صحيفة البلاد:
2025-03-04@01:07:16 GMT

غازي القصيبي في ذكراه 2-2

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

غازي القصيبي في ذكراه 2-2

..وفي المقابلة الصحفية التي أجراها معه الدكتور محمد جابر الأنصاري، ونشرت بعدد مجلةالعربي الكويتية الغراء الصادر في شهر سبتمبر 1991م، سأله الدكتورالأنصاري : قلت في كتاب “سيرة شعرية”:( إن سنوات الدراسة في القاهرة، كانت أخصب  فترات حياتي الشعرية على الإطلاق).

لعلك  قصدت أنها كانت من “أمتع” تلك  الفترات، للتغيير الكبير الذي مثّلته الحياة  الجامعية في مدينة زاهرة كالقاهرة – حينئذ – ومع أصدقاء شعر متفاعلين كالصديق  عبد الرحمن رفيع؟.

ولكن هل أردت القول إن تفاعلك فيما بعد مع الحياة الجامعية (والثقافية) في الولايات  المتحدة لدراسة الماجستير، وفي بريطانيا  لدراسة الدكتوراه، لم تمثل فترات خصوبة  مماثلة – لا أقصد كما وإنما كيفا؟. لماذا احتكرت القاهرة خصوبتك الشعرية أو  استأثرت بمعظمها؟. وهذا السؤال يقودني إلى ملاحظة، أزعم أنها واردة بالنسبة لتكوينك  الثقافي العام، وهي أنك كشاعر ظللت عربياً  خالصاً ذوقاً وتكويناً، ولم يجذبك الشعر العربي الحديث (ولهذا لم تتفاعل كثيراً مع مدرسة  حاوي والسياب والبياتي… إلخ). أما كجامعي ومثقف وناثر (كاتب نثر)، فقد  تأثرت بالمدارس والأفكار الحديثة، أعني أنك  عندما تنظم الشعر، فأنت صوت عربي خالص،  وكأنك عاشق أو فارس، أما عندما تكتب  النثر، فأنت إنسان معاصر “جنتلمان”، أنت  صاحب عبارات مثل: “في رأي المتواضع”  و “المزيد من رأي المتواضع”، وأظنك توافقني  أنه لا يوجد شاعر وعربي على مثل هذا  التواضع! ما قولك؟. فأجابه الدكتورالقصيبي قائلاً: – كان المقصود الخصب الكمي. كنت في تلك السنين أكتب، أحياناً، قصيدة كل يوم،  وأكتب، أحياناً، أكثر من قصيدة في اليوم الواحد. لم يكن أسبوع يمضي دون قصيدة.

وهذا الإنتاج كما يعرفه كل الشعراء، باستثناء  ضحايا الإسهال الشعري، غزير جداً. إذا قارنا هذا المعدل بمعدل الكتابة خلال العقدين الأخيرين من حياتي، قصيدة واحدة كل ثلاثة  شهور أو أربعة، وجدنا الفارق الشاسع، غير  أنني لا أستطيع سحب الخصب على ما يتجاوز  المعيار العددي الخالص.

أما النقطة الثانية من سؤالك، فأرى أنك مصيب  فيها كل الإصابة. لقد ظلت مشاربي الشعرية  عربية خالصة، رغم تنوع مشاربي النثرية (والفكرية). لا أستطيع مثلاً، أن أحصي عدد  الكتب التي قرأتها باللغة الإنجليزية، ولكنني  أستطيع، دون صعوبة تذكر، أن أحصي  الدواوين. نادر حقاً هو ذلك الشعر الأجنبي الذي استهواني واجتذبني، سواء بصفته الأصلية  أو مترجماً إلى العربية. أتصور أن السبب هو أن الشعر يختلف اختلافاً  كبيراً عن النثر في قابليته للترجمة، والسفر بين  الحضارات. الشعر ملتصق بلغته التصاقاً وثيقاً،  بحيث يؤدي انتزاعه منها إلى تمزق الكثير من روعته.  ومن هنا حرصت في كل شعر ترجمته من العربية إلى الإنجليزية، سواء كان لي أو  للآخرين، أن يكون “قابلاً للترجمة”، بمعنى أن  ينتقل من لغة إلى لغة دون أن يفقد كل مقوماته  كشعر يختلف عن النثر. إن المقولة التي تذهب إلى أن “كل ترجمة خيانة للأصل”، لا تنطبق على  شيء قدر انطباقها على الشعر، إذا لم تصدقني،  فحاول أن تترجم هذا البيت إلى الإنجليزية، أو  الفرنسية، أو الألمانية.

نصيبك في حياتك من حبيب
نصيبك في منامك من خيال
.. ثم إنني مشدود إلى الموسيقى الشعرية العربية،  إلى وضوحها ورنينها، وطنينها إن شئت. ومشدود إلى الصور المتراكمة في القصيدة العربية،  التي تجعل منها لوحة زيتية بألف لون ولون. مشدود إلى ذلك الغنى اللفظي الذي يفتح أمامك مناجم شاسعة من الكلمات الحلوة. مشدود إلى ما التصق بالذاكرة اللاواعية العربية الجماعية من شغف بالغيوم والمطر، ومتابعة لحديث العيون،  وخوف من تلصص الشيب في المفرق، أين أجد  هذا كله خارج الشعر العربي؟!. تبقى ملاحظتك عن التواضع، ويقتضي  التواضع ألا أعلق عليها!.

وحول كتابة سيرته الذاتية، قال الدكتور غازي القصيبي : تبقى السيرة الذاتية، وكتابتها حلم يراودني منذ  فترة طويلة. وهناك عقبتان، واحدة تتعلق  بالمبدأ، والأخرى تتعلق بالتفاصيل. من حيث  المبدأ: مادام لا يمكنني أن أقول كل ما أريد  قوله، لأسباب لا تخفى على فطنة أحد، هل يجوز  لي أن أكتفي بما يمكنني قوله؟، ثم يبقى الشكل  الفني الملائم: هلى تجيء السيرة الذاتية بالطريقة  التقليدية المألوفة، وهي طريقة تقتل القارئ من  الملل ما لم تكن أحداث “السيرة” خارقة ومثيرة؟،  أم أن هناك أسلوباً آخر؟ أراني أميل تدريجياً إلى أن الشكل الأمثل هو الرواية حيث تمتزج الوقائع بالخيال، ويتاح قدر أكبر من الحرية.
ما أفكر فيه  أن تكون لكل مرحلة روايتها: الطالب، الأستاذ، الموظف.. إلخ، هذا مشروع في  الأعماق لا يزال يعتمل، ولم يختمر.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي

إقرأ أيضاً:

من العصر القديم إلى الحديث.. رمضان في الشعر العربي.. تجليات روحية وصور أدبية

يحتل شهر رمضان مكانة خاصة في وجدان المسلمين، حيث تتجلى فيه قيم العبادة، والتأمل، والتواصل الروحي، ولم يكن الشعراء بمنأى عن هذا التأثير، فقد تغنوا بجمال الشهر الكريم، ورصدوا أجواءه الروحانية وأثره في النفوس، معبرين عن معاني الصوم والطاعة والصفاء الروحي.

رمضان في الشعر العربي القديم

في العصر العباسي والأندلسي، أبدع الشعراء في وصف رمضان باعتباره شهر العبادة والتقوى. يقول أبو تمام في قصيدة مشهورة: (والصوم مروضة النفوس لفطْرها.. عن لذةِ الإثم الذي هو ملتذ).

ويرى أن الصوم يروض النفس، ويبعدها عن الذنوب والشهوات، ليكون وسيلة للتطهير والتقرب من الله.

أما الشاعر الأندلسي ابن العريف، فقد صور رمضان ببهجة خاصة، واعتبره موسماً للتوبة والمغفرة، حيث يقول: (وشهر الصوم منتصف تجلى
ينادي بالتقى في كل واد).

رمضان في الشعر الصوفي

أما في الشعر الصوفي، فقد تميز رمضان بوصفه فرصة للوصول إلى الصفاء الروحي والانقطاع عن الدنيا للتركيز على الله، وكان جلال الدين الرومي وابن الفارض من أكثر الشعراء الذين مجدوا هذا الشهر بطريقة رمزية، حيث شبهوا الجوع بالصيام عن كل ما يشغل القلب عن الله، يقول ابن الفارض: (إن لم يكن فِي معادي آخِذِي بيدي.. فما صيامي وما صومي وما سنني)، ويعني هنا أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو تقرب روحي إلى الله، وتطهير للقلب والنفس.

رمضان في الشعر الحديث

في العصر الحديث، استمر الشعراء في الاحتفاء برمضان، ولكن بأساليب أكثر بساطة وأقرب إلى الحياة اليومية، فقد صور أحمد شوقي رمضان بكونه شهر الخير والرحمة، حيث يقول: (رمضان ولى هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعى إلى مشتاق)، ورغم أن البيت يتحدث عن انقضاء رمضان، إلا أنه يعكس اشتياق الناس لهذا الشهر بكل تفاصيله.

 أما محمود حسن إسماعيل، فقد صوّر مشاهد رمضان في الريف المصري، حيث تحدث عن صوت المسحراتي، وعن تجمع الأسر حول موائد الإفطار في أجواء مليئة بالدفء.

ويظل رمضان ملهمًا للشعراء في كل العصور، حيث يجسد معاني الطهر والتأمل والتقرب من الله، وبينما ركز القدماء على الجوانب الروحانية والتعبدية، تناول المحدثون أجواءه الاجتماعية وتأثيره في الناس. ورغم اختلاف الأساليب، يبقى رمضان مصدر إلهام متجدد في الشعر العربي.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • من العصر القديم إلى الحديث.. رمضان في الشعر العربي.. تجليات روحية وصور أدبية
  • خفض الكوليسترول وتقوية الشعر.. فوائد تناول التمر
  • في ذكراه.. قصة وفاة الراحل فاخر فاخر
  • تواريخ قص الشعر لشهر مارس 2025 للتكثيف والتطويل
  • إمارة الشعر.. إلى أين ؟ وكيف ؟
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • تفسير حلم تغير لون الشعر إلى الأشقر في المنام
  • دعا للتسامح والرحمة.. قصيدة مؤثرة لـ الصديق خليفة حفتر بمناسبة شهر رمضان المبارك
  • بعيدا عن جفاف الشتاء.. 3 أسباب مهمة لظهور قشرة الرأس