جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-05@19:41:31 GMT

ثقافة الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

ثقافة الذكاء الاصطناعي

 

فاطمة الحارثية

 

هل الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يُحدث ثورة تهيمن على كل أنواع التكنولوجيا الحالية؟ إن كان الجواب نعم، ما هي آليات التمكين وسرعة التنفيذ؟ وإن كانت الإجابة "لا" ما هي التحديات والعقبات؟

لن أقول أنني ازداد شغفا نحو الذكاء الاصطناعي، فالدهشة لم تتشكل بعد، والفهم الكاف لقوة هذا الابداع مازال مبهما لدى الكثير منا؛ وما يُمتعني فيه هو الوقت الذي يختصره لي في تجميع البيانات، فسابقا كان علي البحث من خلال الكثير من المصادر لتحقق من معلومة وأوجه أثرها، أما الذكاء الاصطناعي فيختصر الطريق في بضع أزرار، ولا اخفي عليكم المتعة التي أمارسها في القراءة، فهو أبدا لا يختصر أية إجابات،  واستجواب النظام عبر تعدد أنماط السؤال الواحد، نجد الاختلاف في الإجابات، رغم أن القصد والهدف من السؤال لا يتغير، فقط أقوم بتقديم أفعال وكلمات السؤال ذاته؛ وإن لم تكن للقراءة عاشقا وشغوفا، فلن تستفيد من أهم أدوات الذكاء الصناعي والذي أتحدث عنه ألا وهو محادثات الأتمتة.

طبعا إلى وقت هذا المقال، المعلومات والتغذية الفكرية المُستقاة من محادثات الأتمتة، في معظمها لا تمتلك أية حقوق للملكية الفكرية، ومحركات البحث الذي تستمد منها المعلومات التي تقدمها للمستخدم ليس لها مرجعية ولا ضوابط قانونية، ولا بوادر قريبة عن وجود أية جهات رسمية أو مستحدثة، لتبني منظومة وسياسات الملكية الفكرية التي تنتجها محركات وبرامج الذكاء الاصطناعي، خاصة المجانية منها، وهنا نستثني براءة الاختراع في المنتجات؛ أثر هذا الدخيل على التعليم عميق جدا، ونجد أن بعض الجهات التعليمية ترفض البحوث التي يقدمها طلابها، من خلال محركات الذكاء الاصطناعي، وهذا يُبقينا مع تحديات جسام مثل تحدي الوقت، وقوة تمكين أدوات التعليم الحديثة وإقصاء التعليم التقليدي، لمواكبة البنية الاجتماعية وحاجة السوق المتجددة والمتزايدة، ولتبني التغيير والمرونة، أمرا يحتاج إلى قرارات تزكي التكنولوجيا ورسوخ مبدأ التطوير المستمر، فطرق وأساليب التعلم والاكتساب، لا بد لها من التطور ومسايرة طفرات الحاجات الاجتماعية والعلمية، والاقتصاد والبيئة، وهي ليست طقوسا أزلية نتشبث بها، رغم الوضع الحالي وهو شبه انعدام مصادرها مثل المكتبات والكتب الورقية، ومنصات الأتمتة ليست مثل الكتب أو المراجع أو المقالات الإلكترونية، فهي نموذج مختلف يندر وجود اقتباسات، والسرد العلمي فيه واضحا، وهذا يقود إلى وجوب ابتكار طرق جديدة غير مدونات البحوث، للتأكد من استيعاب الطلبة العلمي والفكري للمواد التعليمية. باختصار على أساليب العلم والتعلم أن تتغير وتواكب العصر وتُعطي التوازن والعائد الاستثمار الذي يُبذل فيه وله.

الاستثمار المهني للذكاء الاصطناعي لا حدود له، وليس يسيرا كما يعتقده البعض، فهو يحتاج إلى الممارسة، وحُسن التدقيق، والكثير الكثير من القراءة، والتدقيق، بالرغم من أنك تستطيع أن تُشكل أسس أية منظومة عملية تحتاج إليها من خلال تلك المحركات، إلا أن الذكاء الاصطناعي لا يُرشدك إلى الآلية المناسبة والخاصة بك في مسائل التنفيذ والتطبيق، ولا واقعية المخاطر، والجدير بالذكر مخرجاته الحيوية مثل الروبوتات، والأفتار، والمنصات الرقمية وغيرها، تخدم قطاعات واسعة جدا، وحساسة، ومع هذا يبقى الأمن السيبراني تحديا يحد من الحلم ويُحجم الطموح؛ وله في الاستشراف باع كبير لنعود إلى مقدار سعة وقدرة القيادات الحالية التقليدية والحديثة، في تبني وقبول السيناريوهات والتصورات التي يزودنا بها. الذكاء الاصطناعي لا حجم ولا نهاية له، والمندفع نحوه يحتاج إلى الكثير من الضبطية والحكمة وحُسن الاستخدام.

وإن طال...

نحو الأفق المسير، الزاد علمًا والركب حكمة، ولا متعة إن لم تكن اللعبة عادلة، فر إلى الله، لا من الناس؛ لشغف العلم والتجربة ضرائب، وذكاء الثقافة فن للقلوب المرحة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

%92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي

 أثار تقرير حديث يحذر الجامعات البريطانية من ضرورة "اختبار إجهاد" التقييمات في ظل استخدام 92% من الطلاب للذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً حول مستقبل التعليم الجامعي ودور الذكاء الاصطناعي فيه.

يشير البروفيسور أندرو موران من جامعة لندن متروبوليتان إلى أن الجامعات، التي كانت تعتبر لقرون مخازن للمعرفة والحقيقة، بدأت تفقد هذا الدور عندما تراجعت قيمة الخبراء وضعف التفكير النقدي واستقطب الخطاب العام بشكل متزايد.

ندرة المعرفة وتحديات المصادر التقليدية

في هذا العالم، يتم رفض المصادر التقليدية للمعرفة بشكل متزايد، الكتب والمقالات الصحفية ووسائل الإعلام القديمة تواجه تحديات من خلال التطورات في عرض المعلومات واسترجاعها، وعلى رأسها التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدى ذلك إلى "ندرة المعرفة"، على حد تعبير موران.

قوائم القراءة المنسقة، التي يقضي الأكاديميون وقتًا في البحث عنها وتسليط الضوء على المفكرين والكتابات الرئيسية، غالبًا ما يتم تجاهلها من قبل الطلاب لصالح بحث جوجل.

 وإذا لم يعجب الطالب ما يقرأ، يمكنه ببساطة التمرير إلى اليسار، ويمكن للخوارزميات بعد ذلك إرسال الطلاب في اتجاهات غير متوقعة، غالبًا ما تحولهم عن الصرامة الأكاديمية إلى موارد غير أكاديمية.

سباق الذكاء الاصطناعي.. كيف يعيد التقطير رسم ملامح المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا؟Alexa+.. قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي.. أبرز ميزات المساعد الذكي الجديد من أمازون«DeepSeek» تُشعل سباق الذكاء الاصطناعي.. هامش ربح 545% يهز الأسواق وسهم NVIDIA ينهار«جروك 3».. الذكاء الاصطناعي غير المقيد بين وعود الشفافية ومخاوف الأمان |تفاصيلالذكاء الاصطناعي .. سيرجي برين: تسريع وتيرة التطوير نحو AGIهل المعرفة سلعة استهلاكية؟

يؤكد موران أهمية توفير مواد التعلم للطلاب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لكنه يتساءل: "هل تصبح المعرفة سلعة استهلاكية أخرى؟" فهي متاحة بلمسة زر عبر الإنترنت، ويتم توصيلها بشكل فعال إلى بابك، وهناك العديد من المنافذ للاختيار من بينها.

 قد تكون هناك كمية، ولكن ليس بالضرورة جودة: الذكاء الاصطناعي هو السلعة الاستهلاكية المطلقة.

يثير هذا الأمر تساؤلات جوهرية حول ليس فقط ما نعنيه بالمعرفة، ولكن أيضًا ما سيكون دور التعليم والأكاديميين في المستقبل. 

ويقول موران: "أستطيع أن أقدر فوائد الذكاء الاصطناعي في العلوم أو الاقتصاد أو الرياضيات، حيث الحقائق غالبًا ما تكون غير قابلة للشك، ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث الكثير قابل للطعن؟"

ويحذر من أننا نفقد أرضية بسرعة أمام تغييرات مجتمعية عميقة يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن تصورها على الجامعات إذا لم نستجب بسرعة.

التفكير النقدي في مواجهة الذكاء الاصطناعي

من جهته، يعبر محاضر جامعي في العلوم الإنسانية عن عدم استغرابه من الزيادة الهائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يتم الترويج له بقوة من قبل شركات التكنولوجيا باعتباره سلعة موفرة للوقت، والخطاب السياسي الأوسع يعزز هذا الرأي دون التشكيك في قيود الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.

بينما قد يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا في العديد من السياقات الأكاديمية - في كتابة التقارير الأساسية وإجراء البحوث الأولية على سبيل المثال - فإن استخدامه من قبل الطلاب لكتابة المقالات يشير إلى التقليل من قيمة موضوعات العلوم الإنسانية وسوء فهم ما يتيحه الكتابة الأصلية في تخصصات مثل التاريخ والأدب والفلسفة: التفكير النقدي.

ويستشهد المحاضر بقول الروائي العظيم إي إم فورستر: "كيف يمكنني أن أعرف ما أفكر فيه حتى أرى ما أقول؟" كان يقصد أن الكتابة هي شكل متطور من أشكال التفكير، وأن تعلم الكتابة بشكل جيد، والشعور بالمرء وهو يشق طريقه عبر تطوير فكرة أو حجة، هو جوهر الكتابة. 

عندما نطلب من الذكاء الاصطناعي كتابة مقال، فإننا لا نقوم ببساطة بالاستعانة بمصادر خارجية للعمل، بل نستعين بمصادر خارجية لتفكيرنا وتطويره، مما سيجعلنا بمرور الوقت أكثر ارتباكًا وأقل ذكاءً.

في عصر تكنولوجي نيوليبرالي نهتم فيه غالبًا بالمنتج بدلاً من العملية التي تم من خلالها صنعه، ليس من المستغرب أن يتم تجاهل القيمة الحقيقية للكتابة. 

فيما يأخذ الطلاب ببساطة  إشاراتهم من عالم يفقد الاتصال بالقيمة التي لا يمكن تعويضها للإبداع البشري والتفكير النقدي.

مقالات مشابهة

  • كيف سيغير وكلاء الذكاء الاصطناعي هجمات سرقة بيانات الاعتماد
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي
  • %92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي
  • الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة
  • حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
  • الجزائر في طليعة تبني الذكاء الاصطناعي في إفريقيا
  • سامسونج تطلق Galaxy A56 مع دعم ميزات الذكاء الاصطناعي