بعد خطابه التاريخى فى القمة الروسية الإفريقية أصبح إبراهيم تراورى، رئيس بوركينا فاسو، حديث الساعة.. فالشاب الذى يبلغ من العمر 35 عاماً ويعد أصغر حاكم فى إفريقيا أصبح أيقونة بلاده، حيث خرجت الحشود الهادرة من الشعب تستقبله استقبال الأبطال، وذلك فى أعقاب عودته للبلاد من القمة الإفريقية الروسية التى عقدت مؤخراً فى سان بطرسبرج، لتعلن تأييدها لما جاء فى خطابه الذى ألقاه أمام القادة الأفارقة.
طرح الرئيس الشاب عدة أسئلة أمام قادة إفريقيا أثارت انتباه العالم أجمع وليس شعوب القارة السمراء وحدها.. فعلى الرغم من كون هذه الأسئلة بسيطة ومنطقية ويعرفها الجميع، إلا أن طرحها بهذه القوة والصراحة والوضوح وفى هذا التوقيت بالذات أعطاها أهمية كبرى وزخماً كبيراً.
فاجأ تراورى - القادة والشعوب - معاً بخطاب قوى يمثل رسالة واضحة للدول التى تنهب إفريقيا ليل نهار.
قال تراورى اسمحوا لى أن أطرح عدة أسئلة: إننا لا نفهم كيف لقارتنا الإفريقية صاحبة الطبيعة الخلابة والغنية بثرواتها الطبيعية ومواردها المائية أن تكون أفقر قارة فى العالم؟ كيف لهذه القارة التى تمتلك كل هذه الثروات أن تكون جائعة؟ وكيف لنا نحن رؤساء هذه الدول الغنية أن نتسول؟
ووجه الرئيس الشاب حديثه إلى القادة متسائلاً: هذه أسئلة لا نجد لها إجابة حتى الآن.. وبعد انتهائه من طرح تلك الأسئلة التى تلخص حال القارة المظلومة، لفت رئيس بوركينا فاسو الأنظار إلى وجود فرصة قوية فى هذه المرحلة لبناء علاقات جديدة تساهم فى رسم مستقبل أفضل للشعوب المنكوبة.
الأسئلة كانت قوية ومزلزلة وفيها دعوة إلى مواجهة المتآمرين على القارة الذين عبثوا بثرواتها - وما زالوا يفعلون - بلا وازع من ضمير.
يبدو أن خطاب الرئيس الشاب سيكون بمثابة الشعلة التى تضىء الطريق، حيث يمثل تراورى جيلاً جديداً من الشباب الأفارقة الرافضين للاستعمار الجديد.. ما فعله رئيس بوركينا فاسو فى سان بطرسبرج سيكون البداية، خاصة إذا علمنا أن أول قراراته عقب توليه منصب الرئيس كان حظر تصدير اليورانيوم إلى فرنسا وأمريكا وطرد الفرنسيين الذين استولوا على مقدرات البلاد عقوداً طويلة.
وأعتقد أن الخطاب جاء فى توقيت يحمل دلالات كثيرة تؤكد أن القارة السمراء تنتفض، فقد تزامن ذلك مع اتساع رقعة الغضب ضد فرنسا وطردها من أكثر من دولة إفريقية كانت أسيرة لعمليات السطو والنهب. والسؤال الآن: هل ستكون القارة على موعد مع فجر جديد بعد عقود حالكة السواد؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب القمة الروسية الافريقية
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد
تواجه قوات الدعم السريع في السودان، موقفا ميدانيا صعبا بعد خسارتها الكثير من المناطق التي سيطرت عليها خلال حربها مع الجيش السوداني، ولاسيّما العاصمة الخرطوم بمختلف مرافقها الرئيسية. ولعلّها المرّة الأولى التي يكون فيها مصير قوات الدعم السريع على المحك.
بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، من القصر الرئاسي في الخرطوم، أن العاصمة السودانية باتت "حرّة" وخالية من قوات الدعم السريع، تتجه هذه القوات إلى مصير صعب بعد خسارتها مساحات واسعة ومواقع ذات أهمية استراتيجية كانت قد سيطرت عليها خلال الحرب المتواصلة منذ منتصف نيسان/أبريل 2023.
وباستثناء مناطق الجنينة في غرب دارفور ونيالا في جنوبها، وأجزاء أخرى مترامية من شمالها، لم يعد للقوات التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، أي سيطرة واضحة في السودان. كما أن العمليات المتواصلة التي تشنّها هذه القوات للسيطرة على مدينة الفاشر الاستراتيجية لم تنجح حتى كتابة هذه السطور.
وبحسب مصادر إعلامية سودانية، شهد القصر الجمهوري ومحيطه اشتباكات مباشرة وعلى مسافة الصفر بين الطرفين، قبل أن يتمكن الجيش السوداني من السيطرة عليه. النتيجة على الأرض كانت مخالفة تمامًا لما أعلنه حميدتي قبل أسبوع، حين قال إن قواته "لن تغادر الخرطوم أو القصر الجمهوري فيها"، متهمًا خصومه بالسعي لتنفيذ مخطط في إقليم دارفور شبيه بما جرى قبل انفصال جنوب السودان.
Relatedمشاهد مؤثرة لسكان غرب "أم درمان" عقب استعادة الجيش السوداني السيطرة على المنطقةانعطافة ميدانية في الصراع السوداني: الجيش يقترب من الحسم في العاصمةالأمم المتحدة تحذر: قيود الدعم السريع على تسليم المساعدات قد تؤدي إلى أسوأ أزمة إنسانية في السودانوقد أثار انسحاب قوات الدعم السريع من أماكن سيطرتها، بهذه السرعة، أسئلة عديدة من دون إجابات واضحة حتى الآن، تتعلق بمدى الكفاءة القتالية لقوات الدعم، وبالأسباب الميدانية المباشرة التي أدّت إلى ما جرى، كنتيجة للحصار الذي فرضه الجيش السوداني مثلًا لأسابيع على العاصمة الخرطوم. وبسبب الانهيار المتسارع في صفوف قوات "حميدتي"، تتعزز الأسئلة أيضًا عن مصيرها.
اليوم، تتجه المعارك لتنحسر في إقليم دارفور. وعلى وقع تقهقرها الميداني، يبدو أن قوات الدعم السريع تواجه مأزقًا سياسيًّا أيضًا، خصوصًا بعد تصريح الخارجية الأميركية عقب سيطرة الجيش على القصر الرئاسي، ووصفها ذلك بأنه "حدث مهم في مسار الحرب".
وفي مقاربة عسكرية مستندة إلى وقائع منشورة ومتداولة، تبدو خسائر قوات الدعم السريع كبيرة ومؤثرة في قدراتها الميدانية، الأمر الذي يضعها في موقف حرج في معركتها المقبلة، إن لم يتم التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويعيد الهدوء إلى السودان.
تعاني قوات الدعم السريع من نزيف في عديد مقاتليها، بدأ يظهر خلال الأشهر الأخيرة من الحرب. وقد خسرت عددًا كبيرًا منهم في حرب المدن، رغم أنّه من المتعارف عليه كفاءتها في هذا النوع من الحروب أكثر من الحروب في الجبهات ذات التضاريس المفتوحة.
وعلى مستوى العتاد، ورغم أن خطوط التسليح كانت مفتوحة دائمًا في السودان منذ عقود، إلا أن ملامح خسارة الدعم السريع لقسم مهم من عتادها تظهر بوضوح مما عرضه الجيش السوداني بعد استيلائه عليه. ويتوزع هذا العتاد على أسلحة وذخائر من مختلف الأعيرة، وآليات عسكرية للنقل، ومنظومات تشويش حديثة، ومدافع، وطائرات مسيّرة.
Relatedقرار أممي يطالب قوات الدعم السريع بوقف فوري لحصار مدينة الفاشر السودانيةتصعيد دموي في السودان: أكثر من 200 قتيل في هجوم لقوات الدعم السريع خلال ثلاثة أيامالولايات المتحدة تفرض عقوبات على 7 شركات مرتبطة بقوات الدعم السريع في السودانوفي معركة دارفور المرتقبة، لن تواجه قوات الدعم السريع الجيش السوداني فقط، بل ستواجه أيضًا مجموعات لطالما قاتلتها سابقًا، أبرزها "القوات المشتركة" المدعومة من الجيش السوداني، والتي تمتلك معرفة واسعة بجغرافيا دارفور.
وفي شباط/فبراير الماضي، وقّعت قوات الدعم السريع وجماعات متحالفة معها دستورًا انتقاليًّا، من شأنه إنشاء حكومة موازية لمجلس السيادة الذي يترأسه البرهان. وبموجب هذا الدستور، تكون "الدولة اتحادية علمانية مقسّمة إلى ثمانية أقاليم"، كما ينص على وثيقة للحقوق الأساسية تمنح تلك الأقاليم الحق في تقرير المصير إذا لم تُستوفَ شروط معينة، أهمها فصل الدين عن الدولة. لكن مع خساراتها المتتالية، فقدت قوات الدعم السريع هذه الورقة السياسية، بعدما باتت العاصمة تحت سيطرة الجيش.
ولطالما كرّر البرهان تصريحاته بأن قواته ستواصل عملياتها العسكرية حتى تتمكن من القضاء على "الميليشيا"، كما يصف قوات الدعم السريع.
وتقدّر الأمم المتحدة بأن مليوني شخص في السودان يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، فيما يعاني أكثر من 320 ألفًا من ظروف مجاعة، وفي الخرطوم فقط، يعاني أكثر من 100 ألف شخص من المجاعة. وقد أدّت الحرب كذلك إلى تدمير البنية التحتية في السودان، وإلى انهيارات اقتصادية عميقة.
وفيما أبدت واشنطن رفضها لإنشاء حكومة موازية، واعتبرته خطوة نحو تقسيم السودان، يتضاعف الضغط السياسي على قوات الدعم السريع. ففي الداخل، يُتوقّع أن تضعف القوى السياسية السودانية المتحالفة معها بفعل انكسارها العسكري. أما إقليميًّا، وهو الأهم، فليس واضحًا بأي طريقة ستحاول الدول الداعمة لهذه القوات دفعها لاستعادة ما خسرته، في حين تعتبر دول داعمة للجيش السوداني أنها انتصرت بعد استعادته العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد.
أحلى الخيارات أمام قوات الدعم السريع مرّ. فهي تتأهب لمعركة قد تكون الأصعب، بالنظر إلى وضعها العسكري الراهن. وبحسب مطّلعين على الشأن السوداني، ليس واضحًا إلى أين ستتجه قوات "حميدتي". وبينما لا يزال خيار الاستسلام مستبعدًا، تتأرجح التقديرات بين خوض معركة قاسية في دارفور، أو الانسحاب نحو الحدود الغربية للسودان والتموضع هناك، بانتظار تطورات جديدة، خصوصًا أن هامش المفاجآت القادرة على تغيير الوقائع بات ضيقًا جدًا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: لا أحد يريد التطبيع مع إسرائيل في لبنان والمسألة مرفوضة من الجميع زعيم المعارضة التركية يزور إمام أوغلو في سجنه شروط أمريكية على سوريا مقابل رفع جزئي للعقوبات... هل يستطيع الرئيس السوري تلبيتها؟ عبد الفتاح البرهان إقليم دارفورجمهورية السودانقوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)