التداخل بين المعارف والتخصصات العلمية - 1
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
نشرت جريدة «المصري اليوم» مؤخرًا مقالًا مهمًّا للدكتور عصام عبد الفتاح عن «وحدة المعرفة» التي تتجلى في «الدراسات البينية»، أي في تداخل المعارف والتخصصات، الذي بات أمرًا مسلَّمًا به في البحث والتعليم الجامعي في كل الجامعات الكُبرى حول العالم. وهذا ما سبق أن نوهت إليه باعتباره إحدى مشكلات التعليم في واقعنا العربي عمومًا وليس في مصر وحدها، وهي مشكلة حقيقية ورئيسة تعكس عوارًا وضعفًا في التعليم والبحث العلمي في كثير من الجامعات العربية.
إن المشكلات التي ترتبت على تطبيقات العلم في مجال البيئة تعد مثالًا بارزًا هنا قد فرض نفسه على التأمل والبحث بحكم الحاجة والضرورة، فلم تعد البيئة مجرد مجال من البحث في العلوم الطبيعية المستقل بذاته عن العلوم الإنسانية. كما أن هذه الضرورة قد فرضت علينا أيضًا النظر في الصلة بين التكنولوجيا وفلسفة الأخلاق (أي في أخلاقيات التكنولوجيا)، وفي المشكلات الأخلاقية للطب medical ethics، وذلك من قبيل: الإجهاض، والقتل الرحيم، وغير ذلك من المشكلات الفلسفية التي تقع في نطاق فلسفة الأخلاق، والتي تناولتها من قبل في مقالات عديدة في هذه الجريدة الرصينة. وهذا يعني أن المعرفة في عصرنا الآن أصبحت متداخلة ومتكاملة؛ وبالتالي لم يعد من الممكن دراسة ظاهرة ما، بما في ذلك الظواهر الطبيعية الخالصة، بمنأى عن الظواهر الإنسانية المصاحبة لها؛ ولعل ظواهر التغير المناخي تكون مثالًا بارزًا هنا. وعلى نحو مشابه، لا يمكننا أن نتصور الهندسة المعمارية من دون ما يرتبط بها من دراسات في علم الجمال الفلسفي الخاص بجماليات فن المعمار، ومن دون الدراسات الاجتماعية التي تتعلق بعلم اجتماع العمران، أي بحاجات الناس وميولهم وإرثهم التاريخي وأساليب حياتهم. ويحضرني هنا مثال بارز يتعلق بعلم الطب وما يتعلق بالصحة العامة: فقد تبين للعلماء في الطب أن صحة البدن وأمراضه هي مسألة وثيقة الصلة بنمط الحياة الاجتماعية، وأن هناك أمراضًا خطيرة تتعلق بأسلوب الحياة، وهذا ما أظهرته دراسات عديدة موثوقة تَبين من خلالها أن القبائل التي تعيش في الأمازون بمنأى عن ضغوط الحياة التي يعيشها الناس في المدن، يكون أفرادها أقل قابلية إلى حد كبير لأمراض القلب: فأمراض القلب وضغط الدم وما شابهها قد تكون مرتبطة إلى حد كبير بنمط وأسلوب الحياة. ومن النادر أن تجد طبيبًا في واقعنا يسألك عن شيء من نمط وأسلوب حياتك قبل أن يصف لك الدواء. هذا مجرد مثال تبسيطي على ما أود أن أقوله عن تكامل وتداخل المعرفة العلمية.
والواقع أن المعرفة في الأصل لم تكن تعرف هذا الانفصال بين مجالات المعرفة؛ ومن هنا فإننا يمكن أن نرى أن الإبداع في العلم ينبع دائمًا من هذا الفهم ومن تلك الحقيقة، فحتى النظريات العلمية الكبرى كانت تنبع دائمًا من رؤى فلسفية ومتخيلة للعالم. وبطبيعة الحال، فإنني لا أهدف من وراء هذا كله إلى القول بإسقاط الحدود بين التخصصات العلمية الدقيقة أو عدم الاعتراف بأهميتها، فذلك أبعد ما يكون عن غايتنا: فما أود التأكيد عليه هو أن كل تخصص علمي لا بد أن يتقاطع أو يتداخل مع تخصصات أخرى متشابكة معه على نحو لا فكاك منه، وأنا أرى في ذلك معيارًا للتمييز بين العلماء وأشباه العلماء أو ما أسميهم «بالمتعالمين»! ولهذا أرى أن الصغار من أساتذة الجامعات والباحثين هم أولئك الغارقون في تخصصهم الأكاديمي الضيق، وتراهم ينظرون إلى العالم وإلى الحياة من خلال هذا المنظور الضيق، فلا يعرفون أن يوسعوا من أفق نظرتهم الضيقة التي لا تستطيع أن تحيط بشيء من العالم الفسيح. العالِم حقًّا هو ذلك الذي كلما تعمق في تخصصه وجد أن جذور تخصصه تمتد إلى مجالات أخرى تتقاطع معه.
ولكن ما أود قوله في النهاية إن الحاجة إلى وحدة المعرفة أو تكاملها ليست مجرد مسألة تخص التعليم العالي والبحث العلمي، وإنما هي مسألة تتعلق برؤيتنا للمعرفة؛ ومن ثم للتعليم في عمومه، بما في ذلك التعليم قبل الجامعي، وذلك أمر لا يتسع هذا المقام لتفصيل القول فيه. وللحديث بقية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
لماذا تقدم المستشفيات الجيلي لجميع المرضى؟.. الفوائد والأسباب العلمية
يعد الجيلي من الأطعمة الأساسية التي تقدمها المستشفيات لمرضاها، بغض النظر عن حالتهم الصحية.
فوائد تناول الجيلي للمرضى في المستشفياتويُقدم الجيلي في المستشفيات لعدة أسباب، أبرزها سهولة الهضم، تعزيز الترطيب، توفير الطاقة السريعة، تحفيز الشهية، وعدم احتوائه على الدهون والصوديوم.
لذا، فإن الجيلي ليس مجرد وجبة خفيفة، بل خيار غذائي مدروس يساهم في تحسين صحة المرضى وتسريع شفائهم.
وقد يتساءل البعض عن السبب وراء وضع الجيلي لجميع المرضى في المستشفيات، وهل له فوائد غذائية محددة، أم أنه مجرد خيار سهل التقديم؟
وفقًا لما ذكره موقع "The Healthy"، هناك عدة أسباب علمية تجعل الجيلي جزءًا من النظام الغذائي للمرضى في المستشفيات، حيث يوفر العديد من الفوائد الصحية التي تساعد في التعافي وتحسين الحالة العامة للجسم.
- سهل الهضم والامتصاص:
يتميز الجيلي بخفة قوامه وسهولة هضمه، ما يجعله مثاليًا للمرضى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي أو الذين خضعوا لعمليات جراحية. نظرًا لاحتوائه على الجيلاتين، فإنه يمد الجسم بأحماض أمينية مثل: الجلايسين والبرولين، والتي تلعب دورًا في إصلاح الأنسجة وتعزيز التئام الجروح.
- يعزز الترطيب ويعوض السوائل المفقودة:
يحتوي الجيلي على نسبة عالية من الماء، ما يجعله خيارًا جيدًا للمرضى الذين يعانون من الجفاف أو فقدان السوائل نتيجة الحمى أو التعرق الشديد. يساعد الجيلي في ترطيب الجسم وتعزيز مستويات الطاقة والتركيز.
ـ مصدر سريع للطاقة:
نظرًا لاحتوائه على السكريات البسيطة، يعتبر الجيلي مصدرًا فوريًا للطاقة، مما يجعله مفيدًا للمرضى الذين يعانون من فقدان الشهية أو نقص الطاقة بعد العمليات الجراحية. إذ يتم امتصاص السكريات بسرعة في مجرى الدم، مما يساعد المرضى على الشعور بالتحسن الفوري.
- يحفز الشهية ويجذب المرضى:
من الناحية النفسية، يساعد الجيلي الملون ذو النكهات المتنوعة في تحفيز الشهية، خصوصًا عند الأطفال وكبار السن الذين قد يجدون صعوبة في تناول الأطعمة الأخرى، وتشير الدراسات إلى أن الألوان الزاهية والنكهات الحلوة تحفز إفراز هرمونات الراحة والاسترخاء، مما يعزز الرغبة في تناول الطعام.
ـ خالٍ من الدهون والصوديوم:
يتميز الجيلي بعدم احتوائه على دهون مشبعة أو كميات كبيرة من الصوديوم، ما يجعله آمنًا للمرضى الذين يعانون من أمراض القلب أو الكلى أو الذين يحتاجون إلى تقليل الدهون في نظامهم الغذائي، مثل المرضى الذين خضعوا لجراحات القلب والأوعية الدموية.