لماذا قد تخسر كامالا هاريس الانتخابات رغم الأجواء المتفائلة؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
نشرت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن التحديات التي تواجه كامالا هاريس في حملتها الانتخابية للرئاسة الأمريكية، مشيرة إلى أن الحماس المحيط بحملتها مشابه لذلك الذي شهدته حملة باراك أوباما في سنة 2008.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حملة كامالا هاريس تذكرنا بالأجواء المتفائلة التي سادت لقاءات باراك أوباما في سنة 2008.
وتقول المؤرخة فرانسواز كوست، الأستاذة في جامعة تولوز جان جوريس: "حتى لو لم تكن هناك مثل هذه الإثارة حول هيلاري كلينتون، كان الشعور السائد في معسكرها أن الأمور كانت في الجيب: التشابه واضح!" .
من دون شك، فإن الديناميكية الحالية في صف كمالا هاريس، التي كان ترشحها مدفوعا بانسحاب جو بايدن في 21 تموز/ يوليو، فهي أصغر من منافسها دونالد ترامب بنحو 20 سنة، وهي امرأة وذات عرق مختلط، وهي المدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا التي تسعى إلى تجسيد التجديد والمستقبل الإيجابي، بينما يرمز رجل الأعمال الجمهوري، بحسب قولها إلى الماضي والرؤية المظلمة للعالم.
استطلاعات الرأي ضمن هامش الخطأ
أصبح هذا الزخم محسوسًا بالفعل في استطلاعات الرأي: إذ تتقدم كامالا هاريس الآن على دونالد ترامب ببضع نقاط على المستوى الوطني وفي بعض الولايات الرئيسية، وأيضا في الاجتماعات، حيث تمكنت من جذب الحشود. أما الرئيس الأميركي السابق، الذي بدا قبل بضعة أسابيع فقط منبوذًا بعد أن أفلت بأعجوبة من محاولة اغتيال، فلا يبدو أنه وجد إيقاعه، حيث يحبس نفسه في هجماته الشخصية ضد منافسه.
في هذا السياق، تتساءل فرانسواز كوست: "من المؤكد أن وضع ترامب سيئ، ولكن كم مرة قلنا في سنة 2016: إن ترامب ينهار؟".
ورغم أنها تعكس تسارعًا، فإن أرقام الاستطلاعات قد تكون مضللة بالفعل. على ضوء ذلك، تؤكد لوديفين جيلي، الخبيرة في شؤون الولايات المتحدة في مؤسسة جان جوريس، أن "النتائج لا تزال متقاربة، ونحن ضمن هامش الخطأ". كما نحن نعلم أنه نظرًا لخصوصيات نظامها والدور الذي يلعبه الناخبون الكبار، فإن الانتخابات الأمريكية لا تُجرى على نطاق وطني، بل في عدد قليل من الولايات المتأرجحة. لنتذكر أن دونالد ترامب فاز في سنة 2016 بنسبة 46 بالمئة فقط من الأصوات الشعبية.
خطأ هيلاري كلينتون
وبينت الصحيفة أنه بعد فشل هيلاري كلينتون ـ التي كانت تحلم أيضا بأن تصبح أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة ـ لا بد أن يشجع المعسكر الديمقراطي على عدم الاندفاع، خاصة أنه قبل ثماني سنوات في نفس الوقت، كانت هيلاري كلينتون تتمتع بتقدم مريح أكثر بكثير من تقدم كامالا هاريس (ما يقرب من 7 نقاط عن دونالد ترامب في بعض استطلاعات الرأي).
ومع انطلاق المؤتمر الديمقراطي الذي يهدف إلى إطلاق ترشح كمالا هاريس، سيكون الوقوع في الغطرسة أو الازدراء بمثابة فخ. فقد اعتبرت زوجة بيل كلينتون أن "نصف" ناخبي ترامب كانوا "بائسين": وهو تصريح مؤسف كلفها غاليا. في الوقت نفسه، تشرح لوديفين جيلي أن "خطأ الديمقراطيين، الذين كانوا واثقين للغاية من فوزهم في سنة 2016، تمثل في التخلي عن بعض الولايات الرئيسية، مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، التي اعتقدوا أنهم سيكسبونها، لكن هيلاري كلينتون خسرتها".
وأضافت الصحيفة أنه يتعين على الديمقراطيين أن يحافظوا على هدوئهم أكثر من أي وقت مضى، إذ يتبقى أكثر من شهرين قبل الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، ولا بد أن تصبح الحملة أكثر صرامة في بداية السنة الدراسية، بعد سبات الصيف.
على ما يبدو أن دونالد ترامب، الذي يجيد استغلال نقاط ضعف خصمه، يجازف بأن يكون هجوميًّا بشكل خاص على موضوعات الهجرة على الحدود ــ التي كلف جو بايدن نائبته بمهمة إبطائها، وهي المهمة التي فشلت في القيام بها ــ والتضخم. وعلى الرغم من احتوائها عند أقل من 3 بالمئة في تموز/ يوليو، فقد ارتفعت الأسعار في المتوسط بنسبة 20 بالمئة منذ بداية رئاسة بايدن، وكانت الزيادة كبيرة بشكل خاص بالنسبة للبنزين والمنتجات الغذائية.
ويمكن للصراع في الشرق الأوسط، والذي تثير إدارته من قبل البيت الأبيض احتجاجات داخل الجناح اليساري المؤيد للفلسطينيين، يضعف أيضا المرشح الديمقراطي، خاصة إذا اشتعلت المنطقة.
إظهار أنها تهتم بالناس
من الواضح أن كامالا هاريس تدرك المخاطر، وتريد أن تكون حذرة. فقد قالت يوم الأحد خلال زيارة إلى ولاية بنسلفانيا: "لا أرى أنفسنا في المقدمة على الإطلاق. علينا أن نستحق كل صوت، وهذا يعني أن نكون على الطريق ونلتقي بالناس". ومن جانبها، قالت دونا برازيل، الخبيرة الإستراتيجية الديمقراطية ورئيسة الحزب السابقة، في صحيفة "فاينانشيال تايمز"، والتي لا يزال دونالد ترامب يتمتع بالأفضلية بالنسبة لها: "يجب عليها أن تثبت بوضوح وبشكل مقنع أنها تهتم بمخاوف الناس".
وفي هذا السياق، يظل الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للمرشحة هو التزامها بالحق في الإجهاض، رغم أن إعادة النظر فيه على المستوى الفيدرالي في سنة 2022 من قبل قضاة المحكمة العليا المحافظين قد أثار ضجة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في صفوف الناخبين الجمهوريين. ولذلك فإن النساء البيض المتعلمات من المدن الكبرى والضواحي السكنية، اللواتي صوتن عادة للحزب الجمهوري، حول ديترويت أو ميلووكي أو فيلادلفيا مستهدفات بشكل خاص.
وحسب الباحثة: "إذا استمر الديمقراطيون في الاستفادة من هذا الزخم، فيمكنهم الفوز، لكن الأمر لا يزال بعيدًا عن اليقين. فقد تمكنت كامالا هاريس من كسب نقاط بين الشباب الأمريكيين من أصل أفريقي واللاتينيين، لكنها ستحتاج إلى حشد الأصوات من هؤلاء السكان الذين يصوتون تقليديًّا للديمقراطيين إن أرادت الفوز".
ومع ذلك، فإن الشباب، على سبيل المثال، ليسوا الأكثر تحفيزًا وغالبًا ما يمكن إعاقتهم بسبب إدارة الصراع في غزة.
وتتابع الباحثة قائلة: "في الوقت الحالي، فإن الناخبين الذين تحتاجهم بشدة والذين لم تؤمن دعمهم بعد، هم من الطبقات المتوسطة الدنيا من البيض: عمال ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، وهناك، لا يزال هناك عمل يتعين القيام به ".
وبالتالي تم اختيار تيم والز، حاكم مينيسوتا، كنائب لها، حيث إن ماضيه كمدرس ثانوية ومدرب لكرة القدم الأمريكية، ومظهره كرجل عادي من الغرب الأوسط، من المفترض أن يجذب هذا النوع من الناخبين. هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن هؤلاء أيضا لن يرغبوا في الشعور بالحكم عليهم أيضًا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية هاريس ترامب الانتخابات امريكا انتخابات ترامب هاريس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیلاری کلینتون کامالا هاریس دونالد ترامب سنة 2016 فی سنة
إقرأ أيضاً:
ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !
صلاح المقداد
حتى وإن بدأ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المُثير للجدل لدى الكثيرين، لا سيما أولئك الذين تنحصر نظرتهم على بعض القشور، الظاهرة رجلاً معتوهًا وكثير التخبط، ونوع من رجال السياسة الذين عدا طوره بما يصدر عنه من تصريحات وتصرفات غير مقبولة تُعبر عن الدولة الأعظم قوة في العالم ، ويعتبرونه بذلك إنسان غير مُتزن تجاوز حدود الممكن والمقبول والمعقول، ويكتفون بهذا التوصيف والتحليل لشخصية ترامب كظاهرة أمريكية قديمة جديدة وتتكرر في التاريخ بإستمرار مع اختلاف في بعض التفاصيل، فإن هذا كله لا يعني كل الحقيقة أو حتى أقل القليل منها .
وتأسيسًا على ما ترسخ في أذهان من انحصرت نظرتهم لترامب على جوانب مُعينة، فلا غرابة أن تقتصر نظرتهم لهذا الرئيس الأمريكي على الإعتقاد الخاطئ بأنه “سوبرمان زمانه وأوانه”، وهؤلاء لا يجدون غضاضة من أن يعتبروا بأن ترامب الذي تم الدفع به للبيت الأبيض تلبيةً لمتطلبات تقتضيها المرحلة، هو أول رئيس أمريكي يستطيع أن يفعل ما يشاء ومتى شاء بلا أي عائق ومانع واعتراض، وتنحصر نظرتهم للرجل عند هذا الحد فقط.
والأكثر غرابة من ذلك أن بدأ ترامب لهؤلاء الذين ينظرون إليه تلك النظرة القاصرة والمحدودة كذلك، وكأنه خارق للعادة ومُغاير لما هو مألوف ومعهود من أمريكا وديمقراطيتها الزائفة التي وصلت اليوم لأسوأ المراحل في تاريخها الأسود لأكثر من سبب يطول شرحه، ويخال لهم أن ترامب جاء بما لم يستطع أن يأتي به من سبقوه في الوصول إلى البيت الأبيض والتربع على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي الحقيقة أن ما بناه أصحاب هذا الإعتقاد عن ترامب يُجافي أهم مضامين الحقيقة التي تُؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ترامب لا يعدو عن كونه رجل المرحلة العُتل الصفيق بالنسبة لأمريكا ولما تحتاجه هذه الدولة الشريرة المارقة التي أشغلت العالم، وقد جاء ترامب هذا ليؤدي دوره ومهمته المحددة والمطلوبة منه ثم يمضي لحال سبيله.
فضلاً عن أن حقيقة ظاهرة ترامب التي حجبت عن الكثيرين هي ذاتها من تشير صراحةً إلى أن ترامب هذا ينتمي لعالم البزنس والمال ويمثل طبقة الإقتصاد الرأسمالي الإستغلالي الجشع وخصوصياته البرجوازية والإحتكارية بكل مساوئه.
ووفقًا لنفس الحقيقة التي تستعصي على الحجب والتغييب، فإن ترامب كظاهرة أمريكية ميكيافيلية مرحلية لا يمكن في الواقع اعتباره استثناء ومن أكثر الرؤساء الأمريكيين صرامة وقدرة على اتخاذ القرار وبأنه يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله وتعطيه حق التصرف ليفعل ما يريد، وتصور أنه يتصرف من تلقاء نفسه بحسب رؤية البعض الضيقة واعتقادهم الخاطئ بشأن الظاهرة الترامبية هذه.
والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تم انتخابه عن الحزب الجمهوري وينتمي إلى طبقة رجال المال والأعمال، هو رجل أمريكا الذي يمثلها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وما يصدر عنه يعبر عنها في كل الأحوال، والأهم من ذلك أنه يُؤدي مهمة وظيفية محددة ومرحلية طُلبت منه أو كُلف به، وما كان له أن يتصرف من رأسه كما يتصور البعض.
وقد أستهل ترامب فترة رئاسته الثانية بسلسلة من التصريحات الصاخبة واصدار القرارات المُثيرة للجدل التي لاقت استهجانًا وانتقادات دولية واسعة، ومنها اعلانه اعتزام ضم الولايات المتحدة، كندا وجزيرة غيرلاند وخليج بنما وأجزاء من المكسيك إليها، ورفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول، والتهديد بإستخدام القوة في بعض القضايا والأماكن في العالم، والدعوة إلى تهجير سكان غزة وتأجيرها للولايات المتحدة وتهديد سكانها بالجحيم إن رفضوا التهجير القسري .
ولم يكتف ترامب بذلك بل وجه الدعوة مُطالبًا دول عربية واسلامية بدفع مليارات الدولارات لأمريكا نظير حماية وخلافه.
حيث طالب السعودية التي وصفها في فترة رئاسته السابقة بـ”البقرة الحلوب” بدفع خمسة ترليون دولار مقابل حماية وعقود سلاح قال أنها سددت ترليون منها قبل زيارته المرتقبة لها قريبا، وطالب دولة الكويت بالتنازل لبلاده عن نصف ايرادات نفطها لمدة 50 عاماً كنفقات خسرتها أمريكا حسب زعمه في تسعينيات القرن الماضي عند تحرير الكويت من القوات العراقية، وردت عليه الكويت بسداد إلتزامتها المالية تلك في حينه.
كما طالب البحرين خلال لقاء جمعه بولي عهدها قبل أيام بدفع الأموال لأمريكا وقال إن امتلاك دولة كالبحرين مبلغ 750 مليار دولار كثيرُ عليها وعليها دفع نصف هذا المبلغ لواشنطن نظير حماية، وطالب مصر بدفع نصف إيرادات قناة السويس للولايات المتحدة، وهذه المطالب من قبل رئيس الولايات المتحدة لدول معينة اعتبره عدد من المحللين والمراقبين بأنها نوع من الإبتزاز الرخيص والإستغلال الفج الذي تلجأ إليه واشنطن عادة وكانت تطلب تلك المطالب في السابق سراً واليوم اعلنتها وطالبت بها جهاراً بلا تحرج ولا خجل .
وما كان ترامب الذي لا يمكن مقارنته بأطنابه من رؤساء وزعماء العالم الثالث الذين يختزلون دولهم وحكوماتهم وقوانينها في شخصياتهم، كون أمريكا دولة مؤسسات وترامب مجرد موظف له صلاحيات محددة لا يتجاوزها، فيما الأمر يختلف بالنسبة لزعماء وحكام العالم الثالث الذين يمسكون بأيديهم مقاليد الأمور ويعتبرون كل شيء في بلدانهم ومصدر كل شيء وفوق كل القوانين.
وترامب الذي يثير اليوم الجدل والإهتمام وتسلط عليه الأضواء، نظراً لتصريحاته الغريبة ومواقفه الأكثر عجبا وإثارة للجدل في قضايا عدة على مستوى العالم، يمثل ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ويعبر عنها، وبإختصار شديد يمكن القول اجمالاً : إن ترامب بصفاقته وجرأته وحدة وقاحته وصراحته هو الرجل الذي اسقط القناع عن وجه أمريكا القبيح وكشف بما يصدر عنه حقيقتها وهذا هو التعليل الأنسب والأصدق للظاهرة الترامبية وما يترتب عليها من آثار وتداعيات.