أمجد مصطفى يكتب: حكاية مهرجان الناس الغلابة
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
استطاع مهرجان القلعة للموسيقى والغناء أن يخلق علاقة وطيدة وجسرًا للتواصل مع الطبقات الشعبية، حتى أطلقنا عليه فى فترة من الفترات مهرجان الناس الغلابة، لأنه أسس من أجل تلك الطبقة، سواء من أبناء القاهرة أو المحافظات، لدرجة أنه أصبح معشوقهم الأول الذى ينتظرونه من العام إلى العام، لأنه ظل لسنوات طويلة يقدم لهم مجموعة من أهم نجوم الصف الأول فى مصر والعالم العربى.
ففى الوقت الذى كانت تُقدم الحفلات داخل الأوبرا المصرية بمئات الجنيهات، وصلت الآن إلى الآلاف، كانت الحفلات تقدم لهم بشكل مجانى أو بتذكرة شبه مجانية لا تتعدى العشرين جنيهًا، وصلت هذا العام إلى 60 جنيهًا، لنجوم تخطت تذاكر حفلاتهم الألف جنيه داخل جدران المسرح الكبير، كما ذكرت، لذلك يشعر أهل القلعة ومنشية ناصر والسيدة زينب والحسين والغورية والعباسية أن هناك حفلات تقام طوال أسبوعين من أجلهم، هدفها منحهم قدرًا كبيرًا من البهجة والمتعة، إلى جانب الخدمة الثقافية، وهى الإطلاع على موسيقات لا تقدم لهم مثل الأعمال التى يقدمها الأوركسترا أو فرقة الأوبرا أو فرق عالمية مثل كايرو ستبس ــ الفرقة القادمة من ألمانيا، أو الفلامنكو ــ القادم من إسبانيا، أو غالية بن على القادمة من بلاد المهجر بلجيكا، حاملة ثقافة وطنها تونس، أو فرقة تراثية من الصين أو الهند، أو الجزائر.. فهو مهرجان يتحدث بكل اللغات والثقافات، وبالتالى فهو أهم نافذة للناس الغلابة على فنون العالم.
مهرجان القلعة هو رئة للفن الهادف ولجمهور دائمًا يبحث عن فن راقٍ وهادف. مهرجان القلعة للموسيقى والغناء بجانب أنه حقق المتعة للناس الغلابة، فهو أيضًا ينتصر للفن الجاد، أرقام الحضور على مدار الدورات الـ31 الماضية تضعه على رأس المهرجانات العربية من حيث الأكثر حضورًا.
أهمية هذا المهرجان واستمراريته طوال 32 عامًا بهذا النجاح والإقبال ليس سببها الوحيد انخفاض قيمة التذكرة، لكن لأنه مهرجان يعتمد على التنوع فى برنامجه، فهو يضم ألوانًا غنائية وموسيقية مختلفة، نجوم الغناء الأوبرالى بجوار نجوم الغناء الشرقى، الموسيقى الكلاسيك «الغربى» بجوار الموسيقى العربية، فرق الشباب بجوار حفلات الإنشاد الدينى، الطرب، المديح، الربابة بجوار الكمان، الجيتار والعود، الكل يقدم الشكل الذى أبدع فيه.
زاد من أهمية هذا المهرجان مشاركة مجموعة كبيرة من كبار نجوم الطرب فى عالمنا العربى وفرق عالمية غنائية واستعراضية عالمية، تمثل ثقافات وأشكال غنائية مختلفة من الهند والأرجنتين وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، وهذا العام البرتغال.
ميلاد هذا المهرجان بدأ بفكرة لفاروق حسنى ــ وزير الثقافة الأسبق، اعتمدت على ضرورة نقل فنون الأوبرا «أوركسترا سيمفونى، وباليه، وموسيقى عربية، وجاز وفرق شابة، إلى جانب الفنون الشعبية» إلى الجمهور العادى البسيط الذى لا يستطيع أن يزور دار الأوبرا، وقتها كان المواطن البسيط يخشى من السير بجوار الأوبرا، وقام المايسترو مصطفى ناجى الذى كان رئيس البيت الفنى بالأوبرا، لتنفيذ الفكرة، وبدوره عهد بإدرة المهرجان إلى المايسترو الشاب وقتها شريف محيى الدين، ليكون مديرًا للمهرجان والمسئول عن تحويل فكرة الوزير إلى واقع ملموس وبالفعل نجح شريف» بدعم هائل من «ناجى» وازداد بريق المهرجان، وأصبح أكثر لمعانًا، عندما تولى مصطفى ناجى مجلس إدارة الأوبرا وقتها، وبالفعل أصبح هذا المهرجان المتنفس الوحيد للبسطاء من الناس، وأطلق عليه «مهرجان الناس الغلابة» ومن وقتها عرف بهذا الاسم.
الفارق الوحيد بين المهرجان وقت رئاسة الدكتور مصطفى ناجى للأوبرا وكذلك وقت وجود الدكتور سمير فرج على مقعد رئيس مجلس الإدارة، أن المهرجان كان أشبه إلى بانورما يطل من خلالها المواطن العادى على مختلف الفنون، إذ كان المهرجان يقام على خمسة مسارح فى وقت واحد، تبدأ الحفلات بعد صلاة المغرب وتستمر حتى منتصف الليل، كل مسرح كان يقدم لونًا موسيقيًا مختلفًا عن الآخر، كان الجمهور يتنقل بين تلك المسارح فى حالة نشوة وبهجة غريبة. كان الحضور يضم كل أفراد الأسرة من كل طبقات المجتمع، حتى إن المهرجان تحول من كونه للناس الغلابة إلى مهرجان يجذب كافة الطبقات، استطاع المهرجان أن ينفذ إلى قلوب الناس بسبب تنوع الفقرات، كما أن الأوبرا تركت الناس منذ اليوم الأول تتعامل بطبيعتها وشيئًا فشئيًا تمت السيطرة وتهذيب السلوك الفنى لدى الجماهير، وبالتالى استساغ الجمهور بعض الفنون التى كان يرفضها مثل الغناء الأوبرالى والأوركسترالى التى كانت تقدم لهم السيمفونيات العالمية، وهى فنون غريبة على بعض الطبقات.
ومع مرور السنوات أصبح الجمهور بالآلاف وأصبح أكبر المهرجانات المصرية من حيث الحضور الجماهيرى ومن حيث الأهمية، وجذب نجومًا كبارًا للغناء فيه عبر دوراته منهم محمد منير وعلى الحجار ومحمد الحلو ونادية مصطفى وهانى شاكر وإيمان البحر درويش ومدحت صالح، إلى جانب أسماء أخرى مثل خالد سليم وحكيم ومجد القاسم وهشام عباس، فايا يونان وعبير نعمة ونوال الزغبى، ووليد توفيق إلى جانب الفرق العالمية.
جمال هذا المهرجان أنك تعيش فى أجواء موسيقية مختلفة وحولك مكان تاريخى له عراقته، قلعة صلاح الدين، وحولها حزام من الأحياء العريقة تستنشق منها رائحة مصر، نعم المهرجان خلال السنوات الأخيرة انكمش داخل القلعة فى مسرح واحد هو مسرح محكى القلعة، وزادت قيمة التذكرة إلى ستين جنيهًا، لكن زيادة الأعباء على الأوبرا ربما تكون السبب، وهذا لا يمنع أو يقلل من قيمة المهرجان، لكن كل ما يرجوه المواطن ألا تزيد قيمة التذكرة وحالة الانكماش، أكثر من ذلك، لأنها فى النهاية خدمة ثقافية لنوعية من الناس، لها حق على وزارة الثقافة فى وصول العدالة الثقافية إليها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مهرجان القلعة استنسخ فى دندرة فى قنا، ومهرجان أبيدوس فى سوهاج، ومهرجان رشيد فى بحرى، خلال العام الأخير للدكتورة إيناس عبدالدايم على مقعد وزير الثقافة، لكن خلال تولى نيفين الكيلانى نفس المقعد تخلت عن الفكرة، ومع بداية فترة تولى الدكتور أحمد هنو مقعد الوزير، أتمنى أن تعود تلك المهرجانات إلى أهالينا فى الصعيد، لأنها المتنفس الوحيد له، هذه المهرجانات هى بمثابة هدية من الوزارة إلى كل الشعب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مهرجان القلعة للموسيقى والغناء الأوبرا المصرية مهرجان القلعة هذا المهرجان إلى جانب نجوم ا
إقرأ أيضاً:
شرف الدين زين العابدين: تنشيط السياحة عامل مشترك بين مهرجان الداخلة ومهرجان الإسكندرية للفيلم القصير
تحدث المنتج شرف الدين زين العابدين، رئيس مهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب خلال ندوة نقاشية بعنوان “كيفية إدارة المهرجانات السينمائية”، التي أقيمت ضمن فعاليات المهرجان، بمشاركة عدد من الشخصيات السينمائية البارزة.
وقال المنتج شرف الدين زين العابدين: "أشعر بسعادة وتقدير أن أكون حاضرا فعاليات مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير والمجهود المبذول من صناع هذا المهرجان لتقديم تلك التجربة المختلفة".
كما كشف تجربته بمهرجان الداخلة التي وصلت إلى الدورة الثالثة عشرة، قائلا:" مدينة الداخلة التي توجد في أقصى جنوب المغرب،وهي مدينة سياحية ساحلية وشبه جزيرة،والمعرف عنها أنها مشهورة بركوب الامواج والشواطئ البديعة،وكانت تحتاج إلى التنشيط الثقافي بجانب السياحي لذلك قررنا أن نقيم المهرجان على أراضيها وهذا في نظري يعد القاسم المشترك بين مهرجان الداخلة ومهرجان الإسكندرية للفيلم القصير،حيث حرصنا على التطوير من دورة إلى دورة".
وشارك في الندوة كل من:
• المخرجة والمبرمجة كاميلي ڤاريني من مهرجان كليرمونت فيران للأفلام القصيرة (فرنسا).
• الناقد محمد طارق، المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي (مصر).
• المنتج شرف الدين زين العابدين، رئيس مهرجان الداخلة السينمائي (المغرب).
وتستمر فعاليات مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير حتى 2 مايو، متضمنة عروضًا لأفلام محلية ودولية، إلى جانب ندوات وورش عمل تهدف إلى دعم المواهب الشابة وتعزيز الحوار السينمائي.
و يُذكر أن مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، الذي تأسس عام 2015، يُقام سنويًا في شهر أبريل بمدينة الإسكندرية، ويهدف إلى إتاحة الفرصة أمام صناع السينما لعرض أعمالهم على الجمهور.
تأسيس المهرجان
المهرجان أسسته وتنظمه جمعية دائرة الفن، ويقام برعاية وزارة الثقافة وهيئة تنشيط السياحة، وريد ستار، بيست ميديا، لاجوني، أوسكار، ديجيتايزد، ومحافظة الإسكندرية، نيو سينشري شركة باشون للإنتاج الفني.