بوابة الوفد:
2025-04-10@06:49:59 GMT

خاسر مؤكد فى السودان

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

عندما نتكلم عن اجتماع فى العاصمة التشادية نجامينا، فنحن نتكلم عن اجتماع فى دولة قريبة منا؛ لأن تشاد لها حدود مباشرة مع ليبيا والسودان.

والقرب هنا ليس المقصود به القرب الجغرافى فقط، وإنما هو قرب أيضًا فى القضايا التى تشغلنا هنا بقدر ما تشغلهم هناك. وليس سرًا أن عمرو موسى كان قد اقترح وقت وجوده أمينًا عامًا على رأس جامعة الدول العربية أن تنضم تشاد عضوًا مكتمل العضوية فى الجامعة.

كان ذلك فى القمة العربية التى انعقدت فى مدينة سرت الليبية قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، ولكن اقتراح الرجل لم يصادف ما كان يجب أن يصادفه من جدية ومن اهتمام على مستوى الساسة والقادة العرب. وكان طرح الاقتراح فى حد ذاته دليلًا على أن تشاد دولة عربية، من حيث ما هو مطلوب فى الدولة لتكتسب عضوية الجامعة.

والاجتماع الذى استضافته تشاد قبل أربعة أيام، هو الاجتماع الأول للآلية الوزارية التى تشكلت فى أعقاب قمة دول جوار السودان التى استضافتها القاهرة ١٣ يوليو. أما جوار السودان فيضم سبع دول هي: مصر، جنوب السودان، اريتريا، أثيوبيا، أفريقيا الوسطى، تشاد، ثم ليبيا. وأما الذى دفع القاهرة إلى استضافة تلك القمة، فهو يقين المحروسة فى أن المأساة الجارية فى السودان، إذا كان لها أن تهتدى إلى حل، فلن يكون ذلك إلا عن طريق السودانيين أنفسهم، ثم فى مرحلة تالية وربما موازية عن طريق دول الجوار، لا لشيء إلا لأن هذه الدول السبع هى أول الأطراف التى تتأثر بالحاصل فى السودان منذ أن انطلقت الحرب على أرضه فى ١٥ أبريل.

منذ ذلك التاريخ بدأت الحرب بين الجيش وبين قوات الدعم السريع، ولا يمكن الحديث الآن ولا حتى فى المستقبل عن طرف منتصر من بين الطرفين وعن طرف آخر مهزوم، ولكن يمكن الحديث عن أن الخسارة المؤكدة هى خسارة السودان نفسه، بلدًا، وشعبًا، ووطنًا، وكيانًا بين الدول.

ولأن مصر حريصة على السودان حرصها على نفسها، فإنها بادرت واستضافت القمة، ومن بعد القمة كان هذا الاجتماع فى نجامينا، وكان الهدف فى الحالتين وفى كل حالة مقبلة، أن تتوقف هذه الحرب بأى طريقة، وأن تكون هناك خريطة طريق لما بعدها، وأن تسعى هذه الخريطة إلى استعادة ما سقط من السودان على طول الطريق فى أيام الحرب.

السودان بلد غنى بأهله وثرواته، وموقعه، وليس من المعقول أن يكون بهذا الغنى ثم يكون هذا هو حال السودانيين الذين نراهم فى النشرات وعلى الشاشات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خط احمر ليبيا والسودان

إقرأ أيضاً:

الكيزان والحرب: مشروع التمكين الدموي وتجارة المأساة في السودان

بقلم: عمر سيد أحمد

أبريل 2025

O.sidahmed09@gmail.com

لم يكتفِ الكيزان بثلاثة عقود من القمع والفساد، بل اختاروا تفجير حرب أهلية جديدة لإعادة تمكين أنفسهم على أنقاض السودان. أطلقوا العنان لميليشياتهم، وتركوا المدن تنهار تحت ضربات النهب والاغتصاب والقتل، بينما احتمى الجيش ـ المختطف منذ سنوات ـ داخل معسكراته، تاركًا الشعب فريسة لصنيعتهم: الدعم السريع.

عندما انسحب الدعم السريع من بعض المناطق، لم يعد الأمان. عاد الجيش ذاته، ومعه مليشيات مسلحة وتجار حرب من حركات مُدجّنة، لا لحماية المواطنين، بل لإكمال مشروع الفوضى تحت مسمى “التحرير”. كل ذلك جرى تحت غطاء سياسي وإعلامي مموّل، هدفه تزييف الحقائق وتحويل المجرمين إلى أبطال.

من الفوضى إلى إعادة التمكين

استغل الكيزان الحرب كأداة ذكية لتحويل غضب الشعب ضدهم إلى صراعات بين مكونات المجتمع. بدلاً من أن تتوحد القوى المدنية والثورية، تم جرّها إلى خلافات داخلية، بينما واصل الكيزان اختراق مؤسسات الدولة: سيطروا على الجيش عبر البرهان، وعلى الإعلام عبر أبواق مأجورة، وعلى الاقتصاد عبر شبكات فساد مزروعة بعناية منذ سنوات.

لم تكن الفوضى عبثية، بل جزء من خطة لإعادة التمكين. أُفرغت السجون من المجرمين، أُطلقت الكتائب الإرهابية، واستُخدم العنف العرقي والجنسي كسلاح سياسي. أُحرقت القرى، وقُسّمت المجتمعات على أساس إثني وجهوي، لإنتاج واقع لا يُمكن الخروج منه إلا عبر بقاء الكيزان في السلطة.

ماكينة الكذب الإعلامي

كان للإعلام دور محوري في استمرار هذه الكارثة. غرف إلكترونية بتمويل ضخم تبث الشائعات وتعيد تصوير الكيزان كـ"منقذين"، في حين أنهم أصل الكارثة. إعلاميون مرتزقة يبررون القصف، ويشيطنون دعوات السلام، ويُهاجمون كل من يكشف الجريمة.

تُستخدم وسائل التواصل كسلاح. تُنشر الكراهية على مدار الساعة، ويُعاد تشكيل الوعي العام ليُصدق أن هذه الحرب هي “معركة كرامة”، رغم أن الكرامة بالنسبة للكيزان تعني فقط: العودة إلى السلطة بأي ثمن.

تجارة المأساة

بعد أن دمروا المدن، خرج تجار الحرب من أوكارهم ليتحدثوا عن “إعادة الإعمار”. نفس الوجوه من نظام الإنقاذ تعرض اليوم خدمات "الصيانة" و"التنظيف" للعقارات التي نُهبت تحت أعينهم، بل وأيديهم. هذا الاستثمار في جراح الناس ليس فقط وقاحة سياسية، بل جريمة أخلاقية واقتصادية، تُظهر كيف تحوّل الخراب إلى سوق رائجة للمجرمين.

الكيزان والجنجويد: تحالف الإجرام

رغم وحشية الدعم السريع وجرائمه في القتل والاغتصاب والنهب، يبقى الكيزان أكثر خطورة، لأنهم لا يمارسون العنف فقط، بل يصنعون بيئته، ويبررونه باسم الدين والوطن، ويُديرونه من فوق الطاولة وتحتها. استخدموا السلطة لتدمير مؤسسات الدولة، والدين لتبرير الجرائم، والإعلام لتسويق القتلة.

الرسائل واضحة

- إلى قادة الجيش المختطف: أنتم واجهة لمليشيا تحمي مشروع التمكين، لا جيش وطني.
- إلى القوى المدنية: لا أمل دون وحدة حقيقية، ولا انتصار دون مواجهة الكيزان أولًا.
- إلى الدول التي تموّل الحرب: أنتم شركاء في الجريمة، وسيُحاسبكم التاريخ.
- إلى الشعب السوداني: الحرب لها تجار، ولا مخرج إلا بإسقاطهم جميعًا.

الخاتمة: لا عدو غيرهم

ما يحدث ليس قدراً محتوماً، بل مشروع إجرامي واضح. العدو واحد: الكيزان وأدواتهم في الجيش والميليشيات. لا نهاية لهذه الحرب إلا بإسقاط من صنعها وتاجر بها، ولا مستقبل لهذا الوطن إلا إذا استعاد الشعب سلطته، وعدالته، وذاكرته.  

مقالات مشابهة

  • سودان ما بعد الحرب… أليس هذا هو الطريق؟
  • السودان: المسيّرات والحسابات الخاطئة!
  • الكيزان والحرب: مشروع التمكين الدموي وتجارة المأساة في السودان
  • القمة البريطانية لإنهاء الحرب في السودان (3)
  • تصاعد نيران الحرب وضرورة وقفها
  • وفد ليبي رفيع المستوى يزور تشاد.. تطوير آليات التعاون العسكري والأمني
  • مسيرات مروي
  • أبناء المنوفية يحتشدون في العريش دعما للدولة المصرية ورفضا للتهجير
  • الحرب في السودان ...هل تنتهي قريبا أم تتسع؟!
  • الهوية السودانية بين الغابة والصحراء (1/2)