تكشف مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط أن الوضع في جنوب لبنان يمكن أن يتدحرج بسرعة يصعب السيطرة عليه ومنعه من التفلُّت، إلا في حال أن المباحثات التي تستضيفها القاهرة في الساعات المقبلة أدت لإحداث خرق لإخراج وقف النار من التأزم، وهذا يتوقف على معاودة بلينكن تواصله مع نتنياهو لتليين موقفه بخفض شروطه، في مقابل تولي مصر وقطر الضغط على «حماس» للغرض نفسه.



وتلفت الأوساط السياسية إلى أن شروط نتنياهو لا تعبّد الطريق أمام التوصل لوقف النار في غزة، وتقول إن بلينكن لم يضغط عليه كما يجب بما يسمح بترجيح كفة الحل الدبلوماسي على اشتعال الحرب التي أخذت تشق طريقها على الجبهة الجنوبية والتي لن يوقفها إلا التوصل، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة لوقف النار في غزة، ومن شروطها استعداد «حماس» وإسرائيل، التي تقع عليها المسؤولية الكبرى، لتقديم التنازلات المطلوبة لإيصال المباحثات التي تستضيفها القاهرة إلى النتائج المرجوة منها.

وتؤكد أن «حزب الله» لا يزال يمارس سياسة ضبط النفس، ويضطر للرد على إسرائيل في توسعتها لدائرة المواجهة العسكرية، وتنقل عن مصدر قيادي في الثنائي الشيعي قوله إن إسرائيل تهدف، من خلال شنها سلسلة غارات على بلدات بقاعية، ليل الاثنين، إلى استدراج الحزب لعله يوفر لها الذرائع لتوسعة الحرب التي تسمح له بالالتفاف مسبقاً على مباحثات القاهرة لوقف النار في القطاع.
وترى الأوساط نفسها أن الحزب اضطر للرد باستهدافه مواقع عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة تحت سقف التزامه بعدم السماح لتل أبيب باستدراجه للخروج عن مساندته لغزة، وتقول إن الحزب يريدها، لكنه استجاب لرغبات دولية وإقليمية بضرورة التمهُّل في رده على إسرائيل لاغتيالها أحد أبرز قادته العسكريين فؤاد شكر، رغبة منه بإعطاء فرصة لاستئناف مباحثات وقف النار لئلا يُتهم بأنه أطاح بالجهود الرامية لإنهاء الحرب في القطاع.
وتنقل عن المصدر في الثنائي الشيعي قوله إن تريث الحزب في الرد على إسرائيل سرعان ما انسحب على إيران التي قررت التمهُّل في ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، وهذا ما حصل، لأن القيادة الإيرانية الجديدة تحرص على ضبط إيقاع المواجهة لئلا تمتد إلى الإقليم.
وتكشف أن الحزب لم يسجل اعتراضه على زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لبيروت، بتكليف من الرئيس جو بايدن، وتؤكد أنه كان طرفاً، وإنما بالواسطة، في المباحثات التي أجراها، ولم يتردد في إعلام الجانب اللبناني الرسمي بأنه لا يعترض على إعطاء مهلة للمباحثات التي بدأت في الدوحة، وتُستأنف في القاهرة للتوصل لوقف النار في القطاع.
ويضيف المصدر في الثنائي الشيعي أن الحزب توقف أمام التوقيت الذي اختارته إسرائيل باستهدافها لعدد من البلدات البقاعية، قبيل ساعات من وصول بلينكن إلى القاهرة قادماً من تل أبيب، ورأت أن هدفها من إدراج هذه البلدات في بنك أهدافها يكمن في استدراج الحزب للرد على نطاق أوسع بانتقاله من مساندته لـ«حماس» إلى شن حرب يسعى لها نتنياهو للتفلُّت من الضغوط التي تمارس عليه لوقف النار في غزة.
وتؤكد أن الحزب لم يُستدرج إلى الفخ الذي نصبه نتنياهو، ولن يكون البادئ بتوسعة الحرب التي يخطط لها نتنياهو لتحميله مسؤولية إفشال مباحثات وقف النار، رغم أن الحزب يحمّل بلينكن مسؤولية عدم ممارسته الضغط المطلوب على فريق الحرب في إسرائيل لإجباره على الانخراط في الجهود المدعومة من أكبر حشد أوروبي وعربي وإسلامي لإنهاء الحرب في القطاع، ويسأله ما الغرض من الضغط بخجل عليه والتسليم بمعظم شروطه، وهو يعلم جيداً «أننا لن نكون مبادرين للانجرار للحرب».
وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الحزب لم يتردد ولو للحظة، منذ اغتيال إسرائيل لشكر، برفع جهوزيته العسكرية واللوجيستية إلى أعلى درجات الاستعداد، بالتلازم مع إعلانه حالة الاستنفار العام في صفوف مقاتليه، ويتصرف كأن الحرب حاصلة لا محالة، وأن تل أبيب تستعد لها لما لديه من معلومات استقاها من استطلاعات ميدانية واستخباراتية يقوم بها ساعة بساعة، وإن كانت تراهن على توفيره الذرائع والمبررات تاركة له بأن يطلق الرصاصة الأولى إيذاناً باندلاعها وإلحاق طهران بها، وهذا ما يخطط له نتنياهو باستدراج واشنطن للصدام معها لقطع الطريق على تواصلها مع الإدارة الأميركية التي لم تنقطع مع وصول الإصلاحيين إلى سدة الرئاسة الأولى.
لكن الحزب، وفق المصدر نفسه، لا يسعى للحرب ولا يريدها، وينأى بنفسه بأن يُستدرج إليها، وإن كان يستعد لها في حال قررت إسرائيل خوضها لفرض شروطها على لبنان بتعديل القرار 1701 لتجويفه من مضامينه، وهو توخى، أي الحزب، من نشره لشريط الفيديو المتعلق بمخزونه من الصواريخ الدقيقة والذكية الموجودة في الأنفاق تحت الأرض، تمرير رسالة إلى إسرائيل وعبرها إلى المجتمع الدولي، وفيها أن الحرب ستكون محكومة بتوازن الرعب وبمعادلة ردعية ولن تكون عابرة، ويفترض بتل أبيب أن تعيد النظر في حساباتها، إضافة إلى أنه يراهن على استقدام المداخلات الدولية في الوقت المناسب لنزع صاعق التفجير الذي يمكن أن يمتد إلى خارج الحدود ما يهدد الاستقرار في المنطقة، لذلك يحرص الحزب على ممارسة أعلى درجات الحيطة وضبط النفس، ولن ينجر إلى الفخ الذي تنصبه إسرائيل بإقحامه في حرب لا يتوخاها؛ تقديراً منه للظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، وتستدعي منه التحسب لكل الاحتمالات، خصوصاً أن أحداً لا يتكهن متى وكيف ستنتهي وإلى أين ستمتد.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لوقف النار فی فی القطاع أن الحزب

إقرأ أيضاً:

مسؤول أمريكي: حرب إسرائيل ضد حزب الله ستكون كارثية

قال مسؤول أمريكي  كبير في منتدى حول "الشرق الأوسط" في العاصمة الأمريكية واشنطن إن الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان قد تكون لها "عواقب كارثية وغير متوقعة".

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قول المسؤول الأمريكي: إن "الحرب ليست لعبة. أنا لا أشكك في قدرات الجيش  الإسرائيلي، لكن يتعين علينا أن نفكر في حقيقة مفادها أن العواقب ستكون وخيمة على الطرفين".

وفي نفس المؤتمر، قال وزير الحرب السابق بيني غانتس أمس الإثنين إن إسرائيل يجب أن تحول تركيزها نحو حزب الله والحدود اللبنانية، محذراً أن "إسرائيل تأخرت في هذا الأمر"،  وأضاف  أن "الحرب مع جماعة حزب الله المدعومة من إيران وشيكة إذا لم تتوصل إسرائيل قريباً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس في غزة".

وبينما يقول غانتس ومسؤولون إسرائيليون آخرون إن "عملية كبرى في لبنان هي السبيل الوحيد لإعادة عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى منازلهم على الحدود الشمالية"، حذر المسؤول الأمريكي من أن "العديد من المدنيين قد يقتلون في الحرب ولن يكون لديهم منازل يعودون إليها".

Live update: US official warns Israel war on Hezbollah would be ‘catastrophic,’ likely fail to achieve goals https://t.co/5yVZwFXlUo

— ToI ALERTS (@TOIAlerts) September 10, 2024

وأضاف المسوؤل  "هناك فكرة في إسرائيل مفادها أن نذهب إلى الحرب وبعدها سندمر كل الصواريخ التي يملكها حزب الله وسيكون كل شيء على ما يرام"، محذراً "الأمر ليس بهذه البساطة. لا يوجد حل سحري. لا يمكن القضاء على الطرف الآخر. في نهاية الحرب قد تدفع إسرائيل ثمناً باهظاً ولا تحقق أهدافها".

وأوضى المسؤول بحل دبلوماسي وليس عسكري لتهدئة التوترات الحدودية، وقال: "في حال اندلاع حرب فإن المجتمع الدولي سيتدخل للوصول إلى حل دبلوماسي مماثل لما يمكن التوصل إليه الآن"، 

يذكر أن المناطق الحدودية في جنوب لبنان تشهد تبادلًا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مقالات مشابهة

  • مقتل عنصرين من حزب الله بمواجهات مع إسرائيل جنوبي لبنان
  • تقرير يكشف: حزب الله يُحاول الحفاظ على هذه المعادلة مع إسرائيل
  • معاريف: حزب الله يحاول الحفاظ على "معادلة الألم" مع إسرائيل
  • هذا ما كشفته المواجهات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل
  • بين حزب الله و إسرائيل.. من سيتوقف عن إطلاق النار أولاً؟
  • هآرتس: واشنطن حذرت إسرائيل من حرب شاملة مع لبنان
  • حماس: لم نضع مطالب جديدة لوقف إطلاق النار ومزاعم كيربي تتماهى مع موقف نتنياهو
  • مسؤول أمريكي: حرب إسرائيل ضد حزب الله ستكون كارثية
  • هآرتس: نتنياهو يحضر للاستيطان وضم شمال غزة إلى إسرائيل
  • إسرائيل ترهن وقف تهديدها بانسحاب حزب اللهمن جنوب الليطاني