ما رسالة إسرائيل باغتيالها خليل المقدح في صيدا؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
صيدا- أقدمت إسرائيل على اغتيال العميد خليل المقدح، أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، وهو شقيق اللواء منير المقدح، عضو قيادة الساحة في الحركة، في عملية استهدفت سيارته من نوع "رانج روفر" عبر طائرة مسيرة في صيدا.
وتعد هذه العملية الأولى التي تستهدف قائدا من حركة فتح في لبنان، والثانية في مدينة صيدا بعد اغتيال القيادي في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، سامر الحاج، في منطقة حسبة صيدا في التاسع من أغسطس/آب الحالي.
وتتهم إسرائيل المقدح بدعم وتسليح كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية، مما دفعه لاتخاذ إجراءات أمنية مشددة والابتعاد عن الأنظار، حيث انقطع التواصل معه عبر الهاتف بعد أشهر قليلة من عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقالت مصادر أمنية لبنانية للجزيرة نت، إن المقدح كان يقود سيارته في منطقة الفيلات عندما استهدفته طائرة إسرائيلية مسيّرة بصاروخين موجهين، فانفجر الأول بالقرب منه، بينما أصابه الثاني بشكل مباشر، ما أدى إلى استشهاده واحتراق سيارته وأخرى تصادف مرورها في المكان، دون تسجيل إصابات.
وأفادت المصادر الأمنية أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لم تغادر سماء صيدا ومخيماتها الفلسطينية منذ يومين، حيث تحلق بشكل مستمر وعلى ارتفاع متوسط، في إطار مراقبة دائمة.
تصعيد مستمربعد ساعة من عملية الاغتيال، نعى اللواء منير المقدح شقيقه خليلا في بيان، واصفًا إياه بأحد قادة كتائب شهداء الأقصى في لبنان، ومشيرًا إلى أنه استشهد أثناء قيامه بواجبه النضالي ضمن معركة طوفان الأقصى.
وأشاد المقدح بالدور الكبير لشقيقه في "دعم خلايا المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني على مدى سنوات طويلة في الضفة الباسلة"، وأكد أن كتائب شهداء الأقصى ستظل ثابتة على درب الثورة والمقاومة حتى التحرير والعودة.
وفي سياق متصل، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوية على سهل البقاع شرقي لبنان بعد منتصف ليل أمس الثلاثاء، وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات أسفرت عن استشهاد شخص وإصابة 20 آخرين.
ومن جهته، شن حزب الله غارات صاروخية مكثفة استهدفت مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى قصف تجمع لجنود الاحتلال في ثكنة "زرعيت" على الحدود الجنوبية للبنان.
وفي بيان صادر عن الحزب، أكد أن المقاومين قصفوا قاعدة "تسنوبار" اللوجستية في الجولان المحتل برشقات من صواريخ "كاتيوشا"، ويُعتبر هذا الاستهداف الثاني للقاعدة التي تقع على بعد 18 كيلومترًا من الحدود اللبنانية، منذ بدء المواجهات بين حزب الله وإسرائيل.
عملية الاغتيال تعد الثانية من نوعها خلال الشهر الحالي في مدينة صيدا بلبنان (الجزيرة) محاولات استباقيةيشير الدكتور في العلاقات الدولية والمحلل السياسي، علي مطر، للجزيرة نت، أن المرحلة الحالية تشهد تصعيدا تدريجيا ومتصاعدا في جبهة لبنان، "ورغم أننا لا نزال دون عتبة الحرب الشاملة، وأن إسرائيل هي التي بادرت بهذه الخطوات، إلا أن الوقائع تشير إلى أن المقاومة في لبنان ترد بالمقابل عبر استهداف مستوطنات وثكنات وقواعد عسكرية جديدة، مما يعكس تصاعدا متوازيا في مستوى الردع".
وفي إطار التحليل للوضع الحالي، رأى مطر أن الردع بين الطرفين بات مرنا إلى حد ما، حيث تتشكل قواعد الاشتباك بناء على الضربات المتبادلة، وهو ما يدفع إسرائيل إلى تصعيد المواجهة عبر استهداف العمق اللبناني واغتيال شخصيات بارزة، مثل عملية اغتيال المقدح الأخيرة.
وتوقع مطر أنه على الرغم من هذه التصعيدات، فإن المشهد سيظل متوازنا إلى حد ما، حيث لا يبدو أن أي طرف يسعى فعليا إلى فتح حرب شاملة. وفي نفس الوقت، لا يعني ذلك أن المقاومة فقدت زمام المبادرة، فهي تستمر في ردع العدو عبر إرادتها في القتال والرد على كل اعتداء، مهما كانت تكلفته، حسب ما يرى المحلل.
ولفت مطر إلى أن إسرائيل تنفذ محاولات استباقية لردع المقاومة في لبنان عن الرد على اغتيال القائد فؤاد شكر، كما تقوم بمحاولات استطلاع بالنيران بهدف كشف قدرات المقاومة وأهدافها المحتملة إذا ما اتجهت الأمور نحو تصعيد شامل، بالإضافة إلى استهداف الشخصيات الداعمة للمقاومة في غزة.
ويرى المحلل السياسي أن ذلك يعكس مدى تأثير جبهة لبنان على استنزاف الجيش الإسرائيلي وتشتيت تركيزه عن هدفه الأساسي في غزة، وهو القضاء على المقاومة هناك.
مرحلة جديدةفي الوقت نفسه رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر أن العدو لم يخفِ قراره برفع مستوى التصعيد على الجبهة اللبنانية، حيث أعلن وزير الأمن يوآف غالانت أن "مركز الثقل ينتقل تدريجيا من الجنوب إلى الحدود الشمالية مع لبنان".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال حيدر إن تصريح غالانت يعكس قرار قيادة العدو بتكثيف سياساتها العدوانية، والتي تشمل عادة توسيع النطاق الجغرافي للأهداف وزيادة الكثافة النارية وتنوع الوسائل المستخدمة، حيث يرى أن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في إطار هذا القرار، الذي لا يمكن فصله عن المتغيرات السياسية والميدانية.
ويقول حيدر إن "العدو يسعى لمواجهة التحديات على جبهة لبنان من أجل الاستفراد بجبهة غزة، مما يدفعه لمزيد من الضغط في هذا الاتجاه، كما أن لديه مطالب تتعلق بوجود حزب الله جنوب نهر الليطاني، وهو ما يعتبره تهديدا لمناطقه الشمالية، ويسعى إلى توسيع حريته العملياتية في مواجهة أي تهديد قد يتشكل على الساحة اللبنانية".
وبخصوص سياق العملية، اعتبر الخبير أن هذه الاعتداءات تحمل أهدافا خاصة، حيث سبق أن أشار غالانت إلى أن الهجمات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في عمق لبنان هي "استعداد لأي تطورات قد تحدث"، في إشارة إلى احتمالية رد حزب الله على اغتيال قائده شكر.
ورغم أن إسرائيل تسعى لتقديم هذه الضربات كخطوة استباقية، فإن الواقع يشير إلى أن تأثيرها على قرار حزب الله بالرد سيكون محدودا، فهي قد لا تحقق سوى إيصال رسالة مفادها أن إسرائيل ستوسع نطاق ردودها على أي رد من حزب الله، وفق ما يرى الخبير.
وفيما يتعلق بالاغتيال في صيدا، أكد حيدر أنه يندرج ضمن إطار التصعيد على المستويين الجغرافي ونوعية الأهداف، ما يعني أن الكوادر والمسؤولين الفلسطينيين المشاركين في المقاومة باتوا ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي، وهو ما يعكس رسالة واضحة بأنهم لم يعودوا بمأمن في أي مكان.
وختم حيدر أن المواجهة في الساحة اللبنانية، سواء فيما يتعلق بالمقاومة اللبنانية أو الفلسطينية، دخلت مرحلة جديدة، ومن المتوقع أن تشهد هذه المرحلة تصعيدًا متزايدًا في إطار تبادل الضربات، ومن المؤكد أن يتضح ذلك أكثر عندما ينفذ حزب الله رده، والذي من المحتمل أن يشكل منعطفًا رئيسيًا في هذه المواجهة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کتائب شهداء الأقصى أن إسرائیل حزب الله فی لبنان فی إطار إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: إسرائيل تشكو من تمويل إيران لحزب الله بحقائب من النقود عبر مطار بيروت
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن دولة الاحتلال الإسرائيلي اشتكت إلى اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار في لبنان، من أن إيران تقوم بتمويل حزب الله عبر حقائب مليئة بالنقود.
وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤول دفاعي أمريكي وأشخاص مطّلعين على الشكوى، إن دبلوماسيين إيرانيين وغيرهم يسافرون من طهران إلى بيروت حاملين عشرات الملايين من الدولارات نقدًا لدعم حزب الله.
وأضافت أن الشكوى الإسرائيلية تضمنت أيضا ادعاءات بأن مواطنين أتراك استخدموا لنقل الأموال من إسطنبول إلى بيروت جوا.
وأشار مسؤول في لجنة وقف إطلاق النار إلى أن اللجنة قامت بنقل الشكوى إلى الحكومة اللبنانية، موضحا أن دور اللجنة لا يشمل البتّ في الانتهاكات المحتملة. وتضم اللجنة ممثلين عن الولايات المتحدة، فرنسا، الأمم المتحدة، لبنان ودولة الاحتلال.
ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين في بعض الحكومات المشاركة في اللجنة اعتبروا المزاعم الإسرائيلية ذات مصداقية أو قالوا إنهم كانوا على علم باستخدام إيران لمطار بيروت في عمليات تهريب الأموال.
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن اتفاق وقف إطلاق النار يلزم لبنان بتأمين موانئه ومنع تدفق الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى الجماعات المسلحة، لكنه لا يتطرق تحديدا إلى مسألة تهريب الأموال.
ورغم محاولات الصحيفة للحصول على تعليق، لم ترد الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني على المزاعم، كما لم يعلّق كل من البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة أو ممثلو حزب الله.
من جانبه، صرّح الدبلوماسي الإيراني في بيروت، بهنام خسروي، لوسائل إعلام رسمية في بلاده بأن “طهران لا تستخدم طائرات الركاب لتهريب الأموال إلى لبنان”. كما قال مسؤولون أتراك إن مطار إسطنبول مجهّز بأجهزة فحص متطورة قادرة على كشف أي مبالغ نقدية كبيرة، مضيفين أنه "لم يتم العثور على أي حالات تهريب مماثلة".
وحذّرت دولة الاحتلال من أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته العسكرية، مهددة بضرب مطار بيروت إذا تم استخدامه لنقل مساعدات مالية أو عسكرية للجماعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات اللبنانية قامت، في 2 يناير/كانون الثاني، بتفتيش ركاب طائرة تابعة لشركة ماهان للطيران الإيرانية بعد تقارير إعلامية تحدثت عن تهريب أموال لحزب الله عبرها. لكن دبلوماسيًا إيرانيًا على متن الطائرة رفض الامتثال للتفتيش، فيما أكدت إيران أن الحقائب التي كان يحملها تحتوي على "وثائق وأموال لعمليات السفارة".
وبحسب التقرير، فإن حزب الله يسعى إلى تأمين التمويل لدفع رواتب مقاتليه وتعويض العائلات المتضررة من الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وسط مؤشرات على صعوبات مالية يواجهها نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المستمر لمصادر تمويله.
وكشف ماثيو ليفيت، نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي السابق، أن حزب الله خسر خلال الأشهر الأخيرة "قدرا كبيرا من المال" بسبب الضربات الإسرائيلية، مؤكدًا في الوقت نفسه أن إيران لن تتخلى عن تمويل الجماعة رغم أزماتها الاقتصادية.
في المقابل، نفى شخص مطّلع على شؤون حزب الله وجود أي "أزمة سيولة"، مشيرا إلى أن الحزب "لا يزال قادرا على دفع تعويضات للمتضررين، كما أصدر شيكات بقيمة 500 مليون دولار عبر بنك القرض الحسن"، وهو المصرف الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب صلاته بالحزب.
ورغم ذلك، نوّه التقرير إلى أن الضغوط على حزب الله تزايدت بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، ما أضعف أحد أهم طرق التهريب التي استخدمتها إيران لدعمه. كما فرض الجيش اللبناني إجراءات أمنية مشددة في مطار بيروت لضمان عدم وصول تمويل جديد إلى الجماعة المسلحة، وفقًا لمسؤول أمني لبناني كبير.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن المسؤولين الأمريكيين، الذين غادروا مناصبهم عقب تغيّر الإدارة في واشنطن، أعربوا عن قلقهم من احتمال استغلال حزب الله لنفوذه داخل لبنان للالتفاف على القيود الأمنية في المطار، مما قد يسمح باستمرار تدفق الدعم الإيراني إليه.