(خنجر في النشيد) كتاب شعري صدر قبل أيام عن (دار كل شيء) في حيفا، للشاعر الغزي الشاب محمود الجبري، هذا شعر لا يصف الألم، لا وقت لديه للوصف، بل يصف دلالته وإشاراته البعيدة وما بعده، صحيح هو ينام في خيمة وتحت قصف، يأكل المعلبات مثل الناس في غزة ويأرق في الليل، ويخرج في ليل البلاد الدامي راكضا في الشوارع المدمرة بانتظار شاحنة طحين، نعم الشعر يرغب في الطحين فهو جائع مثل أهل غزة، لكنه يعيش تأملاته الخاصة، ونخبويته المثقفة النابعة من الألم الأرضي، هذا شعر طبيعي صاف بريء يتعارك مع الحشرات، ويتذمر من سخونة الرمل ونحول الفرشة، هذا شعر قرر أن يولد من رحم خيمة، وسط آلاف الخيمات المزروعات بهشاشة على رمل ساخن ليكون شاهدًا على نذالة العالم وسقوط الحضارة، نعم الحضارة، إذ ماذا يعني أن يسكن الإنسان في المريخ، بينما هو على الأرض يرتكب المجازر ضد البشر والحجر والشجر، أية حضارة هذه، أي تمدن، أية حداثة، هذا شعر بطل، من زاوية أنه لم يفكر أن يوجد بعد الحرب، ليحمي نفسه من موت ربما يأتي، لقد قرر أن يغامر ويولد في قلب العاصفة عله ينجو من شبهة الاتزان المزيف، و أصر على الوجود في الحرب، اختبارا لصمود لغته وتماسك مجازاته في مهبات القتل والدم، هذا شعر فلسطيني عالمي خاص يكتب نفسه بذكاء وغموض وحزن في قلب شاعر شاب هو محمود الجبري.
جاء الكتاب في 150 صفحة من القطع المتوسط، بعناوين ملفتة تنسجم مع غرابة الجو الذي ولدت فيه القصائد: الأرض مكتظة بالكلام وبقايا ترحال ونجاة ونعي فتى فاضل وصدمة وحلم أخير وفي رجفة النداء ومنابر الفراغ وهذيان ورحلة وبكاء ويقظة أقدام تائهة واستحضار وغيرها.
بالإمكان النظر إلى ديوان خنجر في النشيد على أنه سفر قاس في الهشاشة، هشاشة كائن غزي، شاب شهد عددا من الحروب، وجد نفسه فجأة نازحا عن بيته المدمر هائما على وجهه، فاقدا بعض أصدقائه الشهداء، يقف في طوابير طويلة أمام مرحاض واحد، وينام جائعا وظمآنا، كيف يمكن أن يخرج شعرا من هذا المناخ الكابوسي؟ ولمّا كان الشاعر ناضجا وخبيرا ويعرف أن الكتابة ليست نقلا فوتوغرافيا عن الواقع وليست صدى مباشرا له، فقد، حوّل كل هذا الكابوس إلى أسئلة ونزعات تأملية عالية وعميقة، ولغة لا تقول كل ما يتوقع منها، يقول في قصيدة:
رحلة
ناقما من كل الطرق
أبدأ الرحلة بخنجر في النشيد
أهرول إلى المشيئة
بحظ النعام النائم فوق سرير الحطب
بعكاز الصمت
أقفل الباب المفتوح على ضوئه
وأرنو إلى اتجاهي بعماء مثقل بالصدمة
فلا أسمع سوى صداي.
هذا كتاب شعري منفصل تماما عن نمط الكتابة في غزة، منفصل حتى عن طوفان النصوص الحالية، كيف لا وهو ابن كابوس ما زال مستمرا، وهو عصيّ عن التفسير والقولبة، فلا هو شعر فلسفي ولا ثوري ولا رومانسي ولا تجريدي ولا واقعي، ولا نرى فيه جنودا قذرين يرقصون على الجثث وضحايا فلسطينيين يئنون، ويموتون بسهولة كما ينتظر القارئ العادي، لكننا سنجد فيه بشاعة الإنسان، ووحشية الحضارة، وسقوط اللغة.
لقد قرأ الشاعر دلالة الحرب المجنونة من فوق، وترك الشعارات والصرخات وسيارات الإسعاف لشعراء الشعار، أو شعراء سيارات الإسعاف كما سماهم هنري مللر ذات نقد لرواية إيطالية نسيت اسمها.
ولد الكتاب من خيمة وخرج إلى العالم ليحكي قصة سقوط الإنسان.
جدير بالذكر أن للشاعر مجموعة شعرية سابقة بعنوان «هل تتأخر البداية» عن دار الكلمة بغزة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا شعر
إقرأ أيضاً:
كيفية سجدة التلاوة.. اعرف طريقتها وحكم أدائها بغير وضوء
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما كيفية سجدة التلاوة؟ وهل عند وجود سجدة في القرآن الكريم يجب ترك القرآن والوقوف كما كأننا سوف نصلي ونسجد، أم نسجد في مكاننا؟ وهل يجب أن نكون في اتجاه القبلة أم لا؟ وأشكركم جزيل الشكر على الموقع الرائع الذي سوف يخدم المسلمين في جميع أنحاء العالم. وجزاكم الله كل الخير.
لا نتربص بأحد.. نقابة القراء تعلق على التحقيق مع المخطئين في التلاوة أفضل أوقات لقراءة القرآن الكريم ومتى لا يجوز التلاوةوقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إن سجدة التلاوة هي سجدة واحدة كأيِّ سجدة في الصلاة، فإذا كان القارئ يقرأ وهو قائم فعليه أن يجلس جلسة التشهد ثم يسجد سجود التلاوة ثم يرفع منه، أما لو كان يقرأ وهو جالس فإنه لا يقوم ولا يقف بل يسجد في مكانه، وفي كل الأحوال يجب أن تكون السجدة في اتجاه القبلة.
وأوضحت دار الإفتاء أن سجود التلاوة عند مواضعه من القرآن الكريم سنة مؤكدة في حق القارئ والسامع؛ فيثاب فاعله ولا يؤاخذ تاركه، ويشترط له أن يكون الساجد على وضوء، وهناك توسعة في الذكر باللسان لمن لم يتمكن من السجود؛ بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وذكرت أن الله عزَّ وجلَّ قد شرع سجود التلاوة إظهارًا لتمام العبودية له سبحانه؛ وذلك حال تلاوة المسلم أو استماعه لآية من الآيات الداعية في معناها إلى السجود لله تعالى، وهو في حق التالي للقرآن الكريم آكد منه في حق المستمع له.
وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ سجود التلاوة سنة مؤكدة في الصلاة وفي غيرها، وهو المروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وعثمان بن عفان، وسلمان الفارسي، وزيد بن ثابت، وعمران بن حصين رضي الله عنهم، وأبي ثور، والأوزاعي، والليث رحمهم الله.