المسئولية الأخلاقية والاجتماعية لوأد الشائعات!
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
سلاح الوعى هو السلاح الشخصى الوحيد المسموح به لكل مواطن بحمله دون الحصول على ترخيص من الأجهزة المسئولة، وهو جهاز مناعى ثانٍ لاصطياد الشائعات الفتاكة وقتلها قبل تسللها من العقل البشرى إلى جسد المجتمع لإرباكه، وتحويله إلى ساحة للاقتتال والصدام مع الدولة، وإذا كانت الشائعات داء أو فيروساً مصنعاً فى بيئة الإرهاب فإن الوعى هو الدواء الناجع للتخلص منه قبل أن يتحول إلى خطر يصعب مواجهته، ولذلك سميت الأنباء المضروبة التى تروج لها قنوات الغل والغدر بحروب الجيل الرابع عندما تصبح الكلمة المسمومة أو الشائعة أخطر من الرصاصة!، ومن هنا فإن الدولة المصرية تنبهت مبكراً لحروب الجيل الرابع التى لجأ إليها أهل الشر بعد دحض الإرهاب ووقف موجاته وتكسير عظامه وسد منابعه.
ولا تزال الدولة المصرية تخوض معركة الوعى وهى المعركة التى تأتى على رأسها جهود «مواجهة الشائعات» التى تتخذ من الأزمات والتحديات بيئة خصبة للانتشار، وذلك فى إطار المحاولات التى لا تتوقف منذ إسقاط حكم المرشد، والتى تهدف إلى تزييف الحقائق وخلق حالة من عدم الاستقرار وزعزعة الثقة فى جهود الدولة وخططها للإصلاح والتنمية.
وفى إطار جهود معركة مواجهة الشائعات التى تخوضها الدولة، يأتى دور المركز الإعلامى لمجلس الوزراء منذ عام 2014 فى التصدى لهذا الخطر وفق منهجية علمية تدرك أهمية سلاح الوعى فى بناء وتحصين الأوطان، والتركيز على إتاحة المعلومات بكل حيادية ومصداقية وشفافية من مصادرها باعتبارها حقاً أصيلاً من حقوق المواطن المصرى، وذلك فى سبيل تقويض الشائعات المغرضة قبل انتشارها، والمساهمة فى تشكيل وعى مجتمعى وتعزيز قدرة الرأى العام على التحقق من المعلومات المغلوطة وعدم الانسياق وراء مروجيها، والقيام بعملية تحليل وقياس لهذه الشائعات من أجل وضع التصورات اللازمة لتطوير آليات العمل وطرق المواجهة.
جاءت النسبة الأكبر من الشائعات متعلقة بالاقتصاد، وكانت أخطر الشائعات تعرض مصر لأزمات نقص واختفاء سلع غذائية جراء تداعيات أزمة الغذاء العالمية، واعتزام الحكومة إلغاء دعم الخبز لأصحاب البطاقات التموينية، وانتشار أدوية مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، وكانت أغرب الشائعات إصدار وزارة الأوقاف تعليمات بمنع اصطحاب الأطفال فى صلاة الجمعة والعيدين بالمساجد، وتداول رسائل تحذيرية تتضمن وجود محاولات اختطاف لبعض الفتيات بالمواصلات العامة وقطارات المترو، وهناك شائعات مكررة أو شائعات المناسبات، مثل اعتزام الحكومة خصخصة منظومة التعليم الأساسى، وإصدار قرار بإلغاء الصف السادس الابتدائى، وتقليص المخصصات المالية للمستشفيات.
استخدم المغرضون الشائعات كإحدى الأدوات التى يستطيعون عن طريقها بلوغ أهداف معينة وتنوعت أساليبها المستخدمة فى بثها وترويجها منها البدائية عن طريق تناقلها عبر الألسن والأحاديث بين الناس، إلى وسائل الاتصال الحديثة المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعى المتعددة، إذ استغلت الشائعات ومروجوها الإمكانات التقنية والتطور الذى حدث فى الأجهزة والبرامج والتطبيقات لترويج وبث واختلاف الأحداث والأخبار والقصص التى قد تجلب النفع والضرر بحسب برنامج أهدافها.
أما عن طرق مواجهة الشائعات، فأسرد بعضاً من كتاب أستاذى الذى درّس لى الصحافة، الدكتور محمد منير حجاب فى كتابه «الشائعات وطرق مواجهتها» ويعرض فيه وجود علاقة كبيرة بين اختفاء المعلومات وانتشارها، فإذا لم يحصل المواطن على معلومات مفصلة ودقيقة وصحيحة من مصادرها الأصلية يظل أسير تصديق هذه الشائعات، لذا بات حق الوصول إلى المعلومات والاطلاع عليها وتزويد الجمهور بها بشكل سريع وشفاف وموضوعى من أهم طرق الوقاية من الشائعات لأنه يكسب الجمهور الدرجة القصوى من الوعى تجاهها، كما يطالب بتحمل المؤسسات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى لمسئولياتها الأخلاقية والاجتماعية فى التوعية ضد خطر الشائعات وسبل مواجهتها، والتنسيق بينها وبين الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام وبقية القنوات الأخرى من أجل الوقوف ضد الشائعات ومحاربة مروجيها، كما يدعو المشرع بالتجريم والعقاب فى حق كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، كما تعرض فى المحور النفسى إلى حاجة الناس الدائمة إلى الطمأنينة والراحة النفسية وعدم الخوف والشعور بالأمن والأمان، وتضمن المدخل العلاجى: اكتشاف الشائعات وتحديدها ودراستها وتحليلها من حيث المصدر والزمن والمجال الذى تستهدفه والهدف والدافع والوسيلة المستخدمة واللغة التى تتضمنها.
الوعى الشعبى من صنع ثورة 30 يونيو، وتطورت الصناعة حتى وصلت إلى الوعى القومى عندما شارك الرئيس السيسى المواطنين فى كل المعلومات والأفكار، ونبههم إلى الخطر الذى يتربص بالدولة بهدف إعادتها إلى نقطة الصفر بعد انطلاقها إلى الجمهورية الجديدة، تكثيف الوعى بجهود التنمية ومواجهة الإرهاب، والإشارة إلى العدو الحقيقى الذى يحاول الوقيعة بين الشعب والدولة زاد من عمل جهاز المناعة للوعى، وأصبح المصريون يميزون بين الغث والسمين، ويميزون بين العدو والحبيب، إلى جانب جهود مركز معلومات مجلس الوزراء، ذلك الجهاز الناجح جداً الذى يصطاد الشائعات ويفتتها قبل تلويث عقول المواطنين، وإذا وصلت تكون مشوهة ومفضوحة وتعلن عن كذبها، وتحمل سقوطها فى طياتها، المصارحة والمكاشفة، والمصداقية والمواجهة، وطرح المعلومات الصحيحة هى ذخيرة تعمير الوعى ليظل يقظاً لوأد الفتنة!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحصول على ترخيص
إقرأ أيضاً:
برلماني: التصدي للشائعات أصبح ضرورة ملحة في عصرنا الرقمي
قال النائب عمرو القطامي، عضو مجلس النواب إن التصدي للشائعات أصبح ضرورة ملحة، خاصة في عصرنا الرقمي الذي تنتشر فيه الأخبار بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع القطامي، في تصريحات لـ صدى البلد أن بعض الأشخاص لا يدركون تأثير كلمة أو خبر غير دقيق يقومون بنشره، وقد يترتب على ذلك آثار سلبية على الأفراد والمجتمع وحتى على الاقتصاد.
وأوضح أن التصدي للشائعات لا يتحقق بالكلام فقط، بل يتطلب قوانين صارمة وواضحة لحماية المجتمع من المعلومات المضللة.
ونوه ان القوانين ضرورية لردع كل من ينشر معلومات كاذبة أو يحاول التأثير سلبا على الناس، لأن الشائعات قد تتسبب في أضرار جسيمة، وهذا أمر لا يمكن الاستهانة به.
إلى جانب القوانين، أكد أن التوعية لها دور كبير كذلك، فكلما أصبح الأفراد أكثر وعيا بمخاطر الشائعات وضرورة التحقق من صحة المعلومات قبل مشاركتها، قطعنا شوطا مهما نحو مجتمع محصن من التأثيرات السلبية للشائعات.