ثقافة الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
فاطمة الحارثية
هل الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يُحدث ثورة تهيمن على كل أنواع التكنولوجيا الحالية؟ إن كان الجواب نعم، ما هي آليات التمكين وسرعة التنفيذ؟ وإن كانت الإجابة "لا" ما هي التحديات والعقبات؟
لن أقول أنني ازداد شغفا نحو الذكاء الاصطناعي، فالدهشة لم تتشكل بعد، والفهم الكاف لقوة هذا الابداع مازال مبهما لدى الكثير منا؛ وما يُمتعني فيه هو الوقت الذي يختصره لي في تجميع البيانات، فسابقا كان علي البحث من خلال الكثير من المصادر لتحقق من معلومة وأوجه أثرها، أما الذكاء الاصطناعي فيختصر الطريق في بضع أزرار، ولا اخفي عليكم المتعة التي أمارسها في القراءة، فهو أبدا لا يختصر أية إجابات، واستجواب النظام عبر تعدد أنماط السؤال الواحد، نجد الاختلاف في الإجابات، رغم أن القصد والهدف من السؤال لا يتغير، فقط أقوم بتقديم أفعال وكلمات السؤال ذاته؛ وإن لم تكن للقراءة عاشقا وشغوفا، فلن تستفيد من أهم أدوات الذكاء الصناعي والذي أتحدث عنه ألا وهو محادثات الأتمتة.
طبعا إلى وقت هذا المقال، المعلومات والتغذية الفكرية المُستقاة من محادثات الأتمتة، في معظمها لا تمتلك أية حقوق للملكية الفكرية، ومحركات البحث الذي تستمد منها المعلومات التي تقدمها للمستخدم ليس لها مرجعية ولا ضوابط قانونية، ولا بوادر قريبة عن وجود أية جهات رسمية أو مستحدثة، لتبني منظومة وسياسات الملكية الفكرية التي تنتجها محركات وبرامج الذكاء الاصطناعي، خاصة المجانية منها، وهنا نستثني براءة الاختراع في المنتجات؛ أثر هذا الدخيل على التعليم عميق جدا، ونجد أن بعض الجهات التعليمية ترفض البحوث التي يقدمها طلابها، من خلال محركات الذكاء الاصطناعي، وهذا يُبقينا مع تحديات جسام مثل تحدي الوقت، وقوة تمكين أدوات التعليم الحديثة وإقصاء التعليم التقليدي، لمواكبة البنية الاجتماعية وحاجة السوق المتجددة والمتزايدة، ولتبني التغيير والمرونة، أمرا يحتاج إلى قرارات تزكي التكنولوجيا ورسوخ مبدأ التطوير المستمر، فطرق وأساليب التعلم والاكتساب، لا بد لها من التطور ومسايرة طفرات الحاجات الاجتماعية والعلمية، والاقتصاد والبيئة، وهي ليست طقوسا أزلية نتشبث بها، رغم الوضع الحالي وهو شبه انعدام مصادرها مثل المكتبات والكتب الورقية، ومنصات الأتمتة ليست مثل الكتب أو المراجع أو المقالات الإلكترونية، فهي نموذج مختلف يندر وجود اقتباسات، والسرد العلمي فيه واضحا، وهذا يقود إلى وجوب ابتكار طرق جديدة غير مدونات البحوث، للتأكد من استيعاب الطلبة العلمي والفكري للمواد التعليمية. باختصار على أساليب العلم والتعلم أن تتغير وتواكب العصر وتُعطي التوازن والعائد الاستثمار الذي يُبذل فيه وله.
الاستثمار المهني للذكاء الاصطناعي لا حدود له، وليس يسيرا كما يعتقده البعض، فهو يحتاج إلى الممارسة، وحُسن التدقيق، والكثير الكثير من القراءة، والتدقيق، بالرغم من أنك تستطيع أن تُشكل أسس أية منظومة عملية تحتاج إليها من خلال تلك المحركات، إلا أن الذكاء الاصطناعي لا يُرشدك إلى الآلية المناسبة والخاصة بك في مسائل التنفيذ والتطبيق، ولا واقعية المخاطر، والجدير بالذكر مخرجاته الحيوية مثل الروبوتات، والأفتار، والمنصات الرقمية وغيرها، تخدم قطاعات واسعة جدا، وحساسة، ومع هذا يبقى الأمن السيبراني تحديا يحد من الحلم ويُحجم الطموح؛ وله في الاستشراف باع كبير لنعود إلى مقدار سعة وقدرة القيادات الحالية التقليدية والحديثة، في تبني وقبول السيناريوهات والتصورات التي يزودنا بها. الذكاء الاصطناعي لا حجم ولا نهاية له، والمندفع نحوه يحتاج إلى الكثير من الضبطية والحكمة وحُسن الاستخدام.
وإن طال...
نحو الأفق المسير، الزاد علمًا والركب حكمة، ولا متعة إن لم تكن اللعبة عادلة، فر إلى الله، لا من الناس؛ لشغف العلم والتجربة ضرائب، وذكاء الثقافة فن للقلوب المرحة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تطبيق جديد يحمي الأعمال الفنية من الذكاء الاصطناعي
في العام 2008، قال كاتب السيناريو إد بينيت-كولز إنه مرّ بـ"لحظة انهيار" في مسيرته المهنية، بعدما قرأ مقالا عن نجاح الذكاء الاصطناعي في كتابة أول سيناريو تنتجه هذه التكنولوجيا.
لكن بعد قرابة عقدين، ابتكر وصديقه كاتب الأغاني جيمي هارتمان، تطبيقا قائما على تقنية "بلوكتشاين"، يأملان بأن يمكّن الكتّاب والفنانين وغيرهم من امتلاك أعمالهم وحمايتها.
يقول هارتمان إنّ "الذكاء الاصطناعي اقتحم حياتنا وبدأ يسيطر على وظائف كثيرين"، مضيفا أن التطبيق الذي ابتكره وصديقه يرفض هذا الوضع ويؤكد أنّ العمل ملك لصاحبه.
ويتابع "هذا عمل بشري، ونحن من نحدد قيمته، لأننا نملكه".
يُهدد الذكاء الاصطناعي، الذي يتطوّر باستمرار، الملكية الفكرية وسبل العيش في مختلف المجالات الإبداعية.
ويرمي التطبيق، الذي طوّره إد بينيت-كولز وجيمي هارتمان ويحمل اسم "ايه آر كاي" ARK، إلى تسجيل ملكية الأفكار والعمل، من الفكرة الأولية إلى المنتج النهائي. فعلى سبيل المثال، يُمكن للشخص تسجيل مقتطف تجريبي لأغنية بمجرد تحميل الملف، على ما يوضح مبتكرا التطبيق.
تتضمّن الخصائص اتفاقات عدم إفصاح، والتحقق القائم على تقنية "بلوكتشاين"، وإجراءات أمان بيومترية تؤكد أن الملف ملك للفنان الذي حمّله.
ويُمكن للمتعاونين أيضا تسجيل مساهماتهم الخاصة طوال فترة العملية الابتكارية.
يقول بينيت كولز إنّ تطبيق "ايه آر كاي يتحدى فكرة أن المنتج النهائي هو الشيء الوحيد الجدير بالقيمة".
ويشير هارتمان إلى أن الهدف هو الحفاظ على "عملية إبداع وابتكار بشري، وعزلها لحاميتها وكسب لقمة العيش منها".
يقول مبتكرا "ايه ار كاي" إنّهما قررا أن يكون التطبيق قائما على تقنية "بلوكتشين"، أي تخزين البيانات في سجل رقمي، لأنها لامركزية.
ويقول بينيت-كولز "لمنح المبتكر استقلالية وسيادة على ملكيته الفكرية والتحكم في مصيره، ينبغي أن تكون التقنية لامركزية".
ويوضحان أن مستخدمي التطبيق سيدفعون ثمن "ايه آر كاي" بحسب هيكلية متدرجة، إذ تُحدّد مستويات الأسعار وفقا لحاجات استخدام التخزين.
ويشير كاتب السيناريو إلى أنّهما يسعيان إلى أن يكون التطبيق بمثابة "تسجيل على بلوكتشاين" أو "عقد ذكي"، واصفا إياه بأنه "آلية توافق".
ويقول هارتمان إنّ "حقوق الطباعة والنشر مبدأ جيد جدا، طالما يمكنك إثباته ودعمه".
ويضيف "لماذا لا نحرز تقدما في مجال حقوق الطباعة والنشر، لناحية طريقة إثباتها؟ نعتقد أننا توصلنا إلى حل".
ويؤكد الفنانان أن المجالين اللذين يعملان فيهما كانا بطيئين جدا في الاستجابة للانتشار السريع للذكاء الاصطناعي.
ويشير بينيت-كولز إلى أنّ جزءا كبيرا من الاستجابة ينبغي أن يبدأ بـ"لحظات انهيار" يواجهها الفنانون، مشابهة لما مر به قبل سنوات.
ويقول "من هناك، يمكنهم النهوض وتحديد ما يمكن فعله"، مضيفا "كيف يمكننا الحفاظ على ما نحب القيام به، وما هو مهم بالنسبة إلينا؟".