بريطانيا حيث ما حلت وارتحلت دائماً تصنع وتترك المصائب والكوارث وكانت العمالة شرطاً بالتصالح والاختلاف والادراك أن الجميع في الهم غرب والعملاء يقتربون من بعضهم ويتعاطفون وإلا كيف نفسر أن يجتمع الاشتراكي مع الاخواني و الناصري و البعثي وتبقى العدوات ليست مرتبطة بمبدأ بل بالمصلحة .
وهذا يكشف سر الحشوش التي كان يقوم بها كل طرف في الفترة التي تحدث عنها أعضاء الخلية الاستخباراتية وتحالفهم كان برعاية أمريكا وبريطانيا والتمويل السعودي وكذلك اختلافهم كان أيضاً يقوم على هذا الأساس.
المؤلم أن هؤلاء كانوا يقدموا أنفسهم على أنهم قامات وطنية وقومية ودينية و يمثلون للكثيرين قدوة لهذا سهل على الأمريكان اختراق الوعي لدى الكثيرين من المحسوبين على تلك الأحزاب والتيارات .
بكل تأكيد لا يمكن النظر إلى الأمور في هذا المنحى بمستوى واحد ومثلما الوطنية ليست حكراً لطرف أو حزب كذلك كانت العمالة وعلينا في هذا الاتجاه الانتباه لكن ليس وفقاً للمفاهيم الأمنية التي سهلت أن تكون العمالة والخيانة على الشاكلة التي عشناها بل من أجل أن لا تتكرر المصائب والكوارث التي دفعنا ثمنها في النهاية دماء.
نحن مع التصالح والتسامح بين اليمنين الذين خلافاتهم وحتى صراعاتهم كان لها أساس داخلي لكن علينا أن نفهم أن التصالح والتسامح مع الخونة الذين دفعوا الوطن والشعب أثماناً باهظة فأن قمنا بذلك سنعود إلى نفس المربع لهذا علينا أن نودع زمن الصفحات البيضاء وأن نتعاطى مع القضايا وفقاً لطبيعتها المحقة والعادلة فالظلم والحيف يجب أن يرفع ويجب ان نسمي الأشياء بمسمياتها ..والتصالح مع الخونة والعملاء تبرير وتعميم للخيانة والعمالة وهذا ما جعلها في الماضي تتحول إلى وجهات نظر والأهم من هذا كله تغليب مبادئ وقيم العدل ليكون لكل اليمنين, وإلا كما نقول دائماً سنظل ندور في الحلقة المفرغة نبدأ من حيث انتهينا وننتهي من حيث بدأنا .
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
قضايا الشعوب ليست “بزنس”.. غزة تجيب!
عندما يدعو الرئيس الأمريكي لنقل الفلسطينيين إلى خارج أرضهم ليعيشوا عيشة أفضل وأكثر أمنا، إنما هو يفكر بعقلية “البزنس”… يقول: “حسابيا، عائلة تم تدمير مسكنها عن آخره، وقتل عدد من أبنائها أو جميعهم، ولم تبق في المحيط الذي تعيش فيه أي مقومات للحياة، وفي وجهها عدو متطرف مدجّج بالسّلاح المخيف، نزيده منه كلما طلب (قنابل 900 كلغ)، وندعمه في عدوانه سياسيا وإعلاميا وأمميا بحق “الفيتو” وسنبقى ندعمه، ومن حول هذه العائلة دول هي متحالفة معنا وصديقة لعدوه المباشر… إذا عرضنا على هذه العائلة هجرة إلى بلد الجوار وألزمنا هذا البلد بقبولها، مع إمكانية تقديم مساعدات له ورضينا عنه، وعلمت هذه العائلة أنها ستجد مسكنا وعملا ولا تعرف مضايقات أمنية في هذا البلد، بكل تأكيد لن تتردّد في الاختيار، وبهذا، نكون قد قمنا بتقديم خدمة كبيرة لحليفنا الأول “إسرائيل” وخدمة “إنسانية” للفلسطينيين وعزّزنا علاقاتنا مع أصدقائنا العرب وزدنا من نفوذ وقوة أمريكا!
هو ذا فحوى السياسة الأمريكية اليوم تجاه القضية الفلسطينية القائمة على عقلية “البزنس” و”الصفقات”.. وكما هو واضح، هي منطلقة من مسلًمات تعود إلى خمسينيات القرن الماضي إلى زمن الثورة الصناعية الثانية!
ولا تأخذ بعين الاعتبار التحوّلات العميقة التي حصلت في المنطقة خاصة في الجانب القيمي وفي جانب الوعي الحضاري ووعي طبيعة الصراع الكوني، كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار أننا في عالم الثورة الصناعية الخامسة، عالم أصبحت فيه إلى جانب أمريكا قوة دولية أقوى منها اقتصاديا لها سياستها في المنطقة ولها مصالحها أيضا، وأقوى منها في مجال المعلوماتية والذكاء الاصطناعي وقريبا ستكون أقوى منها في المجال العسكري.
كما توجد بالعالم اليوم قوى صاعدة محلية بدأت تشعر أنها قادرة على تجاوز حالة “الخوف” من كسر التحالف العسكري مع أمريكا (تركيا)، وأخرى تشعر بإمكانية تجاوز مرحلة الخوف من عقوبات أمريكا (إيران)، وثالثة وهي الأخطر، تأكّدت من إمكانية ضرب البوارج الأمريكية والمصالح الأمريكية بدون خوف من الانتقام الأمريكي (اليمن والمقاومة)، وغدا ستغيّر مصر سياستها تجاه أمريكا (وقد باتت بعض المؤشرات على ذلك تلوح في الأفق)، بل إن الانفتاح السعودي والخليجي على الصين سيعني الكثير في المستقبل لأمريكا وستدفع ثمنه غاليا…
لذلك، ينبغي أن يعرف الأمريكي والصهيوني أن عليه أن يتحرك، وفق معطيات باتت اليوم واضحة للعيان، بعيدا عن السرديات العاطفية أو أوهام القوة المفرطة أو عقلية “البزنس”.
لقد وضعت معركة “طوفان الأقصى” حدا فاصلا بين مرحلتين: مرحلة هيمنة أمريكا على الشرق الأوسط هيمنة مطلقة، ومرحلة مشاركة فواعل جدد لها في رسم سياستها وتنفيذها، وفي كل الحالات، ستكون للفلسطينيين كلمتهم، وهم أدرى كيف يبنون بلدهم، وأعلم بمن هو الصديق والعدو، والأكثر قدرة على حسن الاختيار بين البدائل التي تخدمهم… إنه شرق أوسط جديد بهذا المعنى لا بالمعنى الأمريكي والصهيوني الذي عفا عنه الزمن.
الشروق الجزائرية