أكد الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- إن الوسطية سمة للأمة الإسلامية ميزها بها الله سبحانه وتعالى فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، وكانت الوسطية سببًا في تحقيق الخير للأمة على جميع مستوياتها، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمع الداخلي أو على مستوى العلاقات الخارجية.

أخبار متعلقة

مفتي الجمهورية: الخطاب الوسطي يتطلب تضافر الجهود وتنسيق التحركات بين جميع الأطراف.. صور

مفتي الجمهورية: ثورة يونيو كانت من الشعب لتصحيح المسار واستعادة الخطاب الديني المختطف

مفتي الجمهورية: المنظومة الإسلامية تركز على الجوهر أكثر من الشكل

جاء ذلك خلال كلمة المفتي ،اليوم الأربعاء، بمحاضرة في معهد إعداد القادة تحت عنوان "وسطية الخطاب الديني ومحاربة السلوكيات غير السوية" مضيفًا : أن طابع المجتمعات العربية والإسلامية الميل إلى التدين، ويمثل الخطاب الديني ركنًا رئيسيًّا في تكوينهم الثقافي وسلوكهم وتفاعلهم الاجتماعي، ومن هنا كان ولا بد أن يتمتع الخطاب الديني بالوسطية باعتبارها من أهم الخصائص الإسلامية.

وأكد المفتي أن وسطية الإسلام شملت جميع جوانب حياة الأمة العلمية والعملية، فعلى المستوى العقدي جعل الله سبحانه وتعالى اعتقاد هذه الأمة وسطًا بين الغلو والتقصير؛ فالمسلمون وسط في اعتقادهم في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين؛ فهم مؤمنون برسل الله جميعًا، كما أنهم آمنوا بجميع الكتب المنزلة على الرسل والأنبياء.

وشدَّد المفتي على أن الخطاب الوسطي يتطلب تضافر الجهود وتنسيق التحركات بين جميع الأطراف لبعث الخطاب الديني الوسطي ونشره بمبادئه ومفرداته السمحة التي تعبر عن جوهر الشريعة الإسلامية.

وأشار المفتي إلى أنه لا يمكن أن نرى سلوكًا منحرفًا في جماعة إنسانية إلا ونجد بالضرورة وراءه خطابًا منحرفًا سوغ لهذا السلوك ودفع في اتجاهه، وإذا كان السلوك المنحرف نتيجة لخطاب منحرف، فلا شك أن الخطاب الوسطي الرشيد يخلف وراءه سلوكًا منضبطًا وعملًا رشيدًا، ويعد آلة فعالة في مواجهة كمِّ الظواهر السلوكية السلبية.

وعن دور الخطاب الوسطي في مواجهة ظاهرة التنمر قال المفتي: إن ظاهرة التنمر تمثل إحدى الظواهر السلبية التي وجدت طريقها للانتشار داخل مجتمعاتنا، والخطاب الوسطي الرشيد قادر على تبصير الفرد بمقصد الشريعة من الحفاظ على الكرامة الإنسانية وتحريم الاعتداء اللفظي والبدني على الغير؛ يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا».

وعن دور الخطاب الوسطي في مواجهة ظاهرة الطلاق المبكر قال المفتي : ينبغي ترسيخ مبدأ الفضل والإحسان في التعامل بين الزوجين بما له من أثر على إرساء معاني الود والتراحم وتفعيل الشراكة والتعاون والتكامل بين الأزواج، حيث إن الخطاب الإفتائي الوسطي يساعد في حماية البيوت بناء على فهم الواقع والعرف في فتاوى الطلاق.

وشدد المفتي على أن الخطاب الوسطي يقابل خطاب الكراهية مقابلة مباشرة، فخطاب الكراهية يعتمد على إرساء مفاهيم من شأنها خلق حالة من العداء بين صاحب الفكر وكل من خالفه، وهنا يأتي دور الخطاب الوسطي في بيان دعوة الإسلام لتقبل الآخر، يقول تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وأوضح مفتي الجمهورية أن ظاهرة العنف الأسري باتت من الظواهر التي تؤرق مجتمعنا، وهي من الظواهر الدخيلة على مجتمعاتنا، فالخطاب الوسطي يؤسس للرحمة الأسرية؛ يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون﴾ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي».

وعن ظاهرة التحرش أكَّد المفتي أن الشرع الشريف حذر من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، حيث إن دور الخطاب الوسطي بناء ما تفكك من القيم التي تُميز مجتمعاتنا.

وشدَّد مفتي الجمهورية على أن الإدمان أصبح شبحًا يهدد قوة الأمة الحقيقية المتمثلة في شبابها، حيث إن الخطاب الوسطي يبين خطورة الإدمان ويحذر منه؛ يقول تعالى: {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، ويقول: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. فالخطاب الوسطي يرشد الشباب ويوجِّه سلوكهم لما ينفع الأمة وينفعهم.

وأشار المفتي إلى أن المسلم الحق هو الذي يحب وطنه ويعمل جاهدًا على دعم مقومات الدولة والحفاظ على مؤسساتها؛ لأن في ذلك حفاظًا على شعائر الدين ورعايةً لمصالح الخلق وانضباطًا لحياتهم. وهذا من الإصلاح الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف 142] فالمتدين بحق هو أبعد الناس عن معاني الإفساد في الأرض.

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالتأكيد على أن الدعوة لخطابٍ ديني وسطي هي الدعوة للدين الحق والقول الحق والمنهج الحق، الذي دلت عليه النصوص الشرعية الصحيحة، الذي هو في حقيقته عدل كله وخير كله، لا غلو فيه ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط؛ لأنه من لدن لطيف خبير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مفتي الجمهورية خلال محاضرته بمعهد إعداد القادة

مفتي الجمهورية خلال محاضرته بمعهد إعداد القادة

مفتي الجمهورية خلال محاضرته بمعهد إعداد القادة

مفتي الجمهورية خلال محاضرته بمعهد إعداد القادة

مفتي الجمهورية خلال محاضرته بمعهد إعداد القادة

المفتي مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية معهد إعداد القادة العنف الأسري العنف الاسرى العنف البدني العنف الاجتماعى الخلافات الزوجية الخطاب الديني الوسطي الخطاب الديني الخطاب الدعوي

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين المفتي مفتي الجمهورية معهد إعداد القادة العنف الأسري الخلافات الزوجية الخطاب الديني زي النهاردة الدینی ا د المفتی جمیع ا على أن

إقرأ أيضاً:

المفتي يحذر من تداول نسختين من القرآن الكريم

حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد حسين، من تداول نسختين من القرآن الكريم ورد في أحدهما خطأ في ترتيب الصفحات من صفحة 323 إلى 326.

وبين المفتي حسين في بيان له، اليوم الأحد 23 فبراير 2025، أن هذه النسخة صادرة عن مطبعة دار المنار بتصريح رقم 65 صادر بتاريخ 2/6/2002م، بإذن من مجمع الأزهر للبحوث الإسلامية، في جمهورية مصر العربية، مشيرا إلى أن النسخة الأخرى تحتوي نقصا في الصفحات من صفحة 35 إلى 51 صادرة عن دار ابن الهيثم للطباعة، بتصريح رقم (47) الصادر في 22/5/2005م، بإذن من مجمع الأزهر للبحوث الإسلامية، في جمهورية مصر العربية.

وناشد المكتبات والمطابع والأشخاص الذين يملكون مصاحف من هاتين النسختين بضرورة تسليمها لدار الإفتاء، لإجراء اللازم بشأنها حسب الأصول، منوها إلى ضرورة مراعاة الدقة عند طباعة المصاحف، خاصة عند استخدام طريقة التصوير السريع لبعض الطبعات، حيث من الملاحظ زيادة الأخطاء في طباعة وتصوير المصاحف.

وأكد المفتي حسين أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ كتابه الكريم من التحريف والضياع، وعلينا أن نعمل لنيل مرضاة الله بالحرص على هذا الحفظ.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الاحتلال يدمر خطوط الكهرباء والمياه في بلدة قباطية أبو الغيط: الفلسطينيون لن يكونوا وحدهم أبدا ولن يُسمح بنكبة ثانية حماس ترد على تأجيل إطلاق سراح الأسرى: المراسم لا تتضمن أي إهانة الأكثر قراءة بلدية غزة تطلق خطّة طوارئ لجمع النفايات من المدينة قناة: حماس وافقت على تشكيل "لجنة الإسناد" لإدارة قطاع غزة باديكو تعلن عن نتائج أعمالها للعام 2024  إسرائيل تعلن وصول شحنة قنابل ثقيلة أميركية عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مفتي مصر يشعل ضجة بسبب حديثه عن إلغاء النار يوم القيامة
  • مفتي الجمهورية السابق يوضح الأعمال المستحبة للصائم في رمضان
  • مفتي الجمهورية السابق يوضح مكروهات الصيام وأحكامها
  • مفتي الجمهورية يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى تأسيس المملكة
  • المفتي يحذر من تداول نسختين من القرآن الكريم
  • مفتي الجمهورية يهنئ الملك سلمان وولي عهده والشعب السعودي بذكرى يوم التأسيس
  • بيان الأفضلية بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردًا وأدائها في آخر وقتها جماعة
  • ما الحالات التي يباح فيها الفطر في رمضان؟ .. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • مفتي الديار اليمنية: الشهيد القائد حسن نصر الله لقي ربه في أشرف معركة
  • فعاليات متميزة باليوم الرابع لملتقى معهد إعداد القادة