أكدت د. سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن، والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالأزهر الشريف، أن الإسلام لم يفرق بين المرأة والرجل فى وجوب الدعوة، وأن الله أمر أمهات المؤمنين بالإعلان عن هدىْ المصطفى، وأن الدعوة النسائية تحتاج لإنشاء جيل من المفتيات والواعظات والداعيات على قدر كبير من العلم الشرعى.

وانتقدت «صالح»، فى حوارها مع «الوطن»، دور الأخوات والسلفيات وأنهن وراء انتشار عادات خاطئة باسم الدين كالنقاب وختان الإناث، مشيرة إلى أن من تقوم بالدعوة النسائية عليها أن تدرك روح الشريعة وليس النطق بالنصوص الجامدة فقط.. وإلى نص الحوار:

تمثل المرأة عنصراً رئيسياً فى جناح الدعوة؟

- الإسلام لم يفرق بين المرأة والرجل فى وجوب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فقال الله تعالى فى سورة التوبة: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم»، وقال أيضاً فى سورة فصلت: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إننى من المسلمين»، فالخطاب الإلهى موجه للرجال والنساء، والله عز وجل دعا نساء النبى أمهات المؤمنين للإبلاغ والإعلان عن هدى المصطفى، فقال تعالى فى سورة الأحزاب: «واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً»، وطلبت نساء المسلمين من النبى الكريم أن يخصص لهن يوماً فى الإبلاغ والدعوة ففعل النبى ذلك، فالأدلة قطعية على وجوب الدعوة لله من قِبل النساء.

وماذا عن دور السيدات فى الإفتاء؟

- هناك فرق بين الدعوة والإفتاء، فالدعوة تقوم بمعرفة الثقافة العامة، أما الإفتاء فيكون لمتخصصين فى علم الفقه وقواعده ومعرفة النصوص الشرعية قطعية الدلالة وظنية الدلالة، وهناك نموذجان لسيدات الفتوى، الأول الراحلة عبلة الكحلاوى والتى كان لها منهج فى الفتوى يعتمد على الروحانيات، والثانى منهجى القائم على إظهار أقوال الفقهاء فى المسألة الواحدة واختيار الرأى الراجح، كذلك التخفيف على السيدات بالدليل من الكتاب والسنَّة، وللأسف الشديد نحن لدينا داعيات على مستوى الدعوة النسائية ولكن لدينا ندرة فى المفتيات.

لماذا تشهد الدعوة النسائية ضعفاً مقارنة بالدعوة لدى الرجال؟

- يرجع هذا الأمر للاعتماد خلال الفترات الماضية على دعوة الرجل، ولبعض القائمين على مسألة الدعوة الذين يفضلون الرجال على النساء فى الدعوة إلى الله، وكنت أشارك فى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ولم أحضر سوى اجتماع واحد لشعورى بعدم تقبلهم وجود المرأة فى مسألة الفتوى، لذا نحتاج لإعادة تقييم لوضع الدعوة النسائية والاهتمام بوجود الواعظات والمفتيات.

العميد الأسبق لـ«الدراسات الإسلامية»: نحتاج للسيطرة على زوايا النساء بالقرى والنجوع وتطهيرها من الفكر المتطرف 

وماذا عن مصليات النساء؟

- هناك سيطرة على مصليات النساء الكبرى فى القاهرة والمحافظات، فتلك المصليات تخضع لسيطرة وزارة الأوقاف ويقوم عليها واعظات الأوقاف، لكن للأسف هناك مصليات «بير السلم»، ويطلق عليها زوايا النساء تنشر فكراً غير منضبط حتى الآن، ويجب أن يتم تطهير تلك الزوايا كما حدث مع المساجد والمصليات الكبرى فى العاصمة والمحافظات، ويجب أن تخضع للرقابة، فتلك الزوايا النسائية يوجد بها فكر الأخوات والسلفيات، وتقوم بنشر ثقافات مغايرة تدعو للفكر الإرهابى، لذلك تجد بعض العادات غير المنضبطة، التى تحاربها الدولة، ما زالت قائمة حتى الآن تحت مسمى الدين.

ما هى تلك العادات؟

- كثير من العادات السلبية المتعلقة بالمرأة مثل مسألة الختان، فهى ما زالت منتشرة جداً فى الخفاء بقرى الريف، فهناك اعتقاد بوجوب تلك المسألة من الناحية الدينية والفطرية حتى لا تنحرف الفتاة، وهذا اعتقاد خاطئ وليس له علاقة بالدين، لذلك مهما أصدرت الحكومة من قوانين لتجريم تلك العادة ستظل موجودة، كذلك الاعتقاد بفرضية النقاب، وهذا فكر خاطئ، فلا يوجد فى الإسلام ما يثبت أن النقاب فريضة، وحرام طالما أحدث ضرراً فى المجتمع، وأتحدى أياً من أهل السنة المجىء بحديث صحيح وصريح يأمر فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم، بتغطية وجه المرأة، وقول الله تعالى فى سورة الأحزاب: «يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً»، فهذا خطاب موجه لنساء النبى وليس لنساء المسلمين، وهو توجيه إلهى مخصص لهن، بعدم الخضوع فى القول والالتزام بالقول المعروف، فمن تقوم بالدعوة النسائية عليها أن تدرك روح الشريعة وليس النطق بالنصوص الجامدة، فالاختلاف رحمة، والمسلم ليس ملزم بالالتزام بمذهب واحد.

دور الواعظات

الواعظات لهن دور مشرف، لكننا نحتاج لمزيد من التطوير لأدائهن لكى يشكلن الضلع الأقوى فى منظومة الدعوة، والسيطرة على المصليات، ويكنّ قادرات على الوجود الإفتائى والدعوى، وعلينا تشجيع الناجح فى ملف الدعوة فأنا «بنيت نفسى بنفسى وكسبت ثقة المواطنين بفضل الله وبفضل علمى»، لذلك يجب أن نشجع صاحبات الدعوة إلى الله، وصقل فكرهن الدعوى والإفتائى ومعرفة السنة والقرآن الكريم ومعرفة قواعد أصول الفقه، والتفريق بين الحديث الضعيف والحديث الصحيح.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: واعظات مصر الأزهر الشريف وزارة الأوقاف ختان الإناث إلى الله

إقرأ أيضاً:

بنيحيى وزيرة الأسرة: الأسر المغربية أصبحت تديرها النساء أكثر من الرجال

زنقة 20 ا الرباط

بناء على التعليمات الملكية السامية خلال جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس، الإثنين، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، والتي خصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة، انعقد أمس الثلاثاء بالرباط لقاء تواصلي خصص لتقديم المضامين الرئيسية لمقترحات مراجعة مدونة الأسرة، ترأسه كل من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، ونعيمة بنيحيى، وزيرة جديدة للتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

وفي هذا الصدد قالت نعيمة بنيحيى وزيرة جديدة للتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، إن “مراجعة مدونة الأسرة يعتبر أمرا بالغ الأهمية، لأنه يخص الخلية الأساسية في بنية المجتمع وعنوان تماسكها أو ضعفها”.

وأضافت بنيحيى، أن “الأسرة حظيت بعناية خاصة في السياسات العمومية الهادفة إلى إرساء دولة اجتماعية حديثة، سواء من خلال مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، أو من خلال تقديم الدعم الاجتماعي لأفرادها الأكثر هشاشة، أو تحقيق المساواة بين الجنسين”.

وأوضحت في كلمتها أن “الأسرة تشكل فضاء مثاليا للنهوض بالحقوق الفئوية وتعزيز حماية حقوق النساء من خلال مناهضة العنف الأسري وكل أشكال التمييز ضدهن، وتمكينهن من كافة حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وتعزيز حقوق الطفل والأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة”.

وأشارت إلى أنه “نظرا لكون الأسرة تُعتبر بدورها مؤسسة قانونية، فمن الضروري السمو بها عن إرادة الأفراد وحريتهم المطلقة، من خلال سنّ ضمانات لحماية حقوق جميع أفرادها، رجالاً ونساءً، بما يروم الحفاظ على تماسك الأسرة واستقرارها”.

ودعت الوزيرة بنيحيى إلى “ضرورة استحضار التحولات التي طرأت على الأسرة المغربية، والتي يمكن إجمال أهمها في كون الأسرة النووية أصبحت تشكل نسبة مهمة من مجموع الأسر المغربية. كما أن نسبة الأسر التي يديرها الرجال أصبحت تتناقص لصالح الأسر التي تديرها النساء”.

وفي السياق ذاته، أكدت بنيحيى، أن “وضعية الطفولة تظل مقلقة بالنظر لتداعيات الطلاق على الأطفال وللعنف الممارس عليهم ولتزايد نسبة الأطفال المتخلى عنهم، وذلك بالرغم من الجهود المبذولة من خلال السياسات العمومية ذات الصلة ومن مختلف الآليات المحدثة لحماية الطفولة وكذا بالرغم من الجهود المبذولة لتعميم ودعم التمدرس.

وأكدت السمؤولة الحكومية على “الجهود المتبعة لتعزيز حقوق الإنسان، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والنهوض بحقوق الطفل؛ حيث حرصت بلادنا على توطيد ممارستها الاتفاقية في مجال حماية حقوق الإنسان، من خلال انخراطها في الاتفاقيات التسع الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ورفع تحفظاتها على مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومن خلال تفاعلها مع كافة هيئات المعاهدات، وآلية الاستعراض الدوري الشامل، وانفتاحها على الإجراءات الخاصة”.

وكشفت بنيحيى أنه “مواصلة لانخراط بلادنا في المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، أودعت بلادنا بتاريخ 22 أبريل 2022 وثائق الانضمام إلى كل من البرتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وباتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمتعلقين بالبلاغات الفردية”.

ووعيا منها بأهمية تعزيز حقوق المرأة والرقي بأوضاعها، في أوقات السلم والنزاعات المسلحة، وتدبير الأزمات الإنسانية بما فيها الصحية، تشير الوزيرة بنيحيى، انخرطت المملكة بكل مسؤولية وجدية في الأجندة الأممية “النساء، السلم، الأمن”، وعملت على تسخير كل الجهود والإمكانات لتحقيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325، وذلك من خلال إطلاق مخطط العمل الوطني للمملكة حول النساء والسلم والأمن في مارس 2022، حيث أكد المغرب بالمناسبة على اعتبار النساء “عوامل تغيير وشريكات متساويات في مسلسل صنع القرار””.

وشدد على أن “المملكة حقتت مكتسبات وازنة على مستوى اعتماد وتنفيذ السياسات العمومية والبرامج الوطنية والإصلاحات التشريعية في مختلف المجالات التي تهم المرأة والطفل، والأسرة عموما”.

وحرصا على توفير إطار يضمن الانسجام والالتقائية بين مختلف المبادرات والمتدخلين، ويرسخ التتبع والتقييم وتعبئة جميع المتدخلين من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وجماعات ترابية وقطاع خاص وجمعيات المجتمع المدني، أكد الوزيرة بيحيى “تم إحداث “اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة” التي يرأسها السيد رئيس الحكومة، وقد اشتغلت هذه اللجنة على إعداد الإطار الاستراتيجي للمساواة 2023-2026، التي تضم برامج ومؤشرات نجاعة بميزانية محددة سنويا والية تتبع رقمية”.

واعتبرت بنيحيى، أن “ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي يحظى بتتبع وعناية خاصة من قبل جلالته، يُعتبر بمثابة ثورة اجتماعية ستمكن من تجاوز مواطن القصور التي تعرفها منظومة التغطية الصحية، وتوفير دعم مالي لتحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم وتقليص الفقر والهشاشة، كما يسعى إلى تعميم التأمين الصحي الإجباري وتقليص الفوارق الاجتماعية”.

وأشارت إلى أن “التغطية الصحية أصبحت شاملة لجميع المغاربة نساء ورجالا ابتداء من سنة 2022، بمن فيهم الأشخاص المعوزين الذين لا يستطيعون المساهمة في نظام التأمين الصحي.

وخلصت بنيحيى، إلى أن المراجعة العميقة والجوهرية لمدونة الأسرة، وفق التوجيهات الملكية السامية، من شأنها إعطاء دفعة جديدة للحماية القانونية للمرأة وضمان استقرار الأسرة، وكفالة المصالح الفضلى للأطفال، وترسيخ مكانة المملكة التي تصنف ضمن التجارب الجادة الساعية إلى إقرار مبدأ المساواة المكرسة دستوريا في أفق المناصفة، في توفيق مع مرجعيتنا الوطنية والدينية المشكلة لخصوصيتنا وعنصر تميزنا.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. يوم رياضي للاعبي الأولمبياد الخاص المصري بالجيزة
  • بنيحيى وزيرة الأسرة: الأسر المغربية أصبحت تديرها النساء أكثر من الرجال
  • «القومي للمرأة» ينفذ المرحلة الرابعة من «منهجية حوار الأجيال» لمكافحة ختان الإناث
  • النعناع وصحة النساء: فوائد مذهلة لجسم المرأة وعقلها
  • بشرى لـ "الفجر الفني": "أفضل إنتاج الأفلام القصيرة وليس إخراجها وهركز على سينما العائلة والأفلام النسائية" (حوار)
  • "المشرق" يوقع شراكة إستراتيجية مع "ممكن" لدعم عودة المرأة إلى سوق العمل
  • الصحة تحذر من عادات خاطئة للتعامل مع الحروق.. ببنها معجون الأسنان
  • الأنبا توما حبيب يلتقي الأخوات الراهبات بالإيبارشية
  • اعتقادات خاطئة وسوء فهم.. الجراحة قد تسرع انتشار سرطان الثدي
  • قطاع المرأة بـ «تقدم» يختتم ورشة عمل حول تعزيز دور النساء في إنهاء الحرب وبناء السلام