لجريدة عمان:
2025-01-23@02:38:15 GMT

الفضاء: حيث لا تحتاج إلى عضلاتك

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

أن «أصبح رائد فضاء» هو حلم ممتنع للكثير من الناس، وأغلب الناس يذكرون هذه الأمنية ولو من باب الاستبعاد والتندر لصعوبة تحقيقها، وعند التفكير فيها فأول ما يخطر في البال هو تلك المشاهد المتعلقة بالحرية الفريدة للحركة للرواد وهم في داخل محطات الفضاء، حيث يتقلبون بكل حرية في حركات بهلوانية غير ممكنة على الأرض، دون أن تقيدهم الجاذبية نحو الأسفل، بل ويقومون بسكب بعض المياه على شكل كرات في الجو ثم السباحة نحوها وابتلاعها بشكل فكاهي، وأغرب ما في شعور انعدام الجاذبية فهو فعليا عدم وجود الحاجة تقريبا للعضلات لرفع أي شيء مهما كان وزنه، فإذا كنت تريد نقل قطعة تزن طنا من مكان لآخر داخل محطة الفضاء، فأنت بحاجة فقط لدفعها بطرف إصبعك حتى تندفع في الاتجاه الذي تريد دون بذل أي جهد تقريبا.

فكيف تحدث هذه الظاهرة من الأساس؟

ظاهرة الشعور بانعدام الجاذبية في الفضاء هي نتيجة لمبدأ بسيط يمكن تقريبا لأي أحد استيعابه، ولكن في البداية دعنا نوضح أنها ليست بسبب البُعد عن سطح الأرض -كما يتخيل البعض- فمقدار قوة الجاذبية فعليا على ارتفاع 400 كم فوق سطح البحر -وهو متوسط ارتفاع محطة الفضاء الدولية- يبلغ حوالي 90% من مقدارها الذي نشعر به هنا على سطحها، أما السبب الفعلي لعدم الشعور بها فيمكن توضيحه بالمبدأ التالي: تخيل أنك أمسكت بحجر صغير ثم رميته، بالتأكيد سيقطع مسافة معينة ثم يسقط في مسار على شكل قوس، وإذا أردت أن تطيل المسافة، فعليك أن تزيد السرعة التي رميته بها، فيطول القوس الذي يقطعه قبل السقوط، وهكذا. الآن تخيل أنك تستطيع رمي هذا الحجر بسرعة هائلة بحيث يقطع مسافة تعادل محيط الكرة الأرضية ثم يرجع إليك من خلفك! نظريا هذا ممكن، لكن المشكلة ستكون هي أن الحجر سيلقى مقاومة شديدة من الهواء وتقل سرعته تدريجيا، بخلاف أنه لن يبقى متماسكا من الأساس بسبب قوة الاحتكاك التي ستولد حرارة شديدة تؤدي لاحتراقه وتفككه، لذلك، الحل هو أن نقوم بالطريقة نفسها، ولكن، في مكان لا يوجد فيه هواء يعيق هذه السرعة: الفضاء. أي أن الصاروخ الذي يحمل مركبة الرواد إلى محطة الفضاء الدولية يصل بهم إلى سرعة كبيرة تبلغ حوالي 8 كيلومترات في كل ثانية، ثم يترك مركبتهم تقترب ببطء من المحطة التي تسير بنفس السرعة لتلتحم بها قبل أن ينتقلوا للعيش على متنها ويبقوا فعليا في حالة «سقوط دائم»، أي كأنهم يسقطون بسرعة ثابتة إلى مكان لا نهاية له، وهو ما يشعرهم بعدم وجود الجاذبية، وهي تجربة لم يشهدها الجسد البشري من قبل منذ أن بدأت الخليقة على متن هذا الكوكب سوى قبل 63 عاما فقط.

هذا الشعور العجيب والمميز بالإضافة لمشهد الأرض المدهش من الأعلى تتسابق على توفيره وتطويره حاليا عدة الشركات بأسعار باهظة، يستطيع تحملها بعض الأغنياء، وأعني دفع ملايين الدولارات من أجل رحلة سياحية إلى الفضاء مدتها في بعض الأحيان بالكامل ربع ساعة فقط، لذلك، هذا الشعور لم يجربه حتى الآن سوى قلة محظوظة من البشر.

هذه التجربة ليست مجرد متعة مجردة، فوجودك في الفضاء لفترات طويلة يصاحبها الكثير والكثير من الظواهر الصحية السلبية التي لم يكن البشر على علم بها قبل بدء عصر الفضاء، ومن ضمنها الدوار الذي يصيب الرواد لفترة مؤقتة بعد الوصول بسبب عدم الإحساس بالاتجاهات، لأن الدماغ اعتاد على قوة شد الجاذبية باتجاه الأسفل.

ليتخذه مرجعًا للإحساس بباقي الاتجاهات، ويعاني رواد الفضاء كذلك من ضعف مناعة الجسم، وتقلبات الساعة البيولوجية التي تدلك على الليل والنهار؛ لأن المحطة تدور حول الأرض بمقدار 16 مرة في اليوم، لذلك يشهد قاطنوها 16 شروقًا للشمس و16 غروبًا لها.

هذا بخلاف المشاكل النفسية كالتوتر والكآبة التي يسببها العيش داخل بيئة محطة الفضاء المغلقة تمامًا والشبيهة بالسجن، وتكاد تخلو من أدوات الترفيه سوى وجود قبة زجاجية تراقب من خلالها مشهد الأرض البهيج والمميز أسفل منك ووجود تواصل دائم بالصوت والصورة مع العائلة والأصدقاء،

وهناك حادثة معروفة حدثت بين عامي 1973 و1974، حين أضرب 3 رواد فضاء في محطة سكاي لاب الفضائية الأمريكية عن القيام بالتجارب والأنشطة داخل المحطة، وامتنعوا عن التواصل مع الأرض بسبب إجهاد العمل المتواصل لمدة 84 يومًا، واعتبروا ذلك اليوم يوم إجازة وراحة لهم رغم معارضة مديريهم، وهو ما أفضى لاحقًا إلى دراسات أكثر عمقًا للظروف النفسية التي يعاني منها الرواد في عزلة الفضاء، وتطوير برامج التأهيل النفسي قبل السفر لفترات طويلة. أما سيدا المشكلات الصحية في الفضاء فهما هشاشة العظام وضمور العضلات؛ لأن الراحة المطلقة للجسد -الذي لم يعد بحاجة حتى لحمل وزنه أو بذل جهد لحمل أي شيء- تقلل كثيرا من استخدام العضلات والعظام فتفقد قوتها وكثافتها، ولربما شاهدت كيف أن الرواد بعد عودتهم إلى الأرض وإخراجهم من مركبتهم الفضائية يتم حملهم على الأكتاف لعدم قدرتهم على الوقوف والمشي بسبب هذه العلة.

وهنا يأتي دور المشي والجري، كأسلوب تقليدي لحماية الرواد من هشاشة العظام وضمور العضلات، حيث يجب عليهم الجري يوميا على آلة المشي -وهم مشدودون بأحزمة عليها كي لا يطفوا في فضاء المحطة- لمدة لا تقل عن ساعتين يوميًا؛ لأن الجري يرغم الجسد على بذل جهد يحفظ العظام والعضلات وينشط الدورة الدموية ويرفع المعنويات، وأيضًا التأكد من اتباع نظام تغذية صارم يتم إعداده في الأرض بعناية بواسطة مختصين غذائيين يختارون المكونات بعناية لتساعد على نمو العضلات وتجنب ضمورها وفقدان العظام لكثافتها.

هذه الآثار الصحية السلبية التي تظهر أثناء وجود البشر في الفضاء يهتم بها فرع جديد من الطب يعرف باسم «طب الفضاء»، وهو الفرع الذي يدرس وجود الجسم البشري في ظروف انعدام الجاذبية، وهذا الفرع ابتكر الكثير من الحلول والأدوية وأساليب العلاج التي أصبح لها استخدام فعلي لحالات مرضية لعامة الناس هنا على ظهر الكوكب، وفي عام 2013 حضرت محاضرة حول طب الفضاء قدمها د. نبيل محسن، والذي كان حينها طبيبا في المستشفى السلطاني وله علاقة بأبحاث طب الفضاء في إحدى الدول الغربية، وكنت قد ذهبت إلى المحاضرة وفي بالي أن لدي معلومات معقولة حول دور علوم الفضاء في تطوير الطب، لكن بعد دقائق من بدء المحاضرة تفاجأت بالكمية المذهلة من الاختراعات والحلول الطبية والدوائية التي نشأت من رحم هذه الأبحاث، لدرجة أنني أدركت أنه لو لم يكن لأبحاث الفضاء سوى هذه المخرجات في الحقل الطبي لوحده لكانت فعلا استحقت كل المال والجهد المبذول فيها، فعمليات ليزر العيون، وصمامات القلب، وأدوية تقليل ضمور العضلات وهشاشة العظام، وجهاز قياس حرارة الأذن الداخلية، وتقنيات منع نزيف ما بعد الولادة، هي بعض هذه الابتكارات الكثيرة جدا لعلوم الفضاء في مجال الطب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محطة الفضاء فی الفضاء

إقرأ أيضاً:

كل ما تحتاج معرفته عن هواتف جوجل بيكسل القادمة.. بيكسل 10a وبيكسل 11

إصدارات جديدة من بيكسل 10a وبيكسل 11 قادمة مع معالجات Tensor المحسّنة
بينما لا يزال هاتف Google Pixel 10a في الأفق البعيد، حيث يُتوقع إطلاقه بعد أكثر من عام، فإن التركيز الحالي ينصب على هاتف Pixel 9a الذي من المنتظر أن يصل إلى الأسواق في ربيع هذا العام. 

أما بالنسبة لهاتف Pixel 10، فمن المقرر أن يتم إطلاقه في أغسطس القادم كجزء من الاحتفال بمرور عقد على إطلاق سلسلة هواتف بيكسل.

جوجل تطلق تحديثًا جديدًا لتطبيق Google Home بميزات مبتكرةتحديث جديد على Google Calendar يسهل من استخدامهخطأ في خرائط Google يضلل السياح في الهند ويثير استياء السكاندليلك الشامل لتحميل جميع صور وفيديوهات Google Photos دفعة واحدةمعالج Tensor G5 الجديد.. نقلة نوعية

تتضمن الاحتفالات أيضًا الكشف عن معالج Tensor G5، وهو أول معالج من نوعه يتم تصميمه بالكامل داخليًا بواسطة جوجل. 

ويتيح هذا المعالج تضمين ميزات حصرية في سلسلة Pixel 10، وسيكون أول معالج بتقنية 3 نانومتر يظهر في هواتف بيكسل، وسيتم تصنيعه بواسطة شركة TSMC التايوانية، بدلاً من Samsung Foundry التي تولت إنتاج الإصدارات السابقة.

الكود المميز لهاتف Pixel 10a

مثل بقية سلسلة Pixel 10، يحمل هاتف Pixel 10a الاسم الرمزي "Stallion" أو "STA5". ومع ذلك، لم تُقرر جوجل بعد ما إذا كان سيتم تشغيل الهاتف بمعالج Tensor G5 المخصص أو معالج Tensor G4 الذي صممته سامسونج.

وفي حال اختارت جوجل معالج Tensor G4 لهاتف Pixel 10a، يُنصح المشترون المحتملون بالانتظار عامًا إضافيًا، حيث يعتمد هذا المعالج على تقنية 4 نانومتر التي قد تكون أقل كفاءة مقارنة بـ Tensor G5.

هواتف بيكسل 11: نظرة إلى المستقبل

تشير التقارير إلى أن جوجل تعمل أيضًا على تطوير سلسلة Pixel 11، المقرر إطلاقها في النصف الثاني من عام 2026. وفقًا لوثائق مسربة اطلعت عليها Android Authority، ستحمل هذه السلسلة أسماء رمزية مستوحاة من الدببة، وهي:

Pixel 11: يحمل الاسم الرمزي "Cubs" أو "4CS4".Pixel 11 Pro: يحمل الاسم الرمزي "Grizzly" أو "CGY4".Pixel 11 Pro XL: يحمل الاسم الرمزي "Kodiak" أو "PKK4".Pixel 11 Pro Fold: يحمل الاسم الرمزي "Yogi" أو "9YI4".معالج Tensor G6: خطوة جديدة في التخصيص

ستعمل سلسلة Pixel 11 بمعالج Tensor G6، وهو الجيل الثاني من المعالجات المخصصة بالكامل من جوجل، ويحمل الاسم الرمزي "Malibu". 

يُتوقع أن يتم تصنيع هذا المعالج بتقنية 2 نانومتر بواسطة TSMC، مما يجعله من أكثر المعالجات تطورًا وكفاءة.

سبب محتمل لاستخدام Tensor G4 في Pixel 10a

قد تختار جوجل تشغيل Pixel 10a بمعالج Tensor G4 بدلاً من Tensor G5 بسبب الحجم الكبير للأخير، والذي يبلغ 121 ملليمتر مربع. 

 قد يزيد هذا الحجم من تكلفة إنتاج الهاتف، مما قد يؤثر على سعر الجهاز الذي يُفترض أن يكون موجهًا للفئة المتوسطة. 

ولكن، من المتوقع أن يضيف Tensor G5 ميزات مخصصة جديدة لسلسلة Pixel 10 قد لا تكون متوافقة مع Tensor G4، ما قد يُجبر جوجل على مراجعة قرارها النهائي.

توقعات بمعالجات هواتف بيكسل القادمة

إليك قائمة بالمعالجات المتوقع أن تعمل بها هواتف جوجل بيكسل المقبلة:

Pixel 9a: معالج Tensor G4 (بتقنية 4 نانومتر من Samsung Foundry).Pixel 10، Pixel 10 Pro، Pixel 10 Pro XL، Pixel 10 Pro Fold: معالج Tensor G5 (بتقنية 3 نانومتر من TSMC).Pixel 10a: معالج Tensor G5 أو Tensor G4.Pixel 11، Pixel 11 Pro، Pixel 11 Pro XL، Pixel 11 Pro Fold: معالج Tensor G6 (بتقنية 2 نانومتر من TSMC).

ومع اقتراب موعد إطلاق سلسلة بيكسل 10 واستعداد جوجل لإطلاق معالج Tensor G5؛ يبدو أن الشركة تسعى لتقديم تجربة تقنية مميزة في أجهزتها المقبلة.

 ومع ذلك، فإن القرارات النهائية بشأن بعض الأجهزة، مثل Pixel 10a، قد تستغرق وقتًا أطول قبل أن تُحسم.

مقالات مشابهة

  • تلسكوب جيمس ويب يرصد مصادر الكربون في الفضاء.. هل ترتبط بنشأة الكون؟
  • كل ما تحتاج معرفته عن قرعة كأس الأمم الأفريقية 2025
  • بـ"التمثيل الضوئي".. الصين تسجل أول إنتاج للأكسجين في الفضاء
  • تقنية التمثيل الضوئي تمكن الصين من تسجيل أول إنتاج للأوكسجين في الفضاء
  • كل ما تحتاج معرفته عن هواتف جوجل بيكسل القادمة.. بيكسل 10a وبيكسل 11
  • ثورة فضائية.. الصين تنتج الأكسجين ووقود الصواريخ في المدار
  • منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء
  • «الصحة العربي» يرسل طلاباً إماراتيين إلى معسكر ناسا الفضائي
  • إيلون ماسك: رواد الفضاء الأمريكيين سيرفعون علمنا بالمريخ
  • مرصد الختم الفلكي ينضم إلى الشبكة الدولية للتحذير من الكويكبات