينشرونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بالتسويق السياحي للمحافظة؛ لكي لا يتم تشويش المشهد الاستثنائي لخريف ظفار. وقد يكون من المناسب الاستعانة ببيت خبرة متخصص يدير برامج وفعاليات التسويق السياحي بلغات مختلفة تحت إشراف ومتابعة دقيقة من الجهات المختصة.
التسويق السياحي لكي يحقق أهدافه يحتاج إلى منظومة متكاملة من شبكة النقل البرية المتمثلة في الطرق الرئيسية المزدوجة التي تسهل وصول القادمين للمحافظة بكل سهولة ويسر. ولعل مشروع ازدواجية طريق أدم - ثمريث من المشروعات الاستراتيجية التي بقي من أجزائها الكثير، وبالتالي تحتاج إلى السرعة في التنفيذ نظرًا لأهمية الطريق في ربط المحافظات، وأيضا لتقليل الحوادث المرورية التي أصبحت تؤرق الجميع. كما أن الطيران الوطني يجب أن يكون ممكنا في توفير الرحلات المكثفة وبأسعار تكون متوازنة تحقق العائد المادي لشركات الطيران، وأيضا لا ترهق ميزانية الزائر للمحافظة، حيث إن أسعار الطيران الوطني مرتفعة نوعا ما، مقارنة بخطوط الطيران الإقليمية. كما أن الدعم الذي قدمته الحكومة المتعلق بأسعار الوقود في مطار صلالة لتكون نفس أسعار مطار مسقط الدولي خطوة استراتيجية في تخفيض ما يدخل ضمن تكلفة تذكرة السفر. وقد تكون الهيئة العامة للطيران المدني وأيضا مطارات عُمان، والجهات المختصة تنظر إلى مسألة التكاليف التشغيلية في مطاري مسقط وصلالة الدوليين، والعمل على إيجاد آليات تخفيض بعض من الرسوم المفروضة على الرحلات الداخلية تأسيسًا على السياسة الحكومية المتبعة في إعادة تسعير الخدمات والرسوم الحكومية. إن تخفيض تلك الرسوم وتأثير ذلك على أسعار تذاكر السفر سوف يساهم في تنشيط عدد الرحلات الجوية بما يؤدي إلى زيادة أعداد الزوار للمحافظة.
في الجانب الآخر، فإن التوجهات نحو فتح مطارات داخلية جديدة حسب الخطط المستقبلية، يحتاج إلى تعزيز في عدد الرحلات وعدد خطوط الطيران وأسعار تنافسية لتذاكر السفر، وقد تغلق المطارات في حال عدم وجود جدوى اقتصادية كما حدث في مطار صحار.
التسويق السياحي ليس المقصود به فقط أن تُعرض السلعة والخدمة للعملاء، بل هو تسويق ثقافي لشكل الدولة ومدى تقدمها. وأصبح هناك تحول من التسويق السياحي الذي يركز في الإنفاق على الطرب والغناء ويغفل عن التسويق الحضاري المتمثل في العادات والفنون التقليدية التي تتمتع بها سلطنة عمان عامة ومحافظة ظفار بشكل خاص. كذلك من الملاحظ أن السياحة التاريخية والدينية لم تُعط تلك الأهمية من التسويق بالرغم مما تزخر به المحافظة من مزارات دينية وتاريخية على مر العصور. ونضرب مثالاً على ذلك ما حدث في تركيا بعد عرض المسلسل التاريخي (السلطان عبدالحميد الثاني)، حيث شهدت تركيا إقبالاً كبيرًا من السياح من مختلف دول العالم لزيارة مكان دفنه؛ نظرًا للإنجازات التي قام بها خلال فترة حكمه، والتي تم عرضها في المسلسل بشكل مثير للاهتمام بشخصيته وإنجازاته التاريخية.
ختاما، تشير الأرقام بأن عدد زوار الخريف تجاوز (413) ألفًا حتى نهاية يوليو (2024)، مرتفعا بنسبة (4.3%) لنفس الفترة من العام الماضي. وحسب التوقعات سيتجاوز أعداد زوار خريف ظفار حاجز المليون زائر، وبإنفاق يتجاوز (100) مليون ريال عماني. وعندما نتحدث عن النجاح في التسويق السياحي لا نغفل الجهود الاستثنائية التي قامت بها الجهات المعنية بمحافظة ظفار والتي أصبح يُشاد بها من الجميع، وإنما أردنا أن نساهم ببعض الآراء ورصد الجوانب المهمة التي تحتاج إلى إعادة نظر عند رسم سياسة التسويق السياحي للمحافظة في الأعوام القادمة هدفًا وغاية بأن يكون موسم خريف ظفار رائدًا في السياحة العائلية على مستوى العالم، وليس فقط للوصول إلى حاجز المليون زائر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التسویق السیاحی موسم خریف ظفار موسم الخریف کما أن
إقرأ أيضاً:
جامعة ظفار تستعرض إنجازاتها في "يوم البحث العلمي السنوي"
صلالة - الرؤية
نظمت جامعة ظفار ممثلة بدائرة البحوث بالجامعة "يوم البحث العلمي السنوي الحادي عشر"، برعاية يوسف بن علوي آل إبراهيم نائب رئيس مجلس الأمناء بجامعة ظفار، وبحضور الأستاذ الدكتور عامر بن علي الرواس رئيس جامعة ظفار، ونخبة من الأكاديميين والباحثين والطلبة والمهتمين من القطاعين العام والخاص.
وتضمن اليوم تقديم فيلم تعريفي يستعرض إنجازات الجامعة في مختلف المجالات البحثية، مسلطًا الضوء على تأثيرها الأكاديمي والعلمي.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور سيد إحسان جميل نائب رئيس الجامعة التزام الجامعة برسالتها البحثية التي تركز على خدمة المجتمع من خلال دراسات علمية متقدمة تتماشى مع "رؤية عُمان 2040"، موضحا أن هيئة التدريس والطلاب يعملون معًا لضمان أن تكون الأبحاث ذات قيمة ملموسة للمجتمع.
وقال يوسف بن علوي آل إبراهيم نائب رئيس مجلس أمناء الجامعة: "هذا الحدث يمثل منصةً استراتيجيةً لتكريم جهود الباحثين والأكاديميين، لعرض إنجازاتهم العلمية التي تسهم في مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق التنمية المستدامة، كما يُبرز التزام جامعة ظفار برسالتها الرامية إلى دعم البحث العلمي كرافدٍ أساسيٍ لبناء اقتصاد المعرفة".
وذكر البروفسور عامر بن علي الرواس رئيس جامعة ظفار: "البحث العلمي هو الركيزة الأساسية لتقدم الأمم وازدهارها، وهو الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة التحديات المحلية والعالمية، وتحقيق التنمية المستدامة، ويوم البحث العلمي السنوي ليس مجرد احتفالية، بل هو تأكيد على التزامنا بدعم البحث العلمي وتشجيع الإبداع والابتكار في مختلف المجالات".
وتتمتع كليات الجامعة بسجل بحثي حافل في مجالات متعددة، حيث تسهم كلية الهندسة بأبحاث متطورة في تقنيات النانو والهندسة البيئية وحلول الطاقة المستدامة، في حين تركز كلية الآداب والعلوم التطبيقية على تشجيع البحث متعدد التخصصات بالتعاون مع جامعات عالمية، أما كلية التجارة والعلوم الإدارية، فتسعى إلى تأهيل قادة المستقبل ورواد الأعمال عبر برامج بحثية تهدف إلى حل تحديات قطاع الصناعة، فيما تفخر كلية الحقوق بوجود هيئة بحثية متميزة تضم طلابا من مختلف أنحاء السلطنة والدول العربية.
ومن بين الأبحاث المقدمة خلال فعاليات اليوم، دراسة حول تأثير نقص فيتامين D3 في دول مجلس التعاون الخليجي خاصة في عُمان، حيث طوّر الباحثون مستشعرات مبتكرة للكشف عن الحد الأدنى من هذا الفيتامين باستخدام تقنيات متقدمة، كما شمل الحدث استعراضًا لمشاريع بحثية أخرى، مثل دراسة تأثير نبات "البراثنيوم" على الغابات في محافظة ظفار، وهو مشروع مدعوم من بلدية ظفار.
وفي سياق البحث عن حلول مستدامة، يعمل فريق بحثي من الجامعة بالتعاون مع جامعة جنوة الإيطالية على مشروع يهدف إلى تعزيز السياحة المستدامة في صلالة، التي تُعد وجهة سياحية رئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وسلط البروفسور لؤي رشان مدير مركز أبحاث جامعة ظفار، الضوء على الإنجازات البحثية للمركز، وآخر الأبحاث والنتائج والانجازات التي حققت نتائج عالمية، وما يقوم به المركز من أبحاث ودراسات منها ما تم الكشف عنها وأخرى خلال الفترة القادمة، كما تم استعراض الإنجازات البحثية لجامعة ظفار، والتي مكّنتها من التواجد في قائمة أفضل العلماء عالميًا وفقًا للبيانات الببليومترية لقاعدة بيانات "سكوبس"، مما يعكس التزامها المستمر بالريادة البحثية والعلمية.
وتضمن يوم البحث العلمي السنوي الحادي عشر معرضا قام بافتتاحه راعي الفعالية، وتضمن أهم البحوث العلمية التي قامت الجامعة بإنجازها من خلال الكادر البحثي من الأكاديميين وطلاب الجامعة والمشاركين. وفي ختام الفعالية قام راعي الحفل بتكريم الأبحاث والمشاريع المقدمة خلال اليوم البحثي، حيث تم منح جوائز تقديرية للطلاب والباحثين المتميزين.