تحتل الذاكرة جزءا مهما من الدماغ، وهي مستودع للخبرات والمعلومات التي يعتمد عليها الإنسان في التعامل مع المحيط، والاستجابة لأي حالة أو ظرف ما، لذلك من الضروري أن تكون الذاكرة ديناميكية بشكل كبير، قادرة على التطور مع التغيرات الطارئة باستمرار على المعطيات الخارجية.

غير أن بناء الذكريات وتخزينها ظلا مبهمين طوال الفترة الماضية، وهو ما سعى إليه باحثون من جامعة بازل السويسرية مؤخرا للكشف عنه، ففي دراسة مطولة نُشرت في دورية "ساينس" المرموقة، وجد الباحثون أن الذاكرة الخاصة بتجربة معينة (أي تجربة نختبرها) يتم تخزينها في نسخ متوازية متعددة.

وبحسب الدراسة، يتم الاحتفاظ بهذه النسخ لفترات زمنية مختلفة، وتعديلها بدرجات معينة، وأحيانا يتم حذفها بمرور الوقت.

منطقة الحصين

واستخدم الباحثون بقيادة الدكتور "فلافيو دوناتو" نماذج فئران في التجربة العلمية، ودرسوا الخلايا العصبية وتفاعلها مع الوقت، ولاحظوا أن عدة نسخ موازية من الانطباعات العصبية تنشأ من الحدث الواحد أو الذكرى الواحدة، وتخزن جميعها في منطقة الحصين -وهي منطقة في الدماغ بالغة الأهمية تمثل دورا محوريا في عمليتي الحفظ والتعلم- وتقسّم عبر 3 مجموعات من الخلايا العصبية التي تظهر في مراحل نمو مختلفة.

منطقة الحصين (ويكيبيديا)

وتظهر هذه النسخ جميعها في الذاكرة وتختفي، وتتطور مع مرور الوقت، ولكل منها وظيفته، ففي النسخ الأولى التي تخلقها الخلايا العصبية "حديثة النشأة" تستمر لأطول فترة ممكنة، رغم أنها تكون ضعيفة للغاية في بداياتها ولكنها تزداد قوة مع مرور الوقت.

أما النسخ التي تشكلها الخلايا العصبية "متأخرة النشأة"، فتكون قوية في البداية وتضعف بمرور الوقت، وفي نهاية المطاف تصبح غير قابلة للوصول إذا مرت عليها مدة طويلة. أما المجموعة الثالثة فهي الخلايا العصبية التي تتطور بين هاتين المجموعتين، فتنتج نسخة من الذاكرة أكثر استقرارا.

تعدد النسخ.. ما بين استحضار الذكريات وتحديثها

يشير المؤلف الأول في الدراسة "فيلدي كيفيم"، في البيان الصحفي الصادر عن الجامعة، إلى أن "الطبيعة الديناميكية لحفظ الذكريات تسلط الضوء على مرونة الدماغ وقدرته الهائلة على التخزين". ويكشف البحث عن أن سهولة تغيير الذاكرة وتحديثها واستخدامها لتكوين ذاكرة جديدة يعتمد على النسخة العصبية التي تُنشّط.

وعلى سبيل المثال، الذكريات التي تخزنها الخلايا العصبية المتأخرة تكون أكثر مرونة ويمكن تعديلها أو حتى إعادة ترميزها، وهذا يعني أن استرجاع الذاكرة بعد وقت قصير من التجربة يسمح لهذه الخلايا العصبية المتأخرة بدمج المعلومات الجديدة مع الذاكرة الأصلية وتحديثها بشكل فعال.

وعلى النقيض، عند محاولة استرجاع ذكرى معينة بعد فترة ما من الحادثة، فإن الخلايا العصبية المولودة مبكرا تُنشط، وتكون أكثر استقرارا وأقل عرضة للتغيير. ويُظهر هذا التمييز الطبيعةَ الديناميكية للدماغ في تخزين الذكريات واسترجاعها، وتسمح هذه المرونة للدماغ بإدارة قدرته الهائلة على الحفظ من خلال تحقيق التوازن بين الذكريات الحديثة والذكريات القديمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخلایا العصبیة

إقرأ أيضاً:

عالم مصري يحدث ضجة في الأوساط العلمية بتقينة لرؤية الجينوم في الخلايا السرطانية

حل عالم الجينوم المصري، الدكتور هيثم شعبان، ضيفا على برنامج «مصر تستطيع»، المُذاع على قناة «DMC»، وذلك بعدما ننجح مؤخرًا في إيجاد طريقة لجعل الميكريسكوب يرى الشريط الوراثي للانسان «الجينوم».

ويعمل عالم الجينوم المصري، أستاذا مشاركا للفيزياء الحيوية، كما أنه أحد الخبراء المصريين بالخارج في أبحاث الجينوم، ومدير مشروع بحثي بمركز «أجورا» لأبحاث السرطان الانتقالية، ومستشفى كلية الطب بجامعة لوزان في سويسرا.

ضجة في الأوساط العلمية بسبب ابتكار العالم هيثم شعبان 

وقال «شعبان» إن المهم في علاج المرض، معرفة ما هو سببه، ولذلك يجب أن تكون هناك أدوات كثيرة للوقوف على ذلك، فـ«الجينوم» حين يتغير في تراكبيه تتبعه تحركات في المادة الخاصة به، مشيراً إلى أن المادة الوراثية للإنسان دائمة الحركة.

وأوضح أنه حين يحدث تلف بالجينوم يتحرك سريعا لإصلاح هذه التلف، منوهاً إلى أنه حين يتلف «الجينوم» من الممكن أن يتعرض الانسان لأمراض مثل السرطان، ومعظم الدراسات خلال الأعوام الماضية كانت على الخلايا الميتة.

وتابع: «رؤية كيفية يتحرك الجينوم وكيف يقوم بعملية الإصلاح ويتغير من الحالة السليمة إلى حالة مرضية لم يكن موجوداً، وفي عام 2020 قمت ببحث نشر في الجينوم بيولوجي وأخذ بحث العام، واكتشفت فيه تقنية جديدة لرؤية كامل الجينوم في الخلايا السرطانية الحية، ورسمنا خرائط للحركة الخاصة به وتفاعلات المادة الوراثية؛ وهو ما أحدث ضجة كبيرة في الأوساط العلمية، وعرضت فرق بحثية كثيرة حول العالم التعاون معنا واستخدام التقنية التي اكتشفناها».

مقالات مشابهة

  • عالم مصري يحدث ضجة في الأوساط العلمية بتقينة لرؤية الجينوم في الخلايا السرطانية
  • وفاة شخص غرقًا بإحدى البرك التي شكلتها السيول
  • تعرف على سبب وفاة إيهاب جلال
  • تعرف على مرض اإهاب جلال الذي تسبب في وفاته
  • هوايات تحمي الذاكرة من التدهور.. تعرّف عليها
  • أمين عام الأمم المتحدة يندد بشدة بالضربة الإسرائيلية التي أسقطت شهداء في منطقة مخصصة للنازحين في غزة
  • ما طبيعة القنابل التي استخدمتها إسرائيل في قصفها منطقة المواصي؟
  • القاعات السينمائية تحتضن "صدى الذكريات" قريبا
  • الباحثون ينجحون في عزل الخلايا العصبية المسؤولة عن إثارة العطاس والسعال
  • نجاح عزل الخلايا العصبية المسؤولة عن إثارة العطس والسعال