بوابة الوفد:
2024-11-21@15:21:11 GMT

عكس الإتجاه (2)

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

أواصل معكم ما بدأته الأربعاء الماضى بأن أى مجتمع يظهر معدنه الحقيقى ومدى ترابطه وتراحمه فى وقت الأزمات، أو بالطبع يظهر مدى أنانيته، ومؤكد أن الشعور الفطرى والإنسانى يسير بالجماعة دونما إرادة تجاه النجاة والرغبة فى الابتعاد عن أى خطر، لكن رغبة النجاة لا يجب أن تكون فردية نرجسية على حساب حياة وسلامة وأمان الأخرين.

فأى شعور إنسانى بالراحة والسعادة هذا يمكن أن يكون إذا ما بنينا راحتنا، ثراءنا، سعادتنا على أطلال الآخرين وعلى حاجتهم وفقرهم وقهرهم بالعوز وضياع الحق؟ مؤكد الطبيعى على الفطرة الإنسانية لن يفعل ذلك أبدًا، كما لن يفعل أيضا ذلك من تعرض للظلم والقهر والعوز، بالطبع باستثناء من أصيبوا بأمراض نفسية لما عانوا منه مثلًا فى مرحلة ما، فأصبح لديهم هذا الشعور الغبى الوحشى بالانتقام من كل ممن حولهم بأى وسيلة ليذيقوهم نفس ما طعموه من الألم والظلم. ولعلنى أسوق هنا مثالًا حيًا على ما أقوله فى تلك الشعوب التى ذاقت ويلات الحروب، على غرار الدول الأوربية فى الحربين العالمية الأولى والثانية، لقد عانت تلك الدول من ويلات القتل والخراب الإقتصادى والدمار بالبنية التحتية والإذلال فى المأكل والمشرب للشعوب، وخرجت هذه الدول من الحرب مستنزفة أيما استنزاف، لكن ما أن وضعت الحرب أوزارها، إلا وانتفضت صحوة كالمارد داخل مجتمعات هذه الدول، صحوة وطنية لا مثيل لها لإعادة بناء الوطن كل منهم فى مكانه، الكبير، الصغير، المسن، حتى المعاقين من ذوى الإحتياجات أصبحوا يبحثون عن أدوار فى المجتمع للعمل قدر إمكاناتهم لبناء وطنهم والدفع به للأمام بقوة واحدة لا تنافر فيها ولا تنازع ولا بحث عن أدوار للبطولة ولا عن مكاسب شخصية، الكل كان يعمل فى اتجاه واحد، اتجاه البناء والتنمية، والويل كل الويل لمن يعمل عكس الاتجاه. توافقت قمة الهرم الاجتماعى من القيادات والساسة مع القاعدة من الشعب فى نغمة واحدة «لنا وطن سنبنيه معا»، لذا كان دستور أى دولة من هذه الدول مع حزمة قوانينها حاسمة، واضحة، مشددة، قوانين تكفل الحياة الآدمية الجيدة للجميع دون تفرقة، وتشدد فى نفس الوقت الحماية للمال العام ومقدرات الدولة الاقتصادية بكل ثرواتها ومؤسساتها الإنتاجية. وسارت هذه القوانين المشددة العقوبات لتكيف جريمة المساس بالمال العام جريمة غليظة تفوق فى بشاعتها جرائم قتل النفس، فسرقة المال العام والإضرار به أو تعطيل مسيرته التنموية بالفساد والرشوة والمحسوبية، إنما جريمة عقوبتها اكبر من عقاب قتل الإنسان، فهى فى تكييفهم جريمة قتل مجتمع بأكمله بسرقة حقه أو التلاعب به أو تعريضه للأذى لإفقاره وتعطيل اقتصاده وتنميته. وهو أمر متناقض تمامًا مع ما يحدث فى بلدنا الحبيب، فعقوبة القاتل السجن مؤبد أو الإعدام، وعقوبة سارق أموال الشعب ومخربها ومفسد الاقتصاد ومدمره عقوبات لا تذكر بالسجن بضع سنوات، هذا إن تمت المعاقبة أصلًا، لأن الأغلب يفلتون من العقاب ليتمتعوا بأموال الشعب وبكنوز البلد المنهوبة فى أمان. وهكذا اتفقت قوى الشعب بتلك الدول الأوروبية الخارجة من الحرب مغ القوى السياسية على البناء فى اتجاه واحد للأمام، لخلق وطن جديد من لا شيء، وطن قوى يصمد أمام أى حرب جديدة محتملة، سواء صمود بالتسليح، بالبناء والإعمار، أو بالاقتصاد القوي، وكان الهدف متمثلًا فى عبارة قوية «وطن قوى يصمد ولا ينهار أمام أى حرب أو اهتزازات اقتصادية»، ومعلوم أن تلك الدول ركزت على بناء الاقتصاد والإنتاج المحلي، وإغلاق باب الاستيراد قدر الامكان، وادى التركيز على الإنتاج الداخلى إلى استقرار قيمة العملة قدر الإمكان وعدم اهتزازها أمام الدولار أو الين، وتم الاعتماد على المساعدات والدعم من دول اخرى على رأسها امريكا وخطة مارشال لإعادة الإعمار، وتجنب الديون قدر الإمكان لعلمهم ان الديون هى افقار للدولة بعد حين. فى حين تعاونت القوى السياسية بمختلف توجهاتها الأيديولوجية، يسار، يمين، وسط، ليبراليين، اتفقت على التوافق ولا أقول الإندماج والذوبان، توافقت فى حكومات ائتلافية غالبا، يتنافس فيها الجميع بشرف وقوة من أجل خدمة الوطن، وتقديم أفضل الأفكار والخطط والحلول لمشاكل البلد والشعب، ولا تكاد الخلافات السياسية ولا الصراعات الحزبية تذكر فى بلدان أوروبا فى تلك السنوات التى تلت الحرب العالمية الثانية، ويمكن القول بأريحية بل وحتى الأن، فقد كان التنافس فقط على تقديم الخطط الأفضل للدولة فى كافة المجالات من أجل إثراء وطن ورفاهية شعب بكل فئاته دونما أى تفرقة، وأصبح المجموع يعمل لمصلحة الجميع، وللحديث بقية..

fekria63 @yahoo.com

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عكس الإتجاه 2 فكرية أحمد ذوي الاحتياجات الدول الأوربية

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو .. أهم ما ورد في خطاب البرهان أمام المؤتمر الاقتصادي

قال رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أن السودان يواجه تحديات إقتصادية بسبب الحرب التي قاربت العامين وأنهكت الشعب السوداني وأفقرت جزءً كبيراً منه. وأوضح لدي مخاطبته الثلاثاء ببورتسودان المؤتمر الإقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب والذي تنظمه وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي. بحضور وزير المالية والتخطيط الإقتصادي د.جبريل إبراهيم وعدد من السادة الوزراء ومدراء المؤسسات والهيئات الإقتصادية وسفراء الدول المعتمدين لدى السودان والمنظمات ، أوضح أن هناك كثير من التحديات وقليل من الفرص مبيناً أن إيجاد المعالجات اللازمة للتحديات الإقتصادية يقع العبء الأكبر فيها على عاتق الخبراء والمختصين في الشأن الإقتصادي مشيراً الي معاناة الشعب السوداني من النزوح والتشرد والقتل والإغتصاب منذ إندلاع هذه الحرب التي شنتها مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها، وهي مليشيا مدعومة من الحاقدين والحانقين على الشعب السوداني. معرباً عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات قابلة للتنفيذ وتعمل على رفد موازنة الدولة للعام المقبل .وقال أن الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد معلومة للجميع داعياً المؤتمرين للخروج بتوصيات تسهم في تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنيين. وحيا سيادته القائمين على أمر القطاع الخاص الذين ظلوا يبذلون الجهد لضخ الدم في شرايين الإقتصاد الوطني مشيداً بأصدقاء وأشقاء السودان من الدول الشقيقة والصديقة ووكالات الأمم المتحدة الذين وقفوا بجانب الشعب في هذه الأزمة التي يعيشها . وقال أن السودان سيبني علاقاته وتعاونه مع الدول في المستقبل وفقاً لمحصلات هذه الحرب وذلك تقديراً للمواقف المشرفة للدول التي وقفت بجانبه وساندته وأضاف ” لن تكون هناك مهادنة مع أعداء الشعب السوداني وكل من ساندنا ودعمنا هو صديقنا في المستقبل “. وقال البرهان نحن نطمئن الشعب بأن هذه الحرب ماضية لنهاياتها وأن المليشيا الي زوال ولن تكون لها فرصة في المستقبل ولا لداعميها. وحول الموقف الروسي الداعم للسودان ، قال رئيس المجلس السيادي ان هناك الكثير من المشككين الذين ذكروا بأن السودان كان موافق على هذا القرار ، والصحيح هو أن السودان لم يوافق عليه باعتبار انه منذ البداية كان قراراً معيباً ويخدش السيادة السودانية ولايلبي مطلوبات الشعب مبيناً أن الحديث حول أن هناك جوع وتشريد وقتل حديث غير دقيق بإعتبار أن كل هذا حدث بسبب هجمات المتمردين ودعم بعض الدول لهم وقال أن القرار لم يتضمن أي إلزام للمتمردين بضرورة الخروج من منازل المواطنين حتى يعودوا لمناطقهم ويمارسوا حياتهم الطبيعية. فضلاً عن أن القرار لاتوجد فيه أي إدانة للمتمردين الذين تسببوا في هذه الازمة. وجدد البرهان رفض السودان لأي تدخلات خارجية تفرض حلول على السودان . مشيراً الي أن الحل لهذه المؤامرة موجود في الداخل مضيفاً أن الحل النهائي هو القضاء على التمرد بإعتبار أن وجودهم يعني استمرار الأزمة مستقبلاً. وقال أن السودان لن يذهب لأي مفاوضات أو يوقف إطلاق النار الا بعد الإنسحاب الكامل لمليشيا التمرد من المناطق التي دخلتها وأضاف ان وقف النار مرتبط بفك الحصار عن المدن وفتح الطرق والإنسحاب الكامل من القرى والمدن التي دنستها . وحيا سيادته المقاتلين من القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين الذين لقنوا العدو دروساً في البسالة والشجاعة في مدينة الفاشر وبابنوسة وكافة محاور القتال . وقال البرهان أن هناك رسالة يجب توجيهها للقوى السياسية بضرورة التوحد خلف القضايا الوطنية مبيناً أن هذا المؤتمر يجب أن يكون مدعوما من القوى الوطنية والسياسية. وأضاف أن العمل الذي قام به المؤتمر الوطني خلال الأسابيع الماضية مرفوض تماماً ولن نقبل به وزاد قائلاً ” لن نقبل بأي عمل سياسي مناوئ لوحدة السودان” وقال أن الذين يدّعون بأن المقاتلين في معركة الكرامة يتبعون للمؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية ليس صحيحاً مؤكداً أن هؤلاء المقاتلين منخرطين في معركة الكرامة من أجل الوطن وقضيتهم هي الحفاظ على أمنه وإستقراره واضاف ” نحن لسنا في حاجة لأي صراعات او تشتت. . وقال البرهان “رؤيتنا واضحة ونقدمها لجميع من يريد مساعدتنا، وهي يجب أن تتوقف الحرب أولاً وخروج المتمردين لمناطق يتجمعوا فيها بعد الاتفاق عليها . ومن ثم يتم تطبيع الحياة وبعد ذلك يمكن النظر في الشأن السياسي وإستكمال الفترة الإنتقالية عبر تشكيل حكومة مدنية من المستقلين من خلال حوار سوداني سوداني يتفق فيه جميع السودانين ليقرروا في مصير ما تبقى من الفترة الإنتقالية . مؤكداً أن إستمرار الحرب لايتيح المجال أمام اي عملية سياسية . مع ضرورة عدم الخلط بين المسارين الأمني والسياسي. إعلام القوات المسلحة إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وطن الإنسان: لممثلي الشعب الحق بالاطلاع والتصويت على أي اتفاق
  • عمود الشعب
  • حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: نشيد ونشكر دولة روسيا الاتحادية ودبلوماسيتها على وقفتها مع الشعب السوداني
  • رئيس حزب الشعب الجمهوري سيزور فلسطين وسوريا
  • الكويت تطالب مجلس الأمن بإيقاف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات
  • شاهد بالفيديو .. أهم ما ورد في خطاب البرهان أمام المؤتمر الاقتصادي
  • بيان حول: إفشال إصدار قرار أممي ضد دولة السودان
  • أيّها الكذابون : الحرب لم توحد الشعب بل مزقته
  • النصر السوداني والعار الروسي !
  • اليمن قوةٌ متصاعدةٌ تعلنُ الحربَ على الظلم