تخطط نائبة الرئيس الأميركي، المرشحة عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، كامالا هاريس، لحظر التلاعب بأسعار مواد البقالة والسلع الغذائية، في إطار خططها لمكافحة الأسعار المرتفعة، إذا فازت بالسباق الرئاسي في نوفمبر المقبل.

وتلقي هاريس، التي ستقبل رسميا ترشيح الحزب في المؤتمر الوطني الديمقراطي بولاية شيكاغو هذا الأسبوع، باللوم على الشركات في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وتشير استطلاعات الرأي التي أجرتها الخبيرة الاقتصادية، ستيفاني ستانتشيفا، من جامعة هارفارد، إلى أن العديد من الناس ـ الديمقراطيين على وجه الخصوص ـ يعتقدون أن "جشع الشركات هو المسؤول عن التضخم في الولايات المتحدة".

وترفض شركات صناعة الأغذية هذا الاعتقاد، بحجة أن ارتفاع الأسعار "يرتبط بإعادة التنظيم الاستثنائية للاقتصاد بسبب ما خلفه وباء كورونا، الذي أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد، وضخ الحكومة المزيد من الأموال في الاقتصاد مع زيادة الطلب".

ولم يقدم فريق هاريس سوى القليل من التفاصيل حتى الآن حول خطتها، لكن ماذا يقول خبراء الاقتصاد عن التلاعب بالأسعار وما هو؟، وكيف يمكن الحد منه؟.

يشيد بها الديمقراطيون وينتقدها الجمهوريون.. أبرز نقاط خطة هاريس الاقتصادية مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل، تسعى نائبة الرئيس كامالا هاريس للنأي بنفسها عن بعض سياسات الرئيس جو بايدن الاقتصادية وتقديم خطة مختلفة لمعالجة التضخم الذي زاد في الأعوام الأخيرة. لماذا؟

وفقا لـ"وول ستريت جورنال"، فعلى الرغم من أن التضخم الغذائي تراجع بعض الشيء مؤخرا، فإن الأسعار تظل أعلى كثيرا مما كانت عليه قبل الجائحة.

واعتبارا من يوليو الماضي، كانت أسعار المواد الغذائية للمستهلكين في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 26 بالمئة مما كانت عليه في نهاية عام 2019، في حين ارتفعت أسعار باقي السلع، باستثناء المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 14 بالمئة فقط.

ويقول مدير الاقتصاد في مختبر الميزانية بجامعة ييل، إيرني تيديشي، الذي كان يعمل سابقا في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس جو بايدن، إن هوامش الربح في متاجر الأغذية والمشروبات ظلت مرتفعة نسبيا مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، في حين أن هوامش الربح في متاجر التجزئة الأخرى، مثل الملابس والبضائع العامة، لم تتغير.

ويحذر تيديشي خلال حديثه مع "وول ستريت جورنال" من أن هذا قد يكون انعكاسا لاختيارات المستهلكين، فقد تغير المتاجر تفضيلاتها إلى سلع أكثر ربحية، مثل العلامات التجارية الخاصة (منتجات تحمل شعار المتجر).

وعلى الرغم من ذلك، يقول تيديشي: "إن خبراء الاقتصاد لابد أن يكونوا فضوليين بشأن هذا الأمر، وأن يتوصلوا إلى فهم ما يجري".

ضوابط الأسعار؟

باستثناء الأمثلة المتطرفة ـ مثل قيام رجل الأعمال مارتن شكريلي برفع سعر دواء قديم يستخدم لعلاج مرضى الإيدز منذ عقود، من 13.50 دولارا للحبة إلى 750 دولارا في عام 2015 ـ فإن تحديد التلاعب بالأسعار وصياغة السياسات ضده قد يكون صعبا، وفق "وول ستريت جورنال"، التي تحذر من أن القواعد التي تمنع التلاعب بالأسعار قد تتحول في الواقع إلى ضوابط.

وتفترض نظريات الاقتصاد القياسي أن فرض سقف سعري على منتج ما قد يثبط عزيمة البائعين، مما يقلل من كمية المنتج المباع ويؤدي إلى نقص المعروض.

وتشكل سياسات تحديد إيجارات المنازل مثالا على "سقف الأسعار" الذي أصبح عنصرا أساسيا في كتب الاقتصاد، حيث يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن سياسة تحديد الإيجار "فكرة سيئة"، وفق الصحيفة.

ويقول الخبير الاقتصادي في كلية كيلوغ للإدارة بجامعة نورث وسترن، مايكل سينكينسون: "قد يكون من الصعب للغاية وضع أي ضوابط للأسعار لا يمكن التلاعب بها".

وتساءل سينكينسون: "كيف تحدد ضوابط الأسعار؟.. وما هو المعيار الصحيح؟".

الهجرة وغزة وقضايا أخرى.. ما الاختلاف بين هاريس وترامب بشأن الملفات الشائكة؟ تتركز حملة المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، على إكمال ما بدأه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي حلت محله في السباق الانتخابي، إذ وعدت بمواصلة الكثير مما كان يفعله بايدن خلال السنوات الأربع الماضية، حال جرى انتخابها في انتخابات نوفمبر. هل تنجح؟

كانت آراء خبراء الاقتصاد بشأن القواعد التي تمنع التلاعب بالأسعار أثناء الأحداث المتطرفة، مثل العواصف الشديدة، أكثر تباينا من وضع قواعد لحظر التلاعب بشكل عام، وفق "وول ستريت جورنال".

وهناك قوانين شائعة فيما يتعلق بهذا الأمر، فمثلا أثناء حالة الطوارئ في فلوريدا، أُصدر قانون "يحظر تأجير أو بيع أو استئجار أو عرض السلع الأساسية أو الوحدات السكنية أو مرافق التخزين الذاتي بسعر غير عادل".

والأمر ذاته كان بعد وقت قصير من أزمة "كوفيد-19" قبل أعوام، حينما أصدر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا لمنع التلاعب بأسعار الإمدادات الطبية.

ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن رفع الأسعار في ظل هذه الظروف الاستثنائية قد يكون استغلالا، لأن العرض يقتصر على ما تملكه الشركات.

لكن آخرين يرون أن الإشارة التي ترسلها ارتفاعات الأسعار مهمة، حيث إن الزيادة في سعر المياه في جزيرة تتعرض لإعصار يخلق حافزا لشحن المياه بسرعة، في حين أن انخفاض السعر بشكل مُصطنع خلال فترة النقص قد يشجع على الاكتناز.

ويقول الخبير الاقتصادي غريغ مانكيو من جامعة هارفارد، الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين أثناء إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، إن أحد المجالات التي يقبل فيها خبراء الاقتصاد الضوابط السعرية هو "الاحتكارات الطبيعية" مثل شركات المرافق العامة.

لكن تجارة الأغذية ليست احتكارا، فمعظم الناس، وليس كلهم، لديهم خيار الذهاب إلى متجر آخر إذا رفع أحد المتاجر أسعاره كثيرا، وفق مانيكو، الذي يضيف: "افتراضنا بين خبراء الاقتصاد هو أن الشركات جشعة دوما وأن قوى المنافسة هي التي تبقي الأسعار قريبة من التكلفة".

إلى جانب ذلك، تعتزم هاريس زيادة المنافسة، إذ قالت الأسبوع الماضي: "ستتضمن خطتي عقوبات جديدة للشركات الانتهازية التي تستغل الأزمات وتخرق القواعد، وسندعم شركات الأغذية الصغيرة التي تحاول اللعب وفقا للقواعد والمضي قدما".

وفي هذا الصدد، قالت "وول ستريت جورنال"، إنه "كلما اتجهت خطة هاريس نحو زيادة المنافسة كوسيلة لخفض الأسعار، وبنسبة أقل نحو تحديد سقف للأسعار، كلما زاد إعجاب خبراء الاقتصاد بما تقوله".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التلاعب بالأسعار وول ستریت جورنال خبراء الاقتصاد قد یکون

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد الأوروبي يعاني من ركود وتسريح وبطالة.. ماذا يحدث؟

شهد الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، أزمات متتالية في العام الماضي أدت إلى وقوعه في حالة من الركود، ويبدو أن هذه التحديات مستمرة خلال عام 2024.

ويواجه الاقتصاد الألماني رياحًا معاكسة على مختلف المستويات، بما في ذلك إضرابات عمالية وعقبات تعترض خطة الإنفاق، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

وظل لقب "رجل أوروبا المريض" يُطارد الاقتصاد الألماني على مدار العام الماضي، رغم نفي وزير المالية لذلك، مشددًا على حاجة البلاد إلى إصلاحات هيكلية، ووصف الوضع بأنه "اقتصاد منهك بحاجة إلى دفعة قوية، مثل فنجان قهوة جيد".

ولا يقتصر الأمر على ألمانيا فقط٬ بل إن اقتصاد منطقة اليورو لازال يعاني مما يحدث في محيطه الإقليمي والدولي.

ألمانيا وأزمة فولكس فاجن
بعد الأخبار التي تفيد بأن أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا، "فولكس فاجن"، قد تغلق مصنعين، بدأ الخبراء في دق ناقوس الخطر بأن تقلص التصنيع لا يقتصر فقط على صناعة السيارات٬ بل سيشمل قطاعات أخرى٬ بحسب المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW).


في ظل معاناة شركات السيارات الأوروبية مع التخلص التدريجي من محركات الاحتراق والانتقال إلى السيارات الكهربائية قبل عام 2035، يتوقع الخبراء أنه سيتم تسريح آلاف الوظائف في مختلف القطاعات خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويقول رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW)، مارسيل فرايتشر، لشبكة يورونيوز الإخبارية٬ إن الاقتصاد الألماني يعتمد على التصدير والصناعة، ومع تحول الطاقة، "فقدت الشركات فرصة التحول"، وأن العديد من الشركات، مثل فولكس فاجن، "تراجعت للخلف".

وأضاف: "الأمر لا يقتصر على قطاع السيارات فقط، بل يشمل الآلات، والقطاع الصيدلاني، والقطاع الكيميائي. هذا يمثل مشكلة للعديد من الشركات".

كما يفكر أيضا أكبر منتج للكيماويات في العالم، BASF، والذي يقع مقره الرئيسي في ألمانيا، في نقل جزء من قوته العاملة إلى آسيا وتسريح العمال في ألمانيا وسط ارتفاع هائل في أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتعقيدات البيروقراطية في ألمانيا.

بريطانيا ركود للشهر الثاني
الاقتصاد البريطاني توقف بشكل غير متوقع للشهر الثاني على التوالي في تموز/يوليو الماضي، مما يمثل ضربة لحكومة العمال الجديدة التي وعدت بتعزيز أداء النمو في البلاد.

وقد تأثر الاقتصاد بتراجع في قطاعي البناء والتصنيع، مع توسع ضئيل بنسبة 0.1 % في قطاع الخدمات الرئيسي، وفقًا للأرقام التي صدرت الأربعاء من مكتب الإحصاءات الوطنية.


وتأتي هذه الضعف بعد أن فشل الاقتصاد في النمو أيضًا في حزيران/يونيو الماضي، مما يبرز التحدي الذي تواجهه وزيرة المالية راشيل ريفز وهي تستعد لأول ميزانية لحزب العمال الشهر المقبل.

وقالت ريفز: "ليس لدي أي أوهام بشأن حجم التحدي الذي نواجهه٬ وسأكون صريحة مع الشعب البريطاني بأن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها".

وكان الاقتصاديون يتوقعون نموًا بنسبة 0.2 % في تموز/يوليو الماضي. كما بقي الجنيه الإسترليني ثابتًا مقابل الدولار عند 1.3098 دولار بعد صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي.

كما انخفضت قوة سوق العمل في للشهر الرابع عشر على التوالي في آب/أغسطس الماضي، وفقًا لتقرير شركة المحاسبة BDO. حيث بلغت أدنى درجة منذ كانون الثاني/يناير 2013.

كما كان هناك أيضا ارتفاع في عدد الأشخاص الذين يطالبون بالاستحقاقات المتعلقة بالبطالة الشهر الماضي، وفقا لمكتب الإحصاءات الوطنية. كشفت ONS أن المستوى الآن في أعلى مستوى له منذ كانون الأول/ديسمبر 2021.

المجر تراجع بنسبة 6.4%
وبعيدا عن الاقتصادات الكبرى في أوروبا٬ يشهد قطاع الصناعة في المجر تراجعًا حادًا بنسبة 6.4% خلال شهر تموز/يوليو الماضي مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، مما يجعله أسوأ أداء لهذا العام، وفقًا لبيانات العمل المعدلة التي صدرت الجمعة الماضية.

 وعلى الرغم من استقرار المؤشر المعدل بين حزيران/يونيو وتموز/يوليو، جاء هذا الانخفاض بعد أن سجل مكتب الإحصاء المجري في الشهر السابق انخفاضًا سنويًا بنسبة 3.7% وزيادة شهرية بنسبة 0.5%.

هل الحل في الاقتراض؟
وفي سبل البحث عن حلول لأزمة منطقة اليورو٬ اقترض الاتحاد الأوروبي بشكل مشترك 800 مليار يورو (890 مليار دولار) لدعم اقتصادات الدول الأعضاء التي تضررت بشدة من جائحة كورونا، لكن هذه الفكرة لا تزال تثير انقساماً كبيراً.

وتعد فرنسا أكبر داعم لهذه الفكرة، لكن دولاً أخرى، مثل ألمانيا وهولندا، تعارضها خوفاً من أن يُطلب منها المساهمة بمزيد من الأموال لتعويض الدول الأوروبية الجنوبية.


وفي ردها على التقرير، قالت الحكومة الهولندية إنها توافق على بعض مقترحات الإصلاح، لكنها أشارت إلى أن الاستثمارات العامة لا ينبغي أن تُعتبر "غاية في حد ذاتها".؛
من جانبه، قال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر إن "الاقتراض المشترك لن يحل المشاكل الهيكلية" في الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن المشكلة الرئيسية ليست نقص الإعانات، بل البيروقراطية والاقتصاد المخطط.

تعزيز الاستثمار
وفي الاثنين الماضي٬ نشر رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، تقريرا دعا فيه إلى اقتراض مشترك لتعزيز زيادة الاستثمار بقيمة 750-800 مليار يورو (829-885 مليار دولار) سنويًا للحفاظ على تنافسية اقتصاد يتميز بمعايير بيئية عالية وسط تصاعد انعدام الأمن العالمي والتحديات الاقتصادية.

ويؤكد التقرير أن على أوروبا أن تبدأ حملة استثمار ضخمة إذا أراد اقتصادها مواكبة الولايات المتحدة والصين.

إن الاستثمار المتزايد الذي طلبه التقرير، بتكليف من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين العام الماضي، هو ما يقرب من 5 % من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي.

قال ماريو دراجي خلال مؤتمر صحفي في بروكسل، أثناء تقديم تقريره: "لأول مرة منذ الحرب الباردة، يجب أن نخشى حقًا على بقائنا، ولم يكن هناك سبب أكثر إلحاحًا للاستجابة الموحدة".



وعند تقديمه خطته لـ"استراتيجية صناعية جديدة" مبنية على حوالي 170 اقتراحًا، أشار دراجي إلى أن "الاحتياجات الاستثمارية التي يتطلبها كل هذا هائلة"، لكنه أكد أن "التغيير الجذري" ضروري إذا أرادت أوروبا الحفاظ على تنافسية اقتصادها الأخضر والرقمي في وقت يتزايد فيه الاحتكاك العالمي.

وأضاف: "أوروبا هي الاقتصاد الأكثر انفتاحًا في العالم، لذلك عندما لا يلعب شركاؤنا وفقًا للقواعد، نكون أكثر عرضة للخطر من الآخرين".

مقالات مشابهة

  • صهاينة أميركا.. ماذا تعرف عن الشخصيات الخفية التي أنشأت إسرائيل؟
  • انتظروا قرارات صعبة.. ما الذي سيفعله كير ستارمر لإنقاذ الاقتصاد البريطاني؟
  • الملفات الدولية في مناظرة هاريس وترامب.. ماذا يقول الخبراء؟
  • الاقتصاد الأوروبي يعاني من ركود وتسريح وبطالة.. ماذا يحدث؟
  • كردستان محطة بزيشكيان بعد بغداد.. ماذا تريد أربيل من طهران؟
  • كردستان محطة بزيشكيان بعد بغداد.. ماذا تريد أربيل من طهران؟ - عاجل
  • بعد المناظرة.. هاريس: زعماء العالم يسخرون من دونالد ترامب
  • هاريس: ترامب "أضحوكة" لقادة العالم
  • عاجل - هاريس توجه رسالة لـ ترامب: تريد أن تصبح رئيسا وأنت تستخدم العنصرية لتقسيم الشعب
  • الكرملين يقول إنه لن يشاهد المناظرة بين هاريس وترامب