فور إعلان وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" تجميد تحويل 314 مليون شيكل (حوالي 85 مليون دولار) إلى السلطات المحلية في المدن والبلدات الفلسطينية في الداخل المحتل، فقد تلقى سلسلة من الهجمات المعارضة لقراره، لأنه سيضع هذه السلطات في عجز مالي، فيما طالبت المعارضة بنيامين نتنياهو بضرورة التدخل، لأن شريكه في الائتلاف أعلن الحرب على مليوني فلسطيني.



موران أزولاي مراسلة الشئون الحزبية بصحيفة يديعوت أحرونوت، أكدت أن "انتقادات حادة في صفوف المعارضة ضد قرار سموتريتش تصدرها رئيس "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، الذي وصفه بالعنصري، لأن التعامل مع الجريمة بين فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 في مصلحة الإسرائيليين بأسرهم، ويتطلب استثمارات واسعة وجادة في جميع المجالات: التعليم والبنية التحتية والرعاية الاجتماعية، وهذا القرار يضر بكل الإسرائيليين وليس بفلسطينيي 48 وحدهم".

ونقلت في تقرير ترجمته "عربي21" عن عضو الكنيست، غلعاد كاريب، من حزب "العمل"، أن "سموتريتش أعلن الحرب على مليوني فلسطيني في الدولة، أما ميراف كوهين من حزب "يوجد مستقبل" فاعتبرت أن "سموتريش يحاول أن يلعب دوره كحزبي يميني لا يعطي المال للفلسطينيين"، معربة عن خوفها من "الإجراءات الاحتجاجية التي سيقومون بها، بما في ذلك الإغلاق".

رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، هاجمت سموتريتش، مؤكدة أن "هدف قراره بث الفوضى وترحيل فلسطينيي 48، وبدء حرب بين اليهود والفلسطينيين، وإشعال النار في المنطقة حتى يمكن طردهم من هنا، مع أن قوات الأمن أخبرته أن القرار يلحق الضرر، كما أن وزارة الداخلية مذهولة من هذه العنصرية المدمرة تجاه الفلسطينيين، لأن هذه الحكومة تدار بطريقة غير مسؤولة، وعندما يدرك الفلسطينيون أن هناك من هو داخل الحكومة ضدهم بهذه الطريقة المستهدفة، ويمنع الميزانيات منهم، فإن قلقهم سيتضخم مرات عديدة، وسيشعرون أن الدولة تعمل ضدهم بشكل واضح، وهي تواجه خطر الاشتعال بسبب هذه الأيديولوجية المسيحانية الخطيرة".

أما عضو الكنيست، زئيف إلكين، من معسكر الدولة، فأكد في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمتها "عربي21"، أن "الأضرار التي ستلحق بالميزانيات ستشجع المقاومة المسلحة، هذا القرار عبارة عن مزيج من العنصرية والغباء، سموتريتش يضرّ عمليا بوحدة وسيادة الدولة".

رئيس بلدية رهط، عطا أبو مديغم، حذر في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، من "العواقب على أرض الواقع لتجميد الأموال للبلديات الفلسطينية، لأنه سيكون لديه عجز قدره ثمانية ملايين شيكل في الميزانية، ولن يتمكن من تنفيذ الخدمات الأساسية، ولا يمكنني استلام الأموال من مصادر أخرى، وسأواجه عجزًا في الموازنة والمدفوعات، ولا يوجد من يسدد هذا العجز، لأن أجندة سموتريتش ترى أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين، ولأنه يعتقد أن العمل ضدنا لم يكتمل عام 1948، فإنه اليوم يريدون أن يكمله، ويقضي علينا، من خلال إعلان الحرب عليهم، وزارة المالية تسيء إلينا، لكن هذا ليس محل بقالة والد الوزير، إنه مال عام".

كما أن زعيم المعارضة، يائير لابيد، هاجم في تقرير ترجمته "عربي21"، القرار، مؤكدًا أن "هذه موازنات للبلديات الضعيفة موجودة منذ سنوات عديدة، أشعر بالخجل من الحكومة، ولأن العنصرية أصبحت سياسة رسمية لإسرائيل".

رئيس السلطات المحلية، حاييم بيبس، وجه رسالة إلى نتنياهو، طالبه بإلغاء تجميد الميزانيات، وناشده بـ "التدخل العاجل والفوري لوقف قرار سموتريتش، لأن السلطات المحلية العربية الأكثر ضعفًا، وعلى وشك الانهيار، وإن التجميد المطول للميزانيات يؤدي بالسلطات لحالة من الخلل الوظيفي، وعدم القدرة على تقديم الخدمات لسكانها، ويجب أن تتلقى هذه السلطات المساعدة الفورية، من خلال حقن الموارد والميزانيات، لأننا إذا لم نعتني بها اليوم، فسيتعين علينا دفع تكلفة إصلاح الأضرار في المستقبل، وستكون مضاعفة عدة مرات".

في حين أكد رئيس بلدية الطيبة المحامي، شعاع مصاروة، في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمتها "عربي21" أن "هذا قرار يتحدى السلطات المحلية الفلسطينية، وتفوح منه رائحة عنصرية، لأنه من غير المعقول أن تتحدث الحكومة بلغتين: فمن ناحية نحن مواطنون يقع على كاهلنا كثير من الأعباء، ومن ناحية أخرى تأخذ الميزانيات التي وافقت عليها الحكومة السابقة، وإضافة ادعاءات وهمية مثل دعم "الإرهاب"، وأنا آسف أننا وصلنا لوضع يوجد فيه وزراء لليهود فقط، والآن وصلنا لذروة وزراء المستوطنين، هذا إعلان حرب علينا، لأننا بدون الميزانيات ستنهار سلطاتنا المحلية، في ظل الأزمة الاقتصادية المحلية والعالمية".



من جهة أخرى، أكد رئيس بلدية عرعرة، مضر يونس، أن "القرار لا يسمح فقط بمكافحة الجريمة، بل الغرض منه إلحاق الأذى المباشر بالسلطات المحلية، وسحق المجتمع الفلسطيني، ولن نسمح بحدوث ذلك"، أما رئيس بلدية أم الفحم، سمير صبحي، فأشار إلى أن "السنوات الماضية شهدت تخفيض العجز من 80 إلى 30 مليون شيكل، وللأسف فإن وزير المالية يتسبب في أضرار جسيمة لنا، ويستهدف قدرتنا على الاستمرار بالتصرف بطريقة متوازنة وتقديم الخدمة، وربما عن قصد"، لأن صدماته المستمرة تتعامى عن الثمن الباهظ الذي دفعناه نحن وأطفالنا والمجتمع الفلسطيني ككل".

في ضوء ذلك، تأتي التوجهات والقرارات السياسية والأمنية، التي اتخذها وزير مالية الاحتلال، لتتماشى مع نظرته العنصرية تجاه فلسطينيي 48، وتقديراته بشأن انخراطهم في المزيد من الأعمال الوطنية، حتى لو جاءت بلباس مدني سلمي، إذ يعتبرهم نقطة الضعف لدولة الاحتلال، كما حصل في هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، وقبلها في هبة تشرين الأول/ أكتوبر 2000، ومن قبلهما في آذار/ مارس 1976، حين بدأ التأريخ ليوم الأرض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال الأراضي المحتلة الاحتلال الأراضي المحتلة البلديات صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطات المحلیة رئیس بلدیة

إقرأ أيضاً:

قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق

في صيف سياسي مشحون، وتحت ظلال حرب أهلية تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، جاء قرار تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك، بفك الارتباط مع الأطراف المؤيدة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع. القرار، الذي هزّ أروقة السياسة السودانية، لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان انعكاسًا لتناقضات عميقة تضرب جذور التحالفات المدنية التي تتصارع مع شبح الانهيار الوطني.
كانت دوافع القرار متعددة، تتشابك فيها هواجس الانقسام الوطني، الضغوط الدولية، والانقسامات الداخلية التي لم تستطع تنسيقية "تقدم" السيطرة عليها. في قلب هذه الخطوة، برزت مخاوف كبيرة من أن تشكيل حكومة موازية قد يُحول السودان إلى نسخة جديدة من دول مُفككة مثل ليبيا واليمن. خشية أن يتحول الصراع إلى معادلة جديدة تعيد رسم خريطة البلد، حيث يصبح كل طرف جزيرة معزولة، جعلت القيادات المدنية تتردد أمام الخيارات المتاحة.
في الاجتماعات التي عُقدت في عنتيبي، بأوغندا، ظهرت الانقسامات إلى السطح. داخل التنسيقية، كانت هناك رؤيتان متعارضتان: الأولى بقيادة شخصيات مثل الهادي إدريس والطاهر حجر، اللذين رأيا في الحكومة الموازية فرصة لانتزاع الشرعية من حكومة بورتسودان، ومحاولة لاستثمار الوضع القائم لخدمة المناطق المُهمَّشة. الرؤية الأخرى، بقيادة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، كانت تحذر من العواقب الوخيمة التي قد تُفضي إليها هذه الخطوة، باعتبارها طريقًا نحو تقسيم السودان جغرافيًا وسياسيًا.
عبد الله حمدوك، المعروف بحذره السياسي وتفضيله الحلول الوسط، وجد نفسه أمام تحدٍ وجودي لتنسيقية "تقدم". كان يعلم أن أي قرار بدعم الحكومة الموازية يعني تفكيك التحالف المدني نفسه، وربما فقدان مصداقية "تقدم" أمام المجتمع الدولي. لهذا السبب، جاء القرار بقطع الصلة مع المؤيدين لهذه الخطوة، كنوع من الحفاظ على ما تبقى من وحدة الصف.
إقليمياً ودولياً، لم تكن الظروف مهيأة لتأييد فكرة الحكومة الموازية. التصريحات المتكررة من مبعوثين دوليين حذّرت من تداعياتها. حتى الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب، عبّرت عبر مسؤولين مثل كاميرون هدسون عن نية معاقبة أي طرف يدعم مثل هذه المشاريع التي تؤدي إلى تصعيد الصراع. كانت الرسالة واضحة: لا شرعية لأي حكومة موازية تُقام على أسس دعم ميليشيا متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.
على الأرض، لم يكن الدعم السريع في وضع يسمح له بأن يكون شريكًا موثوقًا في مشروع حكومي. تجاربه السابقة، مثل إدارته لشؤون ولاية الجزيرة، كشفت عن عجز كبير في توفير الخدمات الأساسية. السكان الذين عاشوا في ظل هذه الإدارة وجدوا أنفسهم أمام أزمات إنسانية وأمنية خانقة، مما زاد من الشكوك حول جدوى أي حكومة جديدة تقوم بدعمه.
لكن ربما كان العامل الأبرز في دفع "تقدم" لاتخاذ هذا القرار، هو مخاوفها من الوقوع تحت تأثير أجندات خارجية. الدعم الإقليمي للدعم السريع، الذي يشتبه في ارتباطه بمصالح دولية تسعى لإطالة أمد الحرب، كان سببًا رئيسيًا لاعتبار الحكومة الموازية مشروعًا محفوفًا بالمخاطر. لم يكن حمدوك مستعدًا ليكون طرفًا في لعبة إقليمية قد تُفاقم مأساة السودان.
القرار لم يأتِ بلا ثمن. فك الارتباط ترك ندوبًا داخل "تقدم"، حيث بدت بعض الفصائل، مثل حركة العدل والمساواة، ميالة إلى الانضمام لمعسكر المؤيدين للدعم السريع. في المقابل، تعهدت القيادات المعارضة للحكومة الموازية بتكثيف الجهود لإيجاد حلول سلمية، حتى لو كان ذلك يعني مزيدًا من العزلة السياسية.
على الصعيد الشعبي، تزايدت معاناة المدنيين الذين يدفعون ثمن الحرب بشكل يومي. المناطق المحرومة من التعليم والخدمات الصحية باتت مسرحًا لمعركة خفية بين القوى المتصارعة، حيث يُستخدم المدنيون كأوراق ضغط في لعبة سياسية معقدة.
وسط كل هذه الفوضى، يبدو أن قرار "تقدم" بفك الارتباط كان بمثابة محاولة يائسة للحفاظ على بقايا وحدة وطنية في بلد تتلاشى ملامحه. لكن الطريق أمام السودان لا يزال طويلاً وشاقًا. دون توافق حقيقي بين القوى السياسية والمدنية، ودون إرادة دولية حاسمة لإنهاء الحرب، سيظل المشهد السياسي محاصرًا بالتناقضات، وستبقى آمال السلام مجرد شعارات معلقة في الهواء.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • ترمب يلغي قرار تجميد المنح والقروض الفدرالية
  • إدارة ترامب تلغي قرار تجميد المنح الفدرالية
  • إدارة ترامب تلغي قرار تجميد المنح الفيدرالية
  • ترامب يتراجع عن تجميد المنح والقروض الفيدرالية بعد يوم من إعلانه
  • أول ردود فعل أوروبية سلبية تجاه التطبيق الصيني DeepSeek
  • الحكومة تناقش إنشاء هيئة للمناطق المركزية للمال والأعمال
  • قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق
  • يكرهونك لهذه الأسباب
  • ردود فعل إسرائيلية واسعة على مشاهد عودة النازحين عبر محور نتساريم
  • باحث إسرائيلي: لهذه الأسباب لن توافق مصر والأردن على فكرة تهجير أهالي غزة