سودانايل:
2025-01-30@18:12:10 GMT

الحردلو (18) زي ورق الأراك الشمّ ريحة النَتره !!

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

نحن الآن في الموسم المطير..بعيّنه السبعة..(النترة والطرفة والجبهة والخيرصان والصرفة والعِوا..ثم السِماك)...ينصب الشاعر هنا مسرحاً من التوقّعات والإرهاصات والإثارة عند ظهور (نجم النترة) متجلّياً في الأفق الأعلى..!
هذا هو التوقيت الذي تخرج فيه أسراب الظباء لترى وميض البروق التي تبشّر بسقوط المطر الوشيك.

.! ولكن ظبية الشاعر الأثيرة لم تظهر بعد..!
نجم (النَتره) في شفق الحميرات غزّا
وين الشارفه لي برّاق سحابو الرزّا
جنيبة الفارس الفوق المشّمش هزّا
فرقها مُر.. وودِّر من لساني اللذّه
(من تشبيهات واستعارات الشاعر الكبير علي إبراهيم (عكير الدامر) حول عينة النترة قوله في مدح الإمام عبدالرحمن المهدي):
تسلم يا الزعيم التلفا ساعة العَتره
يا جبل الضرا يا الري نهار الختره
عنك طبعه ساعة تدي إيدك تترا
زي ورق الأراك الشمّ ريحة النتره)
**
وبطلوع (نجم الطرفة) تزداد كثافة سقوط الأمطار..انه موسم توالي الأمطار خلال ثلاث عشرة ليلة..كل هذه المياه لا تروي ظمأ الشاعر..!!
ظميانين ووابل (الطرفه) فوقنا يهطِّل
مِن الخلى كلو عملنا صار متعطِّل
سيد توهة الصبا اللي غناهو ما بنبطِّل
رايو معاهو..يشفي ألمنا ولا يكتِّل
Al-Tarfa is copious as usual
Yet I remain as thirsty as ever for her
I've abandoned everything except singing her praise
I've let my fate in her hands
It's up to her to cure me or finish me off
**
نجم أو عِينة (الجبهة) تمتد إلى أربعة عشر يوماً (بزيادة يوم) عن عينات الخريف الست الأخرى..! وهذه العينة مثل الطرفة تتميّز بأمطارها الغزيرة طوال الليل..والمثير فيها كما يقول (ود شوراني) أن لها مخزوناً لا ينضب من المياه..,فمع كل هذه السحب التي تحلب مياهها طوال الليل تظل حتى الصباح وهي مثقلة حبلى..داكنة متراكبة بما تحمل من المياه..تلك الدُكنة والزُرقة التي تذكّره بشعر محبوبته الأسود الأثيث..!
(الجبهة) ام سواري سحابا بيّت مالي
برقو الرقّ ذكّرني الوضيبا مَخالي
فريدة عصرها ومَلْكة دهرنا الحالي
لونا جواهر الدُر المَزبَّن وغالي
(الدر المزبّن) هو الدُر عالي التقييم من أصحابه ومن الزبائن..!
**
نجم (الخيرصان) يشتهر ببروقه ورعوده ولكن بنسبة أقل من مياه الأمطار..ويبدو للشاعر أن البرق يملك من القوة ما يجعله يشتت شمل السحاب..! ولا يرسل إلى الأرض إلا موجة برد عاتية..إن طيف محبوبته يبدو له يسير مختالاً تحت ضوء البرق وهي متخففة عن الثياب تتحدى البرد وتكشف عن جمالها..هذا ما أعار الشاعر الإحساس بالدفء:
برق (الخيرصان) الفي السحابه بشلّع
اسهر نومي زيف رهبو البيبدا مقلّع
السبب المِحرَك نار قلوبنا تولّع
سمحاً ماشي بي توب الدلع مُتدلّع
**
ثم تأتي عينة "الصرفة"
وكما لا تستطيع السحب الضخمة إخفاء أضواء البروق بالكامل..فهو لا يستطيع أن يخفي محبته وشغفه بمحبوبته:
برق (الصرفه) شال تحت السحابه وختّا
ذكّر لي مراداتاً أبت تتغتّى
ظبي البي الجَزو العسّن سدوهن شتى
دكتور علّتي اللي غيرو ما بتنفتّا
(يعني ما بفتّو إلا ليهو براهو)..!
**
هذا نجم (العِوا) ..الهبوب المحمّل بالرذاذ والرطوبة الذي يعقب البرق والرعد يحرّك ذكريات الشاعر لمحبوبته و(قدلتها) ووهي تميس في زهو وخيلاء:
هوا نَفَس العِوا البرّاقو رعدو يصبَح
ذكّرني البيقدل وفي مشيهو بميّح
بشوف رايو الفتَق جرحي اللي كان متقيّح
يحلم..ولا يُكتل مرّه واحده يريّح
هكذا يضعها "عادل بابكر" تأكيداً لتجاوب الإبداع "العابر للغات":
Breathing out gentle breeze
Al-Iwa) leashed lightning and thunder)
It reminded me of her elegant steps,
And my long-festered wounds opened up
It's up to her now: to restore my soul,
or deal me a fatal blow once and for all
**
الآن وصلنا إلى نهاية نجوم وعيّن الخريف (السماك) ومَقدمِه ينبئ بالقدوم الوشيك للشتاء..ومرة أخرى تواجهنا تقلبات أحوال الطقس التي تشعل جذوة الحنين عند الشاعر (ود شوراني):
في آخر السماك ود عيني زاد لجليجو
والاهو الشتا وعَقب الخريف بي عريجو
فاقد لعبة المريود وحالي لهيجو
سيفو الحاد حياتي ختوره من دِهّيجو
(حياتي في خطر)..!!
**
ويستمر مسدار ود شوارني على ذات المنوال في رحلته مع منازل النجوم في فصلي الشتاء والربيع..سطوع وأفول كل نجم (rise and demise) يلهب فيه شجن الروح وألم الفراق ولهفة اللقاء.. !
وعلاوة على التشبيهات والاستعارات النابضة بالحياة يمثل هذا المسدار (مدوّنة طبيعية) توثق وتجدوِّل تحولات الفصول وتكشف عن ثقافة عميقة بالنجوم وتأثير انتقالاتها في دورة الفلك على المناخ الأرضي..وعلى روح ووجدان الإنسان...(فبأي آلاء ربكما تكذّبان)..؟!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

شاعر مغربي من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا

شهدت قاعة ديوان الشعر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 لقاءً شعريًا مميزًا مع الشاعر المغربي الكبير د. مراد القادري، أدارها الشاعر د. مسعود شومان، وسط حضور لافت من محبي الشعر والثقافة.

 

استهل د. مسعود شومان الندوة بالإشارة إلى أنها ستتناول موضوعات متعددة حول اللغة، والمدارس الشعرية، والاستلهامات الأدبية، مؤكدًا أن ضيف اللقاء شاعر وناشط ثقافي مغربي بارز، حاصل على الدكتوراه في الأدب المغربي الحديث، وترجمت أعماله إلى عدة لغات عالمية، منها الإسبانية والفرنسية.

كما أوضح شومان أن مصطلح “الزجل” في المغرب يُطلق على من يكتب الشعر بالعامية المغربية، وهو ما يثير جدلًا اصطلاحيًا حول ما إذا كان شعر العامية شعرًا قائمًا بذاته، أم زجلًا، أم شعرًا شعبيًا، مما يطرح تساؤلات حول مكانته مقارنة بشعر الفصحى.

 

من جانبه، أعرب د. مراد القادري عن سعادته بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، موجهًا شكره إلى الهيئة المصرية العامة للكتاب، وإلى الشاعر مسعود شومان، كما حيّا الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد والحضور الكريم.

وأشار القادري إلى أن العقد الأخير شهد تغيرًا في نظرة شعراء العامية إلى مصطلح “الزجل”، حيث أصبحوا يرفضون هذا اللقب ويصرون على إصدار أعمالهم تحت مسمى “شعر”، مؤكدًا أن الأهم هو الجوهر الفني للنصوص، وليس المسميات الجانبية.

 

وأضاف: “تعلمنا من فؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبد الرحمن الأبنودي، ومن شعراء الأغنية الذين أثرت أعمالهم في الدراما، وكان المحافظون في الماضي يعارضون العامية، باعتبارها لغة تختلف عن الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم، ولهذا أطلقوا على شعر العامية اسم الزجل، لكننا نتمسك بلقب شعراء وليس زجالين".

وخلال حديثه، أكد القادري أن مصر لعبت دورًا مهمًا في حركة الشعر العامي المغربي، قائلًا: “نحن مدينون لمصر، فأول أطروحة أكاديمية تناولت الشعر العامي المغربي خرجت من هنا، حيث قدمها عميد الأدب المغربي د. عباس الجراري في رسالة علمية بجامعة عين شمس. كما أن أحد أبرز شعراء العامية المغربية، حسن المفتي، عاش في مصر، مما يعكس الارتباط الوثيق بمصر ثقافيًا وأدبيًا".

تطرق القادري إلى الإشكالات النقدية التي تواجه شعر العامية، مشيرًا إلى أن هناك تفاوتًا في مفهوم الكتابة بين الشعراء، حيث يركز البعض على التأثير المباشر في المتلقي، بينما يرى آخرون ضرورة الارتكاز على دراسة معمقة للحرفة الشعرية، وهو ما حاول الحفاظ عليه في أعماله.

وعن تطور اللغة في الشعر، أوضح القادري أن جيله، جيل السبعينيات، لاحظ اختلافًا واضحًا في اللهجة العامية التي يستخدمها الجيل الجديد في الكتابة، حيث أصبحت أكثر ارتباطًا بالرؤى الثقافية والفكرية، في حين أن لغة جيله كانت تحمل طابعًا وجدانيًا يعبر عن النضال السياسي والاجتماعي.

وحول الجدل الدائر بشأن هوية فن المربعات، وما إذا كان ينتمي إلى الشاعر ابن عروس أم إلى الشاعر المغربي عبد الرحمن المجدوب، أكد القادري أن هذا الفن “ملك للإنسانية جمعاء، فالثقافة ليست حكرًا على أحد، بل هي مساحة رحبة تسع الجميع".

وفي ختام الندوة، أكد القادري أن شعر العامية في المغرب يمثل “قارة شعرية” قائمة بذاتها، حيث يضم تجارب متعددة، بعضها يستلهم الأساطير الشعبية بأسلوب جمالي، بينما يقع البعض الآخر في فخ الحشو دون تحقيق قيمة فنية حقيقية.

مقالات مشابهة

  • الأرصاد كشفت السبب.. ما سر اختفاء الأمطار في القاهرة الكبرى؟
  • شاعر مغربي من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • صدور "القوافي" المتخصّصة بالشعر الفصيح
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. شتاء تحت الإقامة الجبرية
  • كيف نحمي كبار السن من أمراض الشتاء؟
  • قصائد الوجد والفقد في «بيت الشعر بالشارقة»
  • لغة الروح وصوت القلب في بيت الشعر
  • نوع من الأزهار تقاوم الجفاف وتعيش طويلا.. ما لا تعرفه عن زنبق الخريف؟
  • مشاهير سودانيون فاتهم قطار الزواج!
  • طقس مستقر يسيطر على لبنان... متى تعود الأمطار؟