عبد الرحمن بن سالم الزيدي
قبل بضع أسابيع من الآن كنت متوقّفاً في إحدى محطات تعبئة النفط في ولاية السيب، ورأيت إحداهن تحمل طفلاً رضيعاً وتسأل الناس ليجودوا عليها مما تيسر من المال بحجة أنَّها بحاجة لشراء مستلزمات للطفل، وبعد عدة دقائق جاء شخص آخر يطرق نوافذ المركبات المتوقفة أملًا في أن يتعاطفوا معه ويعطونه بعضاً من المال.
راودتني بعض التساؤلات والتي لم أجد لها إجابة حتى اليوم، فقلت في نفسي: هل بالفعل كل هؤلاء المتسولين مضطرين للتسوّل؟! أم أن البعض لديه مصدر دخل بسيط ولكن يعتمد أيضًا على التسوّل في الطرقات ليضاعف دخله؟! أمّا عن تلك المرأة التي تحمل الطفل الرضيع تحت حرارة الشمس القوية فهل فعلًا طفلها الذي تحمله؟! أم قامت بأخذه من أمه فقط من أجل إثارة عاطفة النَّاس؟! ثم أين زوجها إذًا أو عائلتها ؟! كل هذه التساؤلات وأكثر منها تجعل الناس كلهم في حيرة من أمرهم- لست أنا فحسب- وحتى أنه من كثرة المتسولين وتنوّع طرق التسوّل لم نعُد قادرين على التفرقة بين المتسوّل المضطر فعلًا وبين الذي يتسوّل من أجل مضاعفة الدخل فقط! خصوصًا وأن الجهات ذات الاختصاص كشفت أكثر من مرة أنَّ هنالك متسولين لديهم من الأموال ما يكفي لسد احتياجاتهم إلا أن البعض اعتبر التسوّل مهنة بسيطة لا تحتاج لعناء غير أنك تكون محترفًا في إثارة عاطفة النَّاس، لا سيما وأن المجتمع العماني معروف بتماسكه وتعاطفه مع القريب والغريب الأمر الذي قد يُؤخذ بشكل سلبي، كما أنه قد يُعتبر ممراً يمهّد للمتسولين استغلال الناس استغلالًا ماديًا ومعنويًا، والمُلاحظ أن المتسولين يتواجدون بكثرة عند محطات تعبئة النفط والأسواق.
وفي هذا السياق، لا ننسى أنَّ المشرع العماني قد تطرق لجريمة التسول وعقوبتها وذلك في قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 وتحديدًا في المادة (297) التي تنص على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن (50) ريالا عمانيا، ولا تزيد على (100) ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من وجد متسولًا في المساجد أو الطرق أو الأماكن أو المحلات العامة أو الخاصة، وللمحكمة مصادرة ما يكون معه من أموال عند ضبطه".
وإذا كرَّر المحكوم عليه التسول يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (6) أشهر، ولا تزيد على سنتين. ويعفى من العقوبة من يُثبت أنه كان مضطرًا، أو عاجزًا عن الكسب وليس له مصدر رزق آخر، وفي جميع الأحوال يجوز الحكم بإبعاد المتسول من البلاد إذا كان أجنبيًا".
وكذلك المادة (298) والتي نصت على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 أشهر، ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ريالا عمانيا، ولا تزيد على 100 ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم حدثا أو سلمه للغير بقصد التسول وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا كان الفاعل وليا، أو وصيا على الحدث، أو مكلفاً بملاحظته أو رعايته".
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا جليًا أنه في حالة استخدام حدث تكون العقوبة مُضاعفة ومُشددة، وهذا ما نحتاجه في هذا الوقت بالتحديد إذ إننا لو أمعنّا النظر في حالات التسوّل لوجدنا أن أكثر المتسوّلين يستخدمون الأحداث في محاولة منهم للتأثير على عاطفة الناس.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
توسع القطاعات غير النفطية وزيادة الاستثمارات يعززان نمو الاقتصاد العماني على المدى المتوسط
توقع تقرير دولي أن تواصل القطاعات غير النفطية في سلطنة عمان أداءها القوي، وأن يستمر النمو غير النفطي على المدى المتوسط نحو 4 بالمائة، مع انتعاش الطلب العالمي، والإصلاحات المستمرة في ظل تنفيذ "رؤية عمان 2040"، والنمو القوي للاستثمارات الخاصة لا سيما في القطاعات غير النفطية.
وأوضح التقرير الصادر عن بنك "كريدى أجريكول" الفرنسي، الذي يعد من أكبر البنوك الاستثمارية العالمية أنه على الرغم من الانكماش الذي نتج عن تفشي الجائحة في عام 2020، انتقل الاقتصاد العماني للتعافي ثم النمو الجيد في عام 2022، مدعومًا بأسعار النفط المواتية وزخم توجهات التنويع، كما واصل الاقتصاد نموه خلال العام الماضي ومن المتوقع أن يتوسع نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري نظرا لزيادة إنتاج الغاز، وبدء تشغيل مصفاة الدقم، والنمو المطرد للقطاعات غير النفطية خاصة الخدمات اللوجستية والأنشطة المالية والصناعية.
وأكد التقرير أن سلطنة عمان حققت تقدما كبيرا في تعزيز مركزها المالي مع المضي قدما في تنفيذ مستهدفات "رؤية عمان 2040" وقد لعبت الخطة المالية متوسطة المدى، التي بدأت عمان في تنفيذها في عام 2020، دورا حاسما في تحقيق الاستدامة المالية من خلال تنويع مصادر الإيرادات، وترشيد الإنفاق العام، والحكمة في إدارة الوفورات المالية الإضافية المتحققة من ارتفاع النفط. مشيرا إلى أن رصيد المالية العامة سجل فائضا لحجم جيد خلال عام 2023، مدفوعا بأسعار النفط المواتية والالتزام بخطط الضبط المالي وتحقيق الاستدامة المالية، ومن المتوقع أن يبلغ الفائض 3.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وهو ما يقل عن مستويات العام الماضي بسبب زيادة الإنفاق الاجتماعي مع دخول قانون الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ وبدء تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية في بداية العام الحالي.
وأشار التقرير إلى أنه على المدى المتوسط، من المتوقع أن يظل وضع المالية العامة الإجمالي في حال فائض بشكل مريح، ليسجل نحو 3.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028 تماشيا مع اتجاهات أسعار النفط العالمية، وأن ينخفض الدين العام من نسبة 37.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلى ما يقارب حوالي 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028، بدعم من خطط إدارة المحفظة الإقراضية واستمرار سداد الالتزامات المالية، وقد تم تقييم مخاطر الديون السيادية في سلطنة عمان عند مستوى منخفض، نظرا لتراجع حجم الدين والحجم الجيد للسيولة المتوفرة في ظل أسعار النفط المواتية.