بوابة الوفد:
2024-09-14@18:31:49 GMT

عكس الإتجاه (2)

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

أواصل معكم ما بدأته الأربعاء الماضى بأن أى مجتمع يظهر معدنه الحقيقى ومدى ترابطه وتراحمه فى وقت الأزمات، أو بالطبع يظهر مدى أنانيته، ومؤكد أن الشعور الفطرى والإنسانى يسير بالجماعة دونما إرادة تجاه النجاة والرغبة فى الابتعاد عن أى خطر، لكن رغبة النجاة لا يجب أن تكون فردية نرجسية على حساب حياة وسلامة وأمان الأخرين.

فأى شعور إنسانى بالراحة والسعادة هذا يمكن أن يكون إذا ما بنينا راحتنا، ثراءنا، سعادتنا على أطلال الآخرين وعلى حاجتهم وفقرهم وقهرهم بالعوز وضياع الحق؟ مؤكد الطبيعى على الفطرة الإنسانية لن يفعل ذلك أبدًا، كما لن يفعل أيضا ذلك من تعرض للظلم والقهر والعوز، بالطبع باستثناء من أصيبوا بأمراض نفسية لما عانوا منه مثلًا فى مرحلة ما، فأصبح لديهم هذا الشعور الغبى الوحشى بالانتقام من كل ممن حولهم بأى وسيلة ليذيقوهم نفس ما طعموه من الألم والظلم. ولعلنى أسوق هنا مثالًا حيًا على ما أقوله فى تلك الشعوب التى ذاقت ويلات الحروب، على غرار الدول الأوربية فى الحربين العالمية الأولى والثانية، لقد عانت تلك الدول من ويلات القتل والخراب الإقتصادى والدمار بالبنية التحتية والإذلال فى المأكل والمشرب للشعوب، وخرجت هذه الدول من الحرب مستنزفة أيما استنزاف، لكن ما أن وضعت الحرب أوزارها، إلا وانتفضت صحوة كالمارد داخل مجتمعات هذه الدول، صحوة وطنية لا مثيل لها لإعادة بناء الوطن كل منهم فى مكانه، الكبير، الصغير، المسن، حتى المعاقين من ذوى الإحتياجات أصبحوا يبحثون عن أدوار فى المجتمع للعمل قدر إمكاناتهم لبناء وطنهم والدفع به للأمام بقوة واحدة لا تنافر فيها ولا تنازع ولا بحث عن أدوار للبطولة ولا عن مكاسب شخصية، الكل كان يعمل فى اتجاه واحد، اتجاه البناء والتنمية، والويل كل الويل لمن يعمل عكس الاتجاه. توافقت قمة الهرم الاجتماعى من القيادات والساسة مع القاعدة من الشعب فى نغمة واحدة «لنا وطن سنبنيه معا»، لذا كان دستور أى دولة من هذه الدول مع حزمة قوانينها حاسمة، واضحة، مشددة، قوانين تكفل الحياة الآدمية الجيدة للجميع دون تفرقة، وتشدد فى نفس الوقت الحماية للمال العام ومقدرات الدولة الاقتصادية بكل ثرواتها ومؤسساتها الإنتاجية. وسارت هذه القوانين المشددة العقوبات لتكيف جريمة المساس بالمال العام جريمة غليظة تفوق فى بشاعتها جرائم قتل النفس، فسرقة المال العام والإضرار به أو تعطيل مسيرته التنموية بالفساد والرشوة والمحسوبية، إنما جريمة عقوبتها اكبر من عقاب قتل الإنسان، فهى فى تكييفهم جريمة قتل مجتمع بأكمله بسرقة حقه أو التلاعب به أو تعريضه للأذى لإفقاره وتعطيل اقتصاده وتنميته. وهو أمر متناقض تمامًا مع ما يحدث فى بلدنا الحبيب، فعقوبة القاتل السجن مؤبد أو الإعدام، وعقوبة سارق أموال الشعب ومخربها ومفسد الاقتصاد ومدمره عقوبات لا تذكر بالسجن بضع سنوات، هذا إن تمت المعاقبة أصلًا، لأن الأغلب يفلتون من العقاب ليتمتعوا بأموال الشعب وبكنوز البلد المنهوبة فى أمان. وهكذا اتفقت قوى الشعب بتلك الدول الأوروبية الخارجة من الحرب مغ القوى السياسية على البناء فى اتجاه واحد للأمام، لخلق وطن جديد من لا شيء، وطن قوى يصمد أمام أى حرب جديدة محتملة، سواء صمود بالتسليح، بالبناء والإعمار، أو بالاقتصاد القوي، وكان الهدف متمثلًا فى عبارة قوية «وطن قوى يصمد ولا ينهار أمام أى حرب أو اهتزازات اقتصادية»، ومعلوم أن تلك الدول ركزت على بناء الاقتصاد والإنتاج المحلي، وإغلاق باب الاستيراد قدر الامكان، وادى التركيز على الإنتاج الداخلى إلى استقرار قيمة العملة قدر الإمكان وعدم اهتزازها أمام الدولار أو الين، وتم الاعتماد على المساعدات والدعم من دول اخرى على رأسها امريكا وخطة مارشال لإعادة الإعمار، وتجنب الديون قدر الإمكان لعلمهم ان الديون هى افقار للدولة بعد حين. فى حين تعاونت القوى السياسية بمختلف توجهاتها الأيديولوجية، يسار، يمين، وسط، ليبراليين، اتفقت على التوافق ولا أقول الإندماج والذوبان، توافقت فى حكومات ائتلافية غالبا، يتنافس فيها الجميع بشرف وقوة من أجل خدمة الوطن، وتقديم أفضل الأفكار والخطط والحلول لمشاكل البلد والشعب، ولا تكاد الخلافات السياسية ولا الصراعات الحزبية تذكر فى بلدان أوروبا فى تلك السنوات التى تلت الحرب العالمية الثانية، ويمكن القول بأريحية بل وحتى الأن، فقد كان التنافس فقط على تقديم الخطط الأفضل للدولة فى كافة المجالات من أجل إثراء وطن ورفاهية شعب بكل فئاته دونما أى تفرقة، وأصبح المجموع يعمل لمصلحة الجميع، وللحديث بقية..

fekria63 @yahoo.com

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عكس الإتجاه 2 فكرية أحمد ذوي الاحتياجات الدول الأوربية

إقرأ أيضاً:

نائب البرهان يعلن موعد إنتهاء حرب السودان ويوجه دعوة للمجتمع الدولي

أركويت – تاق برس – قال مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إن الحرب ستنهي نهاية العام في ديسمبر المقبل.

 

ودعا المجتمع الدولي إلى الاهتمام باعمار مادمرته الحرب وطالب سفراء الدول بتوفير الدعم السياسي والتنموي للسودان واردف بالقول (مطلوب دعم بالدواء والغذاء وليس سلاح) .
وخاطب عقار مؤتمر تطوير الخدمات الصحية بإقليم شرق السودان اليوم الخميس.

 

وأثنى حسب منصة الناطق الرسمي للحكومة، على دور حكومة قطر في دعم السودان منذ الوهلة الأولى في وقت قال انه تقاعست فيه بعض الدول المؤثرة في الشأن السوداني عن الوقوف إلى جواره.

 

وتعهد عقار بتنفيذ توصيات اعلان اركويت وقال إنه جاء في وقت مفصلي تمر فيه البلاد بظروف عصيبة وتحملت فيه الولايات الشرقية عبء كبير باستضافة أعداد كبيرة من النازحين مشيرا إلي أن ماتبذله وزارة الصحة والأطباء بارقة أمل تدل علي مقدرتهم تحدي الأزمات.

 

في السياق ، أوضح وزير الصحة السوداني، هيثم محمد ابراهيم أن المؤتمر يهدف إلي مدارسة كيفية التصدي للأوبئة وخلق تدخلات عاجلة لدرء اثار الأمراض وتقوية النظام الصحي بجانب خلق تكاتف المجتمع والحكومة والجهات ذات الصلة والشركاء حول مشاريع الصحة والتداول حول تنفيذ كل ذلك .
وكشف هيثم عن نية الوزارة عقد مؤتمرات مماثلة لمناقشة قضايا الصحة في ولايات الغرب والشمال والوسط للوصول إلى خارطة صحية للسودان كافة.

 

وأعرب عن أمله أن تتبنى الدولة رعاية تلك المؤتمرات .

انتهاء الحرب في السودانمالك عقار

مقالات مشابهة

  • وزيرة خارجية فلسطين: يجب الضغط على إسرائيل لوقف الحرب
  • أستاذ إعلام: أمريكا تمنح إسرائيل غطاء حماية كامل لجرائمها
  • فورين بوليسي: هل تخدم سياسات نتنياهو أهداف إيران؟
  • منظمة الدول الأمريكية تواصل دعم الاحتلال خلافا لرغبات الدول الداعمة للحق الفلسطيني
  • قوة الضعف
  • بوريل: السلام يقتضي حصول الفلسطينيين على دولتهم
  • نائب البرهان يعلن موعد إنتهاء حرب السودان ويوجه دعوة للمجتمع الدولي
  • الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
  • التكية … الخيار المفروض على الشعب السوداني لإستمرار الحرب
  • وكيل عربية النواب يدين استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة