المسلة:
2025-01-12@17:27:24 GMT

معارك الفكر والسياسة في العراق !

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

معارك الفكر والسياسة في العراق !

21 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: ابراهيم العبادي

اشتد الجدل في العراق بشان التعديل المزمع لقانون الاحوال الشخصية لعام 1959 ،كان يمكن ان يكون هذا الجدل نافعا ومفيدا لو اقتصر على موجبات ومسببات الحاجة الى التعديل وضرورة معالجة مشكلات اجتماعية تخص الاسرة العراقية وحقوق النساء والاطفال والازواج بعد مايقارب 65 عاما على صدوره وبما يحقق العدالة والانصاف ويلبي المتطلبات النفسية والاجتماعية للافراد .

وكان يمكن ان يكون مسار التعديل هادئا ومعقولا لو جاء في سياق الاستجابة لتطورات المجتمع وتنوع سياقات الحلول والمقترحات القانونية الناظرة لواقع الدولة والتحديات المختلفة التي تواجهها ومنها تحديات التشريع والتقنين لمجتمع متعدد الطوائف والجماعات ،حيث تتعدد المرجعيات الدينية والعرفية والثقافية وتسعى كل جماعة لتوكيد خصوصياتها مستفيدة من النصوص الدستورية ،بازاء ذلك يذهب شطر من العراقيين الى الشك والحذر من كل خطوة لتشريع جديد أو مقترح قانون يقدم عليه حزب نافذ او مجموعة برلمانية متضامنة .

سبب ذلك يعود الى تجذر الصراع الايديولوجي في العراق وتصلب الثقافة الاجتماعية والسياسية بين جميع الاتجاهات الفكرية المختلفة ،فقد ايقظ مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية صراعا قديما بين التيار العلماني والتيار الاسلامي ،وسرعان ماشحذ الطرفان اسلحتهما بلا ترو ،ولم يعد الموضوع اختلافا على مضمون قانون او فقرات تشريع ،بل اختلافا شاملا في الرؤية ،بين من يتحدث عن المدنية والوطنية والحداثة ليقابله التيار الاسلامي فيتحدث عن الفقه والشريعة والمصلحة والحرية وحقوق الاكثرية دستوريا ،ويتعمق الصراع .

ليتحول الى معركة ثأرية بين الجانبين ،تستعيد معارك الفكر التاريخية التي شهدها عالم المسلمين في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين ،وفي العراق تحديدا في النصف الثاني من القرن العشرين بين النجف (مرجعية السيد محسن الحكيم ) وسلطة الجمهورية بزعامة عبدالكريم قاسم ،وهي المعارك التي ُوسِمت بانها بين الاصولية الاسلامية والعلمانية او بين السلفية الدينية والتحديثية المتغربة ، او بين التقليدية الاسلامية والليبرالية والماركسية . بدون تمهيد انطلق صراع مؤجل او ظل مكبوتا بين هذين الاتجاهين ،تأجل بسبب جملة تحديات اكبر كادت تطيح بالوحدة الاجتماعية ووجودالدولة ،ثم مالبث ان انفجر بعد الانفراج النسبي ،متلبسا بلباس مطلبي او كان ينتظر اي فرصة للتعبير عن نفسه .

احتجاجات تشرين 2019مثلت احدى هذه المعارك ،وهي في جوهرها احتجاج على من هيمن على السلطة خلال هذه البرهة الزمنية فكريا وسياسيا وثقافيا ،لقد وجد الطرف المناويء لمن في السلطة فرصته في تحريض وتحشيدالشارع مستفيدا من سلسلة اخطاء جسيمة ارتكبها تيار السلطة ودخل في معارك كثيرة بدون اولويات ممنهجة ،فسمح لمناوئيه ان ينالوا منه ،قبل ان تطل معركة الاحوال الشخصية مجددا وهي معركة حساسة جدا ، لانها في عمقها تكريس لمنظور ورؤية للفرد والاسرة من منظار ديني شرعي اجتهادي ،لايقيم شأنا للدولة ونفوذها وقوانينها وغاياتها الاجتماعية.

بل يرى تقدم الفقه الشرعي على ماسواه ،على العكس من ذلك طالب التيار العلماني بان تكون الدولة هي صاحبة الحق في احتكار التمثيل والتقنين والمواجهة المباشرة ، ولابد من تكييف الفقه الفردي ليكون تحت مظلة الدولة ، ومستجيبا لاشتغالاتها وتقديرتها لمصلحة الوحدة والهوية الاجتماعية .المعركة ليس بين الفقه والقانون كي يتمسك الاسلاميون بالفقه في مقابل تمسك المدنيين بالقانون ،مرجعية الاسلاميين الاهم هي مرجعية السيدين الصدر والسيستاني وكلاهما يصران على ان يكون قانون الدولة غير معارض او ناقض لثوابت الاسلام وهذه ماغفل عنها الاسلاميون ،فعند السيدين هناك سعة كبيرة يمكن ان تستوعب الاراء الاجتهادية بما يجعل قانون الدولة مرنا مستجيبا لثوابت الاسلام ولايضعه في مقابل القانون الذي يريد المدنيون الاحتكام اليه وحده .

المأزق الذي يعاني منه الطرفان هو في رغبتهما في الاعتماد على منطق القوة في فرض رؤيتهما ، دونما التماس لشرعية الاقناع والحوارات العميقة والاحتكام الى الاليات الديمقراطية وحق الاكثرية مع مراعاة مصالح الاقليات .
في هذا التقابل نخسر ايجابيات الحوار الجوهري في صلب القضايا المطروحة لننشغل في تفسير نوايا ودوافع المهاجمين والمدافيعين ،وننسب كل جهة الى مرجعيتها الدينية او الشعبية،ففيما يتحدث التيار المدني عن رغبة تيارات الاسلام السياسي في فرض مؤسسات موازية لمؤسسة الدولة بما يقود الى تطييف المجتمع ، وانه نوع من استقواء فئة على فئات اخرى ، …. يرد الفريق المقابل بان النقاش ليس في تفاصيل مشروع التعديل ،بل هو معركة لاثبات قوة الفريق الخصم ومتبنياته الليبرالية، ومرجعيته الثقافية المناوئة للاسلاميين.

ومن الواضح ان انحراف الحوارات والمساجلات عن اصل الموضوع ، وانفتاح ابواب المعركة على مصراعيها بين التيار الديني والتيار اللاديني ،يؤشر الى سوء فهم عميق بين الاطراف المختلفة ورغبة في تصفية الحسابات على حساب اهتمامات اجتماعية واقتصادية واخرى أمنية ،ماتزال تشكل اولويات وهموم شعبية ضاغطة ،ولذلك ينظر الى مايجري من صراعات ، على انها معركة في توقيت خاطيء وعودة الى زمن مضى ،كان ممكنا الاستفادة من دروسه والاحتراز من تكرار فصوله ،فمعظم المعارك من هذا النوع تستنزف القوى والطاقات الاجتماعية ولا تحقق مكاسب ذات مغزى في معركة التحديث والعصرنة وتجديد جوانب التراث الحية وتوظيفها في مشروع النهضة .

العراق يحتاج الى مرحلة تهدئة طويلة بين التيارات والقوى السياسية والحزبية والاجتماعية ليتغلب على تهديدات خطيرة ،في مقدمتها بتقديري ،التهديد الذي تشكله العقلية الريعية الاستحواذية، وثقافة الفساد المشرعن ،والتخلف الاجتماعي الذي يعيق تطوير وتنمية البلاد، ووقف زحف جيوش العاطلين ،علاوة على الكسل والبلادة الادارية ؟ والثقافة المانعة من تطوير وعقلنة قيم المجتمع نحو الانتاج والادخار والظفر بمعركة الحضارة ….. ،فهذه هي القنبلة الموقوتة التي تهدد حاضر البلاد ومستقبلها.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

المواطن أولوية.. نواب يؤكدون أهمية حزمة الحماية الاجتماعية في دعم الفئات الأولى بالرعاية

أكد عدد من أعضاء البرلمان أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعداد حزمة جديدة للحماية الاجتماعية خطوة تحقيق الاستقرار المجتمعي ومواجهة الأعباء الاقتصادية.


وشدد النواب على أن المواطن سيظل أولوية لدى القيادة السياسية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العالم.

حزمة حماية اجتماعية جديدة

وقال النائب حسين خضير، رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، إن توجيهات الرئيس للحكومة بإعداد حزمة جديدة للحماية الاجتماعية تعكس حرص القيادة السياسية على تحقيق العدالة الاجتماعية، وخطوة لمواجهة التحديات الاقتصادية والضغوط والأعباء التي تواجه المواطن المصري.


وأضاف "خضير"، في تصريحات صحفية اليوم، أن توجيهات الرئيس تعكس إدراك القيادة السياسية للتحديات الاقتصادية التي تواجه المواطنين، وتؤكد حرصها الدائم على التخفيف من وطأة هذه التحديات عبر سياسات استباقية تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق الاستقرار المجتمعي.

وأكد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ أنه يجب دعم وحماية الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز الأمن الإنساني، بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الدولة تعاملت مع قضية الحماية الاجتماعية من منظور احتوائي شامل.

وأشار النائب حسين خضير، إلى أن حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة المقرر إعدادها تعكس حرص القيادة على دعم الفئات الأكثر احتياجًا، كما أن حزمة الحماية الاجتماعية تأتي خلال توقيت هام لدعم المواطن في مواجهة التحديات الاقتصادية.

المواطن أولوية 

وأكد النائب الدكتور خالد بدوي، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة، بوضع تصور لحزمة حماية اجتماعية جديدة، دليل علي حرص الرئيس الدائم على دعم الفئات الأولي بالرعاية ومحدودي الدخل، وتوفير مظلة اجتماعية لهم.

وأضاف بدوي، أن هذه التوجيهات تأتي استكمالاً للتويجهات المستمرة التي اصدرتها الحكومة بناءً علي توجيهات الرئيس السيسي خلال السنوات الماضية، تعكس شعور الرئيس السيسي بمعاناة المواطنين جراء الأزمة الاقتصادية، وسعيه الدؤوب لتوفير حياة كريمة للمواطنين.

وأشار عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلي أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي تبذل جهودا حثيثة لتعزيز قدرة المواطنين على مواجهة التضخم و ارتفاع الأسعار، الأمر الذي قد يفتقر إليه المواطنون في عديد من بلاد العالم بما فيها دول متقدمة.

وتابع الدكتور خالد بدوي، أن المواطن البسيط سيظل أولوية لدى القيادة السياسية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العالم أجمع، والحروب والأزمات المشتعلة، لافتا إلي أنه رغم ذلك الدولة تضع المواطن علي رأس أولويتها، وتعمل علي توفير حياة كريمة له.

التخفيف عن كاهل المواطنين 

كما رحب النائب علي نور حسين، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، بتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي لإعداد حزمة اجتماعية جديدة خلال الأيام المقبلة، وإعلان رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي أن الحكومة تجهز مقترحا بذلك، مشيرا إلى أنها خطوة هامة للتخفيف من معاناة المواطن المصري في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتضخم.

ولفت نور حسين، في تصريحات له،  إلى أن هذه الحزمة لن تكون الأولى ولن تكون الأخيرة، في ظل الاهتمام المستمر من الدولة بتخفيف الأعباء عن المواطن البسيط، مشيرا إلى أن الدولة تواصل تطوير مظلة الحماية الاجتماعية بشكل دوري، استجابة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والتضخم وغلاء الأسعار وهو ظاهرة عالمية وليس محلية.

وأوضح عضو صناعة البرلمان، ان هذه الإجراءات، تؤكد حرص الدولة على استمرارية وتطوير مظلة الحماية الاجتماعية، ما يعكس التزامها بتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين ومواكبة التحديات الاجتماعية، وهى خطوة عملية هامة لتحقيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وشدد عضو مجلس النواب، أن الحزمة الاجتماعية الجديدة ستؤثر بشكل إيجابي على قطاع كبير من الطبقات الأكثر احتياجًا، في وقت يعاني فيه المجتمع من التضخم الكبير نتيجة الصراعات الإقليمية والعالمية.

واختتم النائب علي نور حسين بالقول، أن الدولة المصرية وعلى مدى السنوات الماضية لم تدخر جهدا في اتخاذ مختلف إجراءات الحماية الاجتماعية لمواجهة التضخم والغلاء وهو ما يحسب للرئيس السيسي.

مقالات مشابهة

  • عضو بـ«الشيوخ»: الدولة تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز العدالة الاجتماعية
  • الإصلاح والنهضة: الحفاظ على الثروات الوطنية جزء لا يتجزأ من تحقيق العدالة الاجتماعية
  • ما الذي تريده إيران من العراق؟
  • كاتب: الدولة عملت على تحقيق الحماية الاجتماعية بمسارات متنوعة
  • 10 يناير ذكري معركة غليوين بين مماليك العراق والقوات العثمانية
  • جمال رائف: الدولة حققت الحماية الاجتماعية من خلال عدة مسارات متنوعة
  • كاتب: الدولة المصرية عملت من خلال عدة مسارات متنوعة لتحقيق الحماية الاجتماعية
  • جمال رائف: الدولة عملت من خلال عدة مسارات متنوعة لتحقيق الحماية الاجتماعية
  • كاتب صحفي: الدولة انتهجت مسارات متنوعة لتحقيق الحماية الاجتماعية
  • المواطن أولوية.. نواب يؤكدون أهمية حزمة الحماية الاجتماعية في دعم الفئات الأولى بالرعاية