لماذا لا تنتهي الحكومة من قانون المجالس المحلية؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
يقول الدكتور أيمن الباجوري أستاذ الإدارة المحلية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن مصر تأتي ضمن قائمة الدول النامية الأكثر ترددًا في تطبيق اللامركزية، على الرغم من تتالي النصوص الدستورية الداعمة للتحول نحو اللامركزية منذ عام 2007، في إطار التعديلات الدستورية على دستور 1971، ثم دستور عام 2012م، وأخيرًا دستور عام 2014، المواد من 175-183.
وأضاف في دراسة أعدّها عام 2022، أن التقدّم على مستوى النصوص الدستورية، لم يتم ترجمته إلى واقع ملموس، فيما يتعلّق بالتحوّل نحو اللامركزية، وذلك على الرغم من إصدار قانون جديد للإدارة المحلية يعالج ذلك.
وضع الدستور المصري 2014 رؤية مغايرة ومختلفة لإصلاح الإدارة المحلية في مصر، وعلى الرغم من ذلك ظلّ هذا الملف "صداع دائم" في رأس الحكومات المتعاقبة، دون إيجاد حلول حقيقية له.
مجلس النوابلماذا لا تُصدر الحكومة قانون المجالس المحلية؟
جدل وانتقادات شابت جلسات الحوار الوطني العام الماضي، حول تأخّر إصدار قانون المجالس المحلية؛ حيث انتقد محافظون ونواب تلك الأزمة، ونفى المستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية، وجود خشية من وجود المجالس المحلية، متسائلًا عن كيفية تصميم القانون الخاص بالانتخابات بشكل يتوافق مع الالتزامات الدستورية؟ والتأكيد على أن المجالس المحلية تحتاج تقريبًا 52 ألف شخص لشغل المناصب.
أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء حرص الحكومة على استصدار القانون، وأنها تعهّدت خلال برنامجها، بالإسراع في ذلك، وحسم كيفية إجراء انتخابات المجالس المحلية، وهو ما يتم العمل عليه خلال الفترة القادمة.
وعلى الرغم من انتظار لجنة التنمية المحلية بمجلس النواب، مشروع قانون الحكومة منذ أشهر وربما سنوات، إلا أن جديدًا لم يحدث سوى التصريحات.
مجلس النوابأهمية ملف المحليات في مصر
نحو 14 عامًا مرّت دون انتخاب مجلس محلية في مصر، ولكن يوجد فقط نصف إدارة، والمتمثلة في المحافظين، الذين يعملون على تسيير الأعمال فقط.
إصدار قانون المجالس المحلية في مصر، يخفف العبء عن النواب، الذين يتحمّلون عبئًا كبيرًا بمفردهم، كما يساعد في إنشاء نظام محلي، ومؤسسات محلية، تقدّم خدمات أفضل للمواطنين، وإفراز كادر محلي يخلق قيادات محلية مُؤهّلة، ومُدرَبة، وقادرة علي تنفيذ القانون.
ويجب التأكيد على أن تشكيل مجالس محلية قوية، بأعضاء ذوي كفاءات عالية، تكون مهمتها إعمال الرقابة، والمتابعة، والمسائلة، والتواصل مع المواطنين، بشأن الخدمات والمشروعات المُقترحة، وقياس مدى رضاء المواطنين عن هذه الخدمات والمشروعات التي تقوم بها المحافظة، ونقل طلبات المواطنين، ورغباتهم، واحتياجاتهم إلى قيادات المحافظة؛ لتعديل الأولويات طبقًا للاحتياج الفعلي للمواطنين، حتى تكتمل منظومة الإدارة في مصر.
مجلس النوابأمين سر لجنة الإدارة المحلية: إقرار القوانين الخاصة بنظام الحكم المحلي لمواجهة الفساد
قال النائب عمرو درويش أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن مصر عانت منذ عقود طويلة، من حالة الترهل التي أصابت العديد من مفاصلها، وبالأخص الحالة التي طالت قطاع المحليات، مما كان له أبلغ الأثر في احتقان المواطن المصري، وشعوره بالغبن والظلم، خاصةً مع تفشي الفساد الذي طال هذا القطاع الهام، والذي يتعامل مباشرةً مع احتياجات المواطنين، وأصبح من العسير العمل على إعادة هيكلته، وضبط إيقاعه، ومحاولة تصحيح مساره، وتطوير منظومته، حتى يكون مؤهلًا للقيام بدوره الهام، كأحد أهم أذرع السُلطة التنفيذية، التي تعتمد عليها لتنفيذ خطط التنمية، وتلبية احتياجات المواطنين.
وأضاف في تصريحات لـ "الفجر"، أن مع الأضرار الجسيمة التي أصابت الدولة المصرية عقب أحداث 25 من يناير 2011، وقرار حل المجالس الشعبية المحلية المُنتخبة، زادت أوضاع المحليات تأزمًا، وسط انكشاف كامل للسلبيات، وضعف الكوادر، وسوء التخطيط، وانعدام الرؤية الصائبة، ليس فقط لتطوير قطاع المحليات، لكن أيضًا في العقليات التي كانت تدير هذا الملف الهام، خلال تلك الفترة.
وأكد "درويش" أنه عقب ثورة 30 يونيو 2013، اتجهت الدولة لمحاولة ضبط هذا القطاع، والعمل على إعادة هيكلة الإدارة المحلية، انتظارًا للوقت الملائم لإجراء الانتخابات المحلية، حتى تكتمل منظومة المحليات، بالشكل الذي يساعد في تحقيق خطط التنمية ورؤية الدولة في 2030، وكذلك البدء بشكل نموذجي، في ظل ما يتأمله المصريون من الجمهورية الجديدة.
وتابع: "الباحث في هذا الملف الهام، يستطيع أن يرى بسهولة حالة الصراع الكبيرة بين رغبة الدولة في تصحيح مسار المحليات، وبين بعض العقول التي لا تزال قابعة في غياهب الفكر الرجعي السابق، المبني على إما قدرات محدودة ومسؤولية غائبة، أو التربّح الحرام من جراء ابتزاز المواطنين، وتعطيل مصالحهم ومعاملاتهم، فلا تزال مواقع القيادات التنفيذية بالمحافظات، والوحدات المحلية، والمديريات، والإدارات الخدمية، تعجّ بالأيدي المرتعشة وغير المسؤولة، وكذلك بالفاسدين والبيروقراطيين، الذين يمثّلون عبئًا كبيرًا على الدولة والمواطنين على حد سواء، والوقائع والأمثلة على ذلك كثيرة، في ظل الصعوبات والتحديات المتعددة التي يعاني منها قطاعات التفتيش في التصدي لمثل هؤلاء".
أشار النائب عمرو درويش، إلى الدور التنسيقي بين وزارة التنمية المحلية والمحافظات، والذي أكد أنه بحاجة إلى مزيدٍ من الوضوح والإيجابية، التي إذا تمت بلورتها بشكل مناسب، ستعطي مردودًا أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
واستدل على ذلك برغبة الدولة في إعادة هيكلة المحليات وتصحيح مسارها، وذلك عن طريق اختيار مجموعة متميزة من نواب المحافظين، كمحاولة لضخ دماء جديدة في موقع القيادات التنفيذية، والتي ستكون قادرة على سد الفجوة بين ضعف بعض القيادات، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة.
وأوضح "درويش" أن قدرات العديد منهم، برزت خلال الفترة السابقة، مما يُبشّر بميلاد أجيال جديدة، ستكون قادرة على تحمّل المسؤوليات، وكذلك فخريجي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب على القيادة، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وشباب مبادرة حياة كريمة، يمثّلون قوة هائلة، تستطيع تطوير مهاراتها، وذلك من خلال التواصل المباشر مع المواطنين، والاطلاع على احتياجاتهم، والعمل على إيجاد حلول واقعية، بالإضافة إلى العديد من القيادات الشعبية والخبرات الوطنية، القادرة على نقل الخبرات للأجيال الجديدة، والعمل على تعليمهم؛ لتجنّب السقوط في أخطاء الماضي.
وأكد عضو تنسيقية شباب الأحزاب، أن الفساد في مفهومه العام، هو سلوك بشري مرتبط بالغريزة في ظل غياب الرقابة، ولا أحد يستطيع الجزم بالقضاء الكامل عليه، إلا أن النجاح يكمن في محاولة الحد من هذا السلوك وإعادة تقويمه، لتحقيق الصالح العام، لافتًا إلى أن أوجه القصور والفساد في ملف المحليات مازالت واضحة، بالإضافة إلى البيروقراطية والتربّح، الذين يمثلون تهديدًا مباشرًا على خطط الدولة المصريةفي التحول نحو الجمهورية الجديدة، وتحقيق طموحات المصريين.
وألقى النائب عمرو درويش، الضوء على الخروج من هذه الأزمة، من خلال إقرار القوانين الخاصة بنظام الحكم المحلي والانتخابات المحلية، التي تظل الأمل في مجابهة الفساد، وتشديد الرقابة وتفعيل دورها، سواءً مؤسسيًا أو شعبيًا، وتحديد صلاحيات أكثر وضوحًا وانضباطًا للوزارات، والجهات، والقطاعات الفاعلة في هذا الملف، بالإضافة إلى الأدوار التنسيقية المُبهمة، وتفعيل مراكز التدريب والتأهيل، وانتقاء العناصر القادرة على التواصل الشعبي والخدمي، مع ضخ الدماء الجديدة المؤهلة في مفاصل المجالس المحلية، حتى لا تعود مقولة "فساد المحليات" تُلقي بظلالها القاتمة على ربوع الجمهورية الجديدة.
النائب عمرو درويشوكيل لجنة الإدارة المحلية: القانون وحده غير كافي للردع
من ناحية أخرى، كشف النائب وفيق عزت وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن السبب الرئيسي لتأخّر إصدار قانون الإدارة المحلية الجديد، هو تأخر الحكومة في تقديم وتجهيز القانون، بسبب صلاحياته المتشعبة والكبيرة، ووجود عائق بالدستور المصري، وهو المادة 182 التي تضمّنت الآتي: "على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن 35 سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن 50% من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمّن تلك النسبة تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوى الإعاقة".
وقال في تصريحات لـ "ألفجر"، أن تمثيل النِسب الذي حددها الدستور، يواجه إشكالية كُبرى لضمان عدم الطعن على المجالس المحلية بعدم الدستورية، وأن القائمة المُغلقة أفضل حل للخروج من هذه الأزمة؛ لأن النسبية من الصعب تحقيق التمثيل الأنسب من خلالها.
وأضاف أن مجالس المحليات لها صلاحيات كبيرة في مراقبة عمل الأجهزة التنفيذية، وبالتالي يجب التدقيق في الإختيارات جيدًا، وتوافر الوعي اللازم والضروري لأعضاء المجالس المحلية، حتى لا تكون عائقًا في طريق الجمهورية الجديدة، وتمثل جنبًا إلى جنب مع مجلسي النواب والشيوخ، دافعًا للجهاز التنفيذي، للقيام بمهامه المنوط بها على أكمل وجه للمواطنين.
وطالب النائب بوجود صلاحيات وتعديلات في الإدارة المحلية، مع ضرورة فصل الخدمة بين مُقدمها ومتلقيها، وذلك لمنع الرشوة والفساد، لافتًا إلى أن المرحلة القادمة تحتاج إلى تكامل تام، من خلال إجراء انتخابات المحليات، كرقيب على عمل الإدارات المحلية، وتحديث وسائل عملها، لاستعمال التكنولوجيا، واستخدامها بما يتواكب مع تطلّعات الجمهورية الجديدة.
وأكد "عزت" أن الفساد الإداري يؤدي إلى التهلكة وليس الإصلاح، بالإضافة إلى عمل الأجهزة الرقابية وإطلاق أيديها، مطالبًا بضرورة وجود أكاديمية للمحليات، من أجل تدريب الموطفين، وتأهيلهم على التعامل مع التكنولوجيا ووسائل الإتصال الحديثة، بهدف توفير خدمة جيدة للمواطن على أكمل وجه، وبسرعة، موضحًا أن العملية برمتها شائكة، ويجب معالجتها من كافة الجوانب، لأداء الخدمة المطلوبة على أكمل وجه، لأن القانون وحده غير كافي للردع.
النائب وفيق عزتعضو لجنة الإدارة المحلية يطالب الحكومة بالتقدم بمشروع قانون خاص بالإدارة المحلية
من جهته، طالب النائب السيد شمس الدين عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الحكومة، بالتقدم بمشروع قانون خاص بالإدارة المحلية، ولكن اللجنة لم تتلقَ أي مشروع قانون حتى الآن.
وقال في تصريحات لـ "الفجر"، إن قانون الإدارة المحلية يُشكّل أهمية كبيرة للمواطنين، والذي سيكون له تأثير إيجابي، وسيساهم بشكل فعّال في تخفيف العبء، وحِدة الفساد الموجودة المحليات، وتسهيل أمور المواطنين بشكل كبير، لذلك لا بد من وصول القانون إلى مجلس النواب، حتى يكون هناك مجالس محليات فيما بعد.
وأضاف أن اللجنة تنتظر إرسال الحكومة لمشروع القانون، حتى يتم مناقشته واعتماده، ومن ثم يُحال إلى الجلسة العامة، وإقراره بها، ومن ثم إرساله إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه، ويُنشر في الجريدة الرسمية.
النائب السيد شمس الدينالمصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: إصدار قانون المحليات قانون المجالس المحلیة المحلیة بمجلس النواب لجنة الإدارة المحلیة الجمهوریة الجدیدة النائب عمرو درویش بالإضافة إلى على الرغم من مجلس النواب إصدار قانون هذا الملف من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
برلماني: تعديل قانون الإيجار القديم يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين
أكد النائب الدكتور علي مهران، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أهمية العمل على تعديل قانون الإيجار القديم بما يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
وأوضح مهران، في بيان له، أن الخلافات القائمة حول القانون تستدعي وضع آليات جديدة تضمن تحديد قيمة الإيجار بشكل عادل وتطبيق القانون بطريقة تحفظ حقوق الجميع.
وأضاف عضو صحة الشيوخ، أنه من أهم المحاور التي يجب العمل عليها في تعديل قانون الإيجار القديم هي آلية تحديد قيمة الإيجار.
وأكد النائب الدكتور علي مهران، أن هذه الآلية يجب أن تكون قائمة على معايير موضوعية تشمل الموقع الجغرافي، حالة العقار، والقدرة الاقتصادية للطرفين.
وأشار عضو صحة الشيوخ، إلى ضرورة تشكيل لجان متخصصة تضم خبراء من وزارة الإسكان والجهات المعنية لتقييم العقارات وتحديد الإيجارات بشكل منصف يراعي التغيرات الاقتصادية وظروف التضخم.
وفيما يخص آليات التنفيذ، دعا النائب علي مهران، إلى تبني نظام مرن يسمح بتدرج الزيادات في الإيجارات على مدار فترة زمنية معقولة، ما يتيح للمستأجرين فرصة التأقلم مع الزيادات دون أن يثقل كاهلهم بالعبء المالي المفاجئ.
وشدد عضو صحة الشيوخ، على أهمية متابعة تنفيذ القانون بشكل دوري من قبل الجهات المختصة لضمان الالتزام بالضوابط المحددة ولتجنب أي تجاوزات.
ولفت النائب علي مهران، إلى أن تحديث قانون الإيجار القديم يحمل أهمية كبرى للاقتصاد الوطني، حيث أن توفير إطار قانوني واضح لتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين سيساهم في تحفيز السوق العقاري ويزيد من ثقة المستثمرين بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون الجديد سيساعد في معالجة أزمة السكن بفتح المجال لاستخدام العديد من الوحدات السكنية غير المستغلة.
واختتم عضو صحة الشيوخ بيانه بالتأكيد، على ضرورة فتح حوار مجتمعي شامل حول التعديلات المقترحة لضمان تمثيل جميع وجهات النظر، مشيرًا إلى أن القانون الجديد يجب أن يحقق العدالة بين الأطراف المعنية ويدعم التنمية العمرانية والاستقرار الاجتماعي.
اقرأ أيضاًمستفيدون من الإيجار القديم ينتظرون الحماية.. والملاك: أسعار عادلة
ضوابط تحديد الأجرة في قانون الإيجار القديم