جريدة زمان التركية:
2024-10-02@03:24:03 GMT

الاقتصاد التركي.. التحديات والفرص

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

الاقتصاد التركي.. التحديات والفرص

عمان (زمان التركية)- يواجه الاقتصاد التركي منعطفًا حرجًا حيث يدخل مرحلة جديدة في ظل القيادة الحديثة للبنك المركزي حفيظ غاي إركان، ووزير الخزانة والمالية الجديد، محمد شيمشك وكلاهما لديه مهمة شاقة تتمثل في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وثقة المستثمرين، وآفاق النمو في بلد يعاني من ارتفاع في معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة، والاختلالات الخارجية، والمخاطر الجيوسياسية، وكيف سيتعاملون مع هذه التحديات وما هي الفرص التي تنتظر تركيا؟

الإرث الاقتصادي لأردوغان

شهد الاقتصاد التركي تحولًا وتطورًا ملحوظين في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يتولى السلطة منذ عام 2003 وحققت تركيا متوسط معدل نمو سنوي بلغ 5.

6 في المائة بين عامي 2002 و 2019 مما يجعلها واحدة من الأسرع نموًا بين اقتصادات العالم. ومع ذلك، فإن هذا الأداء الرائع كان له ثمنه فقد اتسمت سياسات أردوغان الاقتصادية بالاعتماد على الطلب المحلي المدعوم بالائتمان، والسياسات النقدية والمالية المتساهلة،والتدابير التدخلية وغير التقليدية، وقد أدت هذه السياسات إلى ارتفاع ديون القطاع الخاص، واستمرار العجز في الحساب الجاري،وانخفاض المدخرات،وارتفاع التضخم،وارتفاع معدلات البطالة، كما أنها قوضت استقلالية ومصداقية المؤسسات الاقتصادية الرئيسية،مثل البنك المركزي ووكالة الإحصاء.

علاوة على ذلك، ترافقت سياسات أردوغان الاقتصادية مع تدهور في جودة المؤسسات والحوكمة وسيادة القانون، حيث عزز أردوغان سلطته من خلال تقويض ضوابط وتوازنات النظام السياسي، وقمع المعارضة وحرية الإعلام، وتطهير آلاف المسؤولين والأكاديميين، كما فقد القضاء استقلاليته، كما انتهج سياسة خارجية عدوانية أدت إلى زيادة التوترات مع الدول المجاورة .

وقد أدت هذه العوامل إلى فقدان ثقة المستثمرين،وهروب رأس المال الأجنبي والمحلي، وعدم استقرار العملة المحلية، ونتج عن ذلك هشاشه في النظام المالي والاقتصادي. الجدير بالذكر هنا أنه ومنذ عام 2018 شهدت تركيا حلقتين من أزمة العملة أدت إلى انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية وارتفاع أسعار الفائدة، أضف إلى ذلك جائحة COVID-19 مزيدًا من الضغط على الاقتصاد الذي تقلص بنسبة 9.9٪ في الربع الثاني من عام 2020.

الفريق الاقتصادي الجديد

واستجابة لهذه التحديات، قام أردوغان بإعادة تشكيل فريقه الاقتصادي في نوفمبر 2020 حيث استبدل صهره بيرات البيرق، الذي شغل منصب وزير الخزانة والمالية منذ 2018 بلطفي إلفان نائب رئيس الوزراء السابق، كما قام بتعيين ناجي اجبال، وزير المالية السابق والتكنوقراط المرموق محافظا للبنك المركزي. وتحت قيادتهم تبنت تركيا موقفًا أكثر حصافة وحكمة في السياسة الاقتصادية. حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 875 نقطة أساس إلى 17 بالمئة بين نوفمبر 2020 ويناير 2021 في إشارة إلى التزامه بمحاربة التضخم ودعم العملة، وفي الوقت ذاته أعلنت الحكومة عن برنامج اقتصادي متوسط المدى يهدف إلى خفض الإنفاق العام وزيادة الإيرادات وتحسين الشفافية وجذب الاستثمار الأجنبي.

وكان لهذه السياسة النقدية صدا جيد حيث رحبت الأسواق العالمية والمحللون الدوليون بهذه التغييرات في السياسة،النقدية واعتبروها خطوات إيجابية نحو استعادة استقرار الاقتصاد الكلي والمصداقية، وأدت أيضا إلى ارتفاع قيمة الليرة التركية بنحو 20 بالمئة مقابل الدولار الأمريكي بين نوفمبر 2020 ومارس 2021 بينما تراجع التضخم بشكل طفيف من 14.6 بالمئة إلى 14.2 بالمئة خلال نفس الفترة، كما انتعش النشاط الاقتصادي بقوة في الربع الأخير من عام 2020 حيث نما بنسبة 5.9 في المائة على أساس سنوي.

ومع ذلك، كانت هذه التغييرات في السياسة النقدية قصيرة الأجل ففي مارس 2021 أقال أردوغان أغبال فجأة بعد أن رفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس أخرى إلى 19 في المائة، مشيرًا إلى مخاوف بشأن النمو والتوظيف، واستبدله بصاحب كافجي أوغلو، وهو مصرفي سابق ونائب من حزب أردوغان يشاركه آرائه حول أسعار الفائدة والتضخم، وأثارت هذه الخطوة موجة أخرى من الاضطراب في السوق وانخفاض قيمة العملة، و فقدت الليرة التركية نحو 10 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في يوم واحد، بينما ارتفعت عوائد السندات ومقايضات التخلف عن السداد، وبالطبع خشي المستثمرون من أن تعود تركيا إلى سياساتها السابقة غير التقليدية التي يمكن أن تقوض استقرار الاقتصاد الكلي ومصداقيته.

إلا أنه وبعد ما تعرض له الاقتصاد من اضطراب أجرى أردوغان تغييرًا آخر في فريقه الاقتصادي في يونيو 2021 بتعيين حفيظ غاي إركان محافظًا جديدًا للبنك المركزي،و إركان هي أول امرأة ترأس البنك المركزي كما أنها مصرفية سابقة في وول ستريت حاصلة على درجة الدكتوراه في المالية من جامعة ستانفورد، ومن المتوقع أن تلعب دورًا رئيسيًا في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي والمصداقية في تركيا.

التحديات والفرص القادمة

يواجه الفريق الاقتصادي الجديد عددًا من التحديات والفرص في الأشهر والسنوات القادمة. بعض هذه التحديات تشمل:

أول تلك التحديات هي استعادة مصداقية واستقرار الاقتصاد الكلي: حيث تحتاج تركيا إلى معالجة التضخم المرتفع، وانخفاض قيمة العملة، والاختلالات الخارجية، والهشاشة المالية، وهذا يتطلب سياسة نقدية متسقة وذات مصداقية يمكن أن تثبت توقعات التضخم وتدعم العملة، كما يتطلب ذلك سياسة مالية حكيمة يمكن أن تضمن القدرة على تحمل الديون وخلق حيز مالي لمواجهة الصدمات المستقبلية. علاوة على ذلك، فهي تتطلب إطارًا سياسيًا شفافًا ويمكن التنبؤ به يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين ويقلل من عدم اليقين بشأن السياسات.

وثاني تلك التحديات تتمثل في تحسين الجودة والحوكمة المؤسسية: حيث تحتاج تركيا إلى تقوية مؤسساتها الاقتصادية، مثل البنك المركزي والوكالة الإحصائية والهيئات التنظيمية والقضاء، كما تحتاج إلى تحسين مؤسساتها السياسية، مثل البرلمان والإعلام والمجتمع المدني والمعارضة، و هذه المؤسسات ضرورية لضمان المساءلة والشفافية وسيادة القانون وحقوق الملكية والضوابط والتوازنات في نظام الحكم، كما أنها ضرورية لتعزيز المشاركة العامة والحوار الاجتماعي وحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.

أما عن ثالث تلك التحديات فهي زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية: حيث تحتاج تركيا إلى الاستثمار في تنمية رأس المال البشري، لا سيما في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، كما تحتاج إلى دعم الابتكار والتحول الرقمي،لا سيما في قطاعي الصناعة والخدمات. كما تحتاج إلى تحديث بنيتها التحتية ولوجستياتها،لا سيما في مجالات النقل والطاقة والاتصالات. أضف إلى ذلك تعزيز نموذج نمو شامل مستدام يمكنه مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، هذه الإجراءات ستساعد تركيا على تعزيز إنتاجيتها وقدرتها التنافسية في السوق العالمية.

أما آخر هذه التحديات فتتمثل في تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي والدولي: حيث تحتاج تركيا إلى حل نزاعاتها الجيوسياسية والتوترات مع الدول المجاورة لها وحلفائها، وتحتاج إلى تعميق روابطها الاقتصادية وتكاملها مع شركائها التجاريين والأسواق المحتملة، كما تحتاج إلى زيادة دورها ومساهمتها في القضايا والمبادرات الإقليمية والعالمية، من خلال معالجة هذه التحديات واغتنام هذه الفرص، يمكن لتركيا التغلب على الصعوبات الحالية وتحقيق مستقبل أكثر استدامة وشمولية اقتصاديا وهو ما سينعكس بدوره على الازدهار والرفاهية على المستوى المحلي التركي.

Tags: اردوغانالاقتصاد التركيوزير الاقتصاد السابق محمد شيمشك

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: اردوغان الاقتصاد التركي الاقتصاد الترکی البنک المرکزی فی المائة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية التركي: حسن نصر الله كان عاملاً مهماً بالمنطقة

أنقرة (زمان التركية) – قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي قُتل في بيروت، كان عاملا مهما للمنطقة.

وفي تصربح لقناة TRT News، قال هاكان فيدان، عن زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي قُتل في بيروت بغارة إسرائيلية: “نصر الله كان عاملاً مهماً للمنطقة، لقد كانت خسارة كبيرة لكل من إيران وحزب الله… إلى أين ستذهب إسرائيل بهذا بعد لبنان؟، لدينا بعض التوقعات بشأن هذا الأمر”.

كما ذكر فيدان أن بنيامين نتنياهو لديه رغبة في نشر الحرب إلى المنطقة.

وأضاف فيدان: “النظام الأمريكي في حالة يأس، الصهيونية متجذرة بعمق في السياسة الأمريكية، يتم بناء الوظائف والشبكات من خلال هذا. لقد أصبحوا أعضاء في الكونجرس، وأصبحوا أعضاء في مجلس الشيوخ، بعض الأميركيين غير مرتاحين لهذا الوضع، ومن المثير للقلق أن كل قوة الولايات المتحدة تحت تصرف إسرائيل، عندما ننظر إلى استراتيجيات نتنياهو، فإنه يجر بلاده وحلفائه إلى نار كبيرة”.

وتابع فيدان: “لقد عقدنا العديد من الاجتماعات على العديد من المنصات المختلفة، وكانت الاجتماعات التي عقدت تحت مظلة الأمم المتحدة فعالة للغاية، وشددنا على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وتم منع التصويت بسبب إصرار الولايات المتحدة، هدفنا الأول هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ومن المعروف للجميع أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط”.

وأدان الرئيس رجب طيب أردوغان الهجمات الإسرائيلية على لبنان، لكنه لم يذكر اسم حسن نصر الله وحزب الله في بيانه، وقال عبر منصة X: “إن لبنان والشعب اللبناني هما الهدف الجديد لسياسة الإبادة الجماعية والاحتلال والغزو التي تنتهجها إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ونتيجة للهجمات الوحشية التي شنتها إسرائيل، قُتل العديد من اللبنانيين، بما في ذلك الأطفال، في الأسبوع الماضي، ولا يمكن لأي ذي ضمير أن يقبل أو يبرر أو يبرر مثل هذه المجزرة”.

وقال أردوغان: “ندعو جميع الهياكل ومنظمات حقوق الإنسان التي واجبها ضمان السلام والاستقرار والأمن العالميين، وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات سريعة، ونعتقد أنه يتعين على العالم الإسلامي أن يتخذ موقفا أكثر تصميما ضد هذه الهجمات، في تركيا، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني والحكومة في هذه الأيام الصعبة. مرة أخرى، ندين الهجمات الإسرائيلية اللاإنسانية على لبنان. رحم الله جميع إخوتنا اللبنانيين الذين فقدوا أرواحهم في الهجمات، وأتمنى الشفاء العاجل للجرحى”.

Tags: إسرائيل وحزب اللهاغتيال حسن نصر اللهتركياحزب اللهحسن نصر اللهلبنانهاكان فيدانهاكان فيدان في لبنان

مقالات مشابهة

  • دويتشه بنك يتوقع دخول الاقتصاد التركي في مرحلة التباطؤ
  • أسئلة، وقد لا تحتاج إجابة، لوزير الخارجية المصري !!.
  • مدبولي: الاقتصاد العالمي أظهر صلابة في مواجهة التحديات (فيديو)
  • الحصادي: اختيار محافظ جديد للمركزي خطوة أولى تحتاج لخطوات أخرى
  • الجيش التركي يسقط طائرة مسيرة عُمّالية شمالي دهوك
  • "ابدأ" مبادرة تستهدف تشجيع الصناعة المحلية لتوفير 16 مليار دولار.. خبراء: غياب قاعدة بيانات موحدة للسوق أبرز التحديات
  • وزير قطاع الأعمال يبحث مع رؤساء «القابضة للتشييد» التوسع في تصدير العقار
  • برج العقرب.. حظك اليوم الاثنين 30 سبتمبر: احذر من الصراعات
  • كل ما تحتاج معرفته عن نظارة أوريون الجديدة من ميتا
  • وزير الخارجية التركي: حسن نصر الله كان عاملاً مهماً بالمنطقة