أزمة سكن تواجه المرحّلين من تركيا للشمال السوري
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
شمال سوريا- بعد قرابة شهرين من البحث المضني، لم توفّق أسرة اللاجئ محمود حريتاني، المرحّلة حديثا من تركيا، بالعثور على منزل مناسب للإيجار في ريف إدلب شمال غربي سوريا، حيث ضاعفت زيادة عمليات ترحيل اللاجئين السوريين الطلب على السكن في الشمال السوري.
ويقول حريتاني إنه زار العديد من المكاتب العقارية بهدف استئجار منزل لأسرته المكونة من 5 أفراد، بدون أن يصل إلى مبتغاه، مشيرا إلى أن المنازل القليلة الشاغرة التي عرضت عليه لا تناسبه، بسبب قدمها وعدم تناسبها مع قيمة الإيجار.
ويضيف في حديث للجزيرة نت، أن عشرات الأسر المرحّلة من تركيا تبحث عن منزل للسكن والاستقرار، حيث صادف العديد من السوريين في المكاتب العقارية، وهم يواجهون مشكلة تأمين المنزل المناسب.
ولفت اللاجئ العائد إلى الشمال السوري، الخاضع لسيطرة المعارضة، إلى أن مشكلة السكن ليست العائق الوحيد أمامه اليوم، حيث يتوجب عليه البحث عن عمل يؤمن له مصدر رزق جديد، كي لا ينفق ما تبقى لديه من المال القليل الذي حصل عليه ثمنا لممتلكاته المباعة في تركيا.
استغلال الأزماتزاد الطلب على المنازل في الشمال السوري الذي يعاني أصلا من أزمات مركبة متعلقة بالسكن وفرص العمل، حيث تراوح إيجار المنزل بالمنطقة وفق الخدمات والمناطق ما بين 100 و250 دولارا أميركيا.
بالمقابل يبلغ متوسط دخل الفرد في شمال غربي سوريا نحو 100 دولار أميركي، حيث يحصل العامل بنظام الأجرة اليومية على 3 دولارات يوميا، وهو النظام السائد لدى العمالة في المنطقة.
ويؤكد حسين الرحال، العامل في مجال إيجار العقارات بريف إدلب، أن الإقبال على منازل مستأجرة زاد بشكل غير مسبوق خلال الشهرين الماضيين، لافتا إلى أن زيادة الطلب رافقها رفع لقيمة الإيجار.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن بعض المكاتب تستغل أزمات المرحّلين وعدد من النازحين، من خلال طلب أرقام مالية كبيرة لا تتناسب مع حال المنزل من حيث الموقع والمساحة والخدمات المحيطة، بهدف إرضاء مالك المنزل والحصول على نسبة عمولة جيدة.
وتوقع الرحال أن تتفاقم أزمة السكن مع قدوم المزيد من اللاجئين السوريين من تركيا إلى مناطق الشمال السوري، داعيا حكومة الإنقاذ العاملة في إدلب إلى ضبط مسألة تحديد قيم الإيجارات، والتدخل لمنع استغلال الأسر الفقيرة المرحلة.
غياب الخدماتوتجاوز عدد سكان مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا 6 ملايين نسمة، وفق آخر إحصائية أجراها "فريق منسقو استجابة سوريا" الإنساني العام الماضي، شملت محافظات إدلب وحلب وحماة.
ووثّق الفريق ارتفاع نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر في شمال غربي سوريا إلى 91% نهاية الشهر الماضي، وفق الأسعار الأساسية وموارد الدخل، في حين بلغت نسبة العائلات الواقعة تحت حد الجوع 41% من إجمالي الأسر الواقعة تحت خط الفقر.
ووصلت معدلات البطالة بين السكان المدنيين إلى ما يزيد على 88%، مع اعتبار أن عمال "المياومة" ضمن الفئات المذكورة، لكونهم يعملون بشكل غير دائم وبحسب المواسم.
ويرى أستاذ العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، أن تجمع معارضي النظام في منطقة واحدة من الشمال السوري سبب حالة غير سوية على الصعيد السكاني والصحي والاقتصادي والأمني، بسبب كثافة السكان وزيادة الطلب على الخدمات والعقارات والعمل.
وحذر شعبو في حديثه للجزيرة نت، من أن عودة مزيد من السوريين من تركيا إلى شمال غربي سوريا يعني حدوث كارثة حقيقية، إذا لم يتم إيجاد آليات وخدمات تتناسب مع حجم العائدين، مشيرا إلى أن مناطق سيطرة المعارضة تفتقر بالأصل إلى البنى التحتية والمؤسسات الخدمية.
وربط الخبير الاقتصادي ارتفاع إيجارات المنازل مقابل تدني الأجور في المنطقة بموضوع العرض والطلب، مؤكدا أن قلة المعروض مع ارتفاع الطلب عليه يرفع قيمة الإيجارات كقاعدة اقتصادية عامة تنطبق على أي مكان، وليس في سوريا فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات شمال غربی سوریا الشمال السوری من ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
6 تحديات تواجه قيادة سوريا الجديدة.. ما هي الأولويات؟
تحديات كثيرة تواجه قيادة سوريا الجديدة بعد نجاحها في إسقاط نظام بشار الأسد، واستحقاقات على الصعيدين الخارجي والداخلي.
منذ الساعات الأولى لدخول الفصائل العاصمة دمشق، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي ضرباته على مواقع عسكرية في مختلف أرجاء المحافظات السوري، وقامت قواته بتوغل بري في مناطق قريبة من دمشق جنوب سوريا.
داخلياً، لا زالت المدن السورية تعاني من بعض حالات الانفلات الأمني، وعمليات السطو التي تقوم بها عصابات تستغل حالة الفراغ الأمني، الناجمة عن تبدل الطرف المسيطر بشكل دراماتيكي.
ضمان الاستقرار
ويبدو أن "فرض الأمن" هو أولوية الحكومة الانتقالية التي شكلتها إدارة العمليات العسكرية برئاسة محمد البشير، كما أكد مصدر لـ"عربي21" من دمشق، مبينا أن "الحكومة تبذل جهداً كبيراً في سبيل تغطية كل المناطق السورية أمنياً".
وأشار المصدر إلى "الفراغ الأمني" الكبير الناجم عن انهيار قوات النظام وجهاز الشرطة، لافتاً إلى أن الحكومة "تبذل كل ما بوسعها لملء الفراغ، بالاعتماد على أجهزة الأمن التي كانت تعمل في إدلب، وعلى المقاتلين".
بالتوازي، افتتحت إدارة العمليات العسكرية أكثر من مركز للتسوية في مدن حلب وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية، وذلك بهدف تسوية أوضاع عناصر قوات النظام السوري، والسيطرة على انتشار السلاح.
توحيد القوى العسكرية
وعلمت "عربي21" من مصادرها أن الفصائل السورية تبحث حالياً حل نفسها تمهيداً لتشكيل جيش جديد، بهدف تضبط الجيش، ونزع السلاح.
وقال مصدر من "الجبهة الشامية" التابعة لـ"الجيش الوطني"، إن "الخطوات اللاحقة بعد حل الفصائل الإعلان عن جيش موحد يتبع وزارة الدفاع".
وأضاف المصدر أن "العمل يجري الآن على إيجاد صيغة، تضمن ذوبان التشكيلات في جسم عسكري واحد".
اكتساب الشرعية
أما الباحث بمعهد "الشرق الأوسط" في واشنطن سمير التقي، يرى أن التحدي الأساسي الذي يواجه قيادة سوريا الجديد، هو استكمال طريق الحرية، مبيناً أن "اكتساب الشرعية ليس بالقوة والغلبة، بل عبر توسيع التحالفات ودائرة الاحتواء، وضبط القانون العام والمجتمع بطريقة تسمح بحالة من الأمان والسلم الأهلي".
وأَضاف لـ"عربي21"، أن تحقيق ما سبق يتطلب مخاطبة كافة المكونات السورية، للمساهمة سياسياً في إنتاج دستور جديد، معتبراً أن "سوريا لا يمكن أن تحكم من مكون واحد، أو عقيدة مسبقة تفرض على المجتمع".
وأوضح التقي، أن المجتمع السوري هو من المجتمعات المتنوعة دينياً وعرقياً وسياسياً وثقافياً، وقال: "هناك كتلة في المدن لها تصورات مختلفة عن تصورات الكتلة المتعصبة".
عيش مشترك
ومن بين التحديات الملحة، وفق التقي، صياغة شروط عيش مشترك بين كل المكونات، وبشكل طوعي، وقال: "لن يتم صياغة مشروع وطني سوري إلا في إطار توافق بين المكونات على شروط العيش المشترك".
وبحسب التقي، فإن شروط ذلك باتت ممكنة، من خلال الدعوة لمؤتمر وطني يبحث كل القضايا، من منطقة شرق الفرات، إلى الساحل السوري، والجنوب السوري.
إدارة الاقتصاد
ولعل الواقع الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه القيادة السورية الجديدة، في ظل ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، وتوقف الإنتاج، واعتماد اقتصاد البلاد على الاستيراد.
رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" أسامة القاضي، قال إن فرص تعافي الاقتصاد السوري تبقى قائمة رغم المحنة الشديدة.
وأضاف لـ"عربي21": أن "الاقتصاد السوري بدون هوية حقيقية، والبلاد تعاني من أزمة بطالة، والفقر في مستويات مرتفعة، والفساد"، وأكد: "بالتالي فرص التعافي متوفرة في حال استقرار الوضع السياسي، لكن الأمر يتطلب تقريباً 5 سنوات".
وتابع القاضي، بأن سوريا تمتلك مقومات النهوض، من النفط والزراعة والصناعة والسياحة، مستدركاً "لكن لا بد من دفعة خارجية".
انتزاع الشرعية الدولية
من جهة أخرى، لا تزال القيادة السورية الجديدة بدون اعتراف دولي، ويقول الباحث سمير التقي: "العالم يترقب الوضع في سوريا، والحكومة تحت المجهر، والشرعية تأتي من قدرة القيادة على إقناع العالم".
ومن الواضح أن هناك محاولات عربية لدعم سوريا وإعادتها إلى الفضاء العربي، سياسياً واستراتيجياً.
غربياً، يبدو أن تعامل "هيئة تحرير الشام" التي تقود الحكومة الجديدة والفصائل، مع الأقليات السورية هو العامل الحاسم الذي سيحدد قرار إعطاء الشرعية للقيادة السورية الجديدة.
المصدر المجهل هو مدير العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ وطلب عدم ذكر اسمه بسبب الترتيبات غير المكتملة بعد