ايها الاحبة :

الحمد لله الذي أمر بالإصلاح ودعا إليه، وحذر من التنازع والتفرق والإختلاف ونهى عنه ، ورغب في الإذعان للحق والإنقياد له، والصلاة والسلامُ على النبي الكريم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

إقتضت مشيئة الخالق سبحانه وتعالى أنَّ الحياة الدنيا لا تسير على وتيرةٍ واحدةٍ، ولا تخلو من الخصومات، والنزاعات، والخلافات، والإقتتال بين أهل البلد والأمة الواحدة، والإعتداءات على الأرواح، والممتلكات، وضياع الحقوق، وتشتت أفراد الأسرة.

ولعل المشكل في ذلك ترجع إلى التهاون في الإصلاح بين المتخاصمين، والسعي الحثيث لفك فتيل الأزمة قبل نشوبها، وسكوت أهل الحق وأصحاب الكلمة والوجاهة _ وجميعنا مقصر في ذلك_ لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.

إن شريعتنا الإسلامية الغرَّاء قد بَيَّنت لنا الطريقة المُثلى للصلح بين الناس، حتى ينتشر الأمن والأمان، والسِلم والسَّلام بين أفراد المجتمع الواحد ، وتحل الألفة والمودة والمحبة محل الحقد والكراهية والشحناء والبغضاء، ويتوقف الإنسان عن التفكير في نيل الثأر والإنتقام، ويوفر جهده ووقته للتفكير فيما فيه صلاح نفسه وأسرته، ومجتمعه وبلده الذي يعيش فيه، ويسعى جاهداً للإصلاح بين المتخاصمين .

والمتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أن الإسلام أولى اهتماماً كبيراً و عُني بقضية الإصلاح بين المتخاصمين ورغَّب فيه وجعل المُصلح حاكما نافذاً حكمه قال تعالى(وَإِنْ طَآئِفَتٰنِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمَا عَلَى الأُخْرٰى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّٰى تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ الله فَإِنْ فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات9.

وقال تعالى(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) النساء114. وقال في حق الزوجين(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) النساء35.

وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم (كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين – تصلح بينهما بالعدل- صدقة).
وكان نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الإسراع في الإصلاح بين المتخاصمين سواء كان بين قبيلة وقبيلة، أو بين شخص وآخر، أو بين الزوج وزوجته.

في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه: ( أن أهل قباء إقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخْبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: إذهبوا بنا نصلح بينهم) فالنقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ونسيرُ على نهجه.

أحبتي :

هاهي بلادنا تحترق وتتمزق من أمام أعيننا، و أرواحنا تُزهق، وممتلكاتنا تُخرب، وأبناء جلدتنا يتقاتلون ويموتون وأشلاءهم متفرقة في الطرقات ولا مجال لمواراتهم،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لذلك لابد لأهل الدين، والحكمة، والعقل، والرأي، والوجاهة، والنشطاء، والإعلاميين من التدخل للإصلاح بين المتقاتلين لنحافظ على ماتبقى من أرواح آباءنا وأبناءنا الطاهرة.

ملحوظة مهمة

أن الصلح لا يعني ضياع الحقوق، بل لابد من محاسبة ومعاقبة كل من أجرم في حق الأبرياء، ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها.
أسأل الله تعالى أن يصلح حالنا وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجمع كلمتنا، وأن يوحد صفَّنا، وأن يطهر قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء إنه سميع قريب مجيب فنعم المولى ونعم النصير.

# لا للحرب نعم للسلام

# لا لخطاب الكراهية

# دينيون من أجل السلام والتماسك الإجتماعي.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: أجل السلام من والتماسك صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

الإفتاء توضح العلاج النهائي للحسد والعين

الحسد هو تَمَنِّي الحاسد زوال النعمة من المحسود؛ وهو من الأخلاق الذميمة والأمراض المهلكة التي أمر الله تعالى بالاستعاذة منها؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ [الفلق: 5]، ولذا ورد النهي عنه؛ فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا..».

داعية إسلامي يحكي كيف عالج ابنته من الحسد (شاهد) أسباب انتشار الشائعات وترويجها.. الإفتاء توضح الحل ما يفعله المسلم إذا رأى شيء أعجبه 

قالت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي إنه ينبغي على الحاسد أن يجاهد نفسه ألَّا يحسد أحدًا، وإذا رأى ما يعجبه عند غيره أن يدعو له بالبركة، ولا مانع شرعًا من تمني حصول مثل النعمة التي عند الغير، وهي ما يُعْرَف بـ(الغِبْطَة) أو المنافسة في الخيرات، يقول الفضيل بن عياض: والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط.

من ظَنَّ في نفسه وقوع الحسد 


وتابعت: ومن ظَنَّ في نفسه وقوع الحسد من الغير عليه؛ فينبغي عليه إن كان يشتكي من مرض ظاهر أن يَطْرَق باب التداوي طِبًّا؛ وهو -أي: التداوي من الأمراض- من الأمور المشروعة، وقد حثَّ الشرع عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً؛ فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» رواه أبو دواد، والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبرى".

علاج الحسد 

وأضافت: قد صَحَّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ» أخرجه البخاري، ويقول أيضًا: «أعوذ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» أخرجه البخاري.


وفي حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي لما شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعًا يجده في جسمه منذ أسلم، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» رواه مسلم. وغير ذلك من نصوص الرقية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


وانتهت إلى أنه ولا حرج في طلب الرقية من الصالحين؛ فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين ضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ الله صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ يَأمُرنِي أَنْ أَسْتَرْقِي مِنَ العَينِ"، وروى الإمام الترمذي في "سننه" عن أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ العَيْنُ؛ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ».


 

مقالات مشابهة

  • 20 أكتوبر.. أولى جلسات محاكمة ميار الببلاوي والشيخ محمد أبوبكر بتهمة السب والقذف
  • الإفتاء توضح العلاج النهائي للحسد والعين
  • ذكر عن رسول الله يصل بك إلى درجة القانتين
  • الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من رام الله
  • وقفات مَع وفاةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم
  • 5 طرق لعلاج الفتور في العبادة
  • 4 أداب للمجالس تعلمها من رسول الله
  • عبدالله آل حامد: الروح الإنسانية ودعم المحتاجين توجه استراتيجي في سياسات الإمارات
  • صحة سوهاد تنظم قافلة طبية بقرية "أولاد سالم قبلي" بدار السلام
  • الإفتاء: الإسلام وضع كبار السنِّ في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم