الذكاء الاصطناعي لاعب أساسي جديد في الألعاب الأولمبية
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
$: سيغير الذكاء الاصطناعي الألعاب الأولمبية بشكل سريع في السنوات المقبلة، بدءًا من تحديد وتدريب الرياضيين الواعدين بمساعدة التعلم الآلي وصولا إلى التحكيم. وستستخدم مدن بأكملها الذكاء الاصطناعي لاستضافة الألعاب بشكل أكثر استدامة وبنتائج أفضل للسكان المحليين.
هذه هي الرؤية التي كشفت عنها اللجنة الأولمبية الدولية عندما أعلنت عن أول أجندة للذكاء الاصطناعي لها قبل الألعاب الأولمبية باريس 2024.
كشف وتأهيل المواهب
تثير الألعاب الأولمبية صراعًا شرسًا بين الدول للفوز بحق التباهي. وتستثمر ملايين الدولارات في تحديد وتدريب أفضل المواهب على أمل الحصول على المزيد من الميداليات من منافستها الرئيسية. وتدرك الدول بشكل متزايد فوائد العثور على أفضل المرشحين في سن مبكرة لصقل مهاراتهم على مر السنين. والآن، يجلب الذكاء الاصطناعي بعض التقنيات التي كانت موجودة فقط عند المحترفين إلى جميع المستويات.
وقد أجرت شركة إنتل مؤخرًا تجربة نظام جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد المواهب الرياضية التي قد تشارك في الأولمبياد وتتنافس على الميداليات الذهبية في المستقبل.
في إحدى التجارب التي أُجريت بالقرب من استاد الأولمبياد في باريس، خضع الطفلان تاكتو وتومو من يوكوهاما، اليابان، لسلسلة من الاختبارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، التي شملت الركض، والقفز، وقياس قوة القبضة. تم جمع وتحليل بيانات هذه الأنشطة لتقييم القوة، والسرعة، والتحمل، وسرعة رد الفعل، والرشاقة لدى المشاركين، وتمت مقارنة النتائج ببيانات الرياضيين المحترفين والأبطال الأولمبيين.
وأظهرت النتائج، أن تاكتو قد يكون مرشحًا قويًا ليصبح عداءً، رغم تفضيله كرة القدم والتنس. حيث يستخدم النظام الرؤية الحاسوبية والبيانات التاريخية لمساعدة الأفراد على مقارنة أنفسهم بالنخبة الرياضية وتحديد الرياضة الأنسب لهم.
يقول جاريت بييتي، الأستاذ في علم وظائف الأعضاء الحركي وعلم الحركة في كلية الصحة والأداء البشري: «مع زيادة تقنية الأجهزة القابلة للارتداء وزيادة عدد الرياضيين الشباب الذين يحصلون على هذه التقنيات، فإن المشكلة السابقة المتمثلة في عدم وجود بيانات كافية تختفي بسرعة. والمشاكل الجديدة التي يجب حلها هي عدم وجود بيانات عالية الجودة كافية والحاجة إلى قوة إضافية لتحليلها».
تحديد الرياضيين الشباب الواعدين هو مجرد البداية. كما أن برامج التدريب يتم أيضًا تعديلها من خلال الذكاء الاصطناعي. في أبريل، روجت اللجنة الأولمبية الدولية لروبوت تنس طاولة مدرب على يد الفائز بالميدالية الذهبية. يختلف هؤلاء الخصوم الآليون عن أي شيء عمل معه الرياضيون من قبل. وقد أظهر دانيال فيريس، الأستاذ في الهندسة الطبية الحيوية في كلية هيربرت ويرتهايم للهندسة، أن أدمغتنا تتفاعل بشكل مختلف عند اللعب ضد الروبوتات مقارنة باللعب ضد الخصوم البشر.
يقول فيريس: «الأمر مختلف، لكن الذكاء الاصطناعي قد يكون أفضل من التدرب ضد خصم بشري. فإذا تمكنت من معرفة كيفية وضع ساق ليونيل ميسي على روبوت، وأنت حارس مرمى سيواجه ميسي، فإن الحصول على 1000 تسديدة من ميسي من راكل روبوت سيكون مفيدًا، أليس كذلك؟»
التحكيم الآلي
ربما يكون التحكيم الآلي مرئيًا بشكل أكبر في لعبة البيسبول الاحترافية، حيث إن العنصر البشري يتضاءل بشكل متزايد بسبب القياسات الدقيقة للضربات، وسرعة الكرة، وسرعة الدوران، وأسلوب الضرب، الذي غالبًا ما يتم في جزء من الثانية.
يقول بييتي: «أعتقد أنه سيكون من الصعب العثور على أي شخص لا يقول: إنه في غضون خمس أو عشر سنوات، سيكون التحكيم بالذكاء الاصطناعي جيدًا على الأقل مثل الإنسان، ولكنه أكثر اتساقًا ودقة من الإنسان». ويعد بيتي خبيرا في تأثير العواطف على الأداء الرياضي. وقد أظهر أن عواطف الرياضيين يمكن أن تؤثر على وقت رد فعلهم وقوتهم. لكن الأمر لا يقتصر على الرياضيين الذين لديهم أيام سيئة.
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي حقًا أن يحكم على وقفة الغواص، أو رقة روتين لاعب الجمباز مثلا؟ عند إطلاق أجندة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهذه الرياضات، عرضت اللجنة الأولمبية الدولية تحليلًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي للغواصين المزدوجين يمكنه تحديد دوران الجسم والزوايا والمحاذاة بين أعضاء الفريق. يقول بييتي: لكن ماذا يميز بعد ذلك التحليل الميكانيكي الحيوي لأداء هؤلاء الفنانين عن الفن؟ هذا سؤال يجب على الناس أن يجدوا إجابة له. ويضيف: «أعتقد أننا سنستقر على شيء ما يتم فيه التعامل مع الأجزاء القابلة للقياس- التي كنا سيئين فيها كبشر- بواسطة آلة، لكننا نحتفظ بعنصر بشري للحكم على المكون الفني.
فوائد للمدن المضيفة
عادة ما يكون أمام المدن المضيفة سبعة أعوام للتحضير لاستقبال أكثر من 10000 رياضي وملايين الزوار. يختفي الوقت في ومضة، كما تقول كيرياكي كابلانيدو، الأستاذة في إدارة الرياضة في كلية الصحة والأداء البشري، التي عملت في قسم الإعلام الدولي لأولمبياد أثينا 2004 في بلدها الأصلي، حيث شاهدت شخصيًا العقبات التي يجب على المدن المضيفة التغلب عليها لإنجاز أحد أكبر الأحداث الدولية في العالم. تقول كابلانيدو: «يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي لوضع خريطة لهذه الدورة وتزويد السكان بالمعلومات التي تساعدهم على الاستفادة القصوى من هذه الظروف غير العادية. يمكننا أيضًا تخفيف شكوكهم بشكل أفضل أو تغذية حماسهم من خلال تحسين التواصل باستخدام هذه التقنية». فأحد أكبر العقبات التي تحول دون النجاح هو الكم الهائل من نقل المعرفة الذي يجب إجراؤه حتى تتمكن المدن المضيفة من إنجاز حدث بهذا الحجم. على مدار سبعة أعوام، تبني المدن جيشًا صغيرًا من أعضاء اللجان الذين ينظمون المسابقات والأماكن والنقل والاتصالات والأمن حول الألعاب، وقليل من هؤلاء الموظفين لديهم خبرة سابقة في التحضير للأولمبياد. تتخيل كابلانيدو استخدام الذكاء الاصطناعي للحفاظ على الاستمرارية بين الألعاب، بحيث يمكن للمدن المضيفة السابقة مشاركة حكمتها مع المدن الجديدة. يمكن لوحدة ذكاء اصطناعي في كل مجال وظيفي للجنة المنظمة للألعاب الأولمبية- مثل مجال الإعلام الذي عملت فيه كابلانيدو- تحليل موعد إنجاز المراحل الرئيسية، ووقت التخطيط والعاملين المطلوبين، وكيفية ربط هذه الأهداف معًا بشكل مثالي.
«هناك شركات تقدم بالفعل تصورات لعملية التخطيط بأكملها داخل إدارة الموقع»، كما تقول كابلانيدو. على سبيل المثال، استخدمت الألعاب الأولمبية باريس 2024 شركة OnePlan لإدارة بعض عمليات الموقع الخاصة بها بشكل فعال، باستخدام نوع من برنامج التوأم الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي الذي سيصبح أكثر شيوعًا في السنوات القادمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الألعاب الأولمبیة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
لماذا كتبتُ بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي لكتابي؟
«من أين تجد الوقت؟» - لسنوات طويلة، عندما كنتُ أُعلن لأصدقائي عن صدور كتاب جديد لي، كنتُ أستقبل هذا السؤال كوسام فخر.
خلال الأشهر الماضية، أثناء الترويج لكتابي الجديد عن الذكاء الاصطناعي «إلهيّ الملامح* (God-Like)، حاولتُ ألّا أسمع في الكلمات ذاتها نبرة اتهام خفيّة: «من أين تجد الوقت؟» -أي أنّك لا بدّ استعنتَ بـ ChatGPT، أليس كذلك؟
الواقع أنّ مقاومة المساعدة من الذكاء الاصطناعي أصبحت أصعب فأصعب. مُعالج الكلمات الذي أستخدمه صار يعرض عليّ صياغة الفقرة التالية، أو تنقيح التي سبقتها.
عملي في مؤسسة بحثيّة تستكشف آثار الذكاء الاصطناعي في سوق العمل البريطاني يجعلني أقرأ يوميا عن تبعات هذه الثورة التقنيّة على كل مهنة تقريبا. وفي الصناعات الإبداعيّة، يَظهر الأثر بالفعل بصورة هائلة.
لهذا السبب، وبعد أن انتهيتُ من الكتاب، أدركتُ أنّ أصدقائي كانوا مُحقّين: يجب أن أواجه السؤال الحتمي مباشرة وأُقدّم إفصاحا كاملا. احتجتُ إلى «بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي» يُطبع في صدر كتابي.
بحثتُ في الإنترنت متوقعا أن أجد نموذجا جاهزا؛ فلم أجد شيئا. فكان عليّ أن أضع قالبا بنفسي. قرّرتُ أن يشمل الإفصاح أربع نقاط رئيسيّة:
1- هل وُلد أي نصّ باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
2- هل جرى تحسين أي نصّ عبر الذكاء الاصطناعي؟ - مثل اقتراحات «غرامرلي» لإعادة ترتيب الجمل.
3- هل اقترح الذكاء الاصطناعي أي نص؟ ـ على غرار طلب مخطَّط من ChatGPT أو استكمال فقرة استنادا إلى ما سبق.
4- هل صُحِّح النصّ بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ وإذا كان كذلك، فهل قُبلت الاقتراحات اللغوية أم رُفضت بعد مراجعة بشرية؟
بالنسبة لكتابي، جاءت الإجابات: 1) لا، 2) لا، 3) لا، 4) نعم – مع اتخاذ قرارات يدوية بشأن ما أقبله أو أرفضه من تصحيحات إملائية ونحويّة. أعترف بأنّ هذا النموذج ليس كاملا، لكنّي أقدّمه أساسا يمكن تطويره، على غرار رخصة «كرييتف كومونز» في عالم الحقوق الرقمية.
أردتُ أن أضمّنه لتعزيز نقاش صريح حول الأدوات التي يستخدمها الناس، لا سيّما أنّ الأبحاث تبيّن أنّ كثيرا من استعمالات الذكاء الاصطناعي تتمّ خِفية. ومع تصاعد ضغط العمل، يخشى البعض إبلاغ رؤسائهم أو زملائهم أنّهم يعتمدون أدوات تُسرِّع بعض المهام وتمنحهم فسحة للتنفّس.. وربّما وقتا للإبداع. فإذا كان ما يدّعيه إيلون ماسك صحيحًا ـ بأنّ الذكاء الاصطناعي سيُحلّ «مشكلة العمل» ويُحرّرنا لنزدهر ونبدع ـ فنحن بحاجة إلى الشفافية منذ الآن.
لكن، بصفتي كاتبا يعتزّ بمهنته، أردتُ كذلك بيان الشفافية بسبب لقاء ترك في نفسي قلقا عميقا. اجتمعتُ مع شخص يعمل لدى جهة تنظّم ورشا وملتقيات للكتابة، وسألتُه: كيف تفكّرون في التعامل مع شبح الكتابة التوليدية؟ فأجاب: «أوه، لا نرى أنّ علينا القلق من ذلك».
وأنا أعتقد أنّنا بحاجة ماسّة للقلق. إلى أن نمتلك آلية حقيقية لاختبار أصل النص ـ وهو أمر بالغ الصعوبة ـ نحتاج على الأقل وسيلة تُمكّن الكتّاب من بناء الثقة في أعمالهم بالإفصاح عن الأدوات التي استخدموها.
ولكي أكون واضحا: هذه الأدوات مدهشة ويمكن أن تُصبح شرارة شراكة إبداعيّة. ففي أغسطس 2021 نشرت فاوهيـني فـارا مقالة في مجلة The Believer كتبتها بمساعدة نسخة مبكرة من ChatGPT، فجاءت قطعة عميقة ومبتكرة عن وفاة شقيقتها. بيان الشفافية الخاص بها سيختلف عن بياني، لكن ذلك لا ينتقص من عملها، بل يفتح أفقا لإمكانات خَلّاقة جديدة.
عندما نستثمر وقتا في قراءة كتاب، فإنّنا ندخل علاقة ثقة مع الكاتب. والحقيقة أنّ قلّة من أصحاب شركات التقنية تلاعبوا بفعل بروميثيوس ومنحوا هدية اللغة للآلات مجانًا، وهو ما قوّض تلك الثقة التاريخيّة. لا أشك أنّ ذكاء اصطناعيا سيؤلّف عمّا قريب كتابًا «رائعًا» – لكن هل سيهتمّ أحد؟ سيكون التصفيق فاتِرًا. سيُشبه ألماسة مختبرية بلا شوائب: حيلة مُتقنة، نعم، لكنها ليست فنا.
في هذا الواقع الجديد، يقع على عاتق الكُتّاب أن يُثَبّتوا ثقة القارئ في «أصالة جواهرهم» عبر الشفافية حيال الكيفيّة التي نُقّبت بها تلك الجواهر. تجاهُل السؤال بدعوى أنّ الكتابة حِرفة نبيلة لا تستدعي إجراءات ثقة هو، برأيي، سذاجة خالصة.
كما أشرح في كتابي، فإنّ الذكاء الاصطناعي ـ شأنه شأن القنبلة الذرية ـ ابتكار بشري فائق القوّة، لا خيار لنا إلا تعلّم التعايش معه. أن نكون صريحين بما في ترسانتنا خطوة صغيرة لتجنّب سباق تسلّح أدبيّ لا يجرّ إلا إلى الارتياب والانقسام.
كيستر بروين كاتب ورئيس قسم الاتصالات في معهد مستقبل العمل.
عن الجارديان البريطانية
تم ترجمة النص باستخدام الذكاء الاصطناعي