في إطار سلسلة الاجتماعات التي أطلقتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع شركاء التنمية لمتابعة المحافظ الاستثمارية المشتركة والأولويات المستقبلية، بحثت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر، عددًا من ملفات العمل المشترك، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي، على رأسها تعزيز استراتيجيات التمويل المناخي واستعدادات مؤتمر المناخ COP29، وذلك استكمالًا للجهود المبذولة مع شركاء التنمية للتحول من التعهدات إلى التنفيذ.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن الاجتماع مع الاتحاد الأوروبي يأتي في إطار اللقاءات التي سيتم عقدها مع شركاء التنمية في إطار الجهود التي تقوم بها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لدعم جهود الدولة فيما يتعلق بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووضع الآولويات بما يتسق مع رؤية الدولة وبرنامج الحكومة للسنوات الثلاثة المقبلة، وتعزيز دور شركاء التنمية في إتاحة التمويلات للقطاع الخاص، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.

وخلال الاجتماع تمت الإشارة إلى الجهود الجارية للانتهاء من إجراءات المرحلة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة (MFA)، والإصلاحات الهيكلية الجاري تنفيذها، فضلًا عن ضمانات الاستثمار المقرر توفيرها للقطاع الخاص في إطار تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في العديد من القطاعات ذات الأولوية، والمشروعات المستقبلية لا سيما في قطاع الصناعات منخفضة الانبعاثات، ودعم الاستراتيجية الوطنية للسكان، واستمرار آليات الدعم الفني من خلال آلية "المساعدة الفنية وتبادل المعلومات (TAIEX)".

*المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفّي»*

كما ناقش الاجتماع تطورات التعاون مع الاتحاد الأوروبي في تنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفّي»، من خلال المنحة الذي تم توقيعها خلال مؤتمر المناخ بقيمة 35 مليون يورو لدعم جهود مصر في محور الطاقة، بالإضافة إلى التعاون في إطار دعم جهود الدولة لتشجيع الاستثمارات في مجال الهيدروجين الأخضر. وأشارت المشاط إلى توقيع مذكرة تفاهم حول شراكة استراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال COP27 للتعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مضيفه أن الوزارة تقوم حاليًا بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي في محور المياه من خلال مشروع "تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل" من خلال تقديم المساعدة الفنية.

في سياق آخر لفتت الدكتورة رانيا المشاط، إلى الشراكات الإقليمية وبرامج التعاون الإقليمي لحوض البحر المتوسط 2021-2027 حيث يمثل أحد أهم البرامج الإقليمية التي تهدف إلى المساهمة في نمو حوض البحر الأبيض المتوسط من خلال تعزيز الشراكات، وتشجيع مناقشات السياسات والاستجابة للتحديات العالمية، ودعم أهداف التنمية المستدامة ضمن أجندة 2030.

وتابعت «المشاط»، أنه على المستوى الإقليمي، قامت الوزارة بتوقيع خطاب نوايا حول “الشراكة الزرقاء المتوسطية” خلال مؤتمر الأطراف COP 28، موضحة أن البيان سيتم تنفيذه بالتنسيق مع عدد من شركاء التنمية.

وتطرق الاجتماع إلى أبرز اتفاقيات التمويل التي وقعتها الوزارة خلال مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ على المستويين الإقليمي والثنائي، والتي تضمنت أبرزها مذكرة تفاهم بشأن "المساعدة المالية الكلية"، برنامج "EU4YES - ودعم الاتحاد الأوروبي لتوظيف الشباب والمهارات"، بالإضافة إلى   - برنامج "الصناعة المستدامة الخضراء" وغيرها.

*استراتيجيات وأنظمة التمويل المناخي*

كما ناقش الاجتماع استعدادات مؤتمر المناخ COP29، في أذربيجان، والبناء على الجهود المبذولة في النسختين الماضيتين، سواء من خلال إطلاق برنامج «نُوَفّي»، ودليل شرم الشيخ للتمويل العادل، باعتباره أحد المبادرات التي تبنتها الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ COP27، لتعزيز جهود التمويل المناخي العادل، حيث أوضحت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، أن المؤسسات الأوروبية ساهمت في إعداد «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، وأن الوزارة تعمل على تنفيذ استراتيجيات مشتركة للتوسع في التمويلات المناخية للقطاعين الحكومي والخاص، مؤكدة أن التحول الأخضر وأنظمة تمويل المناخ جزء رئيسي من الاستراتيجيات المشتركة مع مختلف الشركاء الدوليين

*الدعم الفني*

كما بحث الجانبان الجهود التي تقوم بها الوزارة لتعزيز الشراكة المصرية الأوروبية، من خلال ترأسها للجنتين الفرعيتين «النقل والبيئة والطاقة»، و«مجتمع المعلومات والوسائل السمعية والمرئية والاتصالات والبحث العلمي والابتكار والتعليم والثقافة»، بمشاركة مختلف الأطراف ذات الصلة، واستعدادات الوزارة لعقد الاجتماعات في إطار اللجنتين لمناقشة التعاون الحالي والمستقبلي.

كما تطرق اللقاء إلى جهود الدعم الفني من خلال الآليات المختلفة التي يتيحها الاتحاد الأوروبي من بينها آلية التعاون الفني وتبادل المعلومات (TAIEX)، وورش العمل التي يجري تنظيمها بمشاركة الأطراف والجهات المعنية، حيث تم تنظيم 33 فعالية ونشاطًا خلال الفترة من 2020 إلى 2023، في مجالات ائتمان الكربون، وإدارة الأراضي الساحلية، والضرائب، والإدارة العامة، ومشاركة الشباب، وإدارة المياه، والعديد من القطاعات الأخرى.

وأشار الجانبان إلى أن برنامج تحسين الحوكمة والإدارة SIGMA، الذي يتم تنفيذه خلال عامي 2024 و2025 يدعم خطة الإصلاح الإداري، ودعم التنفيذ الفعال لأنظمة المالية العامة، وتعزيز الدعم الفني في إطار رؤية مصر 2030.

جدير بالذكر أنه خلال القمة المصرية الأوروبية في مارس الماضي، وقع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، الإعلان السياسي لترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وبموجبها يتيح الاتحاد الأوروبي حزمة تمويلية بقيمة 7.4 مليار يورو بواقع 5 مليارات يورو لدعم استقرار الاقتصاد الكلي، و1.8 مليار يورو ضمانات استثمارات، و600 مليون يورو منحًا تنموية.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

9 تحديات كبيرة تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي

انتخبت قمة الاتحاد الأفريقي التي التأمتْ يومي 15و 16 فبراير 2025، قيادة جديدة للاتحاد الأفريقي، حيث تسلمت أنغولا رئاسة الدورة القادمة للاتحاد 2025-2026، بينما انتخبت الجمعية وزيرَ الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، والجزائرية سلمى مليكة حدادي، سفيرة الجزائر لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، نائبة لرئيس المفوضية.

طبّق الاتحاد الأفريقي خلال هذه الانتخابات مبدأ التمثيل الإقليمي العادل والمساواة بين الجنسَين والتناوب الجغرافي، في عملية الانتخاب والاختيار، حيث حصلت منطقة شرق أفريقيا على منصب رئيس المفوضية، وبينما نالت منطقة شمال القارة منصبَ نائب رئيس المفوضية، حصلت مناطق وسط وجنوب وغرب على اثنتَين من المفوضيات الستّ، فيما تم تأجيل انتخابات عضوية مجلس السلم والأمن.

ستتسلم القيادة الجديدة قيادة دفة الاتحاد الأفريقي في ظل تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية بالغة التعقيد، وتطوّرات جيوسياسية قارية ودولية متقلّبة، وتنتشر الصراعات في القارة التي طالما وُصفت بأنها قارة الصراعات من شرقها إلى غربها، حيث الحرب الدائرة في السودان، والصومال الذي لا يزال يعاني من عدم الاستقرار، واندلاع الأزمة في الكونغو الديمقراطية، وذلك وصولًا إلى غرب القارة، حيث تعاني دول الساحل والغرب الأفريقي من حالة عدم الاستقرار، وانتشار الجماعات الإرهابية والمسلّحة.

إعلان

في الواقع يواجه الاتحاد الأفريقي مجموعةً من التحديات الملحّة التي يتعين على القيادة الجديدة التعامل معها، أبرزها الانقلابات العسكرية والتراجع الديمقراطي، وأزمات الحكم والحروب المستعرة، والصراعات الداخلية، وأزمات الحدود، فضلًا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وفيما يلي تفصيل لهذه التّحديات:

تغير المناخ

كلفت قمة الاتحاد السابعة والثلاثون المنعقدة في أديس أبابا في فبراير/ شباط 2022، كينيا برئاسة لجنة لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية بشأن تغير المناخ لمدة عامين، ولا يزال الرئيس الكيني وليام روتو، رئيسًا للجنة، رغم انتهاء فترة دورته، وقد قام بتقديم التقرير السنوي بشأن جهود الاتحاد الأفريقي في مجال تغير المناخ، أمام القمة السنوية للاتحاد التي انعقدت في أديس أبابا.

الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

اتفق الاتحاد الأفريقي مع الاتحاد الأوروبي، على تنفيذ ما سُمي بركيزة العمل المناخي بشأن تغيُّر المناخ والطاقة المستدامة؛ بهدف إرساء إستراتيجية مشتركة لتعزيز المعرفة المناخية والبيانات والاستفادة من المنتجات في جميع أنحاء القارة الأفريقية.

وستساعد هذه الجهود في تحسين مواءمة أجندات البحث والابتكار بشأن قضايا المناخ والعمل على تقليص فجوة البيانات المناخية في أفريقيا، بالإضافة لزيادة مشاركة الباحثين الأفارقة في شبكات البحث الدولية، وسيموّل الاتحاد الأوروبي الأنشطة التي من المتوقع أن يبدأ العمل بها في مايو/ أيار 2025، على أن تنتهي في ديسمبر/ كانون الأول 2025.

ستكون مهمة رئيس المفوضية الجديدة صعبة في تنفيذ إستراتيجية وخُطة عمل الاتحاد الأفريقي بشأن تغير المناخ، والتنمية المرنة للفترة من 2022-2032، من خلال حشد الدعم والحصول على تمويل لجهود تغير المناخ بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قطع المساعدات عن العديد من الأنشطة العالمية، من بينها مجال تغير المناخ، وانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لتغير المناخ.

إعلان

ومن المؤكد أن ذلك ستكون له انعكاسات سالبة على القارة التي تعتبر الأقل إسهامًا في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما تواجه القارة الأفريقية تحديات مناخية كبيرة من بينها تذبذب وتغير أنماط هطول الأمطار، وكذلك الأحداث الجوية المتقلبة، بينما تواجه الفئات السكانية الضعيفة، لا سيما النساء، مستقبلًا محفوفًا بالمخاطر؛ بسبب الاضطرابات في سلسلة الأمن الغذائي، والمخاطر الصحية الأخرى.

الإهمال والتجاهل لقرارات الاتحاد الأفريقي:

في حديثه أمام القمة، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي المنتهية ولايته، موسى فكي، إن القرارات المهمة والمستعجلة والصادرة عن مجلس الأمن والسلم، تجد الإهمال والتجاهل من بعض الدول الأفريقية، وذلك بسبب تضارب المصالح، كما أشار لوقوع خروقات كثيرة للقرارات، أو عدم تطبيقها بشكل صارم، وركّز حديث "فكي" على قضيتين رئيستَين متعلّقتَين بهذه القرارات، وهما التمويل وحلّ النزاعات.

بعد انتخابه رئيسًا لمفوضية الاتحاد الأفريقي تعهد محمود علي يوسف، في خطاب أمام القمة، بخدمة القارة بأمانة وكرامة، وأكد أنه يدرك حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، وأنه سيكون قائدًا مسؤولًا وملتزمًا بتعزيز الأجندة القارية، ومع الخبرة الدبلوماسية التي يتمتع بها السيد محمود، والعلاقات الممتدة في القارة الأفريقية وخارجها، فإنه يواجه عدة تحديات، يمكن إجمالها في التالي:

التحديات السياسية

تتّسع الانقسامات السياسية الدبلوماسية بين الدول الأعضاء مما يحدّ من جهود صنع السلام، وتوحيد المواقف الإقليمية، وتمثّل ثنائية المغرب والجزائر – على سبيل المثال (وهما من أكبر الممولين لميزانية الاتحاد الأفريقي)- نموذجًا حيًا لهذه الانقسامات السياسية.

ففي انتخابات نائب مفوضية الاتحاد الأفريقي الأخيرة، قدمت الدولتان مرشحَين، وشهدت المنافسة تراشقًا دبلوماسيًا وإعلاميًا حادًا، وصل حدَّ الاتهام المتبادل بتقديم الرشاوى، وفي حين فازت الجزائر بالمنصب، تستمر الخلافات السياسية بين البلدين لتؤثر على أداء مؤسّسات الاتحاد الأفريقي.

إعلان الموقف من إسرائيل والقضية الفلسطينية

ظلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يلقي بظلاله على المشهد الأفريقي محدثًا انقسامات في مواقف الدول، وشهدت القمة الماضية فبراير/ شباط 2023، جدلًا كثيفًا بعد منع السفيرة الإسرائيلية لدى إثيوبيا، شارون بالي، من حضور القمة.

وسلطت الحادثة الضوء على الخلافات، حيث سبق أن اتخذ رئيس المفوضية (السابق) موسى فكي، قرارًا أحاديًا بإعادة تنشيط صفة مراقب لإسرائيل، والتي كانت قد حصلت عليها منذ عام 2002، وتم تجميدها عدة سنوات.

وأثارت حادثة دعوة "بالي" لحضور القمة احتجاجات لدى بعض الأعضاء، من بينهم الجزائر، وجنوب أفريقيا، وبعد مناقشات تم إحالة الأمر للجنة خاصة لدراسته، ومع ذلك فقد يتعزز الموقف الداعم لفلسطين في الاتحاد الأفريقي مع قدوم المفوض الجديد محمود علي يوسف، لا سيما بعد صدور قرار في البيان الختامي للقمة، أشار إلى "ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني"، وطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الفلسطينيين، ووقف التهجير القسري للفلسطينيين، وبينما احتفت به السلطة الفلسطينية، وصفته حركة حماس بالبيان الشجاع.

تراجع الديمقراطية

شهدت السنوات الماضية انتكاسةً للديمقراطية في أفريقيا، حيث عادت الانقلابات العسكرية للمشهد الأفريقي من جديد، لا سيما في غرب القارة (حزام الانقلابات)، فخلال عقد من الزمان وقع ما يقارب 10 محاولات انقلابية، بدءًا من انقلاب مالي عام 2020، ثم غينيا، وبوركينا فاسو، والنيجر، وساحل العاج، والغابون، كما قام الجيش السوداني بانقلاب على شركائه المدنيين في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وعلى إثره جمّد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان والدول المذكورة.

وعلى الرغم من أن عام 2024، شهد تنظيم 20 منافسة انتخابية، فإن بعض نماذج الديمقراطية في دول مثل أوغندا، وإثيوبيا، وزيمبابوي، وتوغو، تعتبر ديمقراطية شكلية.

تدرك قيادة الاتحاد الأفريقي مدى تأثير حالة السلام والاستقرار على النمو المستدام، ومن هذا الباب ناقش الحوار رفيع المستوى للاتحاد الأفريقي الذي انعقد في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حالة الحكم الديمقراطي والسلام في أفريقيا، وخلص إلى عدة نتائج رئيسة، من بينها أن المستويات المنخفضة للتنمية تسبب انعدام الأمن، وأن ضعف الحوكمة يعيق الاستثمارات، ويؤثر على تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية.

إعلان التحديات الأمنية ( إسكات البنادق)

تمثل الأزمة الراهنة في الكونغو الديمقراطية، أو الحرب المستمرة في السودان، أحد أبرز التحديات الأمنية العاجلة التي تواجه القيادة الجديدة، فالأزمة الكونغولية تفاقمت مؤخرًا بعد تقدّم "حركة 23 مارس" واستيلائها على مدينتي "غوما"، و"بوكافو"، كبرى المدن في شرق الكونغو الديمقراطية، وسط اتهامات كونغولية لرواندا بدعم الحركة المتمردة، وفشلت مساعي الحل الدبلوماسي، رغم الجهود المبذولة من جانب مجموعة شرق أفريقيا، ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك).

وكان رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي، قد تعرض لموقف محرج خلال القمة المشتركة بين مجموعة شرق أفريقيا ومجموعة (سادك) التي انعقدت بتنزانيا يومي 6 و7 فبراير/ شباط الماضي، حيث طلب منه وبخطأ بروتوكولي مغادرة الاجتماع المغلق لرؤساء الدول، على الرغم من أن الاتحاد الأفريقي يعتبر هو الضامن للوساطة التي يقودها الوسيط أهورو كنياتا الرئيس الكيني السابق.

وبالتالي سيكون على القيادة الجديدة بذل جهود مكثفة لإقناع الأطراف بوقف إطلاق النار، والانخراط في مفاوضات دبلوماسية لحلّ الأزمة قبل تحوّلها لحرب إقليمية واسعة النطاق.

وتدرك القيادة الجديدة مخاطر استمرار الصراع في الكونغو، حيث قال بانكول أديوي، مفوض السلم والأمن في مؤتمر صحفي عقب انتهاء أعمال القمة: إن القادة الأفارقة يشعرون بقلق متزايد إزاء حرب إقليمية مفتوحة، وكرر القول إن أفريقيا لا تريد تقسيم شرق الكونغو، مؤكدًا على ضرورة نزع سلاح حركة "23 مارس"، وانسحابها من المدن التي سيطرت عليها.

بالنسبة للحرب في السودان، يتحتم على القيادة الجديدة الاستمرار في بذل الجهود لإقناع الأطراف بوقف إطلاق النار، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية، ومحاولة إحياء منبر جدة، وزيادة الضغط على الأطراف للجلوس للتفاوض، وإنهاء أعنف حروب القارة، والتي أدت لمقتل أكثر من 150 ألف شخص، وتشريد الملايين من المواطنين.

إعلان

وعلى الاتحاد الأفريقي أيضًا التعامل مع قرار بعض القوى السياسية المتحالفة مع قوات الدعم السريع، تشكيلَ حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، مما يهدد بتقسيم السودان.

دعم الاتحاد الأوروبي لجهود مكافحة الإرهاب في أفريقيا

يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكًا حاسمًا مع الدول الأفريقية في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ويرى الاتحاد الأوروبي أن الإرهاب ينمو بسرعة أكبر في أفريقيا، مقارنة بأي منطقة أخرى، ويظهر ذلك في العدد المتزايد للهجمات الإرهابية، وأعداد الضحايا، وتوسع نطاق الجماعات الإرهابية.

ومما يزيد من تفاقم الوضع، ظواهر مثل عدم المساواة، وتغير المناخ، وتدفق الأسلحة غير المنضبطة، والاتجار بالبشر، وضعف هياكل الحكم، وتدخل جهات خارجية في القارة من بينها "فيلق أفريقيا" الروسي (فاغنر سابقًا)، والمسؤول عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ولا تزال الجماعات المتطرفة المنتشرة في غرب أفريقيا والساحل الأفريقي، ووسط وشرق أفريقيا، تمثل تهديدًا مستمرًا، حيث شكلت المجموعات المنتمية لتنظيم الدولة الإسلامية-  مثل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" على الحدود بين بوركينا فاسو ومالي، و"بوكوحرام" في نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد، بالإضافة إلى حركة "القوى الديمقراطية المتحالفة" في الكونغو الديمقراطية، وحركة "الشباب" الصومالية في الصومال- قلقًا دائمًا للدول وللاتحاد الأفريقي وشركائه الدوليين.

وتعرضت جهود مكافحة الإرهاب لنكسات بعد خروج فرنسا -إنهاء عملية برخان عام 2022-، من عدد من دول الساحل الأفريقي، وفض الشراكة الأمنية مع تحالف دول الساحل الخمس.

كما قادت التحولات السياسية في تشاد، والانقلابات العسكرية المناوئة للغرب في دول غرب أفريقيا، إلى تقويض جهود الحد من نشاط الحركات الجهادية المتطرفة.

في حال انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية يتوقَّع انخراطٌ روسي أوسع في أفريقيا، لا سيما مع دول غرب القارة التي أعلنت تمرّدها على القوى الغربية، خاصة فرنسا، والولايات المتحدة، وسيشكل انحيازها لروسيا علامة مهمة في قضية الأمن ومكافحة الإرهاب.

إعلان

فمن المتوقع زيادة انخراط روسيا عبر"فيلق أفريقيا" في جهود التصدي للجماعات الإرهابية والانفصالية، ومع ذلك فإن تجربة المواجهة مع "الطوارق" على الحدود بين مالي، والجزائر في يوليو/ تموز 2024 والتي كلفت قوات "فيلق أفريقيا" هزيمة ساحقة، أثارت الأسئلة حول مدى قدرتها على مواجهة هذه الجماعات

وأسس الاتحاد الأوروبي ما سُمّي بمرفق السلام لمساعدة الاتحاد الأفريقي على تجهيز القوات الأمنية، وقدم أكثر من مليار يورو، واستثمر كذلك ما يزيد عن 600 مليون دولار، في برامج وطنيَّة للدول الأفريقيَّة؛ لتعزيز قوات الأمن، ومنع التطرف، ومعالجة جذور الإرهاب شملت الصومال، وموزمبيق، ودول غرب أفريقيا.

المساعدات العسكرية مقابل الصفقات التجارية

في يونيو/ حزيران 2024 قدم مرفق السلام بالاتحاد الأوروبي، مبلغ 21 مليون يورو لكينيا في إطار دعم جهود مكافحة الإرهاب، وفي مسار متوازٍ يجري الاتحاد الأوروبي مفاوضات لإبرام شراكة تجارية شاملة مع كينيا، كما وقع مذكرة تفاهم مع رواندا في فبراير/ شباط 2024 بشأن سلاسل قيمة المواد الخام الإستراتيجية المستدامة، في مقابل تقديم الدعم للقوات الرواندية في كل من موزمبيق، وأفريقيا الوسطى.

يوضح هذا النهج أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيستمران في تقديم الدعم العسكري لأفريقيا، لكن وفق قاعدة المساعدات الاقتصادية مقابل الأسواق والموارد، وهذا الوضع عادة ما يخلق عدم تكافؤ في الميزان التجاري، ويكرس لهيمنة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعلو الكعب في سياق العلاقة مع الدول الأفريقيَّة.

التحديات الاقتصادية والتنموية

تواجه دولُ القارة الأفريقية تحديات تنموية واقتصادية هائلة، وقد كشف تقرير المخاطر العالمية لعام 2024 الصادر عن منتدى دافوس المنعقد في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، أن الدول النامية بما فيها الدول الأفريقية ستعاني أكثرمن فجوات تكنولوجية متزايدة، لا سيما بعد صعود الذكاء الاصطناعي، وانعكاسات تغير المناخ، وارتفاع تكاليف الطاقة، وغيرها من مستويات التفاوت التي ستؤدي إلى تخلف الدول الأفريقية عن الركب.

إعلان

وعلى الرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على الإطلاق الرسمي لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية، فإن الأفارقة لم يشعروا بأي تقدم ملموس في تطبيق الاتفاقية التي يعوّل عليها كثيرًا، ويتوقع لها أن تغيّر قواعد اللعبة في القارة الأفريقية من خلال بناء التكامل الأفريقي، وإزالة الحواجز الجمركية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بأفضل طريقة.

لكن في الواقع واجهت الاتفاقية عدة عقبات من بينها انعدام الثقة بين البلدان، وضعف القطاع الخاص، والتداخل بين الكيانات الاقتصادية الإقليمية، والقصور في البنية التحتية وشبكات النقل والمواصلات، وغياب الإرادة السياسية، وهي بلا شك معضلات ستكون حاضرة أمام القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي.

العلاقة مع الاتحاد الأوروبي

يشكل تركيز قيادة الاتحاد الأوروبي على الشؤون الأوروبية، عائقًا أمام إعطاء قيادة الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الاهتمام بقضايا الاتحاد الأفريقي، وإذا ما وضعنا في الاعتبار أيضًا عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة وتهديداته بإيقاف الدعم لحلف الناتو، وكذلك موقفه المفاجئ من الحرب الروسية على أوكرانيا الذي لم يكن في حسبان الأوروبيين.

ويظل تركيز الاتحاد الأوروبي على زيادة التعاون في مجال إيقاف الهجرة غير الشرعية أمرًا مهمًا، لا سيما مع وصول حكومات في أوروبا تدعو بشدة لمحاربة الهجرة غير الشرعية القادمة في معظمها من دول أفريقية.

ويؤكد الاتحاد الأوروبي على أهمية الحلول متعددة الأطراف للقضايا الأفريقية، بما فيها مراقبة الانتخابات، ودعم عمليات حفظ السلام، وتعويض الدول المتأثرة بتغيُّر المناخ.

عندما يتعلق الأمر بالدعم، فإن نصف ميزانية الاتحاد الأفريقي السنوية البالغة 605 ملايين دولار، تأتي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، (يقدم الاتحاد الأوروبي 370 مليون دولار سنويًا)، منها ما يقارب 209 ملايين دولار لبرامج الاتحاد الأفريقي، فيما تذهب 161 مليون دولار لدعم عمليات حفظ السلام، ويعد تمويل الاتحاد الأوروبي للاتحاد الأفريقي جزءًا من إستراتيجية أوسع بين الجانبَين لتعزيز السلام والأمن والتنمية الاقتصادية.

إعلان الخلاصة

تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي تحديات معقدة في الجوانب الاقتصادية والتنموية والأمنية والعسكرية، وفي مجال تغير المناخ، وتفاقم من هذه التحديات، المتغيرات الجيوسياسية التي يمرّ بها العالم وحالة عدم الاستقرار الناجمة عن تأثير الحرب الروسية – الأوكرانية وانعكاساتها على الاقتصاد في أفريقيا الذي لا يزال يتعافى من آثار جائحة كورونا وما أعقبها من ركود، فضلًا عن تأثير موجات الجفاف التي أدَّت لحالات مستمرة من عدم الاستقرار، خاصة في الغرب والساحل والقرن الأفريقي.

إنَّ استمرار ظاهرة الصراعات والانقلابات العسكرية، أفسحَ المجال أمام التدخلات الخارجية وزادَ حدة الاستقطاب الإقليمي، مما أدى لعدم الاستقرار وانتشار الإرهاب والتطرف العنيف، وأعاق جهود التنمية الاقتصادية على مستوى البلدان والكتل القارية.

وعلى الرغم من ذلك، قد تلوح أمام قيادة الاتحاد الأفريقي الجديدة فرصة تحويل بعض هذه التحديات إلى فرص، بحيث يمكن أن تستفيد من التقدم الجيد المحرز في بعض المجالات، من بينها نيل الاتحاد الأفريقي عضوية مجموعة العشرين (جي 20)، والتي ستوفر منصة مهمة للمساهمة الأفريقية في الحوكمة العالمية، في القرارات، وضمان سماع صوت أفريقيا، وتعميق التعاون مع الشركاء.

كما أنّ مسعى حصول القارة على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، سيسرّع من إدماج أفريقيا في التعاون متعدد الأطراف، ويعزز دورها في إدارة الشؤون العالمية في ظل التحوُّلات الجيوسياسية المتزايدة التي تشهدها الساحة الدولية، ومن بينها عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلطة، واحتمالات انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الكرملين: زيادة التمويل الأوروبي لأوكرانيا هدفه إطالة أمد الصراع وليس إرساء السلام
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تعزيز وقف إطلاق النار في غزة
  • وفد تركي يبحث مع وزارة التربية والتعليم تعزيز التعاون وتبادل الخبرات
  • المؤتمر: لقاء الرئيس السيسي ومفوضة الاتحاد الأوروبي يهدف تعزيز العلاقات الدولية والإقليمية
  • المشاط: المرحلة الثانية من تمويل الاتحاد الأوروبي تتضمن 4 مليارات يورو لدعم الموازنة
  • المشاط تستقبل المفوضة الجديدة للاتحاد الأوروبي لشئون المتوسط
  • 9 تحديات كبيرة تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي
  • مفوضية الاتحاد الأوروبي تؤكد أهمية تعزيز التعاون التجاري والاستثماري مع مصر
  • وزارة الخارجية ورئاسة COP29 الأذربيجانية تستضيفان اجتماعاً حول تعزيز العمل المشترك وبناء المرونة المناخية
  • وفد تشادي رفيع يزور جهة الداخلة وادي الذهب في إطار تعزيز التعاون الثنائي