هل ستكون الألعاب الأكثر خضرة؟ من المؤكد أنّ هذا هو ما وعدت به باريس عندما جعلت الاستدامة البيئية والابتكار والقيادة من العناصر الأساسية لنجاح مساعيها لاستضافة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في هذا العام 2024م. ووعدت اللجنة المنظمة بتحقيق تقدم «تاريخي» فيما يتعلق بأهداف المناخ، وخفض البصمة الكربونية للألعاب السابقة في ريو ولندن إلى النصف.

ولتحقيق هذه الغاية تعمل باريس على خفض انبعاثات الكربون عبر السفر والبناء والعمليات مثل تقديم الطعام والإقامة. وسيربط جميع المواقع الأولمبية بشبكة الكهرباء العامة؛ مما سيجنب توليد الكهرباء بالديزل.

ولتعزيز الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية؛ قُلّلت عمليات البناء الجديد من خلال استخدام الأماكن القائمة والمؤقتة.

إنّ هذه الأهداف كلها جديرة بالثناء وتتوافق مع مسعى اللجنة الأولمبية الدولية المتمثل في استخدام الألعاب «لإلهام مستقبل مستدام في جميع أنحاء العالم». ولكن على الرغم من هذه الادعاءات الجريئة، فإنّ الطريقة التي نظمت بها باريس مسابقة ركوب الأمواج في تاهيتي توضح مدى صعوبة تحويل تلك الأقوال إلى واقع.

رياضة ركوب الأمواج الأولمبية على جزيرة مرجانية في المحيط الهادئ

ظهرت رياضة ركوب الأمواج أول مرة في ألعاب أولمبية في طوكيو في عامي 2020 و2021. لكن تنظيم وإدارة حدث دولي لركوب الأمواج أمر صعب؛ فلا تستطيع سوى قِلة من المدن ضمان أمواج عالية الجودة وظروف جوية مثالية طوال مدة الحدث.

ورغم أنّ سباقات ركوب الأمواج في طوكيو كانت تسير بسلاسة، إلا أنّ جودة الأمواج على الساحل الشرقي لليابان لم تكن مثالية لمنافسة عالية الأداء.

أشارت تقارير أولية إلى أنّ باريس كانت تبني مسبحًا صناعيًا للأمواج. لكن مثل هذا المرفق الذي يستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، ويكلف الكثير من المال من الصعب أنْ يتوافق مع أهداف الاستدامة التي تدعيها الدولة المضيفة.

بعد ذلك أصبح ساحل فرنسا الأطلسي هو المكان المقترح لإقامة مسابقات ركوب الأمواج، ولكنه استبدل فيما بعد بمنطقة تيهوبو في تاهيتي (بولينيزيا الفرنسية) على بعد حوالي 16 ألف كيلومتر من باريس.

ورغم التزام اللجنة الأولمبية الدولية بنموذج «مدينة مضيفة واحدة»؛ فإن التغييرات السياسية الأخيرة في أجندتها (2020+5) تسمح بمزيد من المرونة. فقد أصبح من الممكن الآن استضافة الألعاب الأولمبية بمشاركة عدة مدن وحتى مناطق أو بلدان.

وليس من الصعب أن نفهم لماذا أصبح شاطئ تيهوبو الخيار المفضل؛ فهو أحد أكثر مناطق ركوب الأمواج تحديًا وإثارة في العالم، وهو بالفعل جزء من حلبة ركوب الأمواج الاحترافية العالمية (على الرغم من أنّه كان يعدّ حتى وقت قريب خطيرًا للغاية بالنسبة للنساء، اللائي استبعدن من عام 2006م حتى عام 2022م).

وفي هذا العام (2024م) ستعرض مسابقات ركوب الأمواج طبيعتها الرياضية المذهلة كرياضة حديثة على الألعاب الأولمبية على شواطئ جزيرة بولينيزية خلابة. وزعم المنظمون أنّ إقامة الحدث في تاهيتي «سيجلب شعورًا بالانتماء إلى الأراضي الفرنسية فيما وراء البحار».

وفي النهاية أثبت اختيار مكان ممارسة رياضة ركوب الأمواج أنّه مثير للجدل إلى حد كبير؛ مما تسبب في احتجاجات محلية ودولية.

المحلي مقابل العالمي

إنّ تيهوبو مستوطنة صغيرة تقع على الجزيرة الرئيسية على الساحل الجنوبي الغربي لتاهيتي. وقد شعر السكان المحليون بالقلق في البداية عندما كشفت خطط مسربة لقرية أولمبية عن بنية أساسية جديدة ضخمة.

وشمل ذلك طرقًا مزدوجة، وجسرًا للسيارات، وأساسات كهرباء، وسدودًا ساحلية، وممرًا عائمًا للمتفرجين، ومنصة تتسع لمائتي موظف.

ولقد استجاب السكان المحليون والجماعات البيئية بسرعة؛ الأمر الذي أثار اهتمام وسائل الإعلام؛ فطالبوا بمزيد من الشفافية والمشاركة العامة. وكما قال رئيس بلدية تيهوبو رونيو بوارو:

«يتقبل شعبنا الألعاب الأولمبية؛ ولكن ذلك يأتي بشروط [...] والهدف هو الحفاظ على بيئتنا.»

وفي نهاية المطاف تُوصِل إلى حلول وسط. فكان من المقرر أنْ تقلص البنية الأساسية الجديدة إلى الحد الأدنى، مع إقامة المتنافسين على متن سفينة سياحية، والموظفين الأولمبيين والصحافة والمسؤولين مع السكان المحليين أو في بيوت الضيافة المحلية.

ونظرًا لوجود سعة محدودة للمشاهدين المباشرين؛ ستُركّب شاشات عرض في المدينة المحلية وفي العاصمة بابيتي.

برج المتاعب

ومع ذلك كان القلق الأكبر يتعلق ببناء برج تحكيم جديد من الألومنيوم ليحل محل البناء الحالي، والذي عدّه منظمو الألعاب الأولمبية غير آمن.

وتضمن ذلك الحفرَ في الشعاب المرجانية الحساسة، وهو ما يقول عنه العلماء إنه قد يكون له عواقب وخيمة على النظم البيئية للشعاب المرجانية.

انطلقت عريضة عالمية لوقف تشييد البرج الجديد. وقالت رابطة ركوب الأمواج الدولية (المسؤولة عن تطوير وإدارة رياضة ركوب الأمواج الأولمبية) إنّها لن تدعم أي بناء جديد على الشعاب المرجانية.

ورغم ذلك فقد قيل إنّ رئيس اللجنة المنظمة في باريس ورئيس بولينيزيا الفرنسية «كانا متفقين» و«متحدين في رغبتهما في بناء برج التحكيم هذا». وهو ما حدث بالفعل؛ وإنْ كان في نسخة مصغرة.

ولكن العديد من التاهيتيين ما زالوا منزعجين مما عدّوه عملية غير محترمة. فوصف راكب الأمواج التاهيتي فاهيني فييرو (والذي يمثل فرنسا في الحدث) بيئةَ الشعاب المرجانية بأنّها «معبدنا»، وقال: «إنّه اعتقاد روحي، وتجسيد حي لتراثنا وأرض أجدادنا».

ومن عجيب المفارقات -كما كشفت أبحاثنا السابقة- أنّ مثل هذه المعتقدات تعبر عن جوهر الأصول البولينيزية لرياضة ركوب الأمواج، والتي حرصت اللجنة الأولمبية الدولية على إبرازها من خلال إدراج رياضة ركوب الأمواج في الألعاب الأولمبية.

التمويه الأخضر

إنّ الجدل الدائر حول فعالية ركوب الأمواج في دورة الألعاب الأولمبية في باريس يسلط الضوء على التحديات العديدة التي تواجه تنظيم أحداث ضخمة مستدامة.

ولكن العديد من الباحثين والناشطين لا يزالون غير مقتنعين بالادعاءات البيئية التي تدعيها اللجنة الأولمبية الدولية. وقد تساءلوا عما إذا كانت المنظمة تقوم حقا بـ«التمويه الأخضر» Greenwashing.

الواقع أنّ اللجنة الأولمبية الدولية تظل انتقائية للغاية في كيفية قياس عملياتها لدعم مختلف التوقعات المثالية والوعود البيئية. وقد أظهرت الأبحاث التي قيّمت استدامة الألعاب الأولمبية بين عامي 1992م و2020م تراجع هذه الاستدامة بمرور الوقت.

لكن جورجينا جرينون (مديرة التميز البيئي لباريس 2024م) تقول: «نريد أنّ نثبت أنّ نموذجًا آخر ممكن، وأن ننشئ إرثًا للأحداث الرياضية الكبرى. لا ندعي أننا مثاليون؛ لكننا نريد أن نثبت أننا قادرون على القيام بالأمور بشكل مختلف».

لا شك أنّ استضافة منافسات رياضة ركوب الأمواج في تاهيتي يمثل طريقة مختلفة للتعامل مع الأمور. ولكنه يثير المزيد من التساؤلات حول ادعاءات اللجنة الأولمبية الدولية بأنّها رائدة في مجال الاستدامة البيئية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللجنة الأولمبیة الدولیة الألعاب الأولمبیة رکوب الأمواج فی الأمواج ا

إقرأ أيضاً:

أم الألعاب تبدأ التحدي بدورة التضامن الإسلامي.. أدعم اليد أول المتأهلين للدور نصف النهائي

فاز منتخبنا الوطني لكرة اليد على نظيره الإماراتي بنتيجة 41 / 24 أمس في ثاني مبارياته بدورة ألعاب التضامن الإسلامي السادسة المقامة حاليا في الرياض.
ورفع منتخبنا رصيده بهذا الفوز إلى أربع نقاط ليضمن رسميا صدارة المجموعة الأولى والصعود إلى الدور نصف النهائي قبل مباراته الأخيرة في دور المجموعات أمام المنتخب المالديفي غدا الثلاثاء.
وقدم منتخبنا عرضا قويا باستثناء الدقائق العشر الأولى التي غاب فيها التركيز عن اللاعبين في أكثر من كرة وهو الأمر الذي ساعد المنتخب الإماراتي على مجاراته في البداية وأضفى طابعاً متكافئا على المباراة وبقيت النتيجة بالتالي متقاربة قبل أن يبدأ منتخبنا في تحقيق أفضلية مستفيدا من الدفاع القوي وسرعة الارتداد للهجوم وعلى أثر ذلك تمكن الأدعم من التقدم 9 / 5، لينتهي الشوط الأول بتقدم الأدعم بواقع 19 / 11.
وفي الشوط الثاني واصل منتخبنا تفوقه ليصل بالفارق إلى عشرة أهداف 23 / 13 قبل أن تشهد المباراة صحوة إماراتية في وقت تراجع فيه مردود منتخبنا وأضاع عددا من المحاولات الهجومية ونجح منتخبنا في مواصلة تفوقه وتعزيز تقدمه إلى 37 / 22 لتشهد الدقائق الأخيرة محاولات إماراتية أخيرة لتقليص الفارق والخروج بأقل خسارة لكن دون جدوى حيث انتهت المباراة بفوز كبير للأدعم 41 / 24.
وأكد أحمد مددي قائد منتخبنا الوطني لكرة اليد على أهمية الفوز الذي حققه الأدعم على حساب المنتخب الإماراتي وقال: الحمد لله على هذا الفوز، والذي جاء نتيجة تركيز كبير من جميع اللاعبين والتزام بالخطة التي وضعها الجهاز الفني. 
وأوضح أن مواجهة منتخب الإمارات لم تكن سهلة، لكن اللاعبين دخلوا المباراة بعزيمة لتحقيق الانتصار الثاني في الدورة وضمان التأهل للدور نصف النهائي.
 
بداية مشوار السلة الثلاثية
يبدأ اليوم منتخبا قطر لكرة السلة 3×3 للرجال والسيدات مشوارهما في المنافسات حيث يلتقي منتخب الرجال بنظيره الإيفواري في بوليفارد الرياض على أن يستكمل غدا الثلاثاء مبارياته في الدور الأول بمواجهة منتخبي تركيا ثم إيران في توقيت لاحق من نفس اليوم. 
 وفي منافسات السيدات، يدخل المنتخب القطري اليوم في مواجهة مع نظيره الجزائري، قبل أن يختتم مبارياته في الدور الأول غدا الثلاثاء بمواجهة كل من منتخبي إيران ومصر. 
 نور محمد ومرام فطناسي تشاركان بمنافسات التايكوندو
 تشارك لاعبتا الأدعم نور محمد ومرام فطناسي اليوم في منافسات التايكوندو بدورة ألعاب التضامن الإسلامي حيث تخوض نور محمد منافسات وزن فوق 70 كيلوغراما فيما تشارك مرام فطناسي بوزن تحت 63 كيلوغراما، التي تقام على صالة الفنون القتالية بمدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية.  أبطالنا يبدأون اليوم تحدي أم الألعاب
 يبدأ منتخبنا الوطني لألعاب القوى اليوم تحدي أم الألعاب بدورة ألعاب التضامن الإسلامي ويشمل جدول المنافسات سباقات السرعة والمتوسطة والطويلة، الحواجز، والتتابعات 4×100 و4×400، إلى جانب مسابقات الميدان: القفز الطويل والعالي والزانة والثلاثي، ورمي القرص والرمح والكرة الحديدية والمطرقة. ويستهل أشرف الصيفي وأحمد الصيفي اليوم المشاركة القطرية في مسابقة إطاحة المطرقة للرجال، كما يشارك اليوم نجم الأدعم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة عبد الرحمن عبد القادر في منافسات دفع الجلة. 
من ناحية ثانية تنطلق اليوم منافسات المبارزة، حيث يخوض لاعبا الأدعم محمد عبد العلي وعبد الرحمن الجدرة منافسات فردي الإيبيه والتي تُقام في بوليفارد الرياض.

قطر دورة ألعاب التضامن الإسلامي

مقالات مشابهة

  • انطلاق النسخة الأولى من مسابقة الرماية الأولمبية في مسندم
  • فلسطين تقرر الحظر الكامل لمنصة الألعاب الإلكترونية “Roblox"
  • المنتخب الليبي يواصل التألق.. «الجلالي» يحصد الذهب في الفجيرة
  • أم الألعاب تبدأ التحدي بدورة التضامن الإسلامي.. أدعم اليد أول المتأهلين للدور نصف النهائي
  • الملف النووي الإيراني.. طهران ترفض مزاعم المنشآت السرّية وتؤكد توقف عمليات التخصيب حالياً
  • سوني تراهن على هوس لابوبو وتحول الدمية الصينية إلى فيلم
  • دمية Labubu تتحوّل إلى مشروع سينمائي ضخم
  • الداخلية تطلق حملة توعوية لتعزيز ثقافة السلامة المرورية لدى محبي رياضة السيارات والدراجات
  • عُمان تمثل الشرق الأوسط في "تنفيذية الجمعية الدولية لمشرفي التأمين"
  • الرئاسة السورية ترد على مزاعم تعاون الشرع مع التحالف ضد داعش والقاعدة منذ 2016