بقلم: إسماعيل الحلوتي

      ونحن على بعد أيام قليلة فقط من حلول الموسم الدراسي الجديد 2024/2025 الذي سيتزامن هذه السنة مع حدث وطني هام، وهو الإحصاء العام للسكان والسكنى برسم سنة 2024، ليس هناك من حديث بين الناس وعلى منصات التواصل الاجتماعي عدا عن رسوم مدارس التعليم الخصوصي، التي ما انفكت تعرف زيادات صاروخية مع مطلع كل سنة دراسية جديدة.

وتخوفات آلاف الأسر المغربية من أن يتعثر الدخول المدرسي بالنسبة لأبنائها، بسبب مشاركة أعداد غفيرة من الأساتذة في عملية الإحصاء.

      ولم يتوقف الأمر عند حدود تخوفات الأسر المغربية التي يتابع أبناءها دراستهم في مؤسسات التعليم العمومي جراء اضطرار أساتذتهم إلى التغيب خلال شهر شتنبر 2024، بل تعداها إلى ما هو أفظع من ذلك إثر استنكار عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي إقصاء أعضاء حزبه من الأساتذة من المشاركة في عملية "إحصاء السكان"، وتوجيه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزيز غالي عبر صفحته الشخصية في "الفيسبوك" سيلا من الانتقادات اللاذعة حيال إشراك نساء ورجال التعليم في ذات العملية، ذهبت حد وصفهم ب"العطاشة"، معتبرا أن مكانهم الطبيعي هو حجرات الدرس من أجل مصلحة التلميذ التي تعد فوق كل اعتبار، وأضاف قائلا بأن المشاركين من المدرسين "يسرقون" فرص عمل للعاطلين الشباب.

      وهي التصريحات التي خلفت جدلا واسعا وأثارت حفيظة نساء ورجال التعليم حتى غير المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكان، رافضين وصفهم ب"العطاشة" واتهامهم بسرقة أرزاق الشباب العاطلين عن العمل. واعتبرتها بعض الفعاليات النقابية مسا بكرامة الشغيلة التعليمية وانتقاصا من حسهم الوطني ومساهمتهم، ولاسيما أن نساء ورجال التعليم طالما شاركوا في عديد الاستحقاقات الوطنية ومن بينها الإحصاء العام والانتخابات، وأن المشاركة في الإحصاء ليست مسؤولية تهم فقط هذه الفئة من المجتمع، بل هي عملية وطنية تستدعي انخراط ذوي الخبرة والكفاءة من مختلف القطاعات.

      بيد أن "عزيز غالي" لم يكن لا عزيزا ولا غاليا عندما أبى إلا أن يشعل نيران الغضب في صدور الأساتذة، سرعان ما عاد للكشف عن سبب انتقاده مسألة إقبال الأساتذة على المشاركة الواسعة في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي يعود بالأساس إلى تزامن "الإحصاء العام" مع الدخول المدرسي، مما قد يؤدي إلى حرمان آلاف التلاميذ من الدراسة، وأوضح أن موقفه الرافض ليس موجها ضد الأساتذة، وإنما ضد الدولة التي قبلت بتوظيفهم في هذه العملية دون مراعاة مصلحة تلامذتهم، حيث من المرتقب أن يشارك فيها أكثر من 10 آلاف أستاذ، وأن حوالي 75 ألف قسم ستظل بدون أساتذة لمدة شهر شتنبر المقبل، الذي يعتبر شهر التقييم لمكتسبات التلاميذ من أجل بناء استراتيجية العمل خلال الموسم الدراسي.

      إذ خلافا لما يدعيه بعض المسؤولين في وزارة التربية الوطنية من أنه ليس هناك أي تأثير للإحصاء العام للسكان والسكنى على الدخول المدرسي، وأن تدبير الدخول المدرسي يتم وفق مقرر تنظيمي للسنة الدراسية يراعي مجموعة من الإكراهات، فقد توزعت الآراء بين من يعتبرون أن مكان الأساتذة الطبيعي هو حجرات الدرس واستقبال التلاميذ العائدين من العطلة الصيفية والمتعطشين إلى الدراسة والتحصيل. وذلك قصد ضمان انطلاقة موفقة، وتحاشي كل ما من شأنه الإخلال بالسير الطبيعي والسليم للدراسة في جميع مؤسسات التعليم العمومي والخصوصي دون تمييز، احتراما لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الشعب المغربي. وتؤكد عديد الفعاليات التربوية على أن مشاركة الأساتذة في "الإحصاء العام" بتزامن مع الدخول المدرسي من شأنها الإضرار بالمنظومة التربوية، ويمكن أن تترتب عنها عدة سلبيات وتفاوتات، خاصة أن أهمية الشهر الأول من الدراسة تستدعي أن تنكب فيه جهود الأساتذة على استعادة التعلمات، تكريس المكاسب وتطوير المعارف...

       وهناك في المقابل من يرون أن مشاركة الأساتذة في الإحصاء العام للسكان والسكنى حق مكفول لهم بقوة القانون وباقي النصوص المنظمة، باعتبارهم الفئة الاجتماعية المؤهلة للقيام بهذه المهمة النبيلة، والأكثر قدرة على إنجاح هذا الورش الوطني. وأنه إذا كانت هناك من مؤاخذة، لا ينبغي أن توجه للأساتذة وتحميلهم مسؤولية تعطيل الدراسة على تلامذتهم، وتفويت فرصة الاستفادة من تعويضات مهمة على الشباب المعطلين والطلبة الجامعيين، مادامت الجهة المعنية على إشراكهم هي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومعها المندوبية السامية للتخطيط.

      فمن حق رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان "عزيز غالي" وغيره من المواطنين "الأعزاء والغاليين" الإدلاء بآرائهم حول موضوع ما بكل حرية واحترام، لكن ليس من حق أي كان أن ينعت نساء ورجال التعليم ب"العطاشة" واتهامهم بسرقة أرزاق المعطلين والطلبة الجامعيين وسواهم. فنحن أيضا نرفض تمادي المسؤولين في التخبط والارتجال، كما نرفض الادعاء بعدم تأثر العملية التعليمية التعلمية من تزامن الدخول المدرسي مع "الإحصاء العام"، وإلا ما معنى منع أساتذة مدارس "الريادة" من المشاركة فيه؟ ثم ما المانع من تأجيل الدخول المدرسي إلى حين نهاية عملية الإحصاء، وبحث السبل الكفيلة بضمان التحصيل الدراسي الناجع على قدم المساواة بين جميع المتعلمين المغاربة؟

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الإحصاء العام للسکان العام للسکان والسکنى نساء ورجال التعلیم الدخول المدرسی عملیة الإحصاء فی عملیة

إقرأ أيضاً:

صندوق تطوير التعليم يُكرم أيمن عاشور لدعمه مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين

كرمت الدكتورة رشا سعد شرف، الأمين العام لصندوق تطوير التعليم التابع لرئاسة مجلس الوزراء، الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، تقديرًا لجهود الوزارة في دعم مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين داخل الجامعات الحكومية والأهلية والتكنولوجية.

وخلال التكريم، قامت الأمين العام لصندوق تطوير التعليم بتسليم درع مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين إلى الدكتور أيمن عاشور، مؤكدةً أن دعم وزارة التعليم العالي للمشروع يعكس إيمانها العميق بأهمية بناء جيل جديد من الخريجين القادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، والتزامها بتطوير المهارات الرقمية لطلاب الجامعات في إطار رؤية مصر 2030، حيث تمثل هذه المراكز بيئة تدريبية متكاملة تُكسب الطلاب المهارات الأساسية والمتقدمة في المجالات التكنولوجية المختلفة، ما يسهم في تحسين تنافسيتهم على المستويين المحلي والدولي.

وأعربت الأمين العام لصندوق تطوير التعليم، عن تقديرها للدعم الكبير من قبل وزارة التعليم العالي لمشروع مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين، خاصة بعد النجاح الكبير للتجربة الأولية في عدد من الجامعات، والتي جاءت بدعم من د. أيمن عاشور، حيث وجه بتوفير كل ما يلزم لإنجاح التجربة، مشيرةً إلى أن رؤية الوزارة وتوجيهاتها المستمرة كان لها الأثر الأكبر في إنجاح التجربة الأولية وتوسيع نطاقها داخل الجامعات المصرية.

وأضافت الأمين العام لصندوق تطوير التعليم أن التزام الدكتور أيمن عاشور، بتطوير المهارات العملية والتكنولوجية للطلاب يعكس حرص الوزارة على ربط التعليم بسوق العمل، وضمان تزويد الخريجين بالقدرات التي تؤهلهم للمنافسة عالميًا، مؤكدة أن هذا الدعم الكبير للمشروع ساهم في تحقيق خطوات ملموسة نحو تعزيز الابتكار والتميز في مؤسساتنا الأكاديمية .

يأتي هذا التكريم تأكيدًا على الشراكة الفعالة بين وزارة التعليم العالي وصندوق تطوير التعليم التابع لرئاسة مجلس الوزراء، ودعمًا لرؤية الدولة المصرية في إعداد جيل من الشباب يمتلك المهارات التكنولوجية والمعرفة التي تؤهله للمستقبل.

مقالات مشابهة

  • محافظ القليوبية يستقبل سفيرة النرويج وممثل صندوق الامم المتحده للسكان
  • ناشطون: مَن يتحمل مسؤولية انهيار الاتفاق وحمام الدماء بغزة؟
  • صندوق تطوير التعليم يُكرم أيمن عاشور لدعمه مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين
  • مستمر طوال العام.. التعليم تكشف عن القواعد التنظيمية لبرنامج "فرص"
  • مستمر طوال العام.. التعليم تكشف عن القواعد التنظيمية لبرنامج "فرص" - عاجل
  • القضاء الليبي يدين وزير التعليم بالسجن بسبب الكتاب المدرسي
  • بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ كفر الشيخ يزور وكيل وزارة التعليم | صور
  • القضاء الإداري: تحديد الزي المدرسي حق لوزارة التعليم.. وشراؤه من أي مكان حق لولي الأمر
  • الثانية من نوعها هذا العام.. عملية أمنية واسعة في محيط جبال مكحول بصلاح الدين
  • شاهيناز تحسم الجدل: أجريت عملية تجميل في هذا المكان