الطوب الحراري.. تقنية عمرها 3000 سنة تحل مشكلة المناخ
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
تقنية تعود جذورها إلى العصر البرونزي قد تكون مفتاحا للتحول السريع نحو الطاقة النظيفة بأقل تكلفة، وفقا لدراسة حديثة منشورة بدورية "بي إن إيه إس نيكسوس" في 10 يوليو 2024، قادها فريق من جامعة ستانفورد الأميركية.
ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية قد تساهم في تحقيق هدف الأمم المتحدة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وتتلخص في استخدام "الطوب الحراري" لتخزين الحرارة.
يصنع الطوب الحراري من مواد بسيطة ومستدامة مشابهة للطوب العازل الذي كان يُستخدم في الأفران القديمة وأفران الحديد منذ آلاف السنين، ويقول مارك جاكوبسون، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ستانفورد والباحث الرئيسي بالدراسة في تصريحات لـ"الجزيرة نت"، "إن المواد الكيميائية الموجودة في الطوب الحراري هي المواد الكيميائية نفسها الموجودة في الطين والرمل، مما يجعله خيارا مستداما وآمنا بيئيا للإنتاج واسع النطاق".
وأضاف جاكوبسون "الفرق بين تخزين الطوب الحراري وتخزين البطاريات هو أن الطوب يخزن الحرارة بدلا من الكهرباء، وهو أقل تكلفة بعشر مرات من البطاريات". ويتوقع جاكوبسون أن النظام الحراري يمكن أن يلغي الحاجة إلى الأفران التقليدية، حيث يُمكن تسخين الطوب مباشرة باستخدام الكهرباء، مما يسهم في خفض التكاليف بشكل كبير، وهو ما يجعله خيارا جذابا للشركات الصناعية.
البروفيسور مارك جاكوبسون أستاذ الهندسة المدنية والبيئية بجامعة ستانفورد الأميركية (مارك جاكوبسون) كيف يعمل الطوب الحراري؟تعتمد التكنولوجيا على تجميع الطوب الحراري في حاوية معزولة، حيث يتم تخزين الحرارة الناتجة عن كهرباء مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، ويمكن استخدام هذه الطاقة الحرارية لاحقا في العمليات الصناعية عند الحاجة، حتى عندما تغيب أشعة الشمس أو تتوقف الرياح، حيث تنطلق الطاقة الحرارية عبر تمرير الهواء خلال قنوات في الطوب، مما يسمح لمنشآت الإنتاج مثل مصانع الأسمنت والصلب والزجاج بالعمل على طاقة متجددة بشكل مستمر.
تضمنت دراسة جاكوبسون وفريقه نماذج حاسوبية لاستشراف مستقبل الطاقات المتجددة في 149 دولة، ووجدت أن استخدام الطوب الحراري قد يقلل تكاليف رأس المال بحوالي 1.27 تريليون دولار، مقارنة بالحلول التي تعتمد بالكامل على البطاريات، كما يمكن أن يقلل هذا النظام من الطلب على الطاقة من الشبكة والحاجة لتخزين الكهرباء، مما يساهم في تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بشكل أسرع.
وأوضح جاكوبسون "يوفر الطوب الحراري حوالي 90% من الحرارة المطلوبة للعمليات الصناعية، خاصة للحرارة العالية التي تتراوح بين 150 إلى 2000 درجة مئوية، ما يجعله الخيار الأمثل للعديد من التطبيقات الصناعية". وأضاف "الحرارة الشمسية، على الرغم من أنها متاحة فقط خلال النهار، فإنها يمكن أن تدعم بعض التطبيقات".
استُخدم الطوب الناري في العصر البرونزي قرابة 3300 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد (ويكيبيديا) دعم التحول إلى الطاقة المتجددةورغم الفوائد المتعددة، يشير جاكوبسون في تصريحه لـ"الجزيرة نت" إلى تحديات تواجه تبني هذه التكنولوجيا، موضحا "إن المصانع القائمة التي استثمرت في بنيتها التحتية قد لا تكون متحمسة لتحويل أنظمتها بسهولة". لكنه أكد أن المجمعات الصناعية الجديدة أو تلك التي تحتاج إلى تحديث معداتها ستكون أكثر استعدادا لاعتماد الطوب الحراري، كما دعا إلى ضرورة تبني سياسات ومحفزات حكومية لتسريع التحول نحو هذه التقنية.
ويمكن لهذه التقنية أن تكون جزءا من خطط أوسع للتحول إلى الطاقة المتجددة بشكل كامل، ويقول جاكوبسون "لقد قمنا بتطوير خطط للدول والمدن للانتقال إلى طاقة نظيفة بنسبة 100%، ونستمر في تحديث هذه الخطط مع ظهور تقنيات جديدة"، ويُبرز جاكوبسون أهمية الطوب الحراري في حل مشكلات تذبذب إمدادات الطاقة المتجددة، قائلا "يمكن تسخين الطوب الحراري عند توفر الكهرباء من المصادر المتجددة، وبالتالي يمكن تخزين الحرارة واستخدامها في وقت الحاجة، مما يحل مشكلة التذبذب في الإنتاج المتجدد".
تعتبر تقنية الطوب الحراري مثالا على كيفية توظيف حلول قديمة بطرق جديدة لتحقيق أهداف بيئية واقتصادية، وفي ظل الحاجة الملحة إلى التحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة ومواجهة العواقب المناخية القاسية، يقدم هذا الطوب فرصة فريدة لخفض التكاليف، وتوفير حلول تخزين حراري للصناعات الكبيرة، ومع الدعم الحكومي المناسب، يمكن أن تكون هذه التقنية جزءا أساسيا من الإستراتيجية العالمية لتحقيق مستقبل خالٍ من الانبعاثات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الطاقة المتجددة هذه التقنیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
مصر تتبنى استراتيجية طموحة للتحول نحو الطاقة النظيفة دعماً للتنمية المستدامة
تواصل الدولة المصرية جهودها الدؤوبة والمكثفة لتحقيق الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، من خلال استراتيجية متكاملة للطاقة المستدامة، إيمانًا منها بأن الطاقة النظيفة تعد محورًا رئيساً لتحقيق التنمية الشاملة في الجمهورية الجديدة، حيث عكفت على التوسع في الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري، مع تحقيق الاستفادة القصوى من مصادر الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية والتوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر، مع تحقيق التوازن بين أهداف التنمية الاقتصادية من جهة، والحفاظ على الموارد الطبيعية من جهة أخرى، ما ينعكس بدوره على خفض مستويات التلوث البيئي، وتوفير مصادر طاقة مستدامة، علاوة على حرص الدولة على توفير مناخ جاذب للاستثمارات، وهو ما لاقى إشادة واسعة من جانب المؤسسات الدولية لجهود مصر في هذا الملف، ويضعها على خريطة الدول الرائدة في هذا القطاع على مستوى المنطقة.
وفي هذا الصدد، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تقريرًا تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على تبني الدولة استراتيجية طموحة للتحول نحو الطاقة النظيفة دعماً للتنمية المستدامة، وذلك تزامنًا مع اليوم الدولي للطاقة النظيفة.
وفي مستهل التقرير، أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إلى أن مصر احتلت المرتبة الأولى عربياً في امتلاك أكبر قدرات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة عام 2023، بإجمالي قدرات 6709 ميجاوات، في حين تبلغ قدرات الإمارات 6035 ميجاوات، والمغرب 4105 ميجاوات، والسعودية 2988 ميجاوات، والأردن 2621 ميجاوات، والسودان 1871 ميجاوات، والعراق 1599 ميجاوات، وسوريا 1557 ميجاوات، ولبنان 1297 ميجاوات، وقطر 824 ميجاوات، وتونس 817 ميجاوات، وعمان 722 ميجاوات، والجزائر590 ميجاوات، واليمن 290 ميجاوات، وموريتانيا 260 ميجاوات، وفلسطين 192 ميجاوات، والكويت 114 ميجاوات، وجيبوتي 80 ميجاوات، والبحرين 59 ميجاوات، والصومال 49 ميجاوات، وليبيا 8 ميجاوات، وجزر القمر 5 ميجاوات، علماً بأن إجمالي قدرات الطاقة المتجددة لمصر (شمسي – مائي – رياح) وصل إلى 7633 ميجاوات عام 2024، وفقاً لأحدث بيان لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
وأبرز التقرير الرؤية الدولية لجهود مصر في التحول للطاقة النظيفة، حيث تقدمت مصر5 مراكز في مؤشر الدول الأكثر جاذبية في قطاع الطاقة المتجددة الصادر عن مؤسسة "Ernst&Young"، لتحتل المركز 34 في يونيو 2024، مقابل المركز 39 في مارس 2015، بالإضافة إلى تقدمها 6 مراكز في مؤشر التحول الفعال للطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، لتحتل المركز 75 عام 2024، مقابل المركز 81 عام 2018.
يأتي هذا فيما أشارت وكالة "فيتش" إلى أن سوق الطاقة في مصر مهيأ للنمو المستمر، مدفوعًا بمبادرات الطاقة المتجددة القوية، وبدعم من استثمارات القطاع الخاص، كما توقعت أن تكون مصادر الطاقة المتجددة غير الكهرومائية هي القطاع الأسرع نموًا.
وبدورها أكدت "الوكالة الدولية للطاقة IEA"، أن مصر أدركت الفرص التي يوفرها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة باستراتيجيتها المتكاملة للطاقة المستدامة، كما تعكس مشروعاتها للطاقة المتجددة عزمها على تحويل تلك الرؤية إلى حقيقة واقعة.
واستعرض التقرير جهود الدولة للتوسع في الاعتماد على الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن استراتيجية مصر للطاقة المستدامة والتي تهدف إلى زيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية إلى 42% عام 2030، لتصل إلى 60% عام 2040.
كما أشار التقرير إلى أن إجمالي القدرات المركبة للطاقة المتجددة (شمسي – مائي – رياح) وصل إلى 7633 ميجاوات عام 2024، ومن المستهدف أن يصل إلى 10 آلاف ميجا وات بنهاية 2025، موضحًا أن قدرات الطاقة الشمسية بلغت 2611 ميجاوات في عام 2024، مقابل 140 ميجاوات عام 2013/2014، بزيادة نحو 19 ضعف، بينما بلغت قدرات طاقة الرياح 2190 ميجاوات عام 2024، مقابل 550 ميجاوات عام 2013/2014، بزيادة نحو 4 أضعاف، في حين بلغت قدرات الطاقة المائية 2832 ميجاوات عام 2024، مقابل 2800 ميجاوات عام 2013/2014، بنسبة زيادة 1.1%.
و بشأن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، أوضح التقرير أنه تم إطلاقها في أغسطس 2024، مؤكدًا أنها تسهم في تعزيز جهود مصر نحو تنويع مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة والحد من انبعاثات الكربون.
واستعرض التقرير العوائد المتوقعة من الاستراتيجية، والتي تتمثل في زيادة بنحو ١٨ مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لمصر بحلول عام ٢٠٤٠، فضلاً عن استحداث أكثر من ١٠٠ ألف وظيفة جديدة بحلول عام ٢٠٤٠، بجانب الوصول إلى ٥ - ٨٪ من السوق التجاري العالمي للهيدروجين.
أما عن مشروعات الهيدروجين الأخضر، لفت التقرير إلى توقيع 30 مذكرة تفاهم لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تم تفعيل 14 مذكرة، تحولت منها 12 مذكرة إلى اتفاقيات إطارية، ويقدر حجم الإنتاج السنوي المتوقع من مشروعات تلك الاتفاقيات 18 مليون طن سنوياً باستثمارات مقدرة بـ 64 مليار دولار.
وتناول التقرير أبرز مشروعات ومبادرات الطاقة النظيفة، والتي تتضمن مجمع بنبان للطاقة الشمسية بإجمالي قدرة 1465 ميجاوات، بجانب مزرعة رياح جبل الزيت بإجمالي قدرة 580 ميجاوات، فضلاً عن محطة أبيدوس 1 للطاقة الشمسية بإجمالي قدرة 500 ميجاوات.
وتطرق التقرير إلى برنامج "نُوَفِّي"، مشيرًا إلى أنه يهدف لإيقاف تشغيل محطات تستخدم مصادر الطاقة التقليدية بقدرات 5000 ميجاوات، وقد تم إيقاف تشغيل محطات بقدرة 1200 ميجا وات، كما يهدف البرنامج أيضاً لجذب استثمارات تقدر بحوالي 10 مليارات دولار عن طريق القطاع الخاص لإضافة 10000 ميجاوات قدرات من الطاقة المتجددة حتى عام 2028، حيث تم في هذا الإطار الاتفاق على مشروعات طاقة متجددة بقدرات 4200 ميجاوات، وإتاحة تمويلات لها بنحو 3.9 مليار دولار حتى نهاية عام 2024.