الْعَــزَاء
قِصَّة فَلْسَفِيَّة.
بقلم سامح صلاح محمد أحمد
ما زلت أذكر قريتنا الصغيرة، شمبات، حيث كنا نعيش في شقة ضمن عمارة متواضعة تطل على شارع فرعي مهترئ، يغمره عادةً مياه الأمطار كل خريف. كانت هناك منطقة تجمع في الحي تُسمى بلغة العامية "مسطَبة"، تقع بالقرب من محل "دكان"، وهو تعبير محلي للبقالة في السودانية.
أجبت قائلاً: "لا بأس، فالأمور السيئة قد تحدث حتى للأتقياء أيضاً. بغض النظر عن تقييمك للأمر كجيد أو سيء، أعتقد أن الأحداث السيئة تحدث بمعدل يفوق الأشياء الجيدة.
دعني أوضح لك المسألة أكثر، لعلّك سمعت عن قانون مورفي Murphy’s Law. ينص هذا القانون على أن الأشياء إذا كان من الممكن أن تسير في طريق الخطأ، فإنها ستفعل ذلك. على سبيل المثال، إذا سقطت قطعة خبز مدهونة بالمربى، فإنها دائماً تسقط على الجانب المدهون بالمربى.
فرد قائلاً: لا افهم ما تقول "لقد كانت جميلة ودعتني إلى منزلها، قائلة: 'هيت لك'... ثم (حدث ما حدث)."
قلت : دعنى استخدام الإعارة الفلسفية لنظرية المثل الأفلاطونية لتوضيح الفكرة، وذلك عبر تقديم القانون المثالي كما يلي: "إذا استطاعت الأشياء أن تسير في الطريق الخطأ، فإنها ستفعل ذلك". كمثال على ذلك: "إذا سقطت قطعة خبز مدهونة بالمربى، فإنها دائماً تسقط على الجانب الذي به المربى".
في هذه الإعارة، نُمثل الفتاة بالمربى، والرجل بقطعة الخبز، وحادثة الزنا بوقوع الخبز على جهة المربى، والتي نعتبرها حادثاً سيئاً. وهذا يمثل فلسفة معينة تستند إلى الاستدلال الإرسطي المأخوذ من التراث الإغريقي، والتي لا تقل أهمية ولا تتعارض مع المنظور الصوفي في معارج النفس وترقيتها، لأن الأصل واحد.
قد نرى حادثة الزنا ككارثة مروعة، مثلها مثل الزلزال. ستسمع في بعض الأحيان تساؤلات مثل: "لماذا يُظلم هؤلاء المساكين؟ ماذا فعلوا ليستحقوا هذا المصير؟" أو لنفترض حالة أخرى: إذا أصيب رجل متدين لا يشرب الخمر ولا يدخن السجائر بمرض عضال وتوفي بسببه، بينما ظل رجل طالح بصحة جيدة ويدخن باستمرار ويعتقد أن للخمر فوائد أكثر من أضراره.
في هذا السياق، نحن نتعامل مع فكرة أن الأحداث السيئة قد تبدو غير مبررة من منظورنا المحدود، لكن من منظور فلسفي أو ديني أعمق، يمكن أن تكون لها دلالات ومعانٍ قد لا تكون واضحة على الفور.
كما يقول أحدهم، "أنا أدخن أكثر من أربعين سيجارة في اليوم ولم أصب بأي مرض إطلاقاً." في أحد الأيام، زاره طبيب من المملكة المتحدة في منزله، وسأله عن تفسير ذلك. فأجابه الطبيب، استناداً إلى الاستقراء الإرسطي: "عادةً، يصاب الإنسان بسرطان الرئة بعد فترة عشرين عاماً من التدخين الكثيف، ولكن هناك من لا يتأثر بالتدخين بسبب عوامل في جيناته. هذا يفسر لنا أن مشيئة الله فوق كل شيء."
بمعنى آخر، بينما يستند التفسير العلمي إلى البيانات والإحصاءات، مثل العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة، فإن هناك استثناءات تبرز فيها مشيئة الله فوق كل اعتبارات علمية أو إحصائية. قد يكون الفرد في حالة استثنائية بسبب عوامل وراثية، مما يوضح كيف يمكن أن يتداخل الإيمان والتفسيرات العلمية في فهم واقعنا.
كان الصباح باكرًا، حوالي وقت السحر تقريبًا. استيقظت منزعجًا على أصوات بكاء وعويل قادمة من المنزل المجاور. قالت لي والدتي: "هناك عزاء في منزل الجيران." أجبت بدهشة: "حقًا؟" فأكدت والدتي: "نعم، اذهب لتأدية واجب العزاء."
توجهت إلى الحمام لأتوضأ لإأداء صلاة الصبح وتلاوة أذكار الصباح، بعد ذلك، قررت الذهاب لتقديم واجب العزاء.
في الطريق، صادفت نفس الصديق الذي كان قد دار بيننا نقاش سقراطي قبل عشرين عامًا حول نظرية الثواب والعقاب وصلة الحكمة بالشريعة. اجتمعنا هناك وشاركنا في الدعاء لجيراننا ولفقيدهم.
samoweela12@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بعد الإدارة الجديدة.. هل هناك تواجد لحماس في سوريا؟
توغلت القوات الإسرائيلية، فجر الأحد، ودمّرت موقعاً عسكرياً سابقاً للنظام السابق في ريف القنيطرة جنوب سوريا. في حين نفى مصدر مقرَّب من حركة «حماس» أي وجود لها في الأراضي السورية، بعد إعلان إسرائيل أنها نفّذت غارة على منشأة لتخزين الأسلحة تابعة للحركة في ريف دمشق الجنوبي.
اقرأ ايضاًوكانت تقارير إعلامية سورية قد ذكرت أن «القوات الإسرائيلية دخلت محيط قرية عين النورية، الواقعة شمال شرقي بلدة خان أرنبة، ودمرت إحدى السرايا العسكرية السابقة للنظام المخلوع».
وقد أُصيب طفل من بلدة رويحينة في القنيطرة، السبت، برصاص الجيش الإسرائيلي، «ونُقل إلى مستشفى الجولان الوطني، وكانت حالته مستقرة».
تجدر الإشارة إلى أن القوات الإسرائيلية انسحبت، مساء الثاني من الشهر الحالي، من مبنى المحكمة والمحافظة في القنيطرة جنوب البلاد، بعد سيطرتها عليهما لأكثر من 40 يوماً. ووفق المصادر، «أقدمت القوات على تخريب الأثاث، وإتلاف الأوراق الرسمية والملفات التي تعود لسكان محافظة القنيطرة، إضافة إلى حرق أجهزة الكومبيوتر وتدمير السيارات والدراجات النارية».
وكثَّف الجيش الإسرائيلي، في أعقاب سقوط نظام الأسد، عملياته داخل الأراضي السورية المتاخمة للمنطقة العازلة في الجولان.
كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، السبت، في بيان، قصفه مستودع أسلحة لحركة «حماس» في منطقة الدير علي، التابعة لناحية الكسوة بريف دمشق.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن «الأسلحة المخزَّنة داخل المستودع كانت مخصصة لتنفيذ اعتداءات إرهابية» ضد قواته. وأضاف: «تعمل المنظمات الفلسطينية؛ وفي مقدمتها (حماس) مستغلّة الأراضي السورية، بهدف ترسيخ أنشطة إرهابية بتوجيه إيراني».
غير أن مصدراً مقرَّباً من حركة «حماس» نفى أي وجود عسكري لها بالأراضي السورية، وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «(حماس) غادرت سوريا منذ السنوات الأولى للحرب. وقد قام مسؤولون منها بزيارات إلى دمشق في زمن النظام المخلوع، لكن الحركة لم تعد إلى البلاد عملياً، ولا وجود لها بأي شكل من الأشكال في الأراضي السورية». وأضاف: «إسرائيل تكذب، وما يجري استهدافه هو مواقع سابقة للجيش السوري».
من جهتها، كشفت مصادر محلية من منطقة الدير علي، لموقع «السويداء 24»، أن الغارة الإسرائيلية، السبت، استهدفت مستودعاً كانت إدارة العمليات العسكرية قد جمعت أسلحة فيه، عقب سقوط نظام الأسد. وقال ثلاثة من سكان المنطقة إن إدارة العمليات العسكرية استولت على كل الأسلحة التي تركها عناصر جيش النظام المخلوع، في محيط منطقة الدير علي، وجمعت بعضها في مستودع كان مستوصفاً في المساكن العسكرية الواقعة في مدخل الدير علي.
وشملت الأسلحة مضادات عيار 23، ومدفع 57، وذخائر متنوعة. ووفق المصادر، فقد أغار سلاح الجو الإسرائيلي على هذا المستودع، ما أدى إلى تدمير كل الأسلحة الموجودة فيه، وذلك عقب فترة قصيرة من تحليق طيران مُسيَّر في الأجواء.
كما تسبَّب القصف الإسرائيلي باحتراق سيارة فان H1 كانت عابرة بالمصادفة من المنطقة، ما أدى لمقتل الشاب مهند النعمات، من منطقة قارة في ريف دمشق، فضلاً عن إصابة امرأة وشابين من سكان الدير علي بجروح، وتضرّر بعض منازل المدنيين القريبة من المساكن العسكرية. وأبدى سكان الدير علي، الذين تواصلت معهم «السويداء 24»، مخاوفهم من تكرر القصف على هذه المواقع القريبة من بيوتهم السكنية.
اقرأ ايضاً
في هذه الأثناء، أفاد تلفزيون سوريا، اليوم الأحد، بأن هجوماً إسرائيلياً استهدف مطار خلخلة العسكري بشمال محافظة السويداء في جنوب البلاد. ولم تردْ أنباء بعدُ حول سقوط قتلى جراء الهجوم.
وتحركت إسرائيل للسيطرة على المنطقة العازلة التي تقع داخل الأراضي السورية، في أعقاب إطاحة فصائل المعارضة بالرئيس بشار الأسد، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقصفت أهدافاً عسكرية في مختلف أنحاء سوريا.
وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى حماية أمن سكان هضبة الجولان التي تسيطر عليها، وأنه لا نية لديها لاحتلال سوريا أو أجزاء منها.
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن