آليات مقاومة الضغوط النفسية للنزوح واللجوء فى الحرب : نظريه النبته ومشاكل الانتماء والاغتراب المكانى
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم فى جامعه الخرطوم
تعريف النزوح واللجوء: وجه الاتفاق بين النزوح واللجوء ان كلاهما انتقال من مكان الى اخر . اما وجه الاختلاف ببنهما أن الأول انتقال داخلى" اى انتقال الى مكان اخر داخل الدوله" . بينما الثانى انتقال خارجى " اى انتقال الى مكان اخر فى دوله أخرى" .
الضغوط المتعدده للنزوح واللجوء : من الثابت واقعيا وعلميا ان للنزوح واللجوء ضغوط(اى تاثيرات سلبيه على النازح او اللاجئ) متعدده( اقتصاديه.
الضغوط النفسيه:كما أنه من الثابت فى علم النفس والطب النفسى ان للنزوح واللجوء ضغوط نفسيه متعدده ( اى تاثيرات سلبيه متعدده على الصحه النفسيه) . فكلاهما_طبقا لعلم نفس الاكلينيكى"المرضى " والطب النفسى _ مصدر لكثير من الاضطرابات النفسيه كالاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمه .
الضغط النفسى لعدم الاستقرار النفسى ومشاكل الانتماء والاغتراب المكانى: غير اننا نركز على ضغط نفسى معين .هو عدم الاستقرار النفسي وتاثيره السلبي على الانتماء( دون إنكار دور الضغوط النفسيه الأخرى للنزوح واللجوء ايضا). وعله هذا التركيز اننا نرى ان هذا الضغط النفسي ذو تأثير سلبى على الصحه النفسيه اكثر شمولا من التاثيرات السلبيه لغيره من الضغوط النفسيه. لأنه يتصل بالانتماء كمفهوم كلى ذو ابعاد متعدده .تتجاوز دراستها علم النفس إلى العديد من العلوم. كعلم الاجتماع وعلم التربيه والعلوم السياسيه...
مضمونه: ومضمون هذا الضغط النفسي هو ان مكان اقامه الإنسان ليس مجرد مكان" اى ليس مجرد مفهوم جغرافى بحت".بل مكان يدخل من خلال التفاعل معه إلى تكوين الشخصيه فيصبح جزء منها" اى انه ايضا مفهوم سيكولوجى نفسى_ اجتماعى _حضارى _". فهو احد دوائر_علاقات_ الانتماء كحاجه نفسيه اساسيه لكل انسان. لذا فان الانتقال منه ليس مجرد انتقال الى مكان اخر. ولكنه فقدان للإنسان لجزء من شخصيته و بعض مكوناتها . فهو اضطراب فى الاستقرار النفسى "النسبى" اللازم للشعور بالانتماء.وبالتالى اضطراب فى بعض دوائر وعلاقات الانتماء وهو ما يلزم منه مشكله الاغتراب المكانى..
نظريه " مثال" النبته:ويمكن تشبيه هذا الضغط النفسي. بالنبته التى تغرس فى ارض معينه.فتكون جذور تمتص بها الماء والاملاح.لذا فان نقلها الى ارض اخرى يعرضها لمخاطر الذبول أو حتى الموت. مالم تتم عمليه النقل بطريقه تضمن ان تضرب بجذورها فى الأرض الجديده واستمرار قيامها بوظائفها الحيويه .فتقليل الضغوط النفسيه للنزوح واللجوء" واهمها عدم الاستقرار النفسى ومشكله الانتماء".يكون بمقدار نجاح الشخصيه فى تكوينها لجذور جديده( قدر من الاستقرار النفسى النسبى اللازم للشعور بالانتماء) فى ارض جديده ( مكان الاقامه الجديد).دون الغاء الانتماء السابق. وهذا ما يفسر العديد من الظواهر مثل كون الاكبر سنا اكثر رفضا للانتقال"النزوح او اللجوء"من الأصغر سنا.كما أنه يواجهون صعوبه اكبر منهم فى التعايش مع البيئه الجديده.
الاليات : وهذا ما يتحقق بالالتزام بالعديد من الاليات ومنها:
* التخلص من فكره الانتظار "او بالاصح المفهوم السلبى للانتظار". 'كانتظار انتهاء الحرب مثلا '. فالحرب ظاهره اجتماعيه تقاس باعمار الشعوب والامم 'السنين والعقود مثلا'. وليست حدث فردى يقاس باعمار الأفراد 'الايام والشهور مثلا'. ويمكن أن تنقضى مراحل عديده من اعمار أجيال كامله فى ظل استمرارها. ويجب التمييز بين التمنى الذاتي والحقيقه الموضوعيه. وايضا فان هناك دائما افراد وجماعات وتنظيمات وقوى وحتى دول لها مصلحه فى استمرار اى حرب . حتى لو تضرر منها اغلب الشعب. فهذه الفكره يترتب عليها السلبيه والتوقف عن اى نشاط حياتى"اقتصادى.اجتماعى..تعليمى.ثقافى..." متاح.وما يلزم منها من فراغ وما يولده من انماط تفكير وسلوك سلبيه.
وكل مكان أو بيئه لها ايجابيات او بها امكانيات، بجانب سلبياتها اوالامكانيات المعدومه فيها. ومن المفيد اكتساب المرونه النسبيه فى الانتقال من مكان الى مكان ، على وجه لا يلغى المكتسبات والروابط المكتسبه من اماكن متعدده.
* تكوين علاقات اجتماعيه جديده.مع الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعيه القديمه .
* القيام باى نشاط وظيفى " عملى" او اقتصادى ممكن حتى تتوافر وظيفه تتفق مع امكانيات الشخص الحقيقيه من خبره وشهادات وغيرها.
* بذل الجهد للتعايش مع البيئه الجديده.دون محاوله الاندماج التام فيها (فالدمج غير ممكن .واقصى ما يلزم من محاوله الدمج شخصيه مشوهه , متناقضه" تنتمى الى مصادر حضاريه متناقضه "). و دون محاوله الانفصال التام عن البيئه الجديده. بان يعيش النازحون أو اللاجئون فى جزر معزوله"احياء خاصه"(فمن المستحيل عدم التعامل مع البيئه الجديده مطلقا).
* اكتساب لغات او لهجات جديده.دون محاوله نسيان اللغه أو اللهجه الام.و التعرف على العادات والتقاليد الجديده.والالتزام بأنواعها التى لا تتعارض أو تتناقض مع عادات وتقاليد الشخصيه النازحه اللاجئه.
* ممارسه النشاطات الحياتيه" العمليه.الترفيهيه..".
*التواصل مع أعضاء الاسره والجيران والاصدقاء. دون انغلاق اجتماعي.
* الترفيه والتسليه وممارسة الهوايات.
* تفعيل مبادرات اجتماعيه وخيريه ذاتيه وشعبيه للنازحين و اللاجئين.تتضمن تقديم العون النفسى والاجتماعى للنازحين واللاجئين. ومساعده ذوو الامكانيات الاقتصاديه المتواضعه منهم
. والنشاطات التعليميه والثقافيه..
.* النشاط الروحى والدينى طبقا للفهم الصحيح للدين. دون تطرف أو غلو. أو توظيف مصلحى او تبريرى للدين .ودون استخدام شكلى له . يركز على الشكليات و يتجاهل جوهره ومقاصده النهائيه.
* مقاومه الضغوط والصدمات النفسيه للنزوح واللجوء- ذاتيا أو بالاستعانه باخرين.'فى كل مراحلها ( قبل النزوح او اللجوء/اثنائه / بعده) .ويتضمن ذلك المحاوله المستمره لضبط الانفعالات السلبيه فى الحد الادنى الذى يمكن الإنسان من أن يمارس حياته الطبيعيه.وهو أمر صعب ولكنه غير مستحيل. وصعوبته تقل كلما استمر الإنسان فى المحاوله 'فهو مثل محاوله تغيير مجرى المياه فى الحقل .بتغيير مسار الجدول. وهو الامر الذى يكون صعبا فى البدايه وتقل هذه الصعوبه لاحقا '.
...........................
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبرى محمد خليل يمكن زياره :
- الموقع الرسمى للدكتور صبرى محمد خليل خيرى - دراسات ومقالات).
- القناه الرسميه للدكتور صبرى محمد خليل على اليوتيوب.
sabri.m.khalil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الى مکان
إقرأ أيضاً:
فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط
في تصعيد جديد للعلاقات المتوترة بين واشنطن والمؤسسات الحقوقية الدولية، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك ردًا على مواقفها الحادة تجاه إسرائيل، ودعواتها لمحاكمة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين بتهم تتعلق بجرائم حرب.
ورغم العقوبات، أكدت ألبانيز، وهي محامية حقوق إنسان إيطالية، تمسكها بمبادئ العدالة ورفضها للضغوط السياسية، قائلة في منشور لها على منصة "X" (تويتر سابقًا)، مساء الأربعاء: "في هذا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أؤكد لكم أنني أقف بثبات وإقناع إلى جانب العدالة، كما كنت دائمًا، أنا من بلد عريق في مجال القانون، برجاله المرموقين ومحاميه الشجعان، الذين ضحوا كثيرًا دفاعًا عن العدالة، وأحيانًا بحياتهم، وأنوي تكريم هذا التقليد."
ترامب ونتنياهو في واشنطن: قمة المظاهر بلا مكاسب حقيقية خبير إيراني: فرصة حقيقية لعودة المحادثات النووية رغم انعدام الثقة مع واشنطن (فيديو) عقوبات أمريكية بموجب أمر رئاسي.. واتهامات بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدوليةوكان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، قد أعلن في وقت سابق، عبر منشور على حسابه الرسمي بمنصة "X"، فرض عقوبات على ألبانيز بموجب الأمر التنفيذي رقم 14203 الصادر عن الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وكل من يتعاون معها ضد مواطني الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وقال روبيو إن ألبانيز تعاونت بشكل مباشر مع المحكمة الجنائية الدولية، وسعت إلى التحقيق مع مواطنين أمريكيين وإسرائيليين واحتجازهم ومحاكمتهم دون موافقة بلديهم، مؤكدًا أن هذا يعد انتهاكًا واضحًا لسيادة الولايات المتحدة وإسرائيل، مشددًا على أن كلا الدولتين ليستا طرفًا في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية.
ألبانيز تتهم إسرائيل بالإبادة وتنتقد الشركات الأمريكية المستفيدة من الحربوذكرت صحيفة واشنطن بوست أن فرانشيسكا ألبانيز كانت قد وجهت انتقادات متكررة للحرب الإسرائيلية على غزة، ودعت في تقرير لها خلال يونيو الماضي المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة المسؤولين التنفيذيين في الشركات الأمريكية التي تربح من استمرار الحرب، مشيرة إلى أن ذلك قد يرقى إلى التواطؤ في جرائم الحرب.
وفي مارس 2024، أطلقت ألبانيز تصريحًا مثيرًا، قالت فيه إن هناك "أسسًا معقولة للاعتقاد بأن سلوك إسرائيل في غزة يستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية"، وهو ما اعتبرته إدارة الرئيس جو بايدن بمثابة عداء للسامية، معتبرة أن ألبانيز "لا تصلح لتولي منصبها".
وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد منعت دخول ألبانيز إلى الأراضي المحتلة في فبراير 2024، في خطوة وصفت بأنها "عقابية" على خلفية مواقفها وتصريحاتها الحقوقية.
واشنطن تضغط لإقالة ألبانيز.. والأمم المتحدة تؤكد استقلال المقررين الخاصينوأفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن العقوبات تأتي ضمن حملة ضغط مارستها إدارة ترامب على الأمم المتحدة لإقالة ألبانيز من منصبها، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن المقررين الخاصين لا يخضعون لسلطة الأمين العام، بل لمجلس حقوق الإنسان، وهو المجلس الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في فبراير الماضي احتجاجًا على تقاريره بشأن إسرائيل.
وتُعد فرانشيسكا ألبانيز واحدة من أبرز الأصوات الحقوقية التي انتقدت بشدة الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وحذرت مرارًا من تفاقم الوضع الإنساني، وسط دعم دولي محدود لمطالبات محاسبة المسؤولين الإسرائيليين.