الجزيرة:
2024-11-23@13:55:48 GMT

المفاوضات.. هل هي خدعة من نتنياهو؟

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

المفاوضات.. هل هي خدعة من نتنياهو؟

جرت عدّة جولات من المفاوضات الرامية إلى وقف الحرب الإسرائيليّة على غزّة دون أن تحرز حتى الآن تقدمًا فارقًا يؤدي إلى وقف العدوان كخطوة أولى، توطئة لانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع بعد تبادل الأسرى والاتفاق المبدئي على خطة لإعادة إعمار ما دمّرته الآلة العسكرية الإسرائيلية.

ومع محاولات الوسطاء، ممثلين في مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنضاج اتفاق يوقف الحرب، تبدي المقاومة تذمرًا من التسويف الإسرائيلي والتهرب من الاستحقاقات، ما يدفعها أحيانًا إلى الاحتجاج بفعل وليس بالقول فقط، مثلما هددت بعدم إرسال وفد مفاوضاتها إلى "الدوحة" و"القاهرة".

لكن هذا لا يمثل موقفًا نهائيًا من عملية التفاوض برمتها، ولا يمكن تفسيره على أن المقاومة في غزة قد اختارت المضي في القتال إلى ما لا نهاية. فهذا أمر لا يمكن تصوره ولا تبرره ثقة المقاومين في قدراتهم، ولا عدم اكتراثهم بالمعاناة القاسية التي يعيشها أهل غزة، خصوصًا الأطفال والنساء والعجائز والمرضى والمشردين، إنما هو تعبير عن احتجاج قيادة المقاومة على المسلك التفاوضي الإسرائيلي، الذي لا يُظهر أي نية صادقة في إنضاج اتفاق ينهي القتال.

فالمقاومة، وبعد خبرة طويلة من التجريب والمعاناة، باتت تدرك كيف يفكّر ساسة إسرائيل، وكيف تنقل تل أبيب عملية التفاوض من وسيلة للبحث عن حلّ إلى أداة تلاعب أو شرك خداعي، تريد من خلاله تحقيق عدة أهداف في وقت واحد، وهي:

تطبيق جزء من "العقيدة القتالية" للجيش الإسرائيلي

لا تخرج عن التكتيك المعهود، الذي طالما طرح السلام على أنه مجرد هدنة بين حربين، وجلس إلى التفاوض لإرهاق خصومه أو أخذ أكبر مكسب ممكن منهم بلا حرب. وهذا ما تؤكده الخبرة العربية في التعامل مع إسرائيل على مدار ثلاثة أرباع قرن.

كسب مزيد من الوقت

يتيح لنتنياهو ترتيب أوراقه الداخلية الضاغطة عليه، إذ يدرك تمامًا أن توقف المعركة في غزة، يعني على الفور بدء معركة سياسية وقانونية تخصّه في تل أبيب، لا يضمن أن يخرج منها منتصرًا، بل لا يضمن أساسًا أن يُقلل فيها خسائره إلى حد يبقيه على قيد الحياة السياسية ولو لسنوات قليلة قادمة.

 يراهن نتنياهو على أن استدراج المقاومة إلى التفاوض قد يؤدي إلى تراخي مقاتلي الفصائل الفلسطينية، حين يعتقدون، ولو لبضعة أيام، أن الحرب ستنتهي قريبًا

استخدام التفاوض كواجهة

تحاول إسرائيل من خلالها تجميل وجهها الحربي العدواني أمام شعوب العالم، التي بات فيها كثيرون ناقمين على القتل المفرط والتدمير الذي وصل إلى حد "الإبادة الجماعية" للفلسطينيين في غزة. تسعى تل أبيب إلى إظهار نفسها كطرف جادّ في البحث عن حلّ، بينما هي في الواقع لم تتخلَّ عن الحل الوحيد الذي تؤمن به الآن، وهو استئصال المقاومة، أو تحطيمها بحيث تفقد الفاعلية تمامًا، ثم حرمانها من إدارة قطاع غزة بعد الحرب.

في الوقت نفسه، يستخدم نتنياهو ورقة التفاوض لتقليل الضغوط الدولية عليه، لا سيما مع توالي القرارات والنداءات التي تطالب بوقف الحرب فورًا، سواء من قبل منظمات دولية أو على ألسنة مسؤولين في حكومات عدة حول العالم. ولذلك يحاول الساسة في إسرائيل تحميل "حماس" مسؤولية عرقلة التفاوض، وهو كذب صريح تثبته تصريحات المسؤولين في مصر وقطر، خاصة أنّ البلدين منخرطان بعمق في رعاية هذا التفاوض.

تقليل الأثر الداخلي

يستعمل نتنياهو التفاوض كورقة رابحة لتقليل الأثر السياسي والاجتماعي لقطاع من الشعب الإسرائيلي، بمن فيهم جنرالات سابقون في الجيش وضباط استخبارات متقاعدون وأهالي الأسرى، الذين يرون أن الحرب قد تفشل في تحقيق الأهداف التي حددها الجيش الإسرائيلي في بدايتها. هؤلاء يتحدثون دائمًا عن أن نتنياهو لا يريد التفاوض، وأنه حتى إن وافق على إرسال وفد إسرائيلي، فهو لا يسعى لتحقيق أي حل حالي يقود إلى وقف الحرب.

إضعاف المقاومة

يراهن نتنياهو على أن استدراج المقاومة إلى التفاوض قد يؤدي إلى تراخي مقاتلي الفصائل الفلسطينية، حين يعتقدون، ولو لبضعة أيام، أن الحرب ستنتهي قريبًا. ويعتقد نتنياهو هنا أن اشتداد المقاومة وقت التفاوض ليس تعبيرًا عن قدرة، بل هو محاولة يائسة لتحسين شروط المقاومة على طاولة المفاوضات، جريًا على السلوك المتبع في الحروب كافة.

إحداث شرخ داخل المقاومة

يراهن نتنياهو على أن التفاوض قد يحدث انقسامًا داخل صفوف المقاومة في غزة، خاصة بين جناحيها السياسي والعسكري. السياسيون يتفاوضون تحت ضغوط دولية أو تقديرات ذاتية قد تجعلهم أكثر ميلًا إلى إنهاء جولة الصراع الحالية دون فقدان المقاومة بنيتها العسكرية الفعالة، أو حرمانها من إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهي مسألة قد لا يعطيها المقاتلون على الأرض الوزن نفسه، أو أنهم يقررون في ظل ضغوط مختلفة عن تلك التي يتعرض لها السياسيون.

ربما كان إدراك المقاومة هذه المحاولة الإسرائيلية هو ما رجح تولي السنوار نفسه رئاسة "حماس"، لتبدو القيادة بشقيها السياسي والعسكري متوحدة في وجه إسرائيل، وهو ما حدث بالفعل، كما بينته تصريحات ساسة فلسطينيين ومحللين متابعين للحرب من كثب.

تدرك المقاومة هذه الاعتبارات الستة وتفهم أن نتنياهو لا يستطيع الإعلان صراحة أنه لا يؤمن بأي مفاوضات تقود إلى حل. إنما سبيله الوحيد لتحقيق أهدافه هي الحرب، وإلا ما أقدم في كل مرة تقترب فيها المفاوضات من تحقيق شيء – كما أعلن مسؤولون في الولايات المتحدة نفسها – على القيام بهجوم وحشي على المدنيين في غزة، مما يحرج المقاومة، ويجعل من الصعب عليها الاستمرار في التفاوض؛ لأن ذلك قد يعني القبول بالشروط الإسرائيلية أو الظهور بمظهر المتنازل.

إنّ المقاومة الفلسطينية، وكذلك رعاة التفاوض، بل إسرائيل نفسها، يدركون القاعدة التي تقول إن المفاوضات هي النهاية الطبيعية للحروب، خصوصًا تلك التي لم تُحسم نتائجها في ميدان القتال.

لكن يبقى توظيف نتنياهو وحلفائه من اليمين الإسرائيلي المتشدد للتفاوض كـ "شرك خداعي" أو "واجهة تجميلية" أو "لعبة لكسب الوقت" هو ما يضع أمام هذه القاعدة الكثير من العراقيل والمعوقات، التي تصنعها نوايا شريرة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمين العام لـ«حزب الله»: مستمرون في الميدان سواء نجحت المفاوضات أم لا

أكد نعيم قاسم، الأمين العام لـ حزب الله، اليوم الأربعاء، أن المقاومة اللبنانية تتفاوض على وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية، مؤكدًا أنهم مستمرون في الميدان سواء نجحت المفاوضات أم لا.

وأضاف في كلمة مسجلة على شاشة التليفزيون: «ليس لدينا إلا قرار واحد هو الصمود والاستمرار مهما طال الزمن، أما بالنسبة لوقف إطلاق النار الآن فهو مرتبط بالرد الإسرائيلي وبجدية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو».

وتابع: «نحن أمام خيارين إما القتال أو الاستسلام»، مشيرًا إلى أن عناصر المقاومة تواجه وحوشًا بشرية إسرائيلية تدعمها وحوش بشرية كبرى أمريكية، معقبًا: «سنبقى في الميدان وسنقاتل وسنجعل الكلفة ترتفع على العدو أيضًا».

وواصل: «الاحتلال الإسرائيلي لن يخرج ولن يهزم إلا بالمقاومة، وبسبب خطواتنا الداخلية ستكون تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسية».

اقرأ أيضاًأول تعليق من حزب الله على الاتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان

الأمم المتحدة: نزوح 540 ألف شخص من لبنان إلى سوريا.. واستشهاد أكثر من 200 طفل لبناني

بصواريخ موجّهة.. حزب الله يستهدف جنودًا إسرائيليين في جنوب لبنان

مقالات مشابهة

  • أجندة خارجيّة بتنفيذ محلّي للهجوم على بري
  • حزب الله يستهدف للمرة الثانية تجمعا لقوات الاحتلال بمدينة الخيام
  • ميليشيا حشدوية:سنقاتل إسرائيل حتى الموت من أجل الدفاع عن إيران
  • عضو «النواب اللبناني»: المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لوقف الحرب تحتاج لعصا سحرية
  • نجاة عون: المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لوقف الحرب تحتاج عصا سحرية
  • نجاة عون: مفاوضات إسرائيل ولبنان لوقف الحرب تحتاج لعصا سحرية
  • عضو «النواب اللبناني»: المفاوضات بين إسرائيل ولبنان تحتاج عصا سحرية لوقف الحرب
  • أمين عام حزب الله : التفاوض يجري تحت سقف وقف العدوان بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية (تفاصيل)
  • أمين عام حزب الله اللبناني: نجاح المفاوضات مرتبط بالرد الإسرائيلي وبجدية نتنياهو
  • الأمين العام لـ«حزب الله»: مستمرون في الميدان سواء نجحت المفاوضات أم لا