غزة- داخل قاعة صغيرة، ينهمكُ 4 من القضاة الشرعيين في دراسة معاملات تقدم بها مواطنون فلسطينيون، تختص في غالبيتها بقضايا الزواج والطلاق والميراث في غزة.

وبينما يصطف العشرات من المواطنين، أمام قاعة المحكمة المؤقتة التي تستضيفها جمعية أهلية بمدينة دير البلح (وسط) ترتفع أصوات القذائف والرصاص الثقيل الذي تُطلقه دبابات جيش الاحتلال على بُعد نحو كيلومترين من المكان الذي يوجد به القضاة.

وطلب جيش الاحتلال يوم الجمعة الماضي من سكان أحياء واسعة، تقع شرقي وجنوبي مدينة دير البلح، مغادرتها تمهيدا لاجتياحها، في وقت يشن هجوما على مناطق في مدينة خان يونس المجاورة.

وإلى جوار القضاة، يوجد داخل القاعة مأذون شرعي ومُحاسب وكاتب ورئيس قلم وموظفون إداريون، يقدمون لهم المساعدة في إنجاز المعاملات بسرعة.

ويواصل القضاة عملهم "المحفوف بالمخاطر" رغم استمرار الحرب المروعة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والتي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر، وتستهدف خلالها كافة مظاهر العمل الحكومي بالقصف والاغتيالات.

وعلى خلاف عملهم التقليدي قبل الحرب، يُنفذ القضاة عدة مهام في آن معا، بالتعاون مع الموظفين الموجودين في القاعة بغرض حل أكبر عدد ممكن من مشاكل المواطنين وإنجاز معاملاتهم.

حسام الشاعر: نجهز يوميا نحو 8 معاملات زواج وحوالي 3 معاملات طلاق (الجزيرة) معاملات المحاكم الشرعية

ونظرا لظروف الحرب، لا ينظر القضاة الشرعيون في القضايا المرفوعة إليهم، ويكتفون فقط بإصدار الشهادات التي تُسهّل أمور المواطنين، كالزواج والطلاق وحصر الإرث، وحُجج شرعية مختلفة كالوصاية والإعالة والحضانة وصرف أموال القاصرين.

وقد علمت الجزيرة نت أن المحاكم الشرعية في قطاع غزة أنجزت خلال الحرب أكثر من 6600 معاملة للمواطنين، منها توثيق 3920 معاملة زواج و337 حالة طلاق.

وبعد ساعات من الانتظار، تمكّن المحامي الشرعي ماجد سَمّور من إنجاز 5 معاملات لمواطنين، وكّلوه لإنجازها.

والمعاملات التي أنجزها هي حُجة إعالة (إثبات أن الأب توفي وتوكّل العم أو الجد في إعالة اليتيم) وحُجة وصاية (للأم على الأطفال لعدم وجود جد أو عم شقيق) وحُجة ترمل (إثبات أن المرأة قد توفى عنها زوجها) وحُجة حصر إرث، وحُجة إقرار حضانة، وإذن صرف أموال قاصرين.

ويُقدم القضاة خدماتهم لكافة سكان غزة، سواء كانوا مواطنين من سكان وسط القطاع، أو نازحين من مناطق أخرى.

ويقول سمّور للجزيرة نت "القضاة يعملون بسرعة وجدية وكفاءة عالية، وينفذون مهام متعددة في ذات الوقت.. وعليهم عبء كبير جدا، وجهدهم مشكور".

وتزيد الأعداد الكبيرة من الشهداء من العبء الملقى على القضاة، نظرا لوجود إجراءات متعلقة بحصر الإرث، وكذلك حضانة الأطفال وإعالتهم، وما إلى ذلك من قضايا متعلقة، بحسب المحامي سمّور.

وفي خيمة صغيرة، يدير كاتب العرائض حسام الشاعر عمله بالقرب من مقر الجمعية الأهلية التي تستضيف المحكمة.

ويقول الشاعر للجزيرة نت "نُجهّز كل ما يتعلق بالزواج والطلاق، ومعاملات الأيتام والتأمين والمعاشات، والأرامل والمطلقات وإثبات العزوبية وإثبات الطلاق، وإثبات الترمّل، وكل الإجراءات المماثلة".

وبرغم ظروف الحرب، يقول الشاعر إنه يجهّز يوميا نحو 8 معاملات زواج، وحوالي 3 معاملات طلاق.

أمام مكتب خاص بإصدار شهادات الوفاة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة (الجزيرة) ميلاد ووفاة وبدل فاقد

وإلى جانب المعاملات الشرعية، تحرص السلطات الحكومية في غزة على تسهيل حصول المواطنين على الأوراق الثبوتية الأخرى، كشهادات الميلاد والوفاة، وبطاقات الهوية الشخصية، وبدل "الفاقد" منها.

ويقول كاتب العرائض أدهم إبراهيم إن معاملات "بدل الفاقد" تُعد من أكثر المهام التي ينفذها، وذلك بسبب فقدان آلاف المواطنين أوراقهم الثبوتية خلال القصف الإسرائيلي لمنازلهم.

ويستطرد: كما تعد شهادات الوفاة من المعاملات الشائعة نظرا لكثرة أعداد الشهداء. وتُواجه إبراهيم العديد من العقبات وأهمها فقدان الورق اللازم لطباعة المعاملات.

وقبل نحو 4 شهور، فقدتْ والدة الشاب محمد أبو عبسة وشقيقتاه أوراقهم الثبوتية تحت أنقاض منزلهم الذي دمرته قوات الاحتلال في مدينة خان يونس. وبعد عدة شهور من الحادثة، قرر أبو عبسة استخراج "شهادات ميلاد" بدل المفقودة لوالدته وشقيقتيه.

ويقول أبو عبسة للجزيرة نت بينما يمسك بيده 3 شهادات ميلاد "رغم الحرب تمكنت من استخراج الشهادات، كان الأمر سهلا". وينوي العودة لاحقا لإصدار بطاقة هوية شخصية "بدل فاقد" له، موضحا أنه يستخدم صورة لبطاقته السابقة على هاتفه لإثبات شخصيته.

وعلى النقيض من أبو عبسة، حضر خالد تايِه (70 عاما) إلى مكتب المعاملات الشخصية للحصول على شهادة وفاة لشقيقته التي استشهدت باعتداء نفذته قوات الاحتلال في 27 يوليو/تموز الماضي.

ويضيف تايِه للجزيرة نت "هذا إجراء ضروري لإثبات الوفاة، نحن بشر ويجب إثبات من الحي ومن الميت؟". ويتابع "وجدتُ الأمور ميسرة، والحكومة شغّالة".

شهادات الوفاة من المعاملات الشائعة نظرا لارتفاع عدد الشهداء جراء المجازر الإسرائيلية المتواصلة (الجزيرة) 30 ألف معاملة شهريا

يوضح إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن الاحتلال استهدف بشكل متعمد مقرات الشق المدني لوزارة الداخلية، وكذلك المحاكم، المعنية بتقديم الخدمة للجمهور، كما قتل واعتقل الكثير من كوادرها.

لكنه استدرك بالقول -في حديثه للجزيرة نت- إن الحكومة تمكنت رغم شح الموارد واستهداف المقرات والموظفين من الاستمرار في تقديم الخدمات للجمهور.

وذكر أن الداخلية تنجز حاليا، رغم ظروف الحرب، أكثر من 30 ألف معاملة خلال الشهر الواحد، لافتا إلى أن الوزارة تحفظ بيانات المواطنين "بطريقة خاصة وآمنة، وتحاول قدر المستطاع تأمينها من القصف".

وقال الثوابتة إن وزارته تصدر حاليا شهادات الميلاد وبطاقات الهوية الشخصية المؤقتة، وحسن السير والسلوك، وتغيير الحالة الاجتماعية (الزواج والطلاق).

وأوضح أن أكثر المعاملات التي يطلبها المواطنون هي شهادات الميلاد، وبطاقة الهوية الشخصية المؤقتة (بدل الفاقد). وذكر أن الوزارة وثقت قرابة 30 ألف حالة ميلاد على مستوى قطاع غزة منذ بداية الحرب.

وبخصوص الخدمات الحكومية التي ما تزال متوفرة رغم ظروف الحرب، ذكر الثوابتة أنها تتضمن الخدمات الطبية والأمنية والشُرطية، وخدمات البلديات كتوفير المياه وترحيل النفايات وصيانة ومتابعة شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى المساعدات المالية من خلال وزارة التنمية الاجتماعية وتنظيم حركة السلع والأسواق، والخدمات الإعلامية من المكتب الإعلامي الحكومي.

أما الخدمات الحكومية التي توقفت بسبب الحرب، فتتضمن أعمال العديد من الوزارات مثل التربية والتعليم والزراعة والسياحة والعمل.

وأشار الثوابتة إلى أن أكثر من 18 ألف موظف حكومي ما زالوا على رأس عملهم يقدمون الخدمات للمواطنين وفق خطة الطوارئ الحكومية التي بدأ العمل بها منذ اندلاع الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

نفاد 60% من مخزون الأدوية بغزة

#سواليف

قال مدير عام #وزارة_الصحة في #قطاع_غزة، مدحت عباس، إن #الاحتلال_الإسرائيلي ومنذ أكتوبر/تشرين أول الماضي، منع دخول الدواء إلى القطاع بقرار سياسي، إذ أن 74% من #الأدوية المنقذة للحياة غير متوفرة.

وبين “عباس”، في تصريحات إعلامية، يوم الجمعة، أن الاحتلال يمنع دخول #الدواء والغذاء بقرار سياسي من الـ7 من أكتوبر/تشرين أول الماضي، مشيرا إلى أن 83% من المستلزمات الطبية في مستشفيات القطاع غير متوافرة.

ولفت إلى أن هناك الكثير من المستلزمات الطبية الأساسية على وشك النفاد.

مقالات ذات صلة عدنان الروسان .. هل سيكون العضايلة رئيس الوزراء المكلف القادم 2024/09/13

وأوضح “عباس”، إلى أن 60% من #مخزونات الأدوية في قطاع غزة أصبحت فارغة تماما.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر 140 ألف بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، بينما وصفته الأمم المتحدة وسلطات القطاع بأنه كارثة إنسانية غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • حمدان يؤكد ان اليوم التالي للحرب بغزة يجب أن يكون فلسطينياً
  • إعلام فلسطيني: 16 شهيدا في قصف الاحتلال على مناطق متفرقة بغزة منذ الفجر
  • حماس: تجنيد جيش الاحتلال طالبي اللجوء الأفارقة للقتال بغزة تأكيدٌ على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها
  • عائلات المحتجزين بغزة: استمرار نتنياهو في الحكم يعني أن الحرب لن تنتهي
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين: الحرب لن تنتهي بوجود نتنياهو في الحكم
  • آثار تعذيب على أجساد فلسطينيين أفرج عنهم الاحتلال بغزة
  • التجريم والصاق التهم الجزاف بالقوي المدنية
  • استولى على أموال المواطنين.. استجواب متهم بإدارة كيان وهمى لمنح شهادات مزورة
  • نفاد 60% من مخزون الأدوية بغزة
  • رغم استمرار الحرب .. تطعيم أكثر من 560 ألف طفل بغزة