500 يوم حرب.. ملايين السودانيين بقبضة الموت والمرض والجوع
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
مقتل أكثر من 18 ألفا و800 شخص وإصابة ما لا يقل عن 33 ألفا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل 2023، 10,7 ملايين شخص نزحوا داخل السودان في أكبر أزمة نزوح بالعالم و2,3 مليون عبروا الحدود ونحو 755 ألفا آخرين على شفا المجاعة
/ الأناضول
- مقتل أكثر من 18 ألفا و800 شخص وإصابة ما لا يقل عن 33 ألفا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل 2023
- 10.
وسط حرب أهلية مدمرة، يكابد السودان إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يعاني ملايين النازحين الجوع الحاد والأمراض المميتة.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حربا لفرض السيطرة.
وهذه الحرب أسفرت عن مقتل أكثر من 18 ألفا و800 شخص، وإصابة ما لا يقل عن 33 ألفا، حسب أرقام الأمم المتحدة، التي حذرت مؤخرا من أن السودان بات عند "نقطة الانهيار الكارثي".
ومع اقتراب الصراع من يومه الخمسمئة في 27 أغسطس/ آب الجاري، تعتمد الآمال حاليا في إنهاء الحرب على محادثات سلام انطلقت في جنيف يوم 14 أغسطس، برعاية الولايات المتحدة.
ولا يزال السودان البالغ عدد سكانه نحو 46 مليون نسمة، غارقا في الفوضى والكوارث، وتطارد شعبه ثلاثية الموت والمرض والجوع.
** أكبر أزمة نزوح بالعالم
ويواجه السودان أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، إذ يقدر عدد النازحين بنحو 10.7 ملايين، بما في ذلك 2.1 مليون أسرة، وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وقال متحدث منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" جيمس إلدر، مؤخرا، إن نحو 5 ملايين طفل سوداني أُجبروا على الفرار من منازلهم.
وأوضح إلدر أن "10 آلاف فتاة وفتى ينزحون يوميا في المعدل، ما يجعل السودان أكبر أزمة نزوح أطفال في العالم"، مشيرا إلى أن 55 بالمئة من النازحين دون سن 18 عاما.
وعلى مستوى اللاجئين، عبر منذ اندلاع الحرب نحو 2.3 مليون سوداني إلى دول مجاورة، بينها مصر وتشاد وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا وليبيا وأوغندا، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
وإجمالا، حسب "أوتشا"، فر أكثر من 20 بالمئة من سكان السودان من منازلهم إما داخليا أو عبر الحدود بسبب الحرب.
وفي السودان نحو 14 بالمئة من إجمالي النازحين داخليا على مستوى العالم، ما يعني أن "نحو 1 من كل 7 نازحين داخليا في أنحاء العالم هم سودانيون"، وفق منظمة الهجرة.
وتفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات ما أثر على 143 ألف شخص في 13 ولاية من أصل 18 ولاية منذ يونيو/ حزيران الماضي.
ووفق الأمم المتحدة، نزح نحو 27 ألف شخص بسبب الفيضانات.
** مستويات جوع قياسية
كما بلغ انعدام الأمن الغذائي مستويات قياسية، إذ يعاني نحو 26 مليون شخص من الجوع الحاد أو مستويات عالية من الجوع الحاد، حسب "أوتشا".
وقال المكتب الأممي مؤخرا إن "نحو 25.6 مليون شخص، أي حوالي نصف السكان، يواجهون أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي بين يونيو وسبتمبر/ أيلول 2024، وقرابة 755 ألفا على شفا المجاعة".
وتأكدت المجاعة في منطقة واحدة هي مخيم زمزم للنازحين قرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، بينما باتت نحو 13 منطقة في أجزاء أخرى من السودان معرضة لخطر المجاعة.
و"أدى تدمير البنية التحتية للطاقة والمياه والصرف الصحي في مناطق الصراع إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض وساهم في خطر المجاعة"، وفق الأمم المتحدة.
** غياب الرعاية الصحية
ويفتقر شخصان من كل ثلاثة في السودان إلى الرعاية الصحية، حسب الأمم المتحدة.
وقال مكتب "أوتشا" إن أقل من 25 بالمئة من المرافق الصحية تعمل في المناطق الأكثر تضررا، مع تدمير بقية المرافق.
وتابع: "منذ أبريل 2023، جرى شن 88 هجوما على مرافق صحية وسيارات إسعاف وأصول ومرضى وعاملين صحيين، ما أودى بحياة 55 شخصا وأصاب 104".
كما انتشرت أمراض معدية وفيروسية في البلاد، بينها الكوليرا والتهاب السحايا وحمى الضنك.
وقالت السلطات المحلية إن تفشي الكوليرا أودى بحياة 22 شخصا في الأسابيع الأخيرة من بين أكثر من 350 إصابة مؤكدة.
ومع استمرار تفشي العنف الجنسي خلال الصراع، حذر مكتب "أوتشا" من أن نحو 6.7 ملايين شخص، وخاصة النساء والفتيات، معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
** هجمات على مدارس
وحسب اليونيسف، فإن أكثر من 17 مليون طفل في سن المدرسة لا يحصلون على تعليم آمن في السودان، وقد ظلت المدارس مغلقة لأكثر من عام.
وأفادت الأمم المتحدة بـ"تعرض أكثر من 110 مدارس ومستشفيات لهجمات منذ بداية الصراع، وتُستخدم مئات المدارس ملاجئ للنازحين، ما يقيد الوصول إلى التعليم في المناطق التي تم فتح المدارس فيها جزئيا".
كما أودت الهجمات على المدارس بحياة العديد من الأطفال، مثل القصف الذي أصاب الأسبوع الماضي مدرسة وسوقا في ولاية كردفان (جنوب)، ما أسفر عن مقتل 5 فتيات وإصابة 20 طفلا.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أکبر أزمة نزوح الأمم المتحدة بالمئة من أکثر من
إقرأ أيضاً:
نھج أمریكي أكثر جرأة لإنھاء الحرب في السودان: معالجة التھدیدات الرئیسیة وتحدید المصالح
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان
بقلم: السفیر دونالد إي. بوث
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان خطوطًا إرشادیة داخلیة واضحة حول المصالح الأمریكیة، وبالتالي تحدید ما یستحق استخدام القوة والنفوذ الأمریكي لتحقیقھ أو منعھ. تحدید المصالح والتھدیدات الأمریكیة في السودان.
یشكل الصراع الحالي في السودان تھدیدات خطیرة محتملة للولایات المتحدة، وأبرزھا خطر عودة الإرھاب. فقد استضاف النظام الإسلامي الذي حكم السودان لمدة ثلاثین عامًا حتى عام 2019 أسامة بن لادن وغیره من المنظمات الإرھابیة التي استھدفت الولایات المتحدة وإسرائیل. ومن السودان، خطط تنظیم القاعدة لھجمات إرھابیة عام 1998 على السفارات الأمریكیة في شرق إفریقیا والھجوم على المدمرة الأمریكیة یو إس إس كول عام 2000. أنھت الثورة الشعبیة في 2018 و2019 ذلك النظام.
ومع ذلك، یعتمد الجیش السوداني (القوات المسلحة السودانیة - SAF) الآن بشكل متزاید على القوى السیاسیة الإسلامیة المتجددة والمیلیشیات المسلحة التي تعود جذورھا إلى النظام السابق في حملتھ ضد قوات الدعم السریع (RSF)، التي ارتكبت إبادة جماعیة في بعض المناطق التي تسیطر علیھا. قد یكون اعتماد قیادة الجیش السوداني على الدعم الإسلامي نتیجة نقص البدائل القابلة للتطبیق أكثر من كونھ بسبب توافق أیدیولوجي. یمكن أن یؤدي عودة حكومة إسلامیة في أعقاب انتصار الجیش إلى إحیاء التھدید الإرھابي للولایات المتحدة. كما قد یؤدي ذلك إلى تنفیذ اتفاق النظام السابق لمنح روسیا قاعدة بحریة على البحر الأحمر، وتعزیز النفوذ الاقتصادي الصیني، وإحیاء التعاون الأمني الإقلیمي مع إیران.
إلى جانب كونھا تھدیدات للمصالح الأمریكیة، بما في ذلك حریة الملاحة في البحر الأحمر، فإن ھذه النتائج غیر مرغوبة لشركائنا الإقلیمیین الرئیسیین – مصر، والإمارات العربیة المتحدة، والمملكة العربیة السعودیة. كما أن التزام السودان باتفاقیات إبراھام سیكون معرضًا للخطر مع عودة القوى السیاسیة الإسلامیة السودانیة. لن یتم ترسیخ النفوذ الأمریكي في السودان وتحقیق الاستقرار إلا من خلال إنشاء حكومة مدنیة دیمقراطیة غیر إسلامیة تعمل مع قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة.
تنسیق نھجنا مع الشركاء الرئیسیین في المنطقة – مصر، السعودیة، والإمارات العربیة المتحدة یكمن مفتاح تحقیق السلام المستدام وتجنب النتائج الضارة بالمصالح الأمریكیة في
تنسیق نھج الشركاء الإقلیمیین. حالیًا، تدعم مصر الجیش السوداني (SAF)، بینما تدعم الإمارات العربیة المتحدة قوات الدعم السریع (RSF). الفرصة المتاحة لجعل مصر والإمارات تتعاونان تكمن في رغبتھما المشتركة في منع عودة النظام الإسلامي. أما المملكة العربیة السعودیة، فھي غیر مھتمة برؤیة السودان یعود إلى الوضع الذي كان علیھ قبل عام 2019، عندما كان بحاجة دائمة إلى الموارد بدلاً من أن یكون وجھة استثماریة مستقرة. ھناك مؤشرات على أن الإمارات قد تعید تقییم دعمھا لقوات الدعم السریع في ضوء انتكاساتھا العسكریة الأخیرة.
یجب أن تركز المشاركة الأمریكیة بشأن السودان أولاً وقبل كل شيء على تحقیق تفاھم مع ھذه الدول الثلاث وبینھا حول كیفیة إنھاء الحرب عبر اتفاق یحمي المصالح الأمنیة والسیاسیة والاقتصادیة الأساسیة للولایات المتحدة وشركائھاالإقلیمیین في السودان. التوفیق بین المصالح الاقتصادیة والحكم المدني والعسكري یتطلب تحقیق المصالح الأمریكیة تعاونًا سودانیًا بالإضافة إلى التعاون الإقلیمي. أثبتت الثورة في 2018-2019 الرغبة العارمة للسودانیین في حكومة مدنیة دیمقراطیة. یمكن لتحالف مدني واسع للسلام أن یسرّع تحقیق السلام وإعادة ھیكلة الحوكمة. ومع ذلك، لا یمكن تحقیق ذلك إلا إذا تم طمأنة قیادة الجیش السوداني بأن القوات المسلحة الموحدة والمھنیة ستظل ركیزة مؤسسیة رئیسیة ولاعبًا اقتصادیًا مھمًا في السودان الجدید.
ھناك بالفعل أدلة على أن أعدادًا متزایدة من المدنیین السودانیین ینظرون إلى الجیش السوداني كمنقذ من الأفعال المفترسة لقوات الدعم السریع. في عام 2021، أطاح الجیش السوداني وقوات الدعم السریع معًا بالحكومة الانتقالیة المدنیة إلى حد كبیر لأن تلك الحكومة بدت وكأنھا تتخذ إجراءات عدوانیة لتقویض المصالح الاقتصادیة للقوات المسلحة وقوات الدعم السریع. في الآونة الأخیرة، أشارت قیادة الجیش السوداني إلى انفتاحھا على حكومة انتقالیة. في المستقبل، قد تكون ھناك فرص للعمل مع تحالف مدني أوسع من الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشعبیة، لا سیما إذا كان ذلك سیسرع من إنھاء الحرب.
كلما طال أمد القتال، زاد اعتماد الجیش السوداني على الإسلامیین ومیلیشیات أمراء الحرب الإقلیمیة، مما یؤدي إلى تكوین تحالفات ھشة وتقلیل سیطرة الجیش السوداني بشكل عام. ھذا یھدد أھداف الجیش السوداني وكذلك المصالح الأمریكیة المستقبلیة. المساعدات الإنسانیة الكبیرة التي قدمتھا الولایات المتحدة في السودان تمنحھا نفوذًا لدى المدنیین السودانیین، خاصة إذا تم توجیھ المزید منھا إلى “غرف الطوارئ الشعبیة”. كما أن العقوبات المفروضة على قیادة الجیش السوداني تمنح الولایات المتحدة القدرة على التوصل إلى اتفاق بین الجیش والمدنیین.
إن وجود سودان مدني یقوده جیش محترف وموحد یمكن أن یمكّن البلاد من الالتزامباتفاقیات إبراھام ویؤسس لشریك أفریقي استراتیجي مستعد للتعاون في مجالات أخرى ذات أھمیة للولایات المتحدة. قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة عنصر رئیسي آخر مطلوب لجعل السودان مستقرًا وقابلًا للحكم وجاذبًا للاستثمار الأمریكي والإقلیمي ھو تشكیل جیش وطني واحد مستدام. قد یؤدي إقناع قیادة الجیش السوداني بأن الولایات المتحدة مستعدة، من خلال العمل أساسًا مع شركائنا الإقلیمیین الرئیسیین، للمساعدة في تشكیل قوة موحدة ومھنیة إلى كسب تعاون الجیش السوداني في حمایة المصالح الأمریكیة ووضع السودان على طریق الحكم المدني الدیمقراطي.
قد تنضم بعض المیلیشیات المسلحة المتحالفة مع الجیش السوداني طوعًا، بینما قد تحتاج أخرى إلى حوافز لقادتھا وأفرادھا، في حین قد یكون من الضروري قمع البعض بالقوة. إنشاء جیش وطني موحد ومھني ھو في مصلحة شركائنا الإقلیمیین الذین یریدون شریكًا موثوقًا بھ على طول قناة السویس والبحر الأحمر ونھر النیل، وبالتالي فھم مؤھلون بشكل جید لمساعدة السودان في ھذه المھمة الضروریة.
توفر مشاركة الولایات المتحدة مع السودان فرصة لیس فقط لتجنب نتائج خطیرة محتملة، ولكن أیضًا لبناء تعاون مفید مع الشركاء الرئیسیین في الشرق الأوسط. إن وجود سودان مدني یقوده جیش موحد ومھني یمكن أن یعزز التزام السودان باتفاقیات إبراھام، ویجعل منھ شریكًا أفریقیًا استراتیجیًا مستعدًا للتعاون في المجالات الأخرى ذات الاھتمام الأمریكي.