مقدار الرياضة الذي يعتبر «زائدًا عن الحد»
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
إن للتمارين الرياضية فوائد عظيمة جدًا، ولو كانت التمارين «دواءً» لكانت علاجًا ساحرًا للأمراض. ولكن ما هو المقدار المثالي لممارسة التمارين من أجل تحسين صحة الإنسان؟ هل الأشخاص الذين يجرون لمسافات طويلة هم الأكثر صحة؟ وماذا عن الذين يرفعون الأثقال كل يوم؟ أو الذين يتبعون نظام «القناة الإنجليزية» الذي ينصح بممارسة المشي الخفيف فقط كل يوم؟ وهل يمكننا زيادة جرعات الطعام اليومية؟ تلك الأسئلة قليلة مقارنة بالعديد من الأسئلة التي تُطرح حول الصحة الجسدية.
ولكننا اليوم، وبفضل العديد من الدراسات الواسعة التي أُجريت على مجموعات كبيرة من الأشخاص وعلى فترات طويلة، تمكنّا أخيرًا من الحصول على إجابات لتلك الأسئلة. بداية، يجب التنويه إلى أن تلك الدراسات تُظهر التأثير المرتبط بكمية التمارين الرياضية اليومية، وقد أظهرت هذه الدراسات فوائد صحية حتى عند الذين يمارسون مستويات منخفضة من النشاط البدني. مثال على ذلك، دراسة أُجريت في عام 2022، حيث رصدت حوالي 400 ألف شخص بالغ في أمريكا، واستمرت هذه الدراسة على مدى عقدين من الزمن. وقد أظهرت النتائج أن ساعة واحدة فقط من التمارين الهوائية أسبوعيًا ساهمت في تقليل خطر الوفاة بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 20 بالمائة خلال فترة الدراسة.
والمعلومة المفرحة هي أن هذا القدر البسيط من الرياضة أسبوعيًا يحدث فرقًا صحيًّا كبيرًا بين «عدم القيام بشيء» و«القيام بشيء»، خاصة عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا. هذه النتيجة تشكّل فارقًا أكبر لمن هم فوق الـ60 مقارنة بالأشخاص الأصغر سنًا، مما يعني أن الفارق البسيط في الجهد المبذول يحدث فرقًا صحيًّا كبيرًا.
كما أظهرت الدراسة نتائج الشدة المختلفة لممارسة النشاط البدني، فالأنشطة معتدلة الشدة، مثل المشي السريع ولعبة تنس الريشة، التي ترفع معدلات ضربات القلب بشكل ملحوظ ولكن لا تمنع التحدث، والأنشطة البدنية التي تجعل الإنسان يلهث، مثل قيادة الدراجة الهوائية بسرعة عالية أو المشي لمسافات طويلة في مسار جبلي، تصنف على أنها قوية، وقد أظهرت الدراسات أن لها نتائج إيجابية كبيرة. وتشير هذه الدراسات إلى أن الإنسان لا يحتاج إلى أن يكون رياضيًا بامتياز للتمتع بفوائد هذه الأنشطة؛ فمن الممكن أن يحصل على الفوائد الكبيرة من خلال ممارسة النشاط البدني القوي ما بين 150 إلى 300 دقيقة في الأسبوع، أو ممارسة النشاط البدني المعتدل ما بين 300 إلى 600 دقيقة في الأسبوع، أو المزج بينهما.
نستنتج هنا أننا أمام قاعدة تتمثل في النسبة والتناسب؛ كلما زادت ممارسة الرياضة، زادت الفوائد الصحية.
أما فيما يتعلق بالتمارين الرياضية متوسطة الشدة، فالمزيد منها أفضل لصحة الإنسان؛ فمخاطر الوفاة المبكرة لأسباب مثل «النوبة القلبية» تستمر في الانخفاض كلما زادت تمارين الشدة المتوسطة. ويقول «داك تشولي» من جامعة «بيتسبرج» في بنسلفانيا: «لا يتطلب الأمر الكثير من التمارين الرياضية إذا كان الإنسان ملتزمًا بالتمارين الهوائية متوسطة الشدة».
وهذا الأمر يجُرّنا إلى موضوع متناقض نوعًا ما؛ ففي بعض الأحيان، تؤدي التمارين الهوائية عالية الجهد إلى نتائج مختلفة قد تربك الفهم السائد حول فوائد التمارين؛ فقد أظهرت بعض الدراسات التي أُجريت قبل عقد من الزمان أن هناك ارتباطًا بين المشاركة في الأحداث الرياضية الجماعية الكبيرة وزيادة خطر الإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية، مثل «الماراثون» و«الماراثون فائق القدرة» و«سباقات الترايثلون لمسافات طويلة» التي تنظمها «آيرون مان».
وفي دراسة أُجريت عام 2016 شملت أكثر من 55 ألف عداء، وجد «داك تشولي» وزملاؤه أن العدائين الذين مارسوا التمارين بأقصى حدودها لم يكونوا أكثر عرضة للوفاة مقارنة بمن ركضوا لمسافات أقل، وعلى الرغم من أنهم لم يحصلوا على فوائد إضافية من حيث تقليل خطر الوفاة، إلا أنهم لم يكونوا أسوأ حالًا أيضًا. ونتائج مماثلة ظهرت في دراسة أُجريت عام 2022 على 116 ألف بالغ في الولايات المتحدة، كما أظهرت دراسة نُشرت في مايو أن أول 200 رجل ركضوا مسافة ميل في أقل من أربع دقائق عاشوا في المتوسط 4.7 سنوات أكثر من المتوقع.
وبالتالي، فإن «فرضية التمارين الرياضية المفرطة» -التي تشير إلى أن الإفراط في التمارين، خصوصًا التدريبات عالية الكثافة، قد يضر بالصحة العامة- لا تزال مجرد فرضية ولم تُثبت بعد، وفقًا لـ «ثيجس إيجسفوجيلز» من المركز الطبي بجامعة «رادبود» في هولندا. كما يحذر من أن العديد من الدراسات تعتمد على الاستبيانات لقياس مقدار التمارين التي يمارسها الأفراد، وهذا قد يكون غير دقيق بسبب التقديرات الذاتية، وبالإضافة إلى ذلك، تشمل هذه الدراسات عادة عددًا قليلًا من الأشخاص الذين يمارسون كميات كبيرة من التمارين، مما يثير شكوكًا حول النتائج. حاليًا، تُجرى أبحاث باستخدام أدوات قياس أكثر دقة، مثل عدادات الخطوات، وعينات أكبر، مما قد يوفر صورة أوضح في وقت قريب.
وفيما يتعلق بتمارين المقاومة، وهي التمارين التي تعتمد على القوة العضلية مثل رفع الأثقال، فإن المبالغة في ممارستها أقل ضررًا من المبالغة في التمارين الهوائية الشديدة، ويُرجح هذا الأمر لعدم وجود أجهزة قابلة للارتداء تقوم بقياس مجهود العضلات، ورغم ذلك، قام «داك تشولي» وزملاؤه في عام 2023 بمراجعة بيانات محدودة متاحة لهم، واستنتجوا أن الحد الأقصى من تمارين المقاومة يتراوح ما بين 40 إلى 60 دقيقة في الأسبوع، وأي زيادة عن ذلك قد لا تزيد من الكفاءة القلبية، بل قد تؤدي إلى تقليلها. وللتأكد من ذلك، قام «داك تشولي» ببدء تجربة جديدة يخضع من خلالها مجموعة من الأشخاص للرقابة للتأكد من النمط الصحيح في تمارين المقاومة.
والعامل النفسي يتأثر بشكل كبير بالتمارين، وفي هذا الجانب، يقول «داك تشولي»: إن التمارين مفيدة جدًا حيث تقلل من تفاقم الاكتئاب والقلق والمشاعر السلبية الأخرى، ولكنه يؤكد أيضًا أنه في بعض حالات الاكتئاب يتأثر المرء سلبًا وتنعكس على نشاطه البدني بشكل غير صحي.
وأعود إلى فكرة سابقة: لكي يحصل المرء على الفوائد من الرياضة، فلا يجب عليه أن يكون رياضيًا بامتياز، بل يمكن لأي شخص أن يحصل على الفوائد القصوى من الرياضة بغض النظر عن مستوى لياقته البدنية، وفي هذا السياق، تقول «ديبورا جوديو إيزكو يردو» من جامعة غرناطة بإسبانيا: «هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى إدمان التمارين»، وتضيف: «إن الأمر لا يتعلق فقط بممارسة التمارين بكثرة والاستمتاع بذلك، بل يتعلق أيضًا بإدارة الحماس الرياضي والقيام بالأنشطة الاجتماعية الأخرى والواجبات الأسرية». وتضيف: «إذا لم يتمكن المرء من إدارة شغفه، فإن ذلك يعني أنه في ورطة».
وهنا نسأل: ماذا يعني ذلك بالنسبة للرياضيين المدمنين على ممارسة الرياضة؟ تجدر الإشارة إلى أن تلك الأضرار المحتملة لن يُصاب بها إلا الذين يبالغون في ممارسة التمارين الرياضية عالية الشدة. أما الرياضيون الذين يمارسون جهدًا أقل، فلا توجد أدلة قوية على أنهم معرضون للضرر. وتقول «ديبورا جوديو إيزكو يردو»: «لا توجد توصية عامة بالتوقف عن الرياضة اليومية أو التخفيف منها؛ لا تزال البيانات ضعيفة حول ذلك».
ولكن يبقى موضوع مهم للغالبية من الناس الذين لا يمارسون أي جهد رياضي مطلقًا، وهو أن ممارسة الرياضة بشكل عام أمرا جيدا، وأنه لا يتطلب القيام بكل ما يعتقده الناس بشأن النشاط البدني للحصول على الفوائد الصحية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التمارین الریاضیة التمارین الهوائیة النشاط البدنی على الفوائد إلى أن أ جریت التی ت ما بین
إقرأ أيضاً:
كم عدد المليارديرات الذين يعيشون في إسطنبول؟
أنقرة (زمان التركية) – ارتفع عدد المليارديرات في العالم بنسبة 4% سنويًا اعتبارًا من نهاية العام الماضي، وبلغ عدد المليارديرات 3 آلاف و323 شخصاً.
وذلك وفق تقرير نشرته مؤسسة الأبحاث Altrata حول مسح المليارديرات لعام 2024.
وفيما يلي المدن التي تضم أكبر عدد من المليارديرات في العالم:
1- نيويورك
عدد المليارديرات 144
التغير السنوي: +9
2- هونج كونج
عدد المليارديرات 107
التغير السنوي -5
3- سان فرانسيسكو
عدد المليارديرات 87
التغير السنوي: +3
4- لندن
عدد المليارديرات: 78
التغيير السنوي: +3
5- موسكو
عدد المليارديرات: 77
التغيير السنوي: +1
6- لوس أنجلوس
عدد المليارديرات: 62
التغيير السنوي: +5
7- بكين
عدد المليارديرات 60
التغير السنوي -2
8- سنغافورة
عدد المليارديرات 58
التغير السنوي: +4
9- شينزين
عدد المليارديرات 41
التغير السنوي -1
10- مومباي
عدد المليارديرات: 40
التغيير السنوي: +1
11- دبي
عدد المليارديرات: 39
التغيير السنوي: +1
12- باريس
عدد المليارديرات: 34
التغيير السنوي: +2
13- ساو باولو
عدد المليارديرات: 34
التغيير السنوي: +1
14- إسطنبول
عدد المليارديرات: 34
التغيير السنوي: +1
15- هانغتشو
عدد المليارديرات: 33
التغيير السنوي: -1
Tags: اثرياء العالماسطنبولالولايات المتحدةتركيادبيسنغافورةعدد الأثرياءعدد المليارديرات حول العالمليرةملياردير