التقدم الأوكراني في الأراضي الروسية.. هل يعيد تشكيل موازين الصراع أم حرب عالمية؟
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
شهدت منطقة كورسك الروسية تحولًا مفاجئًا مع سيطرة القوات الأوكرانية على مساحات واسعة داخل الأراضي الروسية.
هذا التقدم غير المتوقع أثار تساؤلات حول مستقبل الصراع بين البلدين، مع تصاعد احتمالات التصعيد العسكري وتزايد المخاوف من تدخل دولي قد يؤدي إلى مواجهة عالمية وفق نظرة المحللين السياسيين.
الشعور بالدهشة
من جانبه قال الدكتور إيفان يواس مستشار مركز السياسة الخارجية المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني، إن سقوط منطقة كورسك الروسية في يد القوات الأوكرانية جعل الجميع في الداخل والخارج يشعر بالدهشة خصوصًا بعد خروج الحكومة الأوكرانية تعلن سقوط العديد من المدن في يد القوات.
أضاف «يواس» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن التباطؤ الحالي في سير الأحداث إلى استقرار أوكرانيا في الأراضي التي سيطرت عليها، وتدميرها للجسور، مما يهدد بمحاصرة القوات الروسية المتبقية، التي تقدر بنحو 700 جندي، وستعتمد التطورات القادمة على ما إذا كانت روسيا ستسعى لاستعادة السيطرة على منطقة كورسك أم ستستمر في تجاهل الوضع كما يحدث في وسائل الإعلام الروسية المركزية.
القوات الأوكرانيةأشار رئيس في مركز السياسة الخارجية المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي الأوكراني إلى أن ما يتعلق بالمفاوضات، فقد قلبت الأحداث في منطقة كورسك موازين الأمور بشكل جذري، فاحتمالية تجميد الحرب بين روسيا وأوكرانيا أصبحت تعني الآن ليس فقط خسارة أوكرانيا لأراضيها، بل أيضًا فقدان روسيا لأراضٍ تعتبر جزءًا من أراضيها الأصلية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، مضيفًا أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف بأن المفاوضات مستحيلة، إلا أن الوضع الجديد قد يزيد من احتمالية التفاوض، خاصة وأن النزاع تحول إلى صراع على الأراضي.
أسباب سقوط كورسكوفي سياق آخر، أوضح هاني الجمل المحلل السياسي في الشأن الدولي، أن القوات الأوكرانية تمكنت من إحراز تقدم غير متوقع على الحدود الروسية في منطقة "كورسك"، مما أثار تساؤلات حول قدرة الجيش الروسي على التعامل مع هذه الهجمات، تشير التقارير إلى أن التقدم الأوكراني جاء نتيجة هجوم مباغت، نجح في تحقيق نتائج ملموسة رغم أنه لم يحظ بتقدير كبير في البداية.
أضاف «الجمل» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التقدم الأوكراني هو تركيز الجيش الروسي على الجبهة الشرقية لأوكرانيا، حيث يسعى لاحتلال المزيد من الأراضي، إلا أن تراجع القوات الروسية في "كورسك" قد يكون ناجمًا عن نقل جزء من قوات الاحتياط الروسية ذات الخبرة الواسعة إلى مناطق أخرى، مما أدى إلى ضعف في قدرة الجيش على التصدي للهجمات الأوكرانية.
كما كشف أن الإستخبارات الروسية تعاني من غياب التقدير الجيد لقدرات الأوكرانيين وأهدافهم من هذه الهجمات، هذا التخبط في المعلومات والتقديرات دفع الجيش الروسي إلى تهجير السكان من مناطق قريبة من "كورسك" لمسافة تصل إلى 30 أو 35 كيلومترًا داخل الأراضي الروسية بالإضافة إلى ذلك، أسرت القوات الأوكرانية عددًا من الجنود الروس، مما يعزز من موقفها التفاوضي مع موسكو، ويضع روسيا في موقف صعب.
بعد تصدرها التريند.. ماذا تعرف عن أهمية منطقة كورسك؟لفت إلى أن هناك محاولة لإعادة ترتيب صفوفه، يسعى الجيش الروسي حاليًا إلى سحب قوات من الجبهة الشرقية وتحويلها إلى "كورسك"، وهو الهدف الذي كانت تسعى إليه أوكرانيا من خلال هجماتها المتكررة، يأتي هذا وسط غضب متزايد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهم الولايات المتحدة بدعم هذه الهجمات الأوكرانية بهدف إضعاف هيبة روسيا، لافتًا إلى أن بوتين في بداية الأحداث وصف الهجمات الأوكرانية بأنها "إرهابية"، لكنه لاحقًا خفف من حدة تصريحاته بشكل غير متوقع، ما أثار استغراب المراقبين.
تابع أن مفاوضات بين الجانبين الأوكراني والروسي برعاية إماراتية ودولية، خطوة مهمة في لدعم الموقف الأوكراني في المفاوضات، خاصة في ظل احتفاظ أوكرانيا بعدد من الأسرى الروس، إلى جانب الدعم الأوروبي والأمريكي المستمر لأوكرانيا.
نوه المحلل في الشؤون الدولية، إلى أن التحول التكتيكي للجيش الأوكراني من الدفاع إلى الهجوم قد أثمر عن نتائج إيجابية تصب في مصلحته، في حين أن روسيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة في الرد على هذه التحركات.
حرب عالمية ثالثة
أما عن السيناريوهات المحتملة، أكد الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور رضوان قاسم، أن التطورات الأخيرة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا من المحتمل أن تؤدي إلى زيادة التصعيد من أجل اندلاع حرب عالمية ثالثة، خصوصًا مع توسع القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية، ترتفع المخاوف من استخدام روسيا للأسلحة النووية، وهو تحذير كررته موسكو مرارًا في حال حدوث أي تدخل في أراضيها.
أضاف «قاسم» في تصريحات خاصة لـ « الفجر»، أن هذه التطورات لا تحدث بمعزل عن دعم حلف الناتو والولايات المتحدة لأوكرانيا، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا ويزيد من احتمالات التصعيد، فقد تم إرسال قوات ومعدات عسكرية من دول مثل ألمانيا والدنمارك إلى مناطق قريبة من النزاع، في خطوة تعكس الاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا.
أشار إلى أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة هذا التدخل، ما يعزز احتمالية حدوث صدام مباشر بين روسيا والناتو، هذا الصدام، إذا وقع، قد يتسبب في نشوب حرب شاملة تشمل استخدام أسلحة نووية، مما يضع العالم على حافة كارثة كبرى المحاولات السابقة للتوسط في النزاع، وخاصة من قبل تركيا والصين، فإن الضغوط الأمريكية والمواقف الغربية حالت دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات، يبدو أن الأمور تتجه نحو تصعيد أكبر، خاصة في ظل رفع الحظر عن توريد أسلحة خطيرة إلى أوكرانيا، وهو ما تعتبره روسيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وأختتم الخبير في الشؤون الروسية، أن تجاوز الخطوط الحمراء، تبدو احتمالات الحرب النووية أكثر واقعية، خصوصًا بعد تهديدات من بيلاروسيا باستخدام الأسلحة النووية في حال تدخل قوات الناتو في أراضيها، هذا التصعيد غير المسبوق يضع العالم أمام مستقبل مجهول، حيث تتزايد احتمالات الحرب الشاملة مع كل خطوة تصعيدية من الطرفين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: روسيا أوكرانيا كورسك منطقة كورسك بيلاروسيا الناتو الاسلحة النووية
إقرأ أيضاً:
ماسك يعيد تشكيل وزارة التعليم.. هل سيحلّ الذكاء الاصطناعي محل الموظفين؟
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عبر تقرير لها، إن: "فريق أيلون ماسك، يُحاول الاعتماد على روبوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي بدلا من الموظفين المتعاقدين في وزارة التعليم الأميركية"، مبرزة أن هناك من يقول إنها "ستصيب أكثر من عصفور بحجر".
وأوضحت الصحيفة أنّ: "الخطوة التي يفكّر فيها ماسك وفريقه، تقلّل التكاليف وتستغني عن العديد من الوظائف، وتستثمر في قطاع التكنولوجيا، وكلها أمور وعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يتنفيذها".
وبحسب المصدر نفسه، فإن "الوزارة حاليًا تستخدم مراكز الاتصال وروبوتا بسيطا مدعوما بالذكاء الاصطناعي للإجابة على الأسئلة، أما الاقتراح الجديد فإنه يتضمن إدخال نسخة أكثر تطورا من الذكاء الاصطناعي، لتحل تحل محل العديد من الموظفين".
وأبرز: "توظّف وزارة التعليم الأميركية، حاليا، 1600 شخص للتعامل مع أكثر من 15000 سؤال يوميًا من المقترضين الطلاب، وفي حالة نجاح النموذج، فإنه يمكن تطبيقه على وكالات فيدرالية أخرى، إذ سيتم استبدال البشر بالتكنولوجيا، ويتم التخلص من العقود مع الشركات الخارجية أو تقليصها لصالح الحلول الآلية".
إلى ذلك، تابعت الصحيفة: "فريق ماسك قد أنهى عقودا تقدّر قيمتها بحوالي مليار دولار من وزارة التعليم الأميركية، وهو ما أدّى لإلغاء مكتب الأبحاث الذي يتتبع تقدم الطلاب الأميركيين".
وفي السياق نفسه، قالت إدارة كفاءة الحكومة الأمريكية، إنّ: "فريق ماسك ألغى 89 عقدا تبلغ قيمتها الإجمالية 881 مليون دولار، يوم الثلاثاء"، وذلك عقب الإعلان عن قطع 101 مليون دولار من 29 منحة تدريب على التنوع والشمول.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد قال للصحفيين في المكتب البيضاوي، الأربعاء الماضي، إن: "النظام التعليمي في الولايات المتحدة يحتل المرتبة الأربعين عالميا، رغم تصدره قائمة الدول من حيث تكلفة التعليم لكل طالب". فيما أفادت وسائل إعلام أميركية، بأنه يفكّر في إصدار أمر لنقل العديد من وظائف الوزارة لوكالات أخرى.
من جهتها، أوضحت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن "هذه التخفيضات الضخمة في الميزانية قد أدّت إلى القضاء بشكل فعلي على مكتب الأبحاث والإحصاءات في الوكالة الفيدرالية، وهو أحد أكبر ممولي الأبحاث التعليمية في البلاد".
وأشارت إلى أن معهد علوم التعليم، يجمع البيانات والأبحاث حول مجموعة من المواضيع، بما في ذلك حالة إنجاز الطلاب الأميركيين، وإتمام الطلاب لدورات العلوم في المدارس الثانوية؛ وتستخدم أبحاثهم على نطاق واسع من قبل المعلمين، وأقسام التعليم المحلية والفدرالية، والمقاطعات المدرسية، والكليات والباحثين الآخرين.
وبحسب وكالة "أسوشييتد برس" فإن مجموعات صناعية قالت إنه تم إنهاء 169 عقدًا على الأقل بشكل مفاجئ، الإثنين الماضي، ما يمثل جزءا كبيرا من عمل المعهد. فيما يخطط ماسك لاستبدال عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين بأدوات الذكاء الاصطناعي.
إلى ذلك، أبرزت عدد من التقارير المفترّقة، أنّ: "خطة ماسك لتقليص الإنفاق والقوة العاملة قد بدأت تنجح، إذ أن عشرات الآلاف من الموظفين الفدراليين، قبلوا عروض الاستقالة مقابل ثمانية أشهر من الأجر".
وأشارت التقارير ذاتها، نقلا عن خبراء التكنولوجيا، إلى أنّ: "الانتقال لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، كبديل لبعض أو كل موظفي مراكز الاتصال البشرية، من المحتمل أن يثير تساؤلات حول الخصوصية والدقة والوصول المتساوي إلى الأجهزة".
وفي سياق متصل، إنّ خطة غلق برامج وكالات حكومية قد واجهتها دعاوى قضائية في المحاكم، إذ حظّر قاضٍ فيدرالي، بشكل مؤقّت من وصول فريق إدارة كفاءة الحكومة إلى الأنظمة الحكومية المستخدمة لمعالجة تريليونات الدولارات من المدفوعات.
كذلك، حظر قاض فيدرالي آخر، مؤقتا، من العرض الجماعي للاستقالات، وذلك في استجابة لدعوى قضائية من عدة نقابات موظفين طعنت في السلطة القانونية للحكومة في تقديم هذا العرض.