«بدل ما نهدها»... الشماع: ننقل الآثار بدل تدميرها كما كنا نفعل بالماضي
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
قال المؤرخ المعروف والمرشد السياحي بسام الشماع إن هناك حل عبقري يمكن به مواجهة حالات هدم المباني الأثرية أو التراثية، وهو أن نقوم بنقل الأثر بدلًا من هدمه، وجاء ذلك تعليقًا منه على حادث هدم قلعة الدخيلة في الإسكندرية، وهو الأمر الذي أثار دهشة واستياء عدد كبير من المهتمين بالآثار والتراث.
هدم قلعة الدخيلة «بدل ما نهدها»... بسام الشماع يقترح نقل الآثار بدلًا من تدميرها
وتابع الشماع في تصريحات خاصة إلى بوابة الفجر الإلكترونية قائلًا، إن مصر لها باع كبير في نقل الآثار من مكان إلى آخر وكان للآثار الإسلامية نصيبًا من تلك العناية الكبيرة، حيث أن الأثر يحمل في طياته صفحات من التاريخ، وبزواله تزول تلك الصفحات وتندثر، وساق الشماع مثالين على نقل الآثار الإسلامية من مكان إلى آخر، حيث تم نقل أثرين كاملين من مكانهما إلى مكانين آخرين وكان الغرض هو توسعة شارع ولم تلجأ مصلحة الطرق في ذلك الوقت للهدم وإنما تم بذل مجهود ضخم للحفاظ على الأثر.
زاوية الدهيشةوقال الشماع إن المثال الأول هو الأثر الشهير المعروف بزاوية الدهيشة والتي أنشأها السلطان المملوكي الجركسي الناصر فرج بن برقوق عام 811هـ/ 1408م، وتقع حاليًا في شارع أحمد ماهر (تحت الربع سابقًا) أمام باب زويلة بحي وسط القاهرة، وأطلق عليها اسم الدهيشة نظرًا لما تتميز به قبتها من زخارف معمارية مدهشة والتي وصفت بأنها غاية في الجمال.
وتابع الشماع، المفاجأة أن هذه الزاوية الرائعة الجمال ليست موجودة حاليًا في مكانها الأصلي، وإنما كانت مبنية ملاصقة لباب زويلة، وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بنقلها من مكانها إلى المكان الحالي بحيث يتم توسعة الشارع حيث نشأ شارع أحمد ماهر حاليًا تحت الربع سابقًا.
قبة أمير كبير قرقماسوأضاف الشماع أن لدينا مثال آخر وهو نقل قبة أمير كبير قرقماس أتابك العسكر في عصر السلطان قنصوه الغوري، والتي كانت موجودة ملاصقة لباب جامع الحاكم بأمر الله الفاطمي، وتم نقلها في عام 1981 م أثناء أعمال توسعة شارع المعز لدين الله الفاطمي إلى شارع الأشرف بين قبتي جاني بك الدوادار والأشرف برسباي أو المنطقة المعروفة بحوش برسباي حاليًا.
مكانها القديم مكانها الجديدوالمثالين يوضحان أنه من الممكن اتخاذ قرار النقل في حالة ضرورة توسعة شارع أو فتح شارع أو في حالة ضرورة بناء كوبري جديد أو محور من المحاور التي تيسر على المواطنين حياتهم، ولا نلجأ أبدًا إلى الهدم كما حدث في منطقة الدخيلة الأثرية، أو في قصر أندراوس باشا بالأقصر اضغط هنا، أو في طابية فتح العسكرية في أسوان اضغط هنا.
456216703_502938022446573_173218578157546032_n 456250178_502937969113245_614596378486392243_n 456263620_502937885779920_9076534732812208840_n 456397949_502938072446568_1197111049010620130_nالمصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدخيلة بسام الشماع الاسكندرية هدم اسوان نقل الآثار حالی ا
إقرأ أيضاً:
«الأبيض والأسود» والحنين للماضى
فى كل مرة نشاهد فيها أفلام الأبيض والأسود، نجد أنفسنا مستغرقين فى ذكريات ترسم أمامنا مشاهد حية لمصر القديمة، بجمالها وعراقتها وأناقة شوارعها التى كانت تنبض بالحياة. هذه الأفلام ليست مجرد صور بالأبيض والأسود، بل هى بوابة إلى زمن كان فيه كل شىء أبسط وأعمق؛ المبانى، والشوارع، والعلاقات بين الناس، حيث كانت الأخلاق والقيم الإنسانية حاضرة فى كل تفاصيل الحياة.
عندما نشاهد أفلام الأبيض والأسود التى تبرز جمال مصر القديمة، نتذكر شوارعنا وحوارينا وأزقتنا التى كانت نابضة بالحياة والأناقة الطبيعية. فى تلك الفترة، كانت كل زاوية وكل شارع يتمتع بسحر خاص، يمتزج فيه جمال المعمار مع روح الناس.
كانت المنازل بسيطة لكنها تفيض دفئًا وراحة، وكان الناس يظهرون بمظهر يعكس بساطتهم وأصالتهم، حيث يرتدى كل شخص ما يليق به بشكل غير متكلف. كان المشهد العام لمصر ينضح بالجمال والنظام، حيث تكشف الأفلام عن عادات وأسلوب حياة مجتمعى غنى بالاحترام والتآلف.
فى الزمن القديم، كانت العلاقات بين الناس تتسم بالترابط؛ الجار بمثابة الأخ، وابنة الجيران هى بمثابة شقيقة لأبناء الحى. الأفراح كانت تجمع الجميع، والأحزان يتقاسمونها معًا، ما يجعلنا نستشعر أن القيم الأخلاقية كانت تحتفى بها وتعطى الأولوية فى حياتهم اليومية.
حيث كانت الأولويات للأخلاقيات هكذا تربينا أو تربى سكان هذا الزمن.
تعكس الأفلام القديمة أيضًا جمال مدن مثل القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وأسوان مطروح ومحافظات صعيد مصر والدلتا وتبرز الطابع الخاص لكل منها، الذى يجعلها تتألق بروعة تقارب مثيلاتها فى أوروبا. نعم كانت بنيات وسط القاهرة ومصر الجديدة والزمالك وجاردن سيتى والمعادى تضاهى أجمل المدن الأوروبية.
كنا نمتلك دار الأوبرا القديمة بكل ما تحمله وتقدمه من فنون راقية تماثل ما يقدم فى دور الأوبرا العالمية، والمسرح القومى الذى قدم أهم كلاسيكيات المسرح المصرى والعالمى وحديقة الأزبكية التى كانت تقام بها حفلات لكبار نجوم الطرب، أم كلثوم وعبدالوهاب ومنيرة المهدية كل مطربى مصر العظام، هل ننسى شارع محمد على بكل ما قدمه من موسيقيين وصناع للآلات الموسيقية، كان يشع بهجة وفرحة، الآن ماذا حدث له، أصبح بقايا تاريخ، نموذجاً للشارع الذى يعبر عن الإهمال الجسيم فى حق جزء من تاريخنا، لذلك عندما نشاهد فيلماً قديماً تدور أحداثه فى شارع محمد على أو شارع مصرى له تاريخ يمتلكنا شعور بالحزن والإحباط.
تلك الأفلام لم تكن مجرد تصوير لقصص، بل هى تذكرة بروعة التراث المعمارى المصري، والقوة الناعمة التى شكلت وجه مصر عالميًا، وإبداع المصريين فى إضفاء لمسات خاصة على كل ما حولهم.
أفلام الأبيض والأسود تظل شاهدًا حيًا على زمن الجمال البسيط والسلوكيات الراقية، لتعيد إلينا الحنين إلى مصر المحروسة كما كانت، وتجعلنا نطمح لإعادة إحياء تلك القيم والأخلاقيات التى جعلت مجتمعنا متماسكًا ومتناسقاً وجميلًا.
كلاسيكيات السينما كما تعد مصدراً لمتعة المشاهدة، فهى أيضاً مصدر للحزن وتقليب المواجع.
بسبب الحنين للماضى.
فى زمن السرعة والتغيير، تأتى أفلام الأبيض والأسود لتذكرنا بأهمية الحفاظ على التراث الثقافى والقيم الأخلاقية. هى ليست مجرد متعة للمشاهدة، بل رسالة تدعونا لإعادة النظر فيما فقدناه من معانٍ وقيم.