لعبة المفاوضات.. وسيلة نتنياهو لإدارة الحرب في غزة لا إنهائها
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
لعبة نتنياهو الموقف الأميركي رد حماس الوساطة الأميركية
ترددت كثيرا عبارة "جولة جديدة من المفاوضات" على لسان ساسة الدول المعنية بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ نحو 11 شهرا، وراح ضحيته كل سكان القطاع (نحو 2.5 مليون إنسان) بين شهيد ومصاب ونازح ومفقود تحت أطنان ركام المنازل المقصوفة.
ولم يختلف السيناريو في كل جولة، إذ "تعلن الولايات المتحدة أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضت بنود الاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل".
وما يحدث في الجولة الحالية ليس استثناء من كل سابقاتها، فبعد موافقة المقاومة الفلسطينية على الرؤية التي قدمها الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه مايو/أيار الماضي، وقرار مجلس الأمن يوم 11 يونيو/حزيران 2024، يدخل نتنياهو كل جولة من المفاوضات بشروط جديدة، وتتبناها الإدارة الأميركية وتطلب من حماس الموافقة عليها، وإلا تصبح هي "المتعنتة".
"لعبة نتنياهو"وصرح نتنياهو أمس الثلاثاء بأن إسرائيل لن تقبل مقترحا يتضمن إنهاء الحرب، وشكك في إمكانية إنجاز صفقة تبادل الأسرى.
وقال -خلال اجتماع مع عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة ممن يرفضون إنجاز الصفقة- إن إسرائيل لن تنسحب من محوري نتساريم وفيلادلفيا بأي شكل، مؤكدا أن الموقعين يشكلان أهمية إستراتيجية عسكريا وسياسيا.
وبهذه العقلية تدخل إسرائيل المفاوضات، ولا تعطي مساحة حتى لفريق التفاوض الذي ترسله في كل جولة من "أجل التمثيل المشرف" ليس أكثر، ومن أجل ذلك نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين في فريق التفاوض الإسرائيلي أن "نتنياهو يسعى إلى تفجير المفاوضات من خلال تصريحاته أمس".
الموقف الأميركي
وموقف نتنياهو سرعان ما تتبناه السياسة الأميركية ويصبح لسان حالها ناطقا بمطالبه الجديدة، فارضة ذلك على الوسطاء في كل جولة، حسب ما قاله الباحث السياسي الفلسطيني سعيد الحاج، إذ يرى أن واشنطن أصبحت جزءا من الحرب وتخلت عن صفة الوسيط النزيه، وتقدم لنتنياهو مزيدا من الوقت لتحقيق أهدافه في قطاع غزة.
وأضاف الحاج -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الولايات المتحدة تمنح حكومة الحرب في إسرائيل غطاء سياسيا، وتوهم المجتمع الدولي بأنها جادة في إيقاف المجازر في غزة، لكنها تقدم كل الدعم لإسرائيل من سلاح وعتاد وصفقات بمليارات الدولارات، والاختلاف فقط بينهما يكون في تفاصيل الأهداف.
رد حماسحركة حماس -بدورها- قالت أمس الثلاثاء إن تصريحات الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بشأن تراجع الحركة عن اتفاق وقف إطلاق النار "هي ادعاءات مضلّلة، ولا تعكس حقيقة موقف الحركة الحريص على الوصول إلى وقف العدوان".
وفي بيان صدر أمس -وأرسلت نسخة منه إلى الجزيرة نت- قال عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم إن "حماس رحبت بإعلان بايدن وقرار مجلس الأمن، وأكدت استعدادها للتطبيق الفوري، وسلمت ردها بالموافقة على مقترح الوسطاء بتاريخ الثاني من يوليو/تموز".
ثم أوضح البيان موقف نتنياهو من هذه الموافقة بأنه "ردّ على كل هذه المشاريع والمقترحات بمزيد من المجازر والقتل… ووضع شروطا جديدة للتفاوض".
ولذلك، يذهب الكاتب والباحث السياسي عبد الله عقرباوي -في مقابلة مع الجزيرة- إلى أن الجولة الأخيرة من المفاوضات لم تشارك فيها حماس من الأساس، وما حدث كان مجرد عملية تفاوض داخلية ونقاش بين إدارة بايدن ونتنياهو على مقترحات سابقة للإدارة الأميركية التي سمحت له بأن يُدخل شروطا جديدة عليها، ثم تطلب هذه الإدارة من حماس أن توافق على نقاش لم تكن طرفا فيه.
الوساطة الأميركية
وبعد نحو 11 شهرا من العدوان على قطاع غزة، هل يمكن تقييم الدور الأميركي في الوساطة بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وبعد انعقاد كل جولات المفاوضات هذه؟
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، يجيب عن هذا التساؤل مدير مركز القدس للدراسات عماد أبو عواد بأن "بلينكن يخرج من الولايات المتحدة وزيرا لخارجيتها، لكنه عندما يصل إلى إسرائيل يتحول إلى يهودي"، ومن ثم فإن اتهاماته المباشرة لحركة حماس تهدف إلى جملة من الأمور:
تبرئة ساحة إسرائيل من فشل كل جولات التفاوض. تقديم صورة عن إسرائيل تخدم مصالحها أميركا في الانتخابات المقبلة. الضغط على إيران وحزب الله حتى لا يكون هناك ردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حماس إسماعيل هنية، وإن وُجد فيكون في السياق الذي يمكن أن تتحمله إسرائيل. عدم الوصول إلى مرحلة التصعيد التي قد تؤدي إلى حرب إقليمية.
ويذهب سعيد الحاج إلى أن الوساطة الأميركية تتماهى مع الموقف الإسرائيلي وتتبناه، وأن الولايات المتحدة لو أرادت إيقاف الحرب، فإنها تستطيع ذلك بما تقدمه لإسرائيل من تمويل وتسليح، وبما تملكه من دعم سياسي في المؤسسات الدولية التي يمكن أن تشكل ضغطا حقيقيا على إسرائيل.
ويلخص عقرباوي المشهد قائلا إن وزير خارجية أميركا "يتجاهل أن هناك طرفا آخر يقاتل في الميدان، أو أن هناك شعبا آخر موجودا في غزة، أو أن هناك طموحا وطنيا أو قوميا للفلسطينيين ويتعامل كأن هناك حالة فراغ في الوضع الفلسطيني، وإذا كان بلينكن ونتنياهو قادرين على فرض هذا الاتفاق -الذي توافقا عليه- على المقاومة وعلى أهلنا في غزة، فعليهم أن يفرضوه في الميدان، وليس خلف الشاشات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة أن هناک کل جولة فی غزة
إقرأ أيضاً:
باحثة سياسية: نتنياهو يخطط لنصر مطلق في الشرق الأوسط وليس غزة فقط
قالت تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية من رام الله، إنّ نتنياهو يستخدم الأسلوب الحربي الشديد المتعلق بسياسة التجويع والقصف المستمر داخل غزة، لافتة إلى أنّ القطاع يشهد غارات مكثفة اليومين الماضيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
نتنياهو لن ينهي الحرب إلا بإزالة حماسوأضافت «حداد»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنّ تصريح نتنياهو أمس أشار إلى أنّ الحرب في قطاع غزة لم تتوقف إلا بعملية إزالة حركة حماس، موضحا أنّه يريد تعزيز فكرة أنّ ما فعلته حماس في 7 أكتوبر يحتاج إلى درس كبير للانتقام منها.
مساعي نتنياهو للسيطرة على المنطقةوتابعت: «نفسية الانتقام من قبل نتنياهو ما زالت هي الراسخة في اللحظة الحالية ويريد إعادة سمعة الجيش بالوصول إلى النصر المطلق في أرض منطقة الشرق الأوسط بأكملها وليس في قطاع غزة فقط».
وواصلت: «يتم تعزيز الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إذ لا إدخال للطعام والشراب، فضلاً عن القصف المستمر حتى بالمناطق المصنفة التي تدعي إسرائيل بأنها مناطق آمنة، فإنها لا تسلم من الضربات الصاروخية والقصف على المدنيين الفلسطينيين».