شهدت أنقرة الأسبوع الماضي، خلال زيارة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، عقد اجتماعين؛ الأول لمجموعة التخطيط المشتركة التركية العراقية، والثاني للآلية الأمنية التركية العراقية رفيعة المستوى. وقبيل زيارة الوزير العراقي والوفد المرافق له للعاصمة التركية، قامت بغداد بالتضييق على أنشطة حزب العمال الكردستاني، وأغلقت ثلاثة أحزاب سياسية مرتبطة بالمنظمة الإرهابية.



وتهدف هذه الزيارات والاجتماعات المكثفة إلى تعزيز العلاقات التركية العراقية الثنائية في مختلف المجالات، كما تهدف إلى القضاء على خطر حزب العمال الكردستاني الذي يهدد البلدين.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، أعلن الأحد، عبر حسابه في منصة "إكس"، تحييد أربعة إرهابيين تسللوا من العراق إلى الأراضي التركية باستخدام طائرات شراعية، ونشر مقطع فيديو يظهر مشاهد من العملية، مضيفا أن مسيرة "أكينجي" التابعة لقيادة القوات البرية رصدت انتهاك جسمين طائرين، وأن قوات الأمن التركية عثرت على أسلحة وذخائر ومعدات بحوزة الإرهابيين الذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية في تركيا.

هل كانت العملية الإرهابية التي تم إفشالها رسالة إلى تركيا والعراق تعبر عن انزعاج حزب العمال الكردستاني والداعمين له من التقارب بين أنقرة وبغداد؟
هل كانت العملية الإرهابية التي تم إفشالها رسالة إلى تركيا والعراق تعبر عن انزعاج حزب العمال الكردستاني والداعمين له من التقارب بين أنقرة وبغداد؟ يجيب خبير السياسات الأمنية التركي البروفسور مسعود حقي جاشين، على هذا السؤال بـ"نعم"، ويقول إن المشتبه الأول في هذه العملية هو القيادة المركزية للولايات المتحدة "سينتكوم"، مضيفا أنه يرى أن سينتكوم هي التي قامت بتدريب عناصر حزب العمال الكردستاني على استخدام الطائرات الشراعية. ويذهب الخبير التركي إلى أن الولايات المتحدة مستاءة من مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا والعراق لمكافحة حزب العمال الكردستاني، وإنشاء مركز تنسيق أمني مشترك في بغداد، ومركز تدريب وتعاون مشترك في قاعدة بعشيقة التركية بشمالي العراق.

الولايات المتحدة تستثمر في حزب العمال الكردستاني منذ سنين، وتدعمه بالمال والسلاح والذخيرة والتدريب، تارة بشكل سري وأخرى بشكل علني. وتتدفق مساعداتها للمنظمة الإرهابية في سوريا، بدعوى مكافحة تنظيم داعش الإرهابي. وما زالت الطائرات والشاحنات تنقل المدرعات والأسلحة الأمريكية إلى حزب العمال الكردستاني عموما، وفرعه السوري على وجه الخصوص. وبالتالي، لا غرابة في استياء الولايات المتحدة من الخطوات التركية العراقية الهادفة إلى القضاء على الخطر الذي يشكله حزب العمال الكردستاني، لأن تلك الخطوات تستهدف في ذات الوقت خطط الولايات المتحدة وإحدى أهم أدواتها في المنطقة.

العقيد الأمريكي المتقاعد والمستشار السابق لوزارة الدفاع الأمريكية، دوغلاس ماكغريغور، في تعليقه على تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران، قال إن الولايات المتحدة تدعم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي وبعض المنظمات الأخرى التي تعمل معها في سوريا، لمهاجمة تركيا. وحين طلب مراسل قناة سي إن إن التركية في واشنطن، يونس باكصوي، تعليقا على ما ورد في تصريحات العقيد الأمريكي المتقاعد، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الشخص المذكور غير مخول للحديث باسم الولايات المتحدة، وأضافت أن واشنطن تصنف حزب العمال الكردستاني ضمن التنظيمات الإرهابية.

تذكير وزارة الخارجية الأمريكية بأن حزب العمال الكردستاني مدرج في قائمة التنظيمات الإرهابية، لا يعني شيئا في ظل الدعم السخي الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى المنظمة الإرهابية وتعاون القوات الأمريكية معها في سوريا. كما أن ادعاء واشنطن بأن قوات سوريا الديمقراطية ليست تابعة لحزب العمال الكردستاني لا يصدقه أحد في تركيا
تذكير وزارة الخارجية الأمريكية بأن حزب العمال الكردستاني مدرج في قائمة التنظيمات الإرهابية، لا يعني شيئا في ظل الدعم السخي الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى المنظمة الإرهابية وتعاون القوات الأمريكية معها في سوريا. كما أن ادعاء واشنطن بأن قوات سوريا الديمقراطية ليست تابعة لحزب العمال الكردستاني لا يصدقه أحد في تركيا. وإضافة إلى ذلك، لا يحتاج الأتراك إلى اعتراف عقيد أمريكي متقاعد لينظروا إلى تحركات الولايات المتحدة بعين الريبة، في ظل وجود مؤشرات أخرى تشير إلى أن القوات الأمريكية بدأت تحاصر تركيا.

الولايات المتحدة أقامت في مدينة "دده آغاتش/أليكساندروبولي"، الواقعة في شمال شرق اليونان على الساحل الشمالي لبحر إيجه، قاعدة عسكرية كبيرة تحت مظلة حلف شمالي الأطلسي، وأرسلت إليها كمية كبيرة من الآليات العسكرية والأسلحة والذخائر، بما فيها الدبابات والمروحيات الهجومية. ويرى كثير من الخبراء العسكريين، مثل الأدميرال المتقاعد جهاد يايجي، أن هذا الحشد العسكري المتمركز في القاعدة القريبة من الحدود التركية يستهدف تركيا بالدرجة الأولى، حتى لو قالت الولايات المتحدة إنه موجه إلى روسيا، ويستدلون على ذلك بعدم استخدام القاعدة في دعم أوكرانيا ضد روسيا، كما يشيرون إلى تصريحات مسؤولين أمريكيين ذكروا فيها بلغة التهديد أن القاعدة ستعزز القوة العسكرية اليونانية وأن تركيا يجب أن تأخذ ذلك في الحسبان.

المستاؤون من التعاون التركي العراقي في مكافحة الإرهاب كُثُر، على رأسهم حزب العمال الكردستاني، المستهدف الأول بهذا التعاون. كما أن هناك قوى إقليمية ودولية ترى المنظمة الإرهابية أداة في تنفيذ مخططاتها والضغط على تركيا وابتزازها، مثل إسرائيل وروسيا وإيران، إلا أنه مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تحتل مكانة متميزة بين جميع الداعمين لحزب العمال الكردستاني ومستخدميه.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراقي الإرهابية تركيا العمال الكردستاني العراق امريكا تركيا الإرهاب العمال الكردستاني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی الترکیة العراقیة الولایات المتحدة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الإمارات وفرنسا تبحثان تعزيز التعاون في مكافحة الجرائم المالية

زار وفد من دولة الإمارات برئاسة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، خلال الأسبوع الجاري، العاصمة الفرنسية باريس لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم المالية والجرائم المنظمة وتعزيز الأمن الاقتصادي الدولي.
وتهدف الزيارة إلى استعراض الخطة الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات 2024-2027، في مجال مكافحة الجرائم المالية، وإبراز جهود الدولة الاستباقية لتعزيز التعاون والشراكات الدولية وتبادل الخبرات في هذا المجال، كما تعكس الزيارة التزام دولة الإمارات بتفعيل قنوات اتصال فعّالة للحد من الجرائم المالية، بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للدولة لضمان الامتثال للمعايير العالمية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشاد فهد سعيد الرقباني، سفير الدولة لدى الجمهورية الفرنسية بالعلاقات الثنائية الوطيدة التي تجمع دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، مؤكداً أن الزيارة تمثل خطوة جديدة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية والقوية بين البلدين، والتي تقوم على أسس من التعاون الوثيق والالتزام المشترك بالأمن الاقتصادي العالمي في مكافحة الجرائم المالية.
وقال، إنه من خلال التعاون المتواصل وتبادل الخبرات، تسعى الدولتان إلى تعزيز الجهود الدولية في مواجهة التحديات المتعلقة بالتهديدات الأمنية المالية، مشيراً إلى استعراض الوفد الذي تقوده الأمانة العامة النهج الشامل الذي تتبناه دولة الإمارات في مكافحة الجرائم المالية.
ولفت إلى أن دولة الإمارات، تعد شريكاً فاعلاً في الجهود الدولية لمكافحة الجريمة المالية وهي ملتزمة بتطبيق أفضل الممارسات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المحافظة على تعزيز النمو الاقتصادي.
من جانبه، أكد حامد سيف الزعابي الأمين العام ونائب رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال، أهمية تعزيز العمل الدولي في مواجهة الجريمة المالية، موضحاً أن الجمهورية الفرنسية تعد أحد أكبر الشركاء التجاريين للدولة، وبالمثل فإن الإمارات هي أكبر شريك تجاري لفرنسا في المنطقة، الأمر الذي يتحتم معه تعزيز الشراكة لمواجهة أي تدفقات مالية غير مشروعة.
وقال: إن الزيارة تعد جزءاً من الالتزام والإيمان الراسخين بتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات، لافتاً إلى أنه تمت مناقشة تعزيز الشراكة في العديد من الجوانب ومع عدد من الشركاء من وزارات الخزانة والعدل والداخلية ووحدة المعلومات المالية، وغيرها.
وأكد تطلعه لمواصلة العمل مع الشركاء الفرنسيين خاصة في القضايا ذات الأولوية مثل الجرائم المنظمة ومكافحة الاتجار بالمخدرات والحد من المخاطر المشتركة بين البلدين.
وضم وفد الدولة المشارك في الزيارة، مسؤولين من وزارة الداخلية، والنيابة العامة الاتحادية، ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ووحدة المعلومات المالية، ومركز دبي للأمن الاقتصادي.
وقد عززت دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية العلاقات الثنائية من خلال التعاون الرسمي والمعلوماتي فيما يتعلق بمكافحة الجرائم المالية، ففي نوفمبر 2024، التقى عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل، جان فرانسوا بوهنيرت رئيس مكتب المدعي العام المالي الوطني الفرنسي، في العاصمة أبوظبي، لاستكشاف سبل تعزيز التعاون الثنائي في المسائل القانونية والقضائية، كما وقعت وحدات المعلومات المالية في دولة الإمارات وفرنسا في فبراير 2024، مذكرة تفاهم لتعزيز تبادل المعلومات المالية، ما يعكس التزام البلدين بتعميق التعاون في مكافحة الجرائم المالية وتعزيز الشفافية المالية. (وام)

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء العراقي لـ ترامب: لن نسمح بالتدخل في شئوننا
  • المزروعي يستعرض علاقات التعاون مع السفير التركي
  • باكستان تبحث تعزيز التعاون الأمني مع المغرب في مكافحة الإرهاب
  • حكومة الدبيبة تبحث مع السفير التركي تسهيل إقامة الليبيين في تركيا ومتابعة الاتفاقيات
  • مرصد الأزهر يحلل إحصائيات جرائم التنظيمات الإرهابية شرق إفريقيا خلال ديسمبر 2024
  • تحالف الظلام بين بارونات المخدرات وأمراء التنظيمات الإرهابية
  • الإمارات وفرنسا تبحثان تعزيز التعاون في مكافحة الجرائم المالية
  • في مؤتمر صحفي بعدن.. أسرة عشال تستعرض آخر مستجدات قضية نجلها وتحمل جهاز مكافحة الإرهاب المسؤولية
  • وزير خارجية نيجيريا: لا يمكن مكافحة الإرهاب بمعزل عن قضايا التعليم
  • العراق يبلغ الولايات المتحدة بتطلعه لتعزيز التعاون مع أمريكا في عهد ترامب