يعتقدون أن المملكة حلت مكان مصر.. سعوديون بنظرة مختلفة إلى إسرائيل
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن ظهور جيل جديد من السعوديين ذوي "النظرة المعتدلة" لإسرائيل، الذين قالت إنهم "يفهمون أدق تفاصيل المجتمع الإسرائيلي ويعمل جزء منهم كمستشارين لولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
وتشير الصحيفة إلى أن هناك "جيلا جديدا من السعوديين المتعلمين وكثيري السفر يقدمون رواية مختلفة حول العلاقة بين السعودية وإسرائيل، مما يعطي فهما دقيقا لديناميكيات المنطقة".
وتضيف أن هؤلاء الشباب، والكثير منهم أكمل دراسته في الخارج ويجيدون لغات متعددة، يُظهِرون فضولا عميقا بشأن إسرائيل، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين.
الصحيفة قالت إن "من بين هؤلاء الشباب أشخاص يعملون مستشارين لولي العهد، حيث يجري الاستعانة بعدد قليل منهم للعب أدوار استشارية رفيعة المستوى أو تكليفهم بصياغة تقارير وتلخيص الاجتماعات لمحمد بن سلمان".
وتقول الصحيفة إن "من الجدير بالاهتمام مدى فهم هؤلاء الشباب السعوديين لإسرائيل"، مضيفة أنهم على دراية بمفاهيم مختلفة بشأن قضايا عديدة مثل الكيبوتسات ونمط الحياة في القرى العربية داخل إسرائيل".
كذلك "يمكنهم التمييز بين الطائفة الدرزية والأقلية البدوية، ويدركون الفوارق الاقتصادية بين السكان اليهود والعرب في إسرائيل"، وفقا للصحيفة.
وتتابع أن "اهتمام هؤلاء الشباب السعودي يمتد إلى السياسة الإسرائيلية، حيث يعرب البعض عن حماسهم لشخصيات مثل عضو الكنيست منصور عباس، زعيم حزب القائمة العربية الموحدة".
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الجيل الجديد من الشباب السعودي "يتميز بإحساس قوي بالثقة، معتقدا أن السعودية قد حلت محل مصر في زعامة العالم العربي".
كذلك تؤكد أن "المملكة العربية السعودية تعمل على الحد من الخطاب العقائدي المناهض لإسرائيل، وتصر أن السلام مع هذا البلد مرهون بإقامة دولة فلسطينية".
أصوات غير مؤثرةوتعليقا على ما أوردته الصحيفة، يقول رئيس مركز القرن العربي للدراسات سعد بن عمر إن "وجهة النظر العامة في السعودية لا تختلف عن الموقف الرسمي للدولة، على الرغم من بعض الأصوات الصادرة المخالفة هنا وهناك".
ويضيف بن عمر في حديثه لموقع "الحرة" أن هناك "كُتّاب ومثقفون، ليسوا بالكثرة التي يعتقدها البعض، يعتقدون أن القضية الفلسطينية يجب أن تحل من قبل الفلسطينيين أنفسهم".
ويشير بن عمر إلى أن "هذه الأصوات ليس لها آذان صاغية في الوقت الحالي.. هم فقط مجموعة من الأشخاص غير المؤثرين في المجتمع".
ويؤكد بن عمر أن وجهة النظر السعودية الشعبية تجاه إسرائيل لم تتغير، لأن إسرائيل نفسها لم تتغير، وما يجري حاليا في غزة أكبر دليل على أن إسرائيل لم تقدم شيئا للعالم العربي"، حسب تعبيره.
وتسعى الولايات المتحدة بقوة منذ فترة إلى التوصل لاتفاق من شأنه أن يجعل السعودية تعترف بإسرائيل، في مقابل إقامة علاقة أمنية أقوى بينها وبين واشنطن وتقديم مساعدة أميركية لبرنامج نووي مدني لديه القدرة على تخصيب اليورانيوم.
ولم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020 بواسطة أميركية، التي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين العلاقات مع إسرائيل. وبعدها حذا المغرب والسودان حذو الدولتين الخليجيتين.
وفي سبتمبر الفائت، قال ولي العهد السعودي في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركية إن المملكة تقترب "كل يوم، أكثر فأكثر" من تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن هذه الجهود تضررت بشدة بسبب الحرب الدامية المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر في غزة، والتي اندلعت بسبب هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل.
وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق أرقام رسمية إسرائيلية. وخطِف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 125 منهم محتجزين في غزة قضى 37 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وردا على الهجوم، ينفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة حيث قتل حتى الآن أكثر من 40 ألف شخص، غالبيتهم مدنيون، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
ومذّاك، قال مسؤولون سعوديون إن العلاقات مع إسرائيل مستحيلة من دون خطوات "لا رجعة فيها" نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يعارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقوة منذ فترة طويلة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هؤلاء الشباب أکثر من بن عمر
إقرأ أيضاً:
سلاحُ الموت وفلسفةُ الانتصار
الشّيخ علي حمادي العاملي
وصل حزبُ الله في ترسانته إلى أسلحة نوعية، صواريخ بالستية، مسيّرات، ولكنه رغم كُـلّ ذلك عاد في لحظة المواجهة الكبرى إلى سلاحه الاستراتيجي الأول الخارق للتوازن، والذي امتلكه يوم انطلاقته عندما كان المقاومون يملكون بضعة بنادق متواضعة.. سلاح الموت.
الموت سلاحٌ في عقيدة انتصار الدم على السيف. سلاحٌ لا يُضرب حين يكشف العدوّ مخازنه أَو منصاته، بل يُفعّل في تلك اللحظة بالتحديد. الروح لا تموت في جدلية الحياة والشهادة.. فـ”عندما نستشهد ننتصر“. بهذه الفلسفة سيخرج الملايين في تشييع سيد شهداء الأُمَّــة.
في مفصل تاريخي يحاول الأعداء طمس القضية الفلسطينية، وإنهاء الخصوصية الوحيدة لبلدٍ تصغر سيادته وتتوسّع السفارة الأمريكية بالتوازي.. سيكون تجديد البيعة والعهد. فكما احتملت المقاومة القتال بلحمها الحيّ عن جيوش عربية مدجّجة، كذلك فَــإنَّ شعبها الواعي والمدرك يملأ اليوم فراغ شعوبٍ نائمة. حضوره الهادر ليس فقط رسالةً سياسية وشعبيّة، هو دستورٌ تكتبه شعوبٌ وأقوامٌ عديدة قدِمت من أقطار الأرض، لتسير خلفَ نعشٍ ما زال صاحبه يؤثّر في توجيه الأحداث، ويخاطب بروحه “أشرف الناس“، وهو يثق أنهم يعرفون كيف وأين يوجهون عواطفهم الصادقة.
هؤلاء الذين كانت الحروب تحمل لهم مع صواريخها الحارقة فكرة وخيار الهزيمة أسوة بإخوانهم العرب.. اقبلوها ولو في قيدٍ من ذهب!. لكن هؤلاء ولدوا أحرارًا مطهّرين من رجس الأفكار الانهزامية، ثم تمرّدوا على هامشية الحياة، وسخروا من القائلين بعبثية الوجود، وأرادوا الغوص في عمق المعاني السامية فتفرّدوا في هُويّتهم “أشرف الناس”، وتبلوروا في قيادتهم “الأسمى”.
في كُـلّ موت يولد عندهم تصميمٌ وعزمٌ جديد.. تمامًا مثل حتمية الموت، لا بد أن يولد.. إنها فلسفة الانتصار. الثورة التي تكمن في نفوسهم هي التي ترهب العدوّ.
لا تستغربوا القلق الداخلي من التشييع.. هم يعلمون أنه ليس مُجَـرّد مواراة قائدٍ في الثرى.
إنها تشكيل لوحدة جديدة حيّة من ألوان الشهادة وزيتها.. لوحة تُبرز قيم الجمال والنضال والاستعداد للفداء في مجتمعٍ مبدعٍ سوف “يدهش العالم من جديد”.
إذًا، هي حرب البقاء المعنوي أَيْـضًا. وأمام الحشد الهائل والمهيب ستتقهقر خطوط العدوّ مجدّدًا إلى الوراء، في السياسة والإعلام والحرب النفسية.
التشييع اليوم استكمال للمعركة الحضارية الطويلة ضد الصهاينة والمتصهينين. المعركة لم تنتهِ بعد.. هذه رسالة أبناء السيد.. ولن تنتهي إلا بالنصر الحاسم والكبير.. هذا وعد السيد.
قبضاتُ الملايين في التشييع ستحمل هذه الرسالة.. يمشون خلف النعش وخطواتهم فعلٌ عباديٌّ يرقى إلى مستوى الاقتداء الفكري والقلبي، وفي نيّة المشيّعين أن كُـلّ خطوة من خطواتهم.. إنما هي.. على طريق القدس.
* كاتبٌ وباحثٌ لبناني