شهدت منطقة كورسك الروسية تحولًا مفاجئًا مع سيطرة القوات الأوكرانية على مساحات واسعة داخل الأراضي الروسية.

هذا التقدم غير المتوقع أثار تساؤلات حول مستقبل الصراع بين البلدين، مع تصاعد احتمالات التصعيد العسكري وتزايد المخاوف من تدخل دولي قد يؤدي إلى مواجهة عالمية وفق نظرة المحللين السياسيين.

 

الشعور بالدهشة 


من جانبه قال الدكتور إيفان يواس مستشار مركز السياسة الخارجية المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني، إن سقوط منطقة كورسك الروسية في يد القوات الأوكرانية جعل الجميع في الداخل والخارج يشعر بالدهشة خصوصًا بعد خروج الحكومة الأوكرانية تعلن سقوط العديد من المدن في يد القوات.

معدات القوات الروسية في كورسك 

أضاف «يواس» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن التباطؤ الحالي في سير الأحداث إلى استقرار أوكرانيا في الأراضي التي سيطرت عليها، وتدميرها للجسور، مما يهدد بمحاصرة القوات الروسية المتبقية، التي تقدر بنحو 700 جندي، وستعتمد التطورات القادمة على ما إذا كانت روسيا ستسعى لاستعادة السيطرة على منطقة كورسك أم ستستمر في تجاهل الوضع كما يحدث في وسائل الإعلام الروسية المركزية.

القوات الأوكرانية 

أشار رئيس في مركز السياسة الخارجية المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني إلى أن ما يتعلق بالمفاوضات، فقد قلبت الأحداث في منطقة كورسك موازين الأمور بشكل جذري، فاحتمالية تجميد الحرب بين روسيا وأوكرانيا أصبحت تعني الآن ليس فقط خسارة أوكرانيا لأراضيها، بل أيضًا فقدان روسيا لأراضٍ تعتبر جزءًا من أراضيها الأصلية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، مضيفًا أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف بأن المفاوضات مستحيلة، إلا أن الوضع الجديد قد يزيد من احتمالية التفاوض، خاصة وأن النزاع تحول إلى صراع على الأراضي.

أسباب سقوط كورسك

وفي سياق آخر، أوضح هاني الجمل المحلل السياسي في الشأن الدولي، أن  القوات الأوكرانية تمكنت من إحراز تقدم غير متوقع على الحدود الروسية في منطقة "كورسك"، مما أثار تساؤلات حول قدرة الجيش الروسي على التعامل مع هذه الهجمات، تشير التقارير إلى أن التقدم الأوكراني جاء نتيجة هجوم مباغت، نجح في تحقيق نتائج ملموسة رغم أنه لم يحظ بتقدير كبير في البداية.

 


أضاف «الجمل» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التقدم الأوكراني هو تركيز الجيش الروسي على الجبهة الشرقية لأوكرانيا، حيث يسعى لاحتلال المزيد من الأراضي، إلا أن تراجع القوات الروسية في "كورسك" قد يكون ناجمًا عن نقل جزء من قوات الاحتياط الروسية ذات الخبرة الواسعة إلى مناطق أخرى، مما أدى إلى ضعف في قدرة الجيش على التصدي للهجمات الأوكرانية.

كما كشف أن الإستخبارات الروسية تعاني من غياب التقدير الجيد لقدرات الأوكرانيين وأهدافهم من هذه الهجمات، هذا التخبط في المعلومات والتقديرات دفع الجيش الروسي إلى تهجير السكان من مناطق قريبة من "كورسك" لمسافة تصل إلى 30 أو 35 كيلومترًا داخل الأراضي الروسية بالإضافة إلى ذلك، أسرت القوات الأوكرانية عددًا من الجنود الروس، مما يعزز من موقفها التفاوضي مع موسكو، ويضع روسيا في موقف صعب.

بعد تصدرها التريند.. ماذا تعرف عن أهمية منطقة كورسك؟

لفت إلى أن هناك محاولة لإعادة ترتيب صفوفه، يسعى الجيش الروسي حاليًا إلى سحب قوات من الجبهة الشرقية وتحويلها إلى "كورسك"، وهو الهدف الذي كانت تسعى إليه أوكرانيا من خلال هجماتها المتكررة، يأتي هذا وسط غضب متزايد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهم الولايات المتحدة بدعم هذه الهجمات الأوكرانية بهدف إضعاف هيبة روسيا، لافتًا إلى أن بوتين في بداية الأحداث وصف الهجمات الأوكرانية بأنها "إرهابية"، لكنه لاحقًا خفف من حدة تصريحاته بشكل غير متوقع، ما أثار استغراب المراقبين.

تابع أن مفاوضات بين الجانبين الأوكراني والروسي برعاية إماراتية ودولية، خطوة مهمة في لدعم الموقف الأوكراني في المفاوضات، خاصة في ظل احتفاظ أوكرانيا بعدد من الأسرى الروس، إلى جانب الدعم الأوروبي والأمريكي المستمر لأوكرانيا.

نوه المحلل في الشؤون الدولية، إلى أن التحول التكتيكي للجيش الأوكراني من الدفاع إلى الهجوم قد أثمر عن نتائج إيجابية تصب في مصلحته، في حين أن روسيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة في الرد على هذه التحركات.

حرب عالمية ثالثة 


أما عن السيناريوهات المحتملة، أكد الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور رضوان قاسم، أن التطورات الأخيرة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا من المحتمل أن تؤدي إلى زيادة التصعيد من أجل اندلاع حرب عالمية ثالثة، خصوصًا مع توسع القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية، ترتفع المخاوف من استخدام روسيا للأسلحة النووية، وهو تحذير كررته موسكو مرارًا في حال حدوث أي تدخل في أراضيها.

الأسلحة النووية الروسية 

أضاف «قاسم» في تصريحات خاصة لـ « الفجر»، أن هذه التطورات لا تحدث بمعزل عن دعم حلف الناتو والولايات المتحدة لأوكرانيا، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا ويزيد من احتمالات التصعيد، فقد تم إرسال قوات ومعدات عسكرية من دول مثل ألمانيا والدنمارك إلى مناطق قريبة من النزاع، في خطوة تعكس الاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا.


أشار إلى أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة هذا التدخل، ما يعزز احتمالية حدوث صدام مباشر بين روسيا والناتو، هذا الصدام، إذا وقع، قد يتسبب في نشوب حرب شاملة تشمل استخدام أسلحة نووية، مما يضع العالم على حافة كارثة كبرى المحاولات السابقة للتوسط في النزاع، وخاصة من قبل تركيا والصين، فإن الضغوط الأمريكية والمواقف الغربية حالت دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات، يبدو أن الأمور تتجه نحو تصعيد أكبر، خاصة في ظل رفع الحظر عن توريد أسلحة خطيرة إلى أوكرانيا، وهو ما تعتبره روسيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

 

وأختتم الخبير في الشؤون الروسية، أن تجاوز الخطوط الحمراء، تبدو احتمالات الحرب النووية أكثر واقعية، خصوصًا بعد تهديدات من بيلاروسيا باستخدام الأسلحة النووية في حال تدخل قوات الناتو في أراضيها، هذا التصعيد غير المسبوق يضع العالم أمام مستقبل مجهول، حيث تتزايد احتمالات الحرب الشاملة مع كل خطوة تصعيدية من الطرفين.

 

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: روسيا أوكرانيا كورسك منطقة كورسك بيلاروسيا الناتو الاسلحة النووية

إقرأ أيضاً:

بعد السيطرة الأوكرانية.. روسيا تعلن بدء الهجوم المضاد في «كورسك»

بعد مرور أكثر من شهر على العملية العسكرية والتوغل البري الأوكراني في مدينة كورسك الروسية، والتي كبدت موسكو خسائر فادحة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية بدء القتال في «كورسك» بشكل رسمي، وقالت إنها استعادت السيطرة على 10 مدن سيطرة عليها القوات الأوكرانية في توغلها الشهر الماضي، بحسب وكالة «رويترز».

وأوضحت روسيا أن قواتها - تقصد وحدات الشمال - استعادت السيطرة تمامًا على المستوطنات على مدى يومين، إذ بدأت منذ العاشر من سبتمبر الجاري، وذلك في الجانب الغربي من المنطقة التي احتلتها أوكرانيا في توغلها يوم 6 أغسطس الماضي.

زيلينسكي: روسيا بدأت إجراءات هجومية مضادة

وفي أول تعليق له على الهجوم الروسي، أكد الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي اليوم الخميس، أن روسيا بدأت إجراءات هجومية مضادة، تتوافق مع خطتنا الأوكرانية.

وقال ضابط أوكراني يقاتل في منطقة «كورسك»، إن الهجوم المضاد الروسي بدأ، مضيفً أن القتال صعب للغاية والوضع ليس في صالحنا حتى الآن.

كما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم الخميس، إن القوات الأوكرانية، تتعرض الآن للضغط بشكل مُطرد من كورسك، وسيتم طردها من المدينة بالكامل، بحسب وكالة أنباء «ريا نوفوستي».

وحدات أكثر خبرة في القتال لشن الهجوم المضاد

وبحسب شبكة «CNBC NEWS» الأمريكية، فقد أشار معهد دراسات الحرب، إلى أن الأدلة المرئية تشير إلى أن القوات الروسية المنتشرة في كورسك الروسية كانت تعمل في وحدات بحجم سرية تتألف من 100 إلى 250 جنديًا، وربما تستخدم وحدات أكثر خبرة في القتال لشن الهجوم المضاد.

وبحسب معهد دراسات الحرب، إذا تأكدت هذه الاستراتيجية، فإنها تشير إلى الأهمية التي توليها روسيا لإنهاء التوغل الذي أحرج «الكرملين» والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكشف عن نقاط ضعف في الأمن القومي الروسي.

مقالات مشابهة

  • بعد السيطرة الأوكرانية.. روسيا تعلن بدء الهجوم المضاد في «كورسك»
  • روسيا تعلن استعادة 10 قرى من القوات الأوكرانية في منطقة كورسك
  • ‏السفير الروسي بواشنطن: الهجوم الذي شنته القوات الأوكرانية على مقاطعة كورسك أظهر أنه من المستحيل التفاوض مع "الإرهابيين
  • القوات الأوكرانية تستهدف منشأة تابعة للطوارئ الروسية في مقاطعة لوجانسك
  • روسيا تبدأ هجومًا مضادًا لطرد القوات الأوكرانية من "كورسك"
  • روسيا تسقط 3 مسيرات فوق منطقة مورمانسك وتدفع القوات الأوكرانية للتراجع في كورسك
  • معادلة “كورسك”: هل يُغير توغل أوكرانيا في الأراضي الروسية مسارات الحرب؟
  • ‏حاكم منطقة كورسك الروسية: الأضرار الاقتصادية الناجمة عن التوغل الأوكراني في كورسك تقدر بنحو مليار دولار
  • القوات الروسية تستعيد السيطرة على 10 بلدات في إقليم كورسك
  • روسيا تدفع القوات الأوكرانية إلى التراجع في كورسك