وزير التعليم العالي يلتقي علماء مصر المتميزين في قائمة ستانفورد
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
شهد دكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الفعالية التي نظمتها هيئة فولبرايت فى مصر بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تحت عنوان (التميز في البحث العلمي مستقبل الإنتاج المعرفى في مصر) بحضور د. ماجي نصيف المدير التنفيذي لهيئة فولبرايت، د. ياسر رفعت نائب الوزير لشئون البحث العلمى، د.
فى بداية الفعالية، أعرب د.أيمن عاشور عن سعادته بمشاركة هذا التجمع من علماء مصر المتميزين، لافتًا إلى أنها أول مرة تشهد فعالية هذا العدد الهائل من العلماء الذين تفخر بهم مصر لما حققوه من مراكز عالمية متقدمة بقائمة ستانفورد.
وأكد أن البحث العلمي هو أساس قاطرة التنمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بالدولة فى الفترة القادمة، مشيرًا إلى أن الهدف من الفعالية هو بناء اقتصاد المعرفة، وتحويل الابتكار إلى مشروعات يمكن تطبيقها، وشدد على أن دور البحث العلمي في تحقيق الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي يتمثل في رفع عدد وجودة الأبحاث، ربط البحوث التطبيقية بالجهات المعنية بالتطبيق والاستفادة من مخرجاتها، وتوجيه المشروعات الممولة لخدمة احتياجات المجتمع، واعتماد المعامل البحثية، مشيدًا بحجم النشر العلمي لمصر والذى وصل إلى المركز 24 عالميًا في العام 2023 وفقًا لسيماجو المتاح ضمن قواعد بيانات إلسيفير، ولفت الى حدوث طفرة هائلة في تصنيف الجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية المصرية بالتصنيفات الدولية.
وأشار الوزير إلى معايير ترتيب الباحثين الذين تم إدراجهم في تصنيف ستانفورد وفقًا لعدد الاستشهادات، والمعامل قياس الإنتاجية «H-Index، والتأليف المشترك. كما قام فريق العمل ببنك المعرفة المصري بالاستعانة ببيانات السيفال المقدمة من إلسيفير لإعادة رؤية هذا التصنيف من خلال ليس فقط حجم أبحاثهم فترة إنجاز الأبحاث منذ بداية النشر حتى عام 2023، ونسبة الاستشهادات من إجمالى إنتاج الباحث، وعدد الأبحاث بالمشاركة مع باحثين أجانب، وعدد الأبحاث المنشورة فيQ1، لافتًا إلى معايير ترتيب الباحثين الذين تم إدراجهم فى تصنيف ستانفورد طبقًا لجودة أبحاثهم مع الاخذ في الاعتبار تأثير الاقتباس المرجح بمجال الاختصاص.
خلال الفعالية، استعرض د.أيمن عاشور خطة الوزارة نحو إنتاج المعرفة، والتى تتضمن: خطة العمل لإطلاق الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ومبادئ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ودور البحث العلمي في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، مشيرًا إلى أنه تم تشكيل لجنة الحكماء وعقد عدة جلسات لمناقشة الاستراتيجية،
وقال أننا نستهدف تحقيق تعليم عالى نحو تنمية شاملة من خلال رفع جودة التعليم، رفع جودة البحث العلمي وتطبيقاته، جاهزية الخريج لسوق العمل، الابتكار وريادة الأعمال، بناء اقتصاد المعرفة، تعزيز التعاون الدولى، دور التعليم في خدمة المجتمع، لافتًا إلى أنه تم عرض الإستراتيجية على مجلس النواب، ومجلس الشيوخ بهدف دراسة أبعاد الرؤية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وآليات التنفيذ والخطط الزمنية.
وأكد الوزير على الدور الحيوى للعلماء والباحثين في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، من خلال الاستمرار في زيادة إنتاج الأبحاث ضمن خطط الدولة مع التأكيد على الدخول بالمشروعات البحثية الممولة، وعمل الشراكات البحثية مع العديد من الجامعات بالأقاليم المختلفة، بالإضافة إلى عمل الأبحاث المشتركة مع الباحثين بالجامعات الأجنبية، ووضع خطط لنشر إنتاجهم العلمى لزيادة الاستشهادات.
وأشار إلى أن هناك 7 أقاليم جغرافية على مستوى الجمهورية، هى(إقليم القاهرة الكبرى، إقليم الإسكندرية، إقليم الدلتا، إقليم قناة السويس، إقليم شمال الصعيد، إقليم أسيوط، إقليم جنوب الصعيد)، موضحًا أن المدخل الإقليمي يعتمد على فهم الأنشطة التنموية في الأقاليم الجغرافية بالجمهورية وفقًا لرؤية مصر 2030، ودراسة تأثير البعد الاقتصادي وفرص العمالة المرتبطة بكل إقليم، ودراسة البرامج الأكاديمية المطلوبة في لخدمة الأنشطة الاقتصادية، مضيفًا أن الأنشطة الاقتصادية بكل إقليم فى مجالات الزراعة، الصناعة والتعدين، السياحة، التجارة والخدمات، العمران.
وأكد د. أيمن عاشور أن الجيل الرابع من الجامعات يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتى تشمل (التعليم، البحث العلمي، الربط مع سوق العمل، الابتكار والإبداع)، مشيرًا إلى أن المبادئ السبعة للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، هى(التكامل، التخصصات المتداخلة، الاتصال، المشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، الريادة والإبداع)، مشيدًا بإطلاق التحالفات التعليمية بكل إقليم، وهى تحالفات بين المؤسسات التعليمية المختلفة للتكامل مع احتياجات الإقليم، بحيث يتحقق التكامل بين مؤسسات التعليم من خلال التحالفات الإقليمية، والتكامل مع الأقاليم بتلبية احتياجاتها الحالية والمستقبلية، وكذلك التكامل مع سوق العمل والأنشطة الاقتصادية المحلية والدولية وتلبيتها من خلال بناء منظومة تدعم البرامج البينية.
وشدد على أهمية التعاون مع كبرى الجامعات العالمية، مطالبًا العلماء والباحثين المشاركين فى الفعالية بالعمل فى أبحاث ومشروعات بحثية مشتركة مع باحثين عالميين فى التخصصات المتداخلة بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات سوق العمل، مشيرًا إلى بعض النماذج العالمية للبرامج البينية المشتقة من مختلف مجالات العلوم الإنسانية، والطبيعية، والتكنولوجية، والتى تقوم على دمج أكثر من تخصص في برنامج واحد يعرف بالبرنامج البينى لتأهيل خريج له قدرة على حل مشكلات المجتمع،
واضاف أنه جار إعادة هيكلة المجالس العليا للجامعات بأنواعها المختلفة وتوحيد قانون تنظيم الجامعات ليكون ذو رؤية شاملة تخدم مفاهيم البرامج البينية، فضلًا عن إعادة هيكلة لجان القطاع التخصصية والتى تصل إلى 25 قطاعًا تخصصيًا، موضحًا أن الهدف من التغير الهيكلى هو خدمة مفاهيم البرامج البينية والتكامل مع السوق المحلى والإقليمي والدولي.
وأشار د. أيمن عاشور إلى خطة التدريب لأعضاء هيئة التدريس على فكر البرامج البينية، مؤكدًا الاستمرار في تقديم البرامج التدريبية للباحثين بالجامعات الحكومية، فضلًا عن التوسع العلوم البينية وإنشاء وتحديث اللوائح الخاصة بالبرامج البينية بالجامعات الحكومية والأهلية، مشيرًا إلى محور الاستدامة الذي يشمل الاستدامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمستوى البيئي.
فى ختام كلمته، أكد الوزير على دور التعليم العالي والبحث العلمي فى المشاركة في بناء الاقتصاد والمجتمع، مشًددا على أن يكون للتعليم دور فاعل في المشروعات على أرض الواقع من خلال بناء ظهير استثمارى قوى، واشاد بدور الجامعات المصرية في خدمة المجتمع، لافتًا إلى مشروع تصنيع سيارة كهربائية مصرية كنتاج لاحد المشروعات البحثية الممولة من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، مضيفًا أنه سيكون لكل إقليم وادى للعلوم والتكنولوجيا متخصص حسب الاحتياجات الخاصة بكل إقليم والأنشطة الاقتصادية التي يركز عليها التحالف الإقليمي
ولفت إلى أن مسابقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للابتكار والتعاون بين الجامعات والصناعة، وكذلك (أوليمبياد الابتكار المصرية)، وهى أكبر مسابقة جامعية لاكتشاف ودعم المبتكرين ورواد الأعمال في مصر بإجمالى تمويل يصل إلى 100 مليون جنيه.
من جانبها، أكدت د. ماجى نصيف على التعاون المستمر والمثمر مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرة إلى أن هيئة فولبرايت مصر هي أكبر وأقدم برنامج فولبرايت في إفريقيا والشرق الأوسط برئاسة د. أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي والسفير الأمريكي في مصر كرئيسًا شرفيًا، ولها أكثر من ٨٠٠٠ خريج في المجالات والقطاعات المختلفة
واشادت باستضافة الهيئة فى هذه الفعالية أكثر من 360 باحثًا من العديد من المجالات ضمن الأعلى تقييمًا من مصر علي مستوي العالم، مؤكدة أن الهيئة تفخر بدعم رؤية وزارة التعليم العالي في مجال البحث العلمي والاختراع والابتكار والتصنيع والتسويق بما يتفق مع أهداف مصر للتنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
واستعرضت المدير التنفيذي لهيئة فولبرايت نماذج التعاون بين الهيئة والمحافظات المصرية، والتى تضمنت تنظيم زيارات ميدانية لهذه المحافظات، وعقد ورش عمل للتعريف بمنح فولبرايت، مشيرة إلى التعاون مع محافظات (أسوان، دمياط، الشرقية)
وشددت على استمرار التعاون مع محافظات أخرى، موضحة أن الهيئة أطلقت مبادرة هيئة فولبرايت للدمج والإتاحة لتشجيع الأشخاص ذوي الهمم علي التقديم علي منح فولبرايت من خلال أنشطة للتوعية تقوم بها في جميع أنحاء الجمهورية للتواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، ولضمان وصول كافة المعلومات عن فرص فولبرايت وكيفية التقديم عليها.
وأشارت د. ماجي نصيف إلى تنظيم الهيئة مجموعة من المتطوعين من خريجي الهيئة؛ لتنظيم ورش عمل من خلال أنشطة تنظمها الهيئة لتدريب الشباب على اللغة الإنجليزية، وكتابة المقترحات العلمية ومهارات التواصل وعرض المشروعات من خلال التعاون مع الجامعات والمحافظات المختلفة.
وأكد فريق فولبرايت أن الهيئة تدعم خطة مصر للتنمية، ومشروعات مصر القومية من خلال التعاون مع عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنها: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة الصحة، ووزارة التنمية المحلية، ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وصندوق تطوير التعليم، والهيئة الاقتصادية لقناة السويس، والمتحف المصري الكبير، والمتحف القومي للحضارة المصرية، بالإضافة إلى عدد من الجامعات المصرية، ومنها: جامعات (بني سويف، الإسكندرية، القاهرة الجديدة التكنولوجية، وبنها) وغيرها، فضلًا عن استضافة خبراء أمريكيين لدعم مجهودات هذه المؤسسات في مختلف المجالات.
وأكدت د. عبير الشاطر مساعد الوزير للشئون الفنية أن الفعالية تتماشى مع مبادئ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمى، وتنفيذ محاورها وخاصة تحقيق محور المرجعية الدولية فى المنتج العلمى الصادر عن الجامعات والمراكز والهيئات البحثية، مشيدة بتميز علمائنا فى قائمة ستانفورد، والمشاركة الفعالة فى تحديد الموضوعات ذات الأولوية بما يخدم أهداف التنمية المستدامة للدولة (رؤية مصر 2030) وتوسيع دائرة التعاون البحثى بالتعاون مع كبرى الجامعات العالمية والباحثين العالميين فى مختلف المجالات مثل الذكاء الاصطناعى، فضلًا عن تحديد مسارات التمويل المقدمة من فولبرايت بما يسهم فى تحقيق أولويات التنمية الشاملة للدولة.
وعلى هامش الفعالية، عقدت ورشة عمل بين العلماء المتميزين المدرجين بقائمة ستانفورد لوضع مقترحاتهم فى مختلف المجالات والتخصصات العلمية بما يسهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وخلصت الحلقات النقاشية إلى العديد من المشروعات البحثية التي يمكن نقلها إلى الصناعة.
كما ناقشت الجلسات المؤسسات البحثية التي يمكن أن يستفيد الباحثون المصريون من خبراتهم وإجراء بحوث مشتركة في مجالات مثل تحديات تغيرات المناخ والطاقة والأمن الغذائي وتكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى مسارات التمويل المقدمة من الفولبرايت تم الإشارة إلى مبادرة Green Energy لتمويل مشاريع دولية في مجالات ذات أولوية للوطن مثل الطاقة الخضراء واستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات الطب مثل AI for drug discovery بالمشاركة مع مراكز عالمية متخصصة في هذه المجالات. واقترحت المناقشات أن يشكل كل مشروع اتحادًا يضم أعضاء من الصناعة والجامعات في مصر والمنظمات الدولية.
كما عقدت ورشة عمل بين د.أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمي ورؤساء الجامعات.
وأشار الوزير إلى إمكانية تغطية نفقات السفر للباحثين الدوليين المشاركين من خلال جهات المقدمة للدعم داخل مصر.
IMG-20230809-WA0078 IMG-20230809-WA0077 IMG-20230809-WA0075المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأعلى للجامعات التعليم العالي والبحث العلمي الذكاء الاصطناعي الطاقة الخضراء التعلیم العالی والبحث العلمی أهداف التنمیة المستدامة وزارة التعلیم العالی هیئة فولبرایت مساعد الوزیر وزیر التعلیم البحث العلمی تحقیق أهداف أیمن عاشور التعاون مع لافت ا إلى مشیر ا إلى فی تحقیق فضل ا عن ا إلى أن من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى
مرتضى بن حسن علي
في عصر تتغير فيه الخرائط المعرفية بوتيرة جنونية، وتتحول الجامعات حول العالم إلى مختبرات للأفكار واختراع الغد، وتسوده الثورة التكنولوجية الكاسحة والذكاء الصناعي، لا تزال مُعظم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي محاصرة في قوالب الماضي، وتواجه تحديات جذرية تُعيقها عن أداء أدوارها كقاطرة للتقدم وابتكار المستقبل لأنها مُثقلة بكثير من المُعوِّقات التي تبعدها عن أداء رسالتها الحقيقية.
الجامعات هي مصادر للفكر والعلم ومراكز للأبحاث، مهمتها التعايش مع الحياة العملية والعلمية وأن تجعل الأجيال الجديدة على دراية بالواقع وتطوراته ودراسة همومه والتعرف على مشاكله الفعلية، وتطوير الطلبة علمياً وفكرياً وبكل ما تملك من قدرة على البحث والتشخيص والتحليل، وتكون على صلة وثيقة بينها وبين دنيا العمل والتكنولوجيا. وحتى تتحول من مجرد مانحة للشهادات إلى حاضنات للإبداع والخريجين قادة للتغير، فهي بحاجة إلى بيئة أكاديمية ورؤساء وعمداء ذوي رؤية واضحة وأكفاء يواكبون الاتجاهات الحديثة في التعليم على المستوى الدولي واختيار الموارد البشرية المؤهلة، واتباع مناهج حديثة، والاهتمام بالبحث العلمي.
والوظيفة الأساسية لمؤسسات التعليم العالي هي تأهيل الشباب علميا وسلوكيا وفكريا وأن تبتكر مع مرور الوقت، مسارات للتقدم ونقل المعرفة إلى مجتمعاتها وأن تكون مشاعل للتقدم. غير أن الأنظمة التي تخضع لها تحد من قدراتها على مواكبة التقدم العلمي الذي يحصل في مثيلاتها من البلدان المتقدمة.
ولعلَّ قدرًا كبيرًا وملحوظًا لذلك يتصل بضعف مرحلة التعليم الأساسي، وافتقار المجتمعات العربية لمؤسسات إنتاج حقيقية من معامل ومصانع ومراكز للأبحاث الجادة. لقد اختزلت أدوار التعليم العالي في مجرد المانح للشهادات التي هي في أغلبها خالية من المحتوى وتعلق داخل البيوت والمكاتب كجزء من الديكور الداخلي الذي يستر عيوبا عديدة في البناء الداخلي، لا تنتج فكرا ولا تبني أُمَّة. وفي ظل هذا الوضع لم يكن غريباً أن يقوم كل من التعليم والعمل بنفي الآخر ومحاصرة أدواره.
التحديات التي تعيق التعليم العربي كثيرة منها:
المناهج البعيدة عن التقدم التكنولوجي:لا تزال العديد من الجامعات العربية تعتمد مناهج قديمة في زمن جديد، نظرية تركز على الحفظ والتلقين، بدلًا من تنمية مهارات التحليل والتفكير النقدي. فمثلا في مجال الهندسة، يفتقد الطلبة إلى مختبرات متطورة أو التدريب العملي في الميدان، وينهون دراستهم دون أن يلمسوا مختبرا متقدما، أو يشاركوا في مشروع عملي واحد تهيئهم لسوق العمل، مما يخلق فجوة بين المعرفة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، ولا يزال الطالب يدرس نظريات القرن العشرين أو قبله، بينما العالم يتسابق في تطبيقات الذكاء الصناعي وعلوم البيانات.
بيروقراطية بدون أفق وتمويل بدون رؤية وضعف التمويل وطريقة صرفه:تعاني الجامعات من هياكل إدارية معقدة وترهل إداري وقرارات متضاربة، ولا سيما الحكومية منها، تعيق تبني مشاريع بحثية مبتكرة؛ حيث تُهدر أشهر على إجراءات الموافقة على بحوث طلاب الدكتوراه، بينما تُوجه ميزانيات محدودة إلى فعاليات شكلية بدلًا من دعم الابتكار، أو تبني الأفكار الخلّاقة وموتها في مهدها، كما تفتقد إلى الأموال الأهلية "الوقف والخمس".
الانفصال عن قطاع الإنتاج وسوق العمل:قلة المشاريع الإنتاجية وغياب الشراكة بين الجامعات والقطاع الصناعي الموجود يجعل الأبحاث الأكاديمية حبيسة الأوراق، في الوقت الذي نجحت ماليزيا مثلا في تحويل أبحاث جامعاتها إلى منتجات تجارية وصناعية عبر إنشاء "مدن التكنولوجيا" التي تربط بين الباحثين والمستثمرين.
في بيئة واحدة تُحول الأفكار إلى منتجات.
البطالة المُقنَّعة:في مصر- على سبيل المثال- يُشكِّل خريجو الجامعات نحو 30% من الباحثين عن عمل، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بسبب عدم مواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل المتغير. وأيضًا بسبب عدم وجود المؤسسات الإنتاجية الكافية.
البطالة والتطرُّف:وجود خريجين عديدين ولمدة طويلة بدون عمل، يدفعهم للهروب إلى العالم الافتراضي. ولجوئهم إلى الجماعات المتطرفة أو الغرق في وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية هربًا من واقعهم، كما حدث مع عدد كبير من الشباب في عدد من الدول العربية الذين تحولوا إلى التنظيمات المُتطرِّفة بعد فشلهم في ايجاد فرص عمل. وهكذا فإن الشهادة الجامعية أصبحت عبئا بدلا من أن تكون جواز مرور إلى العمل.
نماذج نجاح تُلهم الحلول
جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية استثمرت في بناء شراكات دولية وإنشاء مراكز متطورة في الطاقة المتجددة، مما جعلها تحتل مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية في مجالات الطاقة والمياه والتقنية الحيوية. مبادرة "مليون مبرمج عربي" في الإمارات، والتي ربطت بين التعليم التقني واحتياجات سوق العمل المتبدلة عبر تدريب الشباب على مهارات البرمجة، مما خلق فرص العمل عن بُعد مع شركات عالمية. إنها تجربة ناجحة في ردم الفجوة بين التعليم التقليدي واحتياجات العصر الرقمي. تجربة الجامعة الأمريكية في بيروت؛ فرغم التحديات نجحت الجامعة في دمج البحث العلمي مع قضايا المجتمع، مثل تطوير حلول لمشكلة النفايات في لبنان وتحويلها إلى طاقة.وفيما يلي نوضِّح كيفية الخروج من النفق واعادة بناء التعليم العربي العالي كمنصة للابتكار واعادة الاعتبار للجامعة:
تجديد الدماء في الإدارات الجامعية وتعيين قيادات شابة ذات رؤية استشرافية، كما فعلت جامعة زايد في الامارات بتعيين أكاديميين من خريجي جامعات مرموقة مثل هارفارد وستانفورد، لتطوير برامجها. ربط التمويل بالنتائج، من خلال منح الجامعات ميزانيات وفقا لجودة الأبحاث المنشورة وعدد براءات الاختراع المسجلة، كما يحدث في سنغافورة مثلًا. خلق مسارات مهنية مرنة، عبر متابعة ما يجري في العالم من تطورات علمية وتكنولوجية وادخال التخصصات الضرورية المتعلقة بتلك التطورات مثل "الذكاء الاصطناعي" و"الاقتصاد الرقمي" أو إدخال تخصصات مستقبلية، وتدريسها بمناهج قابلة للتحديث السنوي، كما تفعلها بعض الجامعات في العالم مثل جامعة "CODE" في المانيا مثلًا.التعليم كاستثناء استراتيجي
لا يمكن لمجتمعاتنا أن تبني مستقبلًا دون تعليم عالٍ يُحرر طاقات الشباب ويحوّل أحلامهم إلى مشاريع ملموسة. آن الأوان لنتوقف عن التعامل مع الجامعة كمجرد مبنى أو عنوان على ورقة الشهادة، والتعامل معها كجبهة فكر، ومصنع للقيادات، ومحرك للتنمية. فكما قال نيلسون مانديلا: "التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم".
لقد آن الأوان لنجعل من جامعاتنا منارات للفكر، لا مجرد جدران تُعلَق عليها الشهادات!
رابط مختصر