سودانايل:
2024-12-26@14:25:13 GMT

مصر والرؤية الأمنية في حرب السودان

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن العلاقة السودانية المصرية: علاقة إستراتيجية منذ أن نال السودان الاستقلال في الأول من يناير 1956م، و رغم أن العلاقة في مسيرتها التاريخية تأخذ مستويات مختلفة صعودا و هبوطا، و لكن الجانبان ينظران لها من الجوانب الأمنية و الاقتصادية و مياه النيل بأنها علاقة لا فكاكا منها.

. و في هذا المقال أخذ جانب العلاقة الأمنية، و هي علاقة تخللتها أيضا العديد من المطبات الصعبة.. و لكي يفهم الموقف المصري من الحرب الدائرة في السودان لابد من الرجوع لملف العلاقة الأمنية بين البلدين في مراحل مختلفة.. في عهد الديمقراطية الثانية و بعد حرب 1967م عقد مؤتمر الخرطوم الذي تمت فيه مصالحة مصر مع المملكة العربية السعودية و التفاهم حول وقف الحرب في اليمن.. موقف السودان مع مصر في حرب الاستنزاف في عهد جمال عبد الناصر، و أيضا مشاركة السودان في حرب أكتوبر 1973م، ثم وقوف السودان مع أنور السادات عند ذهابه "تل أبيب" و كلها قضايا مرتبطة بالأمن..
تعرضت العلاقة بين السودان و مصر إلي هزة كبيرة، بعد انعقاد المؤتمر الشعبي العربي و الإسلامي في الخرطوم في 25 إبريل 1991م، و تخوفت مصر من تسرب الجماعات الإسلامية المتطرفة و خاصة العناصر المصرية عبر حدودها الجنوبية مع السودان، و كانت الخرطوم تعتقد أن المؤسسات المصرية " جامعة القاهرة فرع الخرطوم – البعثة التعليمية المصرية – المركز التجاري المصري – نادي ناصر – بعثة الري المصري" هي مراكز مراقبة و جمع معلومات تديرها المخابرات المصرية، لذلك أسرعت بمصادرتها و إغلاق بعضها.. و كذلك مصر حاصرت حركة المجموعة الأمنية التي كان في سفارة السودان في مصر.. ثم جاءت محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا و التي كان وراءها كما ذكر الدكتور الترابي شخصيا في حوار أحمد منصور معه في قناة الجزيرة، على عثمان محمد طه و الدكتور نافع على نافع الذي كان يشغل رئيس جهاز الأمن و المخابرات في ذلك الوقت.. و أذكر أن لجنة التنسيق العليا " للتجمع الوطني الديمقراطي" كانت طالبة من مصر السماح لها بعمل إذاعي على موجة قصيرةزز ثم صفحة في إحدى الجرائد المصرية الحكومية " الإهرام – الجمهورية – أخبار اليوم" و اعتقدت المعارضة لقد جاء الوقت الذي سوف توافق السلطات المصرية على الطلب.. و لكن رفضت مصر ..
سألت محمد الحسن عبد الله يسن الذي كان يشغل رئيس اللجنة التنسيقية العليا للتجمع عن سبب رفض المصريين.. ٌقال أنهم قالوا له أن مصر إذا وافق على " الإذاعة و صفحة في جريدة حكومية" هذه بمثابة إعلان حرب و لا نريد أن تتطور العلاقة إلي ذلك.. و عندما حضر سيد احمد الحسين نائيب الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي للقاهرة أنزيل في فندق " المريدين" شارع صلاح سالم مدينة نصر. و بعد اسبوع من حضوره اتصل بي سيد احمد في السابعة صباحا و قال إلي أنا نقلت من فندق مريدين إلي هيلتون رمسيس وسط البلد بالقرب من ماسبيرو و أريدك أن تحضر إلي في التاسعة صباحا دون أن تخطر أي شخص بمكاني، ذهبت إليه في الموعد المضروب وجدت معه اللواء أحمد رجب المسؤول عن الملف السوداني في المخابرات، و كان الحديث يدور حول قضية التصعيد بين القاهرة و الخرطوم.. كانت رؤية أحمد رجب التي كررها عدة مرات، أن السودان يمثل لمصر أهم ركيزة في إستراتيجية أمنها، نحن لا نريد أن نتدخل في الصراع السياسي الدائر في السودان هذه مسألة تهم الأخوة و الأحزاب في السودان، لكن في الجانب الأمني و يتعلق بوحدة السودان؛ من باب النصيحة أنني بسمع بعض القيادات تدعوا إلي الكفاح المسلح لإسقاط النظام، و إذا وافقتوا علي ذلك، سوف تشكل خطرا كبيرا على مستقبل السودان.. و سمعت نفس الحديث بعد سنة من اللواء عمر قناوي وكيل وزارة المخابرات المصرية و اللواء محمود عبد الخالق مسؤول الملف السوداني في المخابرات في بيت محمد الحسن عبد الله يسن و مجموعة من القيادات الاتحادية..
في بداية 1997م اتذكر جاءت القاهرة في طريقها للخرطوم مساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت للشؤون الأفريقية في عهد الرئيس بيل كلينتون، قالت في تصريح لها أن زيارة الخرطوم يجب أن تمر بالقاهرة. و قالت أن المصريين يحبذوا أن تؤخذ أي معلومات عن السودان من بنك المعلومات في القاهرة.. هذا القول كان يغضب قيادات المؤتمر الوطني.. و أتذكر في أول زيارة إلي الخرطوم 2007م بعد 18عاما غياب عنها. أصر على الصديق الراحل الدكتور تاج الدين السنوسي أن أزوره في مركزه " أفاق" في حي أركويت، و هو مركز يهتم بالقضايا و العلاقات السياسية الدولية، و تعرضنا في النقاش كيف استطاع السودانيين أن تكون لهم علاقة مباشة مع واشنطن دون المرور على القاهرة.. و دخل علينا شخص عرفني به الدكتور تاج الدين أنه اللواء معاش حسب الله عمر كان يشغل مسؤول الشئون الخارجية في جهاز الأمن و المخابرات، و قال كان مكتبه في باريس.. قال حسب الله أنهم استطاعوا أن يفتحوا خطا ساخنا مباشرة مع واشنطن دون المرور على أي عاصمة..
أن التقاء وفد الحكومة السودانية مع المبعوث الأمريكي في القاهرة، هذه مربوطة بزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين للقاهرة في المساعي التي يقوم بها مع مصر لوقف إطلاق نار في غزه.. و في نفس الوقت يلتقي بالمبعوث بيرييلو، و ربما يلتقي بالوفد السوداني للإجابة على أي تساؤلات يمكن أن تطرح.. القضية الأخرى أن الأمريكيين يعتبرون مصر تلعب دورا مهما في عملية التوافق بين الأطراف.. رغم أن مصر لها موقف معلن على لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الإسلامي أن تكون المنطقة خالية من الميليشيات.. القضية الأخرى أن مصر بحكم إستراتيجيتها الأمنية لا توافق أي تدخل خارجي في السودان، و تعتبر الجيش يمثل العمود الفقري للسودان و الذي يحفظ وحدة البلاد و يجب الوقوف إلي جانبه.. لكنها في ذات الوقت لا تتدخل في خيارات الشعب السوداني في النظام الذي يريده تطبيقه... نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

اتفاقية جديدة لتعزيز استدامة المهن القانونية في المملكة

وقع المرصد الوطني للعمل بصندوق تنمية الموارد البشرية في مدينة الرياض، اتفاقية مشاركة بيانات مع الهيئة السعودية للمحامين، وذلك في إطار جهود المرصد لبناء شراكات استراتيجية مع الجهات ذات العلاقة بسوق العمل، بحضور المدير التنفيذي للمرصد الوطني للعمل الدكتور محمد غروي، والمشرف العام على الهيئة السعودية للمحامين الدكتور أسامة القحطاني؛ لتمثيل الطرفين والتوقيع على الاتفاقية.
وتهدف الاتفاقية إلى تبادل البيانات لدعم التقارير والدراسات المتخصصة وإثراء قاعدة بيانات سوق العمل السعودي، بما يسهم في تعزيز الاستدامة المهنية واستشراف مستقبل المهن القانونية، ويساهم في دعم صناعة القرارات الاستراتيجية والتشغيلية ذات العلاقة بسوق العمل، ودعم تصميم سياسات مدعومة بالحقائق والأرقام والإحصاءات، مع تقييم أثر تلك السياسات واستشراف مستقبل سوق العمل.
أخبار متعلقة 25 يناير.. 30 فناناً يشاركون في بينالي الفنون الإسلامية بجدةالسفارة في فيينا تخطر رعاياها ببدء العطلة غدًا .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } اتفاقية جديدة لتعزيز استدامة المهن القانونية في المملكةخطوة مهمة
أكد الدكتور محمد غروي أن هذه الشراكة تُعد خطوة مهمة في تطوير التقارير والدراسات والتحليلات التي تدعم سوق العمل المحلي، حيث سيعمل الطرفان بموجب الاتفاقية على التعاون في مشاركة البيانات ورفع جودتها؛ كونها مطلب مهم وأساسي في تقديم منتجات وخدمات مبنية على البيانات الدقيقة والشاملة، وذلك لتلبية احتياجات سوق العمل؛ بما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ومن الجدير بالذكر، أن توقيع هذه الاتفاقية جاءت هامش مؤتمر المحاماة السعودي، والذي تنظمه الهيئة السعودية للمحامين، وتأتي مشاركة المرصد ضمن إطار تعزيز العلاقة بين الجهات الحكومية؛ لضمان بناء شراكات طويلة الأمد بما يحقق الأهداف الاستراتيجية للطرفين.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوداني: وساطة أردوغان بين الخرطوم وأبو ظبي واعدة وإيجابية
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: هجوم إعلامي على الأجهزة الأمنية بعد حادث الدهس في ألمانيا
  • قبل ما تنزل من بيتك.. خريطة الزحام المروري بطرق ومحاور القاهرة والجيزة
  • مطابع العملة السودانية تدفع بقافلة دعما لمواطني شرق الجزيرة وتوتي
  • مجدي أبوزيد يكتب: التحول الرقمي بالجامعات المصرية والرؤية المستقبلية
  • مليشيات “ال دقلو” في حربها ضد السودان ارضاً وشعباً اعتمدت منهج “الأرض المحروقة”
  • اتفاقية جديدة لتعزيز استدامة المهن القانونية في المملكة
  • مصدر بالأهلي: العلاقة بين النادي والجماهير لا تقبل المساس
  • بالمصري.. هو وهي.. "عايشين ببعض" رحلة العمر
  • أهمية مشاركة أصحاب العلاقة في تخطيط وتطوير السياحة