مات كسينجر ولكن نظريته لم تمت.. ما زالت أمريكا تطبق علينا نظرية المجنون التي اخترعها كسينجر أثناء مفاوضاته مع فيتنام 1973، والتي تعتمد على أن يلعب أحد الأمريكان دور "الطيب"، وكان وقتها هذا الدور من نصيب كسينجر، وأن يكون الدور الثاني هو "المجنون"، وهذا كان دور نيكسون..
وكلما وصلت المفاوضات لطريق مسدود يوقف كسينجر المحادثات متنحيا بالمفاوض الفيتنامي جانبا على أنه ناصح طيب، ليخبره بأن المجنون القابع في البيت الأبيض إذا وصله أمر تعقد المفاوضات سيأمر بدك فيتنام بالطيران، وأنه -أي كسينجر- يحاول بكل الطرق تجنب ذلك ولكن لا بد أن يساعده الفيتنامي لحماية شعب فيتنام.
ولكن حقيقة الأمر أن كسينجر لم يكن يريد حماية أحد سوى أمريكا التي خاضت حربا خاسرة لمده 20 عاما خسرت فيها 58220 مقاتلا، ولكن كان خروج المتظاهرين المناهضين للحرب إلى الشوارع وهم يحرقون بطاقات التجنيد، هي القشة التي أجبرت واشنطن على الانسحاب، ولكن كان لا بد أن تخرج أمريكا بشكل يناسبها ويحافظ على ماء وجهها إلى متى ستلعب أمريكا هذا الدور؟ ومتى ستقول إن لعبة ادعاء التفاوض انتهت وحان الوقت لمفاوضات حقيقية توقف ذلك العبث ما دام يمكن إيقافه؟ لأن الأمور فعلا تزداد سوءا وبسهولة يمكن أن يُخرج الأمر عن سيطرة أمريكاالذي خسرته أمام مقاومة باسلة من المقاومين الفيتناميين؛ الذين لم يرضخوا لاحتلال أمريكا لأرضهم أو فرض سياستها عليهم، فكان دور كسينجر ومقولته الشهيرة.. "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب".
خرجت فيتنام منتصرة وخرجت أمريكا تلعق جرحها بانتصار سياسي يغطي ندوب هزيمتها العسكرية. وهذا ما تحاول بالضبط أمريكا أن تفعله لإسرائيل الآن، ولكن صلف نتنياهو وعنجهية أمريكا وغطرسة أوروبا تحول دون ذلك.
فهم يرفضون الرضوخ لحقيقة أن حركة حماس، ذاك الفصيل المقاوم المحاصر منذ أكثر من 10 سنوات، تمكنت من أن تصمد وتنتصر على جيوش أقوى دول العالم مجتمعة، فيحاولون كسر روح المقاومة بالقتل والمزيد من القتل للمدنيين والمزيد من الدمار والرعب في نفوس المدنيين قبل التوصل لمرحلة التفاوض الحقيقية.
فكلما بدأت ما يطلقون عليه مفاوضات نجد أن إسرائيل تزيد من القصف والقتل، وكلما وصل الأمر لطريق مسدود بسبب عراقيل يضعها نتنياهو يكون القتل والقصف أعنف، بل إنهم يستخدمون أحطّ الوسائل التي عرفتها البشرية بل ويخترعون عليها ويضيفون الجديد.
فعلى مرأى من العالم يُعجن لحم الأطفال بعظامهم وتقطع أشلاء المدنيين من النساء والرجال، فلا يمكن تحديد هوية الأشلاء، فأصبح الحل.. الأشلاء بالكيلو، تجمع أشلاء البشر داخل أكياس، الكيس 30 كيلوجراما للطفل و70 كيلوجراما للبالغ..
أمريكا وأوروبا تشجبان.. قوى العالم تنافس العرب على الشجب والتنديد، وتقف عاجزة لا تستطيع أن تتخذ قرارا ضد رغبة إسرائيل.
ففي غزة الكاشفة.. دول العالم المعروف بالمتحضر تشجب الإبادة الجماعية في غزة.. تشجب حرب التجويع والتعطيش في غزة.. تشجب منع دخول الأدوية والمساعدات الإنسانية لعزة.
ولكن السؤال هنا: إلى متى ستلعب أمريكا هذا الدور؟ ومتى ستقول إن لعبة ادعاء التفاوض انتهت وحان الوقت لمفاوضات حقيقية توقف ذلك العبث ما دام يمكن إيقافه؟ لأن الأمور فعلا تزداد سوءا وبسهولة يمكن أن يخرج الأمر عن سيطرة أمريكا؛ التي تعتقد أن حاملات طائراتها وغواصاتها وحكام العرب وأموال العرب الذين يأتمرون بأمرها يمكنهم أن يوقفوا كل شيء وقتما تريد..
على أمريكا أن تعي أن كسينجر مات وأن جملته "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب" ستحترق وتموت داخل أتون الشرق الأوسط الذي تذكي أمريكا ناره، وستكون النتيجة الحتمية.. سيخرج الجميع خاسرا من هذه الحرب
على أمريكا قبل إسرائيل أن تعي أن الأمر إذا خرج عن السيطرة فإنها ستضع نفسها إجبارا في حرب أسوأ من حرب فيتنام.
وعلى أمريكا أن تعي أن دعمها اللامحدود لنتنياهو وإسرائيل هو السبب الرئيس والوحيد الذي يزيد من الصلف الصهيوني، فلماذا يمكن أن يتنازل أو يتفاوض نتنياهو ما دامت أمريكا تدعم وتدفع وتدافع؟
نعم، النظريات والأفكار القديمة مثل تلك التي طرحها كيسنجر، لا تزال تلقي بظلالها على السياسات الحالية، ولكن على أمريكا أن تعلم أن العالم يتغير، وقد تكون النتائج أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الماضي.
من المهم أن يكون هناك اعتراف بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تطرأ على المنطقة، وأن تُعطى الأولوية لصوت الشعوب المتأثرة.
على أمريكا أن تعي أن كسينجر مات وأن جملته "سيخرج الجميع منتصرا من هذه الحرب" ستحترق وتموت داخل أتون الشرق الأوسط الذي تذكي أمريكا ناره، وستكون النتيجة الحتمية.. سيخرج الجميع خاسرا من هذه الحرب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فيتنام الحرب إسرائيل غزة إسرائيل امريكا غزة فيتنام الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أمریکا أن من هذه الحرب أن تعی أن
إقرأ أيضاً:
أغنى شخص في العالم .. هكذا زادت ثروة إيلون ماسك بفضل انتخابات أمريكا
كشفت وكالة وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، أن أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، قد استفاد من نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، حيث كانت بالنسبة إليه بمثابة "النعمة".
وأوضح مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات، أن "ماسك أصبح، يوم الجمعة، أكثر ثراء، إذ بلغ صافي ثروته رقما قياسيا بلغ 347.8 مليار دولار، وهذا يتفوق على رقمه القياسي السابق الذي سجله في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2021، عندما تجاوزت صافي ثروة مؤسس شركة تسلا 340 مليار دولار".
وتابع المصدر نفسه، أنّ: "أسهم تسلا قد ارتفعت منذ الانتخابات الأمريكية الأخيرة بنسبة 3.8 في المئة، الجمعة". مبرزا أنه: "منذ يوم الانتخابات في 5 نوفمبر، ارتفع بنحو 40 في المئة، حيث اعتقد المستثمرين أن نفوذ ماسك في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، سوف يبشر بعصر من إلغاء القيود التنظيمية التي ستفيد الشركة".
وبحسب ذات المؤشّر، فإن "ماسك، بات أكبر مساهم فردي في شركة تسلا، أغنى بنحو 83 مليار دولار منذ يوم الانتخابات". مردفا أن تحالف ترامب مع إيلون ماسك، دفع بمشاريعه نحو الصدارة".
"ماسك هو الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، بالإضافة إلى كونه مالك شركة إكس والرئيس التنفيذي لمشاريع أخرى، بما في ذلك نيورالينك وإكس إيه آي وبورينج كومباني" أوضح مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قد أبرزت، في تقرير لها، أن "قيمة شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي "إكس إيه آي"، قد تضاعفت أكثر من الضعف هذا الأسبوع، خلال جولة تمويل جديدة، إذ ارتفعت إلى 50 مليار دولار من بضعة أشهر مضت".
إلى ذلك، بحلول الثلاثاء، أصبح ماسك أغنى بمقدار 100 مليار دولار من ثاني أغنى شخص، وهو جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون.
وفي سياق متصل، كانت صحيفة "تليغراف"، قد بيّنت في تقرير لها، أن "إيلون ماسك، كان له دور حاسم في حملة إعادة انتخاب الرئيس السابق ترامب، حيث قدّم دعماً مالياً كبيراً لحملته الجمهورية، وحث متابعيه على منصة "إكس" التي يمتلكها على دعمه".
وتابع التقرير، الذي ترجمته "عربي21" في وقت سابق، أن "ماسك وترامب قد ناقشا، إمكانية تولي ماسك منصباً في الإدارة المقبلة للإشراف على "وزارة كفاءة الحكومة"، وهي مبادرة تهدف إلى تقليص الإنفاق الحكومي وتقليص البيروقراطية الفيدرالية".
ومنذ بداية الانتخابات، كان ماسك موجودًا بشكل شبه يومي في منتجع ترامب الفاخر "مار إيه لاغو" في فلوريدا، ورافقه في العديد من الأنشطة العامة والخاصة، وفقد تواجد إلى جانب ترامب في رحلاته الأخيرة إلى نيويورك وواشنطن العاصمة، وكان ضمن المشاركين في مكالمات هاتفية مع قادة العالم. ولم يكن دوره مقتصرا فقط على التواجد في هذه الاجتماعات، بل لعب أيضًا دورًا مؤثرًا في القرارات المتعلقة بتعيينات موظفين في إدارة ترامب الانتقالية.